إذكرو الله
______________
الرابع والعشرين من ديسمبر عام ألفين وسبعة عشر.تذوق الحزن أمر واجب لتتذوق الفرحة بنهم ،لكن في بعض الأحيان يكون الحزن كفيلًا بصدّ الفرحة عن الدخول لعِشك فتتصبغ جميع جدران قلبك بالاسود حدادٍ .
تمنيت لو تدوم تلك اللحظة أطول ..،فلا أخرج من حضنك أبدًا،ولا تغادرني أنتَ مرة أخرى هكذا.
في الرابع والعشرين من ديسمبر وقبل إنتهاء العام أريد تذكيرك بأن لــا تـــنــســاني !
كما لم تنساها برغم ما فعلته بك ،برغم أنه بعد أن علمت بمرضك تركتك وحدك تتخبط وتقاسي الحياة المُرة فلولا أن الجيران قلبهم كان رقيق كنت ستموت جوعًا!وأنتَ لا تعرف طريق الطعام ..ورغم ذلك لم تنساها،وأطالبك بأن لا تنساني أيضا!
فأنا من هوى جسدها تعبًا لراحتك،وتشقتت شفتاي للبرد الذي يلدغني أثناء إنتظاري لك لتتذكرني ولم أشكو!فلماذا الحياة ليست عادلة لذلك الحد لتجعلك تتذكرها هي .
وتنساني أنا ...
___________________
الواحد من يناير عام ألفين وثمانية عشر.
ترنحت الجونة بين الغيوم مختبئة مُغادرة للسماء تاركة الأضواء للقمر ،نُثرت النجوم مُعلنة تداخل أمير السماء المحبوب ،وفي ذلك الشارع النائي ذو الأزقة الحاملة بين طياتها شر البشر تحركت فيونا مهرولة بعقلًا مضطرب وقلبًا رجيف .
تأخرت عن موعدها اليوم وذلك ما لايحبذه خافقها ."لا تنساني لا تنساني أنا قادمة!"
غمغمت ضاغطة على حروفها بترجي ثم إنعطف جسدها لليمين حتى توقفت أمام المكان المنشود،مصحة للأمراض العقلية والنفسية ،حيث يقبع من سرق فؤادها.
ولجت لاهثة لهرولتها مُنذ لحظات ،ثم أخذت بخطواتها ناحية غرفته ..طرقت الباب ثلاث طرقات متتالية ،حتى تُعلمه بقدومها،ثم فتحت الباب تولج للداخل بأبتسامة شقت ثغرها،كما توقعت وجدته يجلس فوق السرير يضم قدميه لحضنه ورأسه يُركز وجهته ناحية النافذة ،إلتفت لها عند شعوره بوجودها فأنارت أساريره بفرح.
"لقد أتيت "
قالت بمرح رافعة ذارعيها للأعلى ،لم تحصل على رد فعل كما المعتاد،تنهدت متحركة ناحيته سامحة لجثمانها أن يفرد قوامه أعلى السرير بجانبه.
"كيف حالك؟ هل أشتقت لي؟"
حاولت فتح موضوع معه ليتحدث وتستمع لصوته الذي لم تسمعه سوى مرات تُعد فوق رؤوس الأصابع،أمال رأسه مشخصًا بصره فوق ملامحها يفعل ذلك في كل مرة يحاول التذكر هويتها ويبدو أنه قد نجح بذلك فقد قال:
"فتاة الت ـ التفاح ؟"
كانت تقوم بفتح حقيبتها لإخراج الطعام الذي أحضرته له لكنها توقفت فور نطقه لتلك الكلمات،إلتفت غير مصدقة لمَ أنبس به من كلمات هو يتذكرها !
"أجل ..أجل أنا !هل تذكرني؟"
فاهت بعدم تصديق تشير لنفسها لتؤكد له مقصدها،فأومئ برأسه ليجعل الفرح يتراقص بجسدها .
وبحركة مباغتة قفزت تحاوط جسده بحضنها الدافئ سعيدة لذلك الخبر .
"حمد لله أنكَ تذكرتني "
"هل مازلتي تسرقين تُفاحاتي؟"
رمى كلماته قاطعًا تلك اللحظة الجميلة لتبتعد عنه بتفاجؤ وحرج .
"لا !أخبرتك أنني لم أكن أسرقها لأنني لم أعرف أنك بذلك المنزل من الأساس "
بررت موقفها بتلعثم أخذ جزءًا من كلماتها ،ولأول مرة رأت بسمته تُنير أساريره على أثر كلماتها ومظهرها المبعثر من الحرج ،رمشت عدة مرات تحاول إستيعاب أنه يتبسم لها !ولم تكد تستوعب ذلك حتى رمى حملًا أخر على عقلها ليحمله قائلًا:
"كنت أنتظركِ ،ظننتك لن تأتي وستتركيني وحيدًا كما فعلت جوليان ..أنتِ لن تفعلي صحيح؟"
أنبس ومازالت بسمته السعيدة على وجهه غير مناسبة لكلماته ألتي حفرت جرحًا بفؤادها الرهيف ،نفيت عدة مرات برأسها شاعرة بالدموع تترقرق بعينيها .
"لن أفعل لن أتركك أبدًا "
أمسكت كفه تشد عليه بقوة ،رافضة لفكرة تركه وحيدًا،فأزدادت بسمته وسعًا على غرار ما قالته.
"ألن تطعميني؟"
أشار برأسه للطعام الشهي الذي تفوح رائحته بالمكان ،معكرونة بالجبن والدجاج أكلته المفضلة فقد أخبرها سابقًا عندما أحضرتها له أنها اعجبته للغاية ،فأضحت بين الفينة والأخرى تعدها له بكل مرة تسمح لها .
"بالتأكيد إنتظر"
تلفتت حولها تبحث عن شيء لتضع فوقه الطعام لكنها لم تجد ،فأفسحت مجال بينهم على السرير لتضع القِدر المليئ بالمعكرونة الساخنة ،فتحت غطاءه من ثم أحضرت المعلقة لتجهز له طبق أسفل نظراته الجائعة..
لكن ليس للطعام ،بل لها ..
أنت تقرأ
لــا تـــنــســانــي [جِ.جَ.ك]
Short Storyأنتِ يا ذات الخصلات البرتقالية أحضري لي هذا الكرسي،أجلسي أعلاه وحادثيني أشغلي وقتي إلا يعجبك؟حسنا خذي تفاحة وأجلسي هل أعجبك؟حادثيني عنكِ حتى أراكِ مجددًا واعيدي حديثك مرارًا وتكرارًا ولن أمل لأنني سأنساه... ماذا كنت أقول؟ من أنتِ؟ أذهبي من على كرسي...