لقاء خلف القضبان

1.3K 38 8
                                    



vote and comment, enjoy
ch; 08  (+18)




استلقيت على حافة السرير، أحدق في الفراغ الممتد أمامي، في ذلك الهدوء الثقيل الذي صار جزءًا من حياتي منذ أن ابتلعت القضبان إزيدورا خلفها الوقت لم يعد يمضي، بل يترنح مترنحًا بين جدران الغرفة، كأنما فقد معناه.

كانت حياتي تمتلئ بها، حتى مع شجاراتنا وصراعاتنا الدائمة، كانت قريبة، وكان هذا وحده كافيًا ليجعل العالم أقل وحشة. أما الآن، فكل شيء صامت، حتى أنفاسي باتت متثاقلة، تتردد في هذا المنزل الخالي من الحياة.

راقبت السقف بعينين مرهقتين، لا شيء جديد، لا شيء يتغير... سوى ذلك الحلم ذلك الحلم الغريب الذي راودني قبل أيام. كان أكثر من مجرد رؤيا عابرة، كان أقرب إلى نبوءة، وكأنه يهمس لي بشيء لم أفهمه بعد.

لكن قبل أن أغرق في دوامة الأفكار، انفتح باب الغرفة ببطء، وظهرت فلورنس، تحتضن دميتها الصغيرة بإحكام. كانت هذه الدمية آخر ما تبقى لها من إزيدورا، هدية ميلادها قبل أربعة أسابيع، وكأنها تعويض هزيل عن غياب والدتها.

لم تكن فلورنس كما اعتدت عليها نشاطها المعتاد خفت، ضحكاتها الصاخبة اختفت. الجميع لاحظ ذلك، كما لاحظوا انعكاس الحزن نفسه على وجهي كان غياب إزيدورا أكثر من مجرد غياب... كان فراغًا يلتهمنا ببطء.

تسللت إلى السرير وجلست بجانبي، بينما بدأتُ ألعب بخصلات شعرها الناعمة. نظرت إليّ بعينين زائغتين، قبل أن تهمس بنبرة مرتجفة، وكأنها تحاول التمسك بما تبقى من قوة:

"أريد ماما..."

كان صوتها متكسرًا، مثل مرآة مشروخة تعكس حزناً لا يمكن إصلاحه. راحت تفرك عينيها بقبضتها الصغيرة، وهذا وحده كان كافيًا لأعرف أنها على وشك الانفجار بالبكاء.

مددت يدي ومسحت على رأسها بلطف، رغم أنني بالكاد أستطيع تهدئة نفسي. بصوت متعب، حاولت أن أرسم ابتسامة، حتى وإن كانت خاوية من المشاعر الحقيقية:

"هل اشتقتِ إليها؟"

أومأت برأسها بصمت، بينما الدموع تلمع في عينيها. أمسكت وجهها الصغير بين يدي، أمسح على وجنتيها المتوردتين، وأنا أبحث عن كلمات قد تخفف من هذا الألم، حتى لو كان مجرد كذبة بيضاء:

"ماما إزيدورا وجدت عملًا بعيدًا قليلًا، لذا لن نراها كثيرًا هذه الفترة... لكنها ستعود، حبيبتي."

المُخملِيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن