أَثــارَ الصَّمـت

360 36 3
                                    



vote and comment, enjoy
ch; 19




كان المستشفى تعجّ بالحركة أصوات الأجهزة، الأقدام المسرعة همسات الأطباء والممرضين، وكل شيء من حولي بدا وكأنه يتحرك بسرعة بينما أنا... كنت ثابتة، مشدوهة، غير قادرة على استيعاب أنني هنا، في هذا الموقف أراقبهم وهم يدفعون سرير إزيدورا نحو غرفة الطوارئ

فلورنس كانت تشدّ على يدي الصغيرة بقبضتها المرتجفة، وجهها البريء متشنج من الخوف، وعيناها الواسعتان تتعلقان بذلك السرير المتحرك، وكأنها تخشى أن تختفي والدتها من أمامها للأبد.

شعرت بقلبها الصغير ينبض بسرعة تحت يدي، أنفاسها متسارعة، بينما الدموع تنهمر بغزارة على خدّيها لم أكن قادرة على الرد، لأنني أنا نفسي كنت أقاوم الرغبة في الركض خلف إزيدورا والصراخ بأعلى صوتي أن تعود إليّ أن تفتح عينيها، أن تقول أي شيء يطمئنني بأنها ستظل هنا معنا.

مرت ثوانٍ قبل أن يغلقوا الباب الأحمر أمامنا ذلك الباب الذي يفصل بيننا وبينها، بين حياتنا وبين المجهول الذي ينتظرنا خلفه.

جلست على أقرب مقعد وسحبت فلورنس إلى حجري شعرت بجسدها يرتجف، وكانت أصابعها الصغيرة تتشبث بقميصي، وكأنها تخشى أن أفلتها كما أفلتنا إزيدورا.

لم يكن هناك ما يمكنني قوله ليخفف من هذا الرعب، لم يكن هناك كلمات قادرة على إزالة هذا الثقل الجاثم فوق صدري، لذلك كل ما فعلته هو أنني احتضنتها... احتضنتها بكل قوتي وكأنني أحاول أن أطمئنها أن أطمئن نفسي، أننا لن نفقدها، أننا لن نخسرها.

لكن الحقيقة التي لم أجرؤ على قولها بصوت عالٍ كانت تتمثل في سؤال واحد يعصف بذهني دون توقف ماذا لو خسرتها بالفعل؟

جالسة هناك، أراقب عقارب الساعة بقلق، وفلورنس غفت بين ذراعي، أنفاسها متقطعة من كثرة البكاء. كنت أشعر أن الهواء في هذا المكان ثقيل، يضغط على صدري، وكأنني أغرق ببطء.

ثم فجأة، سمعت صوت خطوات تقترب، رفعت رأسي بسرعة، فرأيت طبيبة ترتدي معطفًا أبيض، وجهها جاد، وملامحها محايدة لكنني شعرت أنها تحمل أخبارًا ليست سهلة.

"فالنتينا؟" نادتني بصوت ثابت، فوقفت بحذر حاولت ألا أوقظ فلورنس التي ما زالت نائمة على حجري.

"نعم، أنا هي"

نظرت إلى الطفلة لثوانٍ ثم عادت تنظر إليّ قبل أن تقول "أحتاج أن أتحدث معكِ على انفراد"

قلبي سقط في قدمي. لا يمكن أن يكون هذا جيدًا، ابتلعت ريقي بصعوبة ثم نظرت إلى فلورنس كنت خائفة من تركها وحدها لكنها كانت مرهقة تمامًا

المُخملِيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن