بسم الله الرحمن الرحيم
__________________عبور بوابة الندم
5. الغموض يتعمق
كان الممر الذي يسيرون فيه الآن أضيق من السابق، وكأن الجدران نفسها تنحني نحوهم. الهواء كان يزداد كثافة، والظلال التي كانت ترافقهم منذ بداية رحلتهم أصبحت أكثر وضوحًا، وكأنها تحاول الهمس لهم بأسرار مخفية. ومع ذلك، استمروا في المضي قدمًا، مدفوعين برغبتهم في الخروج، والآن، بإرادة مواجهة أنفسهم.
"هل تشعرون بذلك؟" سألت ليلى وهي تتوقف فجأة وتنظر حولها.
سليم و رامي تبادلا النظرات، ثم شعروا جميعًا بنفس الشعور: شيء ما في هذا الممر مختلف. كان هناك إحساس بالانحباس، وكأن المكان يحاول منعهم من الاستمرار.
"نعم... وكأن هذا الجزء من الدهليز يحاول أن يبقينا هنا،" همس رامي وهو يشعر بوخزة خوف خفيفة.
في نهاية الممر، ظهر باب آخر، لكنه كان مميزًا عن الأبواب السابقة. كان محفورًا عليه رموز قديمة معقدة وأشكال لا يمكن تفسيرها. بدا وكأنه مفتاح لسر أخير في هذا المكان.
"هذا الباب... يشعرني أن ما وراءه هو نهاية رحلتنا هنا،" قال سليم بحذر.
"لكنه ليس بابًا عاديًا،" تابعت ليلى، وهي تمرر يدها فوق الرموز المحفورة على الحجر. "كأن هذه الرموز تحكي قصة لا يمكن فهمها بسهولة."
"إذا كان هذا ما ينتظرنا في النهاية، علينا أن نواجهه،" قال رامي وهو يضع يده على الباب ويدفعه ببطء.
6. المواجهة الأخيرة: الحراس القدماء
عندما فتحوا الباب، وجدوا أنفسهم في غرفة كبيرة ومظلمة، أوسع بكثير مما توقعوا. الجدران كانت مليئة بالرسومات القديمة التي تحكي قصصًا عن معارك قديمة، وصراعات بين البشر وقوى خفية. في منتصف الغرفة، كان هناك نصب حجري ضخم، محاط بأعمدة عالية تبدو وكأنها تحمل السقف فوقهم.
لكن ما لفت انتباههم أكثر هو ما كان يقف أمام النصب. شخصيات شبحية، مغطاة برداء أسود طويل، واقفة في صمت تام، وكأنها تنتظر قدومهم. كانت تلك الشخصيات تحمل هالة غامضة، وكأنها جزء من الدهليز نفسه، الحراس القدماء الذين يحرسون سرًا خطيرًا.
"من أنتم؟" سأل سليم، محاولًا أن يبدو ثابتًا أمام هذه الكائنات.
لكن الحراس لم يردوا، فقط ظلوا واقفين، يراقبونهم بعينين خفيتين خلف أرديتهم.
"هل علينا مواجهتهم؟" همست ليلى وهي تتراجع خطوة للخلف.
فجأة، تحرك أحد الحراس ببطء نحوهم. صوته كان عميقًا، وكأنه يخرج من أعماق الأرض نفسها.
"لقد تجاوزتم التجارب، وواجهتم أنفسكم،" قال الحارس بصوت مليء بالقوة. "لكن الخروج ليس بهذه السهولة. هنا تبدأ المواجهة الحقيقية."
"مواجهة ماذا؟" سأل رامي بنبرة مشوشة.
الحارس أشار بيده إلى النصب الحجري في وسط الغرفة. كانت هناك نقوش تحيط بالنصب، تظهر صورًا للبشر وهم يواجهون قوى غير مرئية، ولكن كانت هناك رموز تدل على أن تلك المواجهات لم تكن دائمًا ناجحة.
"هذه النقوش تحكي قصة أولئك الذين سبقوكم. كل من دخل الدهليز اضطر لمواجهة قوى أكبر من نفسه. البعض فشل، والبعض نجا، لكن الثمن كان دائمًا باهظًا."
"وما الثمن الذي علينا دفعه؟" سأل سليم بحذر.
"ستعرفون قريبًا،" قال الحارس، قبل أن تختفي جميع الشخصيات الشبحية فجأة، تاركة وراءها شعورًا بالخوف والرهبة في الغرفة.
7. القرار النهائي: ما وراء الدهليز
اقتربوا من النصب الحجري بحذر. عندما وقفوا أمامه، لاحظوا أن هناك مكانًا في النصب، وكأنه مصمم ليُفتح، لكن كان يحتاج إلى شيء معين ليتم تفعيله.
"ما الذي نفعله الآن؟" سألت ليلى، وهي تحدق في النقوش المعقدة.
"أعتقد أن علينا أن نضع شيئًا هنا،" قال رامي، وهو يشير إلى التجويف في النصب.
لكن قبل أن يتمكنوا من فعل أي شيء، بدأ الدهليز يهتز من حولهم. الحوائط كانت تهتز، والسقف بدا وكأنه يقترب. كان هذا هو الاختبار النهائي. الدهليز لم يكن مجرد مكان مادي؛ كان يحاول اختبار إرادتهم حتى اللحظة الأخيرة.
"سريعًا، علينا أن نقرر،" صرخ سليم وهو ينظر حوله في ذعر.
في تلك اللحظة، سقطت من جيب ليلى قلادة قديمة كانت تحملها منذ دخولها الدهليز. كانت تلك القلادة هدية من والدتها قبل اختفائها، وكانت تمثل ذكرى عزيزة على قلبها. عندما سقطت القلادة بالقرب من النصب، بدأت تلمع ببطء، وكأنها تتفاعل مع الرموز على الحجر.
*"القلادة..." همست ليلى وهي تحدق فيها. "ربما تكون هي المفتاح."
بدون تردد، وضعت ليلى القلادة في التجويف الموجود في النصب الحجري. بمجرد أن لامست القلادة الحجر، بدأت الأضواء تتوهج في جميع أنحاء الغرفة. الرموز القديمة بدأت تضيء بلون ذهبي، وكأن النصب يستجيب لتلك القلادة.
ثم، فجأة، انفجرت الغرفة بنور ساطع. الظلام الذي كان يحيط بهم اختفى تمامًا، ووجدوا أنفسهم يقفون في حقل واسع مليء بالأشجار والأزهار. كان الهواء نقيًا، والسماء زرقاء صافية. كانوا قد خرجوا من الدهليز أخيرًا.
"لقد نجحنا،" قال سليم بصوت مبحوح، وهو ينظر حوله.
لكنهم كانوا يعلمون أن ما واجهوه في الدهليز سيظل محفورًا في ذاكرتهم إلى الأبد. كانوا قد تغيروا، كل واحد منهم، بعد تلك التجارب العميقة.
****************
يتبع.....