لم تكن تعلم أن ذلك الشاب المشهور ذو السمعة السيئة سيكون يوماً ما زوجاً حنوناً لها يصب الحب عليها صباً ..!
ليست من عالمه ولا هو من عالمها ولكن تقاطعت طرقهما والتقيا ،ثم أصبح طريقهما واحداً..!
وأصبح ذلك الغريب..عائلتها..♥️
" إنما خلق الله الخلافات لتعرفوا بها قدركم عند الناس" الشعراوي. ........ جاء الشتاء باكراً هذا العام، وجفت دموع السماء بعدما غسل المطر الهتون جدران المنازل وأرصفة الطرقات وبعض من قلوب البشر..! ولا يزال ينتظرها منذ ساعه رغم أنه لم يحين موعد انطلاق الطائرة التي بانتطارهما إلى فيينا.. اقنع نفسه انه لا ينتظرها ولكنه فشل.. كان أدهم يستند إلى باب سيارته المغلق.. حينما التفت حيث صوت السيارة الذي يعلن هديرها عن وصول معذبة قلبه ومعشوقته.. نزلت سما من السيارة وأغلقت بابها كانت متألقة كعادتها .. وقد ارتدت كنزة صوفية بيضاء وبنطالا من الجينز بنفس لون الكنزة عليهما معطفا طويل رمادي اللون فاتح وقد تركته مفتوحا.. وحملت حقيبة يد صغيرة بيضاء.. وحذاء رياضي ابيض أيضا.. لم ترتدي اكسسوارات واكتفت بخاتمها الماسي الذي قد اهدته لها والدتها في عيد ميلادها السابق.. تاركة شعرها منسدلا.. كما أنها لم تضع الكثير من مستحضرات التجميل فقط مرطب الشفاه وكحل العينين.. حُبست أنفاسه للحظات وظن أن الزمان قد توقف به.. اللعنه عليها.. لماذا هي جميلة إلى هذا الحد.. والان وهي أمامه كيف سينساها انه وهي في بلد وهو في بلد آخر لم ينساها ولو للحظة فكيف وهي أمامه..؟! رسمت ابتسامة على وجهها بتهذيب ثم قالت..: _ مساء الخير.. تمالك نفسه واستعاد رباطة جأشه ثم قال : _مساء النور.. _هل تأخرت على الموعد..؟ _على العكس.. تفضلي صعدت سلم الطائرة ولحق بها بهدوء ظاهري.. اتخذت مقعدها وربطت أحزمة الأمان.. جلس على المقعد المواجه لها نظر لها خفية ثم فتح كتابا ليتظاهر انه ليس مهتما بوجودها.. نظرت له خفية أيضا فتذكرت أملها بأن تجد حب حياتها لايزال ينتظرها ولكن خاب أملها.. لقد عادت من أجله لتجد انه لم يعد يريدها.. حسنا وان كان لا يريدها هي ستحاول أن تنساه فقد فقدت الأمل أن يكون يحبها مثلا.. أفضل شيء في الأمر أنها عادت لتقف بجوار والدتها في تلك الفترة العصيبة التي تمر بها.. تعلم أنها لو كانت لا تزال في إيطاليا ما كانت اخبرتها عما تمر به.. الايام الماضية كانت صعبة جدا عليهم.. صحيح أن سلوكيات حسن بدأت تتحسن معها ولكن مرضها بدأ يشتد عليها وأعراض الكيماوي تبدو جلية على وجهها وجسدها.. إنها تتألم كثيرا لما حل بها .. لطالما كانت والدتها مصدر قوتها وفخرها في الحياة.. لا تتحمل أن تراها ضعيفة بهذا الشكل.. كان لا يزال ينظر اليها خفية بين لحظة وأخرى.. كانت جميلة ولكنها حزينة.. بدت غير مشرقة كعادتها.. لا يعلم ما الذي حدث ولكن يبدو أن هناك خطب ما.. كانت ساكنة وهادئة تماما.. لكنه رأي بقلبه تلك التجاعيد التي نمت في روحها فجأة.. وفجأة تألم كونه لا يستطيع أن يتحدث معها بعفوية ليعرف ما الذي حل بها.. أو على الأقل ليقول لها كلمة تواسيها وتخفف عنها.. وتمنى لو تعود بهما الايام والسنوات إلى الايام الخوالي الغالية التي كانا فيها اسعد مخلوقين على وجه الأرض.. يا ليتها تعود تلك الأيام.. يا ليتها..!! & & & كانتا أمينة وحماتها تتحدثان في أمور مختلفة حينما ألقى الفتى الصغير عليهما تحية الصباح وجلس بجوارهما على مائدة الفطور، شردت صاحبتنا ناظرة إلى النقوش المرسومة على الطاولة أمامها تتذكر ليلتها الماضية، كانت ليلة تعيسة لم يعطف النوم عليها ولو لدقائق، تتذكر تلك الرسالة التي كان سعيدا جداً بها والأشعار التي كان يقولها عن النظرات!!.. لقد خرج مع فتاة ولكن من هي؟.. وما الذي فعلوه معاً طوال عدة ساعات؟.. هل أخذها إلى مطعم أم.. أم إلى أين؟!.. ما الذي قاله لها وبم أجابته؟..يا ﷲ !! رأسها سينفجر من كثرة الأفكار السوداء التي تدور فيه، ليتها لم تتحدث معه أبداً ما كانت ستعرف انه خارج في موعد أو لو كانت جرأته أقل مما هي عليه ما كان سيخبرها!!.. قطع تفكيرها أحمد وهو يقول : _ كانت ليلة أمس من أروع الليالي التي قضيتها في حياتي.. قالت أمه : _ قضيت وقتاً ممتعاً إذا ؟! _ ممتعاً جداً..! قالت أمينة، وهي تمسك فنجان الشاي الساخن الذي وُضع أمامها : _ ومع من خرجت؟..مع أصدقائك؟ _ لا مع مراد.. حدقت فيه غير مصدقة، مراد.. كيف؟!.. ألم يخبرها أنه خارج مع فتاة؟!.. أهذا يعني أن الشخص الذي كان يتحدث عنه كان أحمد؟!.. إذا كان الأمر هكذا ما تلك الرسالة التي كان يقرأها؟ وما تلك الاشياء التي فعلها؟..لماذا لم يصارحني بكل وضوح؟! أخذ أحمد يخبرهما بالأماكن التي أخذه إليها مراد بمرح ويصف لهما كل شيء بكل تفاصيله بمرح وعفوية بينما كان تفكيرها عالقاً عند مراد وما جعلها تعيشه بالأمس، لا تستطيع أن تفهم غرضه من وراء هذا الأمر.. أيحاول أن يثير غيرتها؟!.. وصلت حيرتها معه إلى درجة غير معقولة.. لا تفهم ما الذي يريده أو ما الذي يجب أن تفعله معه؟! & & & ارتسمت تعابير التوتر والقلق على وجهها وهي تدخل المبنى الكبير، أخذت تنظر فيما حولها وحسب تعليمات العم غالي ركبت المصعد وضغطت على الزر، ثم أخذت نفساً مضطرباً قبل أن يقوم شخص ما بوضع ساقه ليمنع الباب من غلقه ودخل بسرعه وكأنه متأخراً على شيء ما، جائها اتصال في الوقت الذي كانت فيه مضطربة ومتوترة من تواجد ذلك الشخص الحادة ملامحه، فتحت المكالمة قائلة : _ مرحباً يا عم غالي.. الإسم لفت انتباهه ما جعله يسترق السمع إلى ما ستقوله، بينما استطردت بتوتر : _ أجل انا في الشركة الآن.. ولكنني لم أقابل حسن بيك بعد.. هل أنت متأكد أنه شخص محترم.. صمتت قليلاً، ثم قالت : _ أرحت قلبي.. أنا فقط متوترة جداً ولا أعرف ما الذي سأقوله أو كيف سيتعامل معي.. وبصراحة قالوا لي أنه صارم جداً ومزاجي.. وانا خائفة.. ذم حسن حاجبيه.. هل أنا مزاجي؟!، نظر إليها من رأسها حتى قدميها.. فتاة محجبة ترتدي تنورة بيضاء وكنزة صوفية زرقاء لطيفة على حجاب أبيض يبرز جمال وجهها الدائري. أغلقت المكالمة، وزفرت بتوتر ثم قرأت بعض الآيات... _ أنت هي ليليان حاتم.. ؟ نظرت اليه نظرة حذرة، ثم قالت : _ هل تعرفني؟! ابتسم حسن، ثم قال : _ أجل اعرفك يا ليليان.. _ عفواً تتحدث معي وكأنك صديقي منذ الطفولة!.. اسمي آنسه ليليان وليس فقط ليليان! _ حسناً.. علمنا أنك لست متزوجة.. قال ذلك وهو يقلب نظره بعيداً، فقد ظنها ممن تحاول لفت انتباه الشباب بتلك الطريقة، فقالت بضيق : _ نعم نعم!!.. من أنت لتسخر مني بهذه الطريقة؟!.. احفظ حدودك اذا سمحت.. ذم حاجبيه من تلك الطريقة الهجومية؛ فقال بنبرة عالية قليلاً : _ ومن انتِ كي أبحث لك عن حدود لأحفظها.. أنت صحراوية يا خالتي..! _ احفظ لسانك يا أستاذ!.. لا أفهم ما دخلك بي..؟ _ دخلي الكثير.. _ لماذا من انت.. وصحيح من أين عرفت اسمي؟! _ تعرفين بعد قليل من انا يا ليليان.. أقصد آنسه ليليان.. قال جملته الأخيرة وهو يضغط على أسنانه مما أخافها قليلاً، وتوقف المصعد ؛ قالت بعدما خرجت مسرعة بعيداً عنه : _ ما هذا الحظ الذى عندي.. وكأنه لا يكفيني عمار.. ؟! & & & كانت أمينة ترتدي وشاحها حينما دخل عليها مراد ، وعندما رأته قررت أن ترد له الضربة فأخذت تغني بكل رواق ما جعله يندهش؛ لأنه لم يكن متوقعاً أن تكون رائقة هكذا ! ، قال : _ إلى أين..؟! قالت وهي تضبط حجابها : _ سأخرج مع رباب لاشتري بعض الحاجات.. _ هممم ؟!.. دون إذني..؟ نظرت اليه بابتسامة متلاعبة : _ وهل يجب أن آخذ إذنك.. يا زوجي العزيز..؟! _ ألا يجب أن تفعلي..؟ اقتربت منه ونظرت بداخل أعماق عينيه : _ لا.. تحركت مبتعدة عنه فأمسك ذراعها واقترب منها قائلا : _ بلى.. ابتسمت بتلاعب : _ لقد أخذت إذن والدتك.. وهذا يكفيني.. _ وان قلت لا.. _ هل ستفعل.. ؟ _ ما الذي تحاولين فعله..؟ قالت ببراءه : _ و ما الذي أحاول فعله؟! _ تحاولين إثارة غضبي.. لكنني لست مهتم ليكون بعلمك.. _ ألا تهتم؟!.. ولا انا.. تثير جنونه وليس فقط غضبه ولكن صحيح لماذا يهتم؟!، أكملت دندنة وهي ترتدي ساعة يدها فنظر إليها بعينين متسعتين.. هل حقاً الأمر لا يعنيها؟!، كان هذا السؤال كالمطرقة التي تطرق رأسه، قال مستدركاً الأمر : _ على كل حال انا سأخرج.. أقول ان اردتي ان أوصلك في طريقي.. نظرت إليه للحظات، ثم قالت : _ لا تُشغل بالك.. _ ولكن هذا واجبي.. كزوجك.. _ حسناً.. هيا كي لا أتأخر على الفتاة أكثر.. تقدمته خارجة من الغرفة وتبعها بحيرة من أمرها، ظن أن أمره يفرق معها ولكن ها هي تسير أمامه بكل أناقة وهدوء..، كانت مسرورة عندما رأت خيبة الأمل في عينيه؛ فابتسمت وهي تركب السيارة وبعد لحظات جلس بجانبها أمام المقود، قال وهو في طريقه إلى بيت رباب : _ تبدين رائقة اليوم.. ؟ نظرت اليه بابتسامة، قائلة بدهاء : _ وهل يجب ألا أكون كذلك..؟! اختلس منها نظرة، ثم قال مرتبكاً : _ لا.. أعني من الجيد أنك رائقة اليوم.. كبحت ابتسامتها وهي تنظر إلى وجهه المتوتر، لم تخبره بما قاله أحمد وتركته؛ ليتجرع النيران كما فعل بها بالأمس.. توقف بالسيارة ، ثم قال قبل أن تنزل : _ هاتفيني لآخذك.. أومئت برأسها موافقه، ثم أغلقت باب السيارة وأعطت ظهرها له وهي تبتسم بينما أخذ ينظر إليها وهو لا يفهم شيئاً.. شعر بانقباضة - لا يستطيع أن ينكرها - حينما فكر أنها حقاً لا تهتم ان خرج مع فتاة... " مراد !.. أين أنت أنا هنا أمام بيت والدتك "، قرأ مراد تلك الرسالة التي بلغته، فاتسعت عيناه وهو يقول : _ ما هذا واللعنة ؟!! & & & جلست بتوتر أمام تلك السكرتيرة الجميلة جداً جداً! والتي أخذت تبحلق في ملامحها لبرهة، ثم قالت في سرها.." بالتأكيد سأُطرد كم هنا بعدما يرى المدير وجهي الخالي من المكياج.." مع انها جميلة جداً ! ،ولكن هذه هي نون النسوة على كل حال، لا تثق بجمالها عندما تري من هي أجمل!! فاقت من أفكارها على قول ميرال بنظرات قرف : _ تفضلي يا ليليان.. نهضت بتوتر وهي ممسكة ملف سيرتها الذاتية بيديها وكأنها طفلة لأول مرة تدخل امتحان!، قرأت آيات قرآنية لتهدئ نفسها وعندما دخلت وجدت كرسي المكتب ملفوف وظهره إليها، سمعت صوته يقول : _ اجلسي يا آنسه ليليان.. جلست بتوتر ، ثم قال : _ ما تشربين..؟ _ ابتلعت ريقها، ثم قالت بصوت مبحوح من التوتر : _ شكراً لا أريد.. _ هذا غير ممكن.. سأطلب لك عصير.. ظهرت يده تضغط على الزرار القريب منه، ثم طلب لها كأساً من المانجو، سمعته للمرة الثانية يسأل : _ كم عمرك يا ليليان؟ _ عشرون عاماً.. _ وفي أي جامعة أنت؟.. ابتلعت ريقها للمرة الثانية، ثم قالت : _ ألم يخبرك.. العم غالي؟.. _ بلى.. ولكنني أريد أن أسمع منكِ.. تنهدت قائلة : _ أنا في كلية التجارة في السنة الثانية.. لدي ظروف جعلتني مضطرة للبحث عن عمل.. وقد طلبت من عمي غالي أن يساعدني.. وأخبرني أن آتي إليك.. في هذه اللحظة دخلت ميرال عليهما بعدما دقت الباب، ثم وضعت العصير أمامها قائلة : _ أي أوامر أخرى يا بيك.. ؟ _ لا.. أخرجي أنتِ.. خرجت، وقال : _ اشربي يا ليليان.. _ شكراً.. قالتها قبل أن تمد يدها للكأس وارتشفت منه القليل، وفي هذه اللحظة دار بكرسيه؛ لتراه، ورأته فبصقت ما في فمها بطريقة مضحكة، ثم نظرت إليه بحدقتين مذهولتين؛ فقال حسن بعدما ضحك كثيراً : _ ما الأمر؟.. هل تفاجئت يا ليليان.. أقصد آنسه ليليان.. ظلت تنظر إليه بصمت للحظات غير مصدقة؛ فقال باستغراب : _ ليليان؟!.. مرحباً!.. هل أكل القط لسانك؟!.. ظل يسخر منها ويضحك عالياً؛ فلم تجد شيء تفعله إلا أنها بدأت تبكي كالأطفال بطريقة مضحكة جداً.. وانقلبت الطاولة أخذ يهدئها و يرجوها ألا تبكي! ،وبعد دقائق قال : _ لا تخافي ستعملين هنا على أي حال.. لقد أعطيت وعداً للرجل.. قالت وهي تحاول إيقاف دموعها : _ حقاً.. ؟ _ حقاً.. بغض النظر عن طولة لسانك التي ستُحاسبين عليها.. وللعلم لست فقط مزاجي أنا مغرور وحاد الطباع ولا اتهاون في الأخطاء.. ولكن قدرك جعلك تعملين عندي ولا مفر منه.. ارتعبت مما قاله، واستطرد قائلاً : _ ستعملين لفترة مع ميرال لتتعلمين كل شيء حالياً.. وأي أسئلة هي ستجيبك عنها.. أشرق وجهها وابتسمت، وأخيراً حصلت على الوظيفة بعدما اعتقدت أنها قد خسرتها!.. وبالفعل بدأت ليليان عملها في المكتب مع ميرال التي كانت شياطين رأسها تشتعل غيظاً؛ ظناً منها أن ليليان جاءت لتأخذ مكانها وهذا كان واضحاً في معاملتها معها ، ولكن ليليان لم تهتم.. كل ما يهمها ألا تفقد وظيفتها.. & & & _ ماذا تظنين نفسك فاعله؟!.. اخبرتك أن مراد ليس هنا..! قال ذلك أحمد لتلك الفاتنة التي تقف أمامه وتصر على مقابلة مراد غير عابئة بأي شيء.. وتبدو وكأنها قد فقدت عقلها..! في تلك اللحظة توقف مراد بسيارته أمامهما، كانت ملامحه متجهمة وهو ينزل منها ناظراً الى تلك التي تقدمت لتواجهه بابتسامة قائلة : _ وأخيراً عثرت عليك..! ضغط على أسنانه وهو ينظر إليها، ثم سأل أحمد : _ هل رأتها أمي.. أين أمينة ؟! بدا خوفه وهو يسأله عن الأخيرة، فأجابه : _ لا!.. أمي نائمة وأمينة خرجت معك.. نظر إليها مراد بغضب قبل أن يقول : _ تعالي معي.. قادها إلى السيارة لتركبها، ثم وقبل أن يركب هو أيضا اوقفه أحمد، الذي اقترب منه هامساً : _ لست مطمئناً لتلك الفتاة.. ستجرك معها في المصائب.. تنهد مراد، ثم وضع يده على كتفه قائلا : _ لا تقلق.. سآخدها إلى المطعم الذي كنا فيه بالأمس.. وسأحل الأمر معها.. تركه وبعد لحظات انطلق بالسيارة مع تلك الفتاة.. بينما في مكان آخر كانت أمينة تتسوق مع رباب وتتحدثان بمرح، ثم ودون مقدمات جاءتها مكالمة هاتفية.. _ أحمد..؟! قالتها أمينة قبل أن تفتح المكالمة قائلة : _ مرحبا.. جاءها صوته مضطربا : _ زوجة أخي.. أريد أن أخبرك شيئاً.. & & & وضع النادل اكواب العصير على الطاولة وغادر، قبل أن يقول : _ والآن.. ما هذه الحماقة التي تفتعلينها منذ الأمس.. ؟! مالت بأنوثة ودلال مقصود إلى الأمام، ثم قالت وهي تضع كفة يدها على صدره بنعومة : _ وهل لأنني أريد الاطمئنان عليك أكون حمقاء..؟ نظر إلى يدها بغضب، ثم أزالها بهدوء ووضعها على الطاولة قائلا : _ انجي!.. أخبرتك بالأمس ان ما بيننا انتهى قبل عامين.. حسناً؟!.. ولا تطمحين ان يعود كما كان.. افهمي انا رجل متزوج.. لدي بيتي وحياتي.. ذمت شفتيها ،ثم قالت بنبرة باكية؛ لترقق بها قلبه : _ كونك متزوج لا يعني أنك قد نسيتني.. أعرف انك متزوج وأنا لا أمانع أبداً أن تكون لديك حياتك الخاصه مع زوجتك.. ولكنني أريد فقط أن أعود كما كنت جزء من حياتك.. تُنكر أنك لا تريدني..؟! سألته و الإغواء في عينيها نظرة، تجهمت نظراته وقبل أن ينطق بشيء رّن هاتفه.. اعتلت قسمات وجهه خطوط القلق والتوتر، ثم فتح المكالمة : _ أمينة.. ماذا هناك..؟! على بعد عدة خطوات منه كانت صاحبتنا تنظر إليه من وراء زجاج واجهة المطعم، حيث استطاعت ان تراه من خلاله وترى تودد تلك الفتاة الرخيصة إليه، كانت تحترق بداخلها ولكنها اصطنعت الهدوء وهي تقول : _ مراد.. أين أنت..؟ ازدرد ريقه، ثم قال : _ أنا مع أصدقائي.. أنهيت تسوقك..؟ كذبه في تلك اللحظة كان كالسهام التي رشقت في قلبها، فقالت : _ مع أصدقائك..؟! ارتبك فقال : _ أجل.. أين أنت الآن؟ احترقت عيناها بدموع غاضبه وهي تقول : _ أنا هنا.. تشوش عقله وازداد اضطرابه وهو يقول : _ المعنى؟! قالت بغضب واضح : _ أليس واضحاً.. أنا هنا.. انظر إلى يسارك يا مراد.. خفق قلبه بخوف في هذه اللحظة وهو ينظر إلى يساره ورآها عبر زجاج واجهة المطعم الشفاف، تنظر إليه بغضب بجانبها أحمد ذلك الصغير الذي كان يلعن نفسه لأنه قام بإخبارها.. وبعدها تركت أمينة رباب دون أن تخبرها بأي شيء فقط اخترعت لها حجة وعادت إليه، أخبرها بأن تلك الفتاة أو انجي التقي بها مراد صدفة بالأمس حينما كانا في المول، حاولت أن تتقرب منه وهو تجاهلها ،ولكنها لم تكتفي بذلك وعادت تطرق باب منزل والدته ووقتها أخبر أحمد شقيقه وبعدما أخذها مراد ليتحدث معها ، خاف الصغير على شقيقه وخاصة انه يعرف ان شقيقها ممن لا يتعاملون إلا بالسلاح، كما أخبره مراد.. ولهذا لم يكن أمامه سوى أمينة التي كانت بجانبه تنظر إلى صاحبنا والغيرة تشتعل بداخلها ، نهض بسرعة من جلسته وخرج إليها بعدما ترك الحساب فنهضت انجي وخرجت وراءه.. _ أمينة ؟!.. نظر إلى الصغير بعتاب فخجل أحمد لأنه لأول مرة لم يحفظ سر شقيقه، كانت تنظر إلى الفراغ وكأنها تراه بداخلها ولم تنظر إليه، رمش مراد بضيق ثم قال : _ أمينة.. دعينا نعود إلى المنزل لنتحدث.. قالت بنبرة غاضبة ولكنها هادئة : _ لنتحدث في ماذا يا مراد؟!.. لقد كذبت علي.. أخبرتني أنك مع أصدقائك.. والآن تبين أي نوع من الصداقات تقصد.. ألن أصدقك يوماً؟!.. هل سأظل أدقق في كل كلامك أيه صدق وأيه كذب هاااه؟! _ أمينة رجاءً!.. لقد كذبت عليك الآن فقط كي لا أضايقكِ ..ولكن لا يوجد شيء مما برأسك.. نظرت اليه باستخفاف بينما اقتربت انجي منهما، ثم قالت وهي تتمايل في وقفتها بدلال : _ أهذه أنت إذا؟ .. العروس! نظرت إليها أمينة والشر يتطاير من عينيها رافعة حاجبها الأيمن، وقالت : _ أجل أنا العروس يا حبيبتي.. ومن تكون " العسل"..؟! أزاحت خصلات شعرها إلى الوراء، والتصقت بمراد وهي تقول "بمياعة" : _ ألن تعرف زوجتك علي يا روحي؟.. أخبرها من أنا.. نظر إليها بغضب وقبل أن ينطق بشيء تفاجئ بأمينة تضحك فنظرا إليها باستغراب، أخذت صاحبتنا تضحك للحظات، ثم نظرت إليها وتجهمت ملامحها مما جعل مراد ينظر إليها متعجباً مما تفعله، تقدمت صاحبتنا خطوتين لتواجه تلك ال"انجي"، وقالت بهدوء : _ أبعدي يدكِ عن زوجي.. رفع مراد حاجبيه باندهاش وارتفعت لديه هرمونات السعادة فجأة.. هل تغار عليه؟!!، نظرت لها الأخرى باستخفاف وهي تقول : _ عفواً يا روحي.. لم أسمعك.. ذمت أمينة شفتيها باستهزاء أكبر قائلة : _ هل سقطت على أذنيكِ وأنت صغيرة؟.. يا حرام!!.. لا تختبري صبري وإلا سأمسح بك هذه الطرقات.. _ يا هذه!.. لا تقللي أدبك معي.. ولو أنني لست متعجبة.. ما الذي أنتظره من تربية " الحواري ".. اتسعت حدقتي مراد وهو الآن لا يعرف ما ستكون عواقب ما قالته هذه المجنونة وخاصة عندما قالت أمينة بنبرة توحي بأن القادم لن يكون خيراً : _ تربية حواري؟!.. حسناً سأريكِ كيف تكون تربية الحواري بحق.. جذبتها أمينة من خصلات شعرها التي تتمايع بها وابتدت المعركة، شهق أحمد ووقف جانباً وهو لا يفهم ما يحدث أما مراد كان يحاول أن يبعد أمينة عنها ولكنها.. أخذت تفرغ كل غضبها بتلك الفتاة، وبدأ الناس بالخروج من المطعم؛ ليرون ما يحدث.. آخر الأمر حملها مراد على كتفه وهو يبتعد بها عن المكان بينما هي أخذت تتملل وتبدل بذراعيها وهي تطلب منه أن يبتعد عنها؛ لتُكمل عليها ولكنه ظل يسير بها إلى أن وصل إلى سيارته، وتبعهما أحمد.. أما انجي نظرت إلى أمينة بغضب وهي تتوعدها بأن ترد لها الصاع صاعين.. أنزلها مراد وهو يلهث فقد أرهقته بحركاتها الغاضبة، وقال : _ ما الذي تفعلينه يا أمينة؟!.. ما كل هذا الجنان؟!.. قالت بغضب هادر : _ أنت بالذات لا تتحدث معي ولا تناقشني فيما أفعله.. لأن كل ما يحدث معي بسببك أنت.. ثم ركبت السيارة وأغلقت بابها بغضب بانتظار ان يركب هو أيضاً ليتحرك بها، نظر مراد إلى أحمد بعتاب وهو يقول : _ حلال عليك يا أحمد!.. والله حلال عليك.. اركب.. ركب أحمد قبل أن يركب مراد السيارة هو أيضا وينطلق بها... & & & دقت الساعة الثامنة مساءً وهو فى مكتبه يحاول ان يجمع الخيوط ببعضها؛ ليصل إلى طرف خيط يساعده في تلك القضية، حينما رن هاتفه برقم ضحى ففتح المكالمة على الفور وعرف منها أن جلال عامر بدأ يتحرك بسيارته إلى القاهرة وما فهمته من حديثه مع طارق أنه سيجتمع مع العميلة وبعض الأشخاص الذين لهم علاقة بالتسليم.. أغلق معها وتحدث مع رجاله في القاهرة لمراقبة كل صغيرة وكبيرة حول شركة جلال عامر وقصره وبدأ يتحرك فوراً إلى القاهرة.. & & & _ لا تقلقي كل شيء هنا على ما يرام.. حسناً أرسلي سلامي إلى الخالة أمل.. سلام إذا.. أغلقت أمينة المكالمة مع رباب التي كانت لاتزال قلقة عليها، والتفتت لترى مراد جالساً على الاريكة ينتظرها ان تنهي مكالمتها بينما أخذ يتذكر ما أخبره به أحمد بعدما عادوا جميعاً إلى المنزل.... _ مراد.. توقف مراد بعدما ناداه شقيقه الصغير، والتفت ناظراً إليه، فقال أحمد بلهجة نادمة : _ أنا آسف جداً.. ابتسم مراد بلين، ثم انحني له وقال : _ أحمد.. أنت لست شقيقي فقط.. انت شقيقي وصديقي المقرب وابني في نفس الوقت.. أنا أحبك يا صاح.. _ وانا أيضاً يا مراد.. وصدقني انا في الصباح حكيت لأمي وأمينة عن كل شيء عدا تلك الفتاة.. ولكنني اضطررت أن أخبرها عنها بعد ذلك لأنني خفت عليك.. برقت عينيه وهو يستمع إلى شقيقه، ثم قال : _ كيف يعني؟.. أأنت أخبرتها في الصباح أننا خرجنا معاً..؟! _ أجل.. ولكنني قاطعه مراد بفرحة عارمة : _ يعني أنت من أخبرتها!.. أنا أحبك يا أخي الصغير.. ضمه مراد بسعادة وقد أدرك الآن سبب تبدل أحوالها عن الأمس!، ثم ابتعد عن شقيقه وضرب كفه بكفه الصغير وقد وعده أحمد أنه لن يفعلها مرة أخرى.... أشاحت وجهها بعيداً عنه وتحركت؛ لتخرج من الغرفة، وقف في وجهها يمنعها من الخروج قائلا : _ هل سنتحدث؟!.. أم ستظلين آخذة هذا الموقف مني طوال اليوم؟! نظرت له بغضب، ثم قالت : _ سنتحدث في ماذا يا مراد؟!.. وبأي عين ستتحدث معي من الأساس؟! تنهد ثم قال : _ أمينة.. لقد تركتك تتجنني وتغضبي كما تريدين.. وانا أيضاً من حقي أن أتحدث.. _ كم هذا رائع!.. تحدث.. برر لي كذبك اليوم عليّ.. قطب حاجبيه قائلا : _ وهل هذا كل ما يؤلمكِ.. فقط لأنني كذبت عليكِ؟! زفرت بغضب قائلة : _ لا تختبر صبري أكثر.. حسناً.. وأياً كان ما ستقوله لن أصدقه.. _ هكذا!.. رأيتني فقط جالساً مع فتاة فأصبحت بنظرك خائناً وكاذباً وماذا أيضاً؟! _ وهل يوجد ما هو أسوأ.. ؟ قال بغضب : _ يكفي.. لقد اكتفيت!.. افهمي كما تشائين لن أبرر لكِ شيئاً.. تركها وخرج بينما هي جلست على السرير تريد أن تبكي، تريد أن تصرخ ولكنها بقيت ساكنة مكانها بانتظار ان تمر ليلتها أو ربما عمرها..! & & & في مكان آخر بالتحديد في فيينا كانت سما في جناحها الذي قاموا بحجزه لها.. لا تنكر انه من أجمل الأماكن وافخمها خاصة أنه كان مطلا على حديقة صغيرة ومن ورائها البحر، فتحت الباب الزجاجي الذي يفصل الغرفة عن الحديقة ثم خطت إلى الداخل بضعة خطوات وبعدها توقفت متأملة جمال البحر في منظر خيالي يثني على إبداع الخالق..! تنفست الهواء محاولة التغاضي عن ذلك الشعور الخانق الذي بات يلازمها منذ فترة أو بالأحرى منذ عودتها إلى مصر، من جهه معاملة أدهم الرسمية معها وكأنه لا يعرفها.. ومن جهه تغير حسن عما كان عليه من قبل فلم يكن يوما ذلك القاسي صاحب القلب المظلم.. ومن جهة أيضا مرض والدتها.. تنهدت طويلا، ثم جلست على المقعد بإحباط.. وعلى ذكر والدتها أخرجت هاتفها؛ لتتصل بها.. في الحديقة المجاورة خرج حسن؛ ليستنشق الهواء قليلا.. أو بالأصح لأنه كان يعلم أن الجناح المجاور له جناحها؛ لذا خرج إلى الحديقة عساه يراها وبالفعل كما تمنى رآها.. ولأن الحديقتين لا يفصلهما سوى مزرعيات الورد الضخمة الموضوعة بالترتيب جنبا إلى جنب.. استطاع رؤيتها جالسة تتحدث في الهاتف فضّلَ في البداية أن يراقبها من بعيد دون أن يجعلها تراه ولكن اوقفه مشهد لم يره قط من قبل.. حيث كانت تتحدث ببكاء مسموع ونهنهة واضحة وهي تتحدث عبر الهاتف، اقترب ناحيتها ليكون بجوارها لا يفصلهما سوى مزهرية الورد وفروعها التي لم تصل إلى نصف طوله حتى، سمعها تقول بدموع وقهر.. : _لا تقولي هذا ارجوكي.. ستكونين بخير.. اعلم انك تتألمين ولكنك قوية.. أقوى من أن تتمنى الموت يا أمي.. كان كلامها هذا كفيل لشرح كل شيء له متوقعا أن تكون والدتها مريضة أو ما شابه ذلك.. لم يكن يعلم أنها متعلقة بوالدتها إلى هذا الحد وخاصة انها قد تركتها طيلة فترة تعليمها في إيطاليا.. وقد بدا للجميع انها اعتادت على العيش بعيدا عنها..ولكنها على العكس تبدو الان منهارة تماما لأن والدتها تتمنى الموت.. والآن فقط أدرك أن المرء لا يشعر بقيمة ما لديه الا بعد فوات الأوان..! بعد إغلاقها المكالمة ظلت لفترة طويلة تبكي وهو واقفا بجوارها لا يستطيع التحمل ومع كل دمعة وكل شهقة تشهقها يحترق قلبه؛ لذا حمحم بهدوء ليلفت انتباهها إليه، نظرت إليه ثم نهضت واقفة وقد تملكها احراج العالم بأكمله ذلك؛ لأن الوحيدة التي رأت دموعها هي والدتها فقط، بينما كانت دائما بالنسبة للجميع الفتاة الحديدية التي لا يؤثر عليه شيء قط، لعنت نفسها بداخلها لأنها لم تنتبه لوجوده.. وفي نفس الوقت تمنت لو تستطيع إلقاء نفسها داخل احضانه.. حمحمت بإحراج، ثم جففت دموعها بظهر يديها قائلة : _هذا انت..؟ تأملها قليلا، ثم قال : _همممممم.. ما بها والدتك..؟ عرفت انه سمع حديثها إلى والدتها عبر الهاتف فقالت بواقعية محاولة أن تعود كما كانت وليس تلك الفتاة السخيفة التي كانت تبكي منذ قليل : _لديها سرطان.. وتخضع الان للعلاج الكيميائي.. اجفل أدهم من جملتها التقريرية وكأنها تخبره عن أحوال الطقس!، بالرغم من اهتزاز نبرة صوتها وارتجاف اوصلها، وانصدم أيضا مما سمعه منها عن والدتها.. تلك السيدة الطيبة والمهذبة التي كانت تزورهم من وقت لآخر في المدرسة؛ لترى ابنها حسن الذي كان وقتها صديقهم الثالث... حيث كانوا الثلاثي الصاخب طيلة مراحل حياتهم الدراسية ابتداء من الروضة إلى الابتدائية والاعدادية وحتى الثانوية العامة.. إلى أن حدثت تلك المشكلة بين مراد وحسن في السنة الأولى من الجامعة ومن وقتها ابتعد حسن تماما عنهما واعتزل عن العالم والأصدقاء حتى صداقاته التي كان يقوم بها كانت طريقة يحاول فيها اخبار الجميع أنه أفضل من مراد.. عاد من افكاره التي شرد بها إلى سنوات بعيدة كانت هي الأجمل في حياته.. ثم نظر إليها؛ ليراها شاردة هي الأخرى بحزن فقال؛ ليهون عليها : _لا تقلقي ستكون بخير.. نظرت إليه محاولة كبح دموعها من الانزلاق مرة أخرى، ثم قالت : _حقا..؟ ابتسم لها ولاول مرة منذ سنوات ابتسامة حقيقية وبنظرة حانية، قال : _ ان شاء الله.. استمرت نظراتهما في الحديث رغم صمتهما.. كلام قيل فيما بين نظراتهما تلك لا ينسى ابدا.. استمر للحظات وربما لدقائق ولكن قاطعه رنين هاتفه، فاشاحت بنظراتها بعيدا محاولة التحكم بنفسها فقال هو متجاهلا رنين هاتفه.. : _صحيح لدينا غدا اجتماع هام مع السيد "فرانشيسكو" لهذا ارتاحي.. ونامي جيدا.. اومئت له، ثم قالت بابتسامة : _حسنا.. تصبح على خير.. _وانت من اهله.. تابعها بعينيه إلى أن اختفت داخل الغرفة، بينما هو تنهد طويلا قبل أن يرد اخيرا على احد مساعديه للمناقشة حول العمل.. & & & شقشق النهار وامتدت آشعة الشمس ببعض من الدفئ عوضاً عن تلك الأيام الباردة التي مرت، أمينة انضمت إلى حماتها لتحضر الفطور معها، مراد خرج دون فطور؛ لينجز بعض الأوراق الخاصة به، وفي منزل آخر كانت التجهيزات للخطبة قائمة على قدم وساق والأقارب منذ الصباح الباكر يتوافدون على بيت " هنا " التي كانت تتراقص مع رباب.. وأمام شركة جلال عامر كان خالد أمام المول المواجه له يراقب المكان من بعيد ورجاله يحيطون بالشركة من عدة أماكن يتواصلون معه عبر سماعات الأذن الهوائية.. بينما جلال عامر كان مع تلك العميلة " ليَّا ايميري" بانتظار بعض الرجال الذين لهم علاقة بالصفقة، في مكان آخر كان الحاج عبد المنعم يخبط كف بكف بعدما أخبره الطبيب بأن الحادث أثر على نخاعه الشوكي في العمود الفقري مما يدعو إلى الخوف من إصابة آثر بشلل نصفي..! لنعد إلى هنا التي كانت تساعد والدتها في الترتيبات الأخيرة ومعها رباب التي زفرت بحزن وارتسمت ملامح باكية على وجهها عندما سألتها هنا عن هاتفها، ثم قالت : _ ألا تعرفين؟.. المسكين لقد تدمر بالكامل.. ذمت هنا حاجبيها وهي تخرج طقم الكؤوس من " النيش" الذي لا يخرج إلى للضيوف وفي المناسبات الخاصة فقط، ثم قالت : _ من؟!.. _ كان جيداً.. وكنت قد حّملت عليه الكثير من الروايات لم أهنأ بقراءة أي واحدة.. _ عن أي شيء تتحدثين؟.. لا أفهم..! _ عن هاتفي.. لقد دمره ذلك الغبي.. _ من الغبي؟ _ صاحب السيارة..! _ يا ﷲ!!.. هل عرفته أنا هكذا؟! _ ذلك الرجل الذى صدمني بسيارته.. وضعتا الكؤوس والأطباق على طاولة المطبخ، وقالت هنا بخوف : _ ماذا تقولين؟.. هل صدمتك سيارة؟!.. هل أنت بخير..؟! _ لا.. لقد خرجت لتوى من العناية المركزة.. _ هاا..؟!! ضحكت رباب ،ثم قالت وهي تغسل الكؤوس والأطباق معها : _ أنا بالطبع بخير.. جاءت سليمة.. صاحبتك كالقطط بسبعة أرواح.. زفرت هنا بارتياح قائلة : _الحمدلله.. وما الذي حدث؟! _ ما الذي حدث؟! _ مع صاحب السيارة..؟!! _ آآآه.. لقد أهانني ذلك " الهرقليز " ثم عاد إلى سيارته وذهب هكذا!.. تاركاً هاتفي محطماً.. قالت جملتها الأخيرة وهي تندب بحسرة فقالت هنا : _ المهم انك بخير..و الهاتف سيعوض.. _ المسكين دخل في غيبوبة ولن ينهض منها.. قالت ذلك وهي لاتزال تندب حظها أما هنا فقد غرقت في الضحك.. & & & _ ساندرا.. هل احضرتي ورق الأرض..؟.. اجل.. حسنا انا آتية.. أغلقت سما المكالمة الهاتفية مع مساعدتها ونزلت الدرج وأول ما رأته عيناها كان وجهه، نظرت إليه لعدة لحظات.. بدا لها وسيما جدا إلى حد السحر! ببدلته الرمادية وعينيه الخضراوتين وكأنهما شعلتين من الزمرد، نظر إليها لتزداد خضراوتيه جمالا.. ولكن لم فجأة تحولا للون الأحمر..؟! كان يتناقش مع احد مساعديه عندما التفت فجأة، ليراها نازلة درجات السلم بأنوثة غير مصطنعة، وازدادت تلك الأنوثة بفستانها الأحمر.. القصير..؟!.. واللعنة ما هذا الفستان هل ستقابل فرانشيسكو بهذا الفستان..؟!! ارتفعت درجة غيرته لتصل إلى مئتين في المئة..!، مرت بجانبه وهي لا تزال مستغربة من نظراته النارية تلك.. ؛ فأشارت برأسها إليه، ثم قالت : _ مرحبا.. اشاح بنظراته عنها، ثم قال : _ مرحبا.. ذمت حاجبيها وأكملت سيرها لتقف بجوار مساعدتها ساندرا، ثم نظرت إليه مرة أخرى وهي لا تفهم السبب وراء نظراته الحادة ورده الجاف عليها، وعندما رأته يلتفت ناحيتها نظرت إلى هاتفها وكأنها غير مهتمة بوجوده!، نظر إليها طويلا ونظراته وحدها تتحدث رأي أحد الرجال يشير لصديقه إليها ويقول بالإنجليزية "يا إلهي.. كم هي جميلة".. زفر بغضب ونظر حوله ليرى أعين معظم الرجال المتواجدون في ساحة الاستقبال الخاصة بالفندق ينظرون إليها بافتتان.. يا الله!! لا يتحمل نظرات الجميع إليها.. فكيف سيتحمل نظرات فرانشيسكو وهو زير النساء المعروف في النمسا وأميركا وربما في عالم رجال الأعمال اجمع..؟!! ازداد توتره وأخذ يخطو يمينا ويسارا محاولا السيطرة على أعصابه وعلى تلك الحرائق التي نشبت بداخلة، اختلست نظرة إليه وهي لا تعرف ما به ولم توتر هكذا فجأة..؟ لم يستطع التحكم بنفسه أكثر؛ فاتجه إليها، ثم قال : _ آنسه سما.. رفعت رأسها عن الهاتف، ثم قالت محاولة التظاهر بالهدوء : _ نعم..؟ زفر ،ثم قال برسمية : _ ممكن لحظه.. اومئت له وابتعدا عن الجميع ثم قالت : _ خير؟.. نظر إليها والي ذلك الفستان اللعين، ثم رفع رأسه محاولا التحدث والنطق بكلمة واحدة ولكنه لا يعرف كيف يقول لها ذلك..! ،ثم نظر إليها وقال بنبرة خافتة ولكنها آمرة نوعا ما.. : _ لا يمكنك أن تحضري الاجتماع بهذا الشكل.. قطبت حاجبيها متعجبة من نظراته الحادة ولهجته المرة، فعقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة : _ عفوا لا افهمك..!! زفر بعصبية ،ثم قال بإحراج وهو ينظر إلى كل شيء آخر غيرها : _ اقصد... الفستان.. نظرت إلى فستانها، ثم قالت بعدم فهم : _ فستاني.. ما به؟! نظر إلى فستانها مرة أخرى، ثم قال بحدة : _ قصير.. قالت متعجبة من تعليقه على فستانها : _ قصير..؟!!! اومئ إليها ،ثم قال بغيرة واضحة : _ أجل قصير جدا.. وغير لائق ابدا.. ابتسمت سما ابتسامة متعجبة، ثم قالت : _ لست افهم.. وما دخل الاجتماع بفستاني.. تنهد ،ثم قال : _ الرجل الذي سنجتمع معه اليوم.. زير نساء.. ولا احب ان ينظر إليك نظرة سيئة.. رفعت حاجبيها وهي لأول مرة تواجه هذه الغيرة وهذا التحكم الغير مفهوم منه، فقالت بحدة مماثلة : _ استاذ أدهم..؟ _ نعم.. _ اعتقد انك تبالغ جدا.. زفر بضيق من عدم فهمها؛ فقال : _ لست ابالغ.. انا فقط لا أريدك أن تكوني عرضة للأعين المسمومة.. لا تزال لا تفهم خوفه عليها وفسرته تحكما؛ فقالت : _ هذا لا يخصني بشيئ.. وانا حره ارتدى ما اريد.. ولا احب ان يتدخل احد في طريقة حياتي.. نظر إليها نظرة اخافتها كثيرا، ثم قال منهيا الحوار مبتعدا عنها : _ على راحتك يا سما.. انت أدري.. تعجبت من غضبه.. فهو مهما كان ليس له الحق في أن يخبرها مالذي يجب أو لا يجب عليها ارتدائة..! & & & _ لقد خرجوا.. قالتها ضحى لخالد عبر الساعة الإلكترونية التي ترتديها والتي تحتوي على جهاز تصنط كتلك التي زرعتها في مكتب جلال عامر، ولكن للحظ لم يتم الاجتماع فيه بل في غرفة الاجتماعات الخاصة والتي لا يدخلها أي أحد فقط جلال عامر وحده مع ضيوفه.. هذه المرة كان جلال عامر وحده وترك طارق مع عزت؛ لمتابعة العمال الذين يواصلون البحث عن الآثار، واصطحب معه سيدة جميلة جداً ورجلاً يبدو أجنبياً كما أخبرته ضحى.. وهو الآن بانتظار أن يرى تلك السيدة الجميلة وذلك الرجل، وما هي إلا ثوانٍ معدودة وظهر جلال عامر بصحبتهما، .. دقق نظره للحظات قبل أن يقول : _ ليّا ايميري!.. استجمع نفسه بسرعة، وقال لأحد رجاله : _ راشد.. راقب المكان هنا.. ،ضحى حاولي الولوج إلى غرفة الاجتماعات هذه وقومي بالازم.. قالا بسرعة : _ أمرك يا فندم.. بينما هو انطلق بسرعة بدراجته النارية وراء السيارة التي تقلهم... ولجت ضحى في الخفاء إلى تلك الغرفة التي كانت مرتبة ونظيفة تماماً، بدأت تبحث بعينيها في كل مكان لتطمئن أن المكان غير مراقب بالكاميرات، وعندما تأكدت بدأت تضع الكاميرات الصغيرة التي بحوزتها وأجهزة التصنط في أماكن مخفية ولكن زاوية التصوير جيدة، وبعد انتهائها رأت ورقة بيضاء صغيرة ملقاة على الأرض أسفل الطاولة ويبدو أنها قد سقطت بالخطأ، كانت الورقة خالية وملساء تماماً، فراودها الشك بأنها قد تكون مكتوبة بالحبر السري، وكان موضوع على الطاولة كأساً من الماء فبحذر وببطئ وضعت الورقة على وجه الماء، وصدقت شكوكها حيث ظهرت خطوط ونقوش وكأنها وصف لمكان ما؛ فبسرعة أخرجت هاتفها و التقطت صورة لها، ثم التقطت الورقة من الماء وتركت كل شيء كما هو، وخرجت بسرعة وخفاء من الغرفة.. وهي في طريقها إلى مكتبها ألقت الورقة في سلة المهملات.... & & & اطلق فرانشيسكو صيحة إعجاب وهو يصافح سما بينما نظراته تشملها بإعجاب ورغبة، قائلا بالإنجليزية : _ يا إلهي!.. انت بارعة الجمال.. اعتبرته سما اطراء منه فابتسمت برقة قائلة : _شكرا.. حمحم أدهم بغضب مكتوم من نظرات ذلك الفرانشيسكو.. اللعين؛ فنظر إليه الرجل، ثم قال بترحيب : _ مرحبا استاذ أدهم.. صافحه أدهم بقوة، ثم ردَّ عليه تحيته وبعد ذلك اصطحبهم ذلك الاربعيني الوسيم إلى غرفة الاجتماعات، ثم طلب منهما الجلوس وبعد ساعة انتهى اجتماعهم وقد فاض الكيل بالنسبة لأدهم ولا يزال يحاول السيطرة على غيرته من نظرات فرانشيسكو الحقيرة تجاه سما التي حتى هي لاحظتها وتوترت منها وخاصة عندما ودعهما وامسك يدها؛ ليقبلها ونظرات أدهم المشتعلة تراقب ما يفعله بغضب، زفر محاولا التحكم في أعصابه بينما دب الخوف في قلبها من نظراته المشتعلة بالغضب وازدردت ريقها بصعوبة.. ظل الرجل ممسكا بيدها مسترسلا في كلمات الغزل حتى أن سما نفسها استائت منه، فقام أدهم بسحب يدها من داخل يده ممسكا بها بتملك، ثم قال : _شكرا لك فرانشيسكو.. سنلتقي اكيد لاحقا.. لم ينتظر رد الآخر وقد فهم فرانشيسكو الرسالة من تلك الطريقة التي يمسك بها يد تلك الجميلة.. وكأنه يخبره انها تخصه.. سحبها معه؛ ليخرج بها من هذا المكان وقد خافت سما حقيقة؛ لأن الغضب كان واضحا جدا عليه فازدادت خفقات قلبها، ولكن شيئا ما بداخلها كان سعيدا بأنه يغار عليها بأنه لايزال يغضب من نظرات الرجال إليها.. وربما.. لا يزال يحبها..؟! كان متجاهلا نظرات الأعين المحيطة بهما والتساؤلات الهامسة من مساعديه عن سبب انزعاجه، ولكنه أكمل سيره محاولا إلى آخر لحظة ألا يتهور أو يفعل شيء قد يندم عليه فيما بعد.. لأنها حتى وان كانت حبيبته ليست زوجته.. أو هناك ثمة صلة أخرى تربطه بها غير العمل.. وصلا إلى جناحها وتوقفا أمام بابه، ثم نظر إليها فارتعبت من نظراته، زفر بضيق وترك يدها قائلا.. : _مرة أخرى ثياب كهذه لا ترتدي أبداً.. انسيت انك مسلمة..؟! كان سؤاله مستنكرا ومعاتبا في نفس الوقت، فنظرت إليه ولم تستطع الرد عليه.. وبماذا تجيبه؟!.. صحيح أن معظم أوقات حياتها منذ الصغر قضتها في إيطاليا وتربيتها كانت غربية.. ولكنها دوما كانت تذكر نفسها انها لا يصح لها أن تفعل بعض الأمور لأنها مسلمة مثل شرب الخمر كما يفعلن صديقاتها.. أو إقامة العلاقات المحرمة مثلهن.. ولكن الحجاب كانت دائما ترفضه وتشعر انه تقييد وليس أكثر.. ولكنه أيضا فرض.. قالت نظرته الطويلة لها كل شىء أراد قوله بلسانه ولم يستطع، وكأنها تصرخ بها بأنه يحبها.. بأنه يغار عليها.. بأنه يخاف عليها من الأعين الشهوانية التي تنظر إلى جسدها نظرة حقيرة.. ولكنه ظل صامتا، ثم تركها ودخل جناحه المجاور لها.. تنهدت سما ولا يزال سؤاله يرن داخل اذنيها.. "انسيت انك مسلمة؟!" & & & كانت الخطبة مبهجة وقد خطفت هنا أنفاسهم بفستانها الارجواني الأنيق، بالإضافة إلى مرح صديقاتها الثلاث..اللائي فرحن لأجلها كثيراً والتقطن لها الصور والفيديو لها وحدها أو مع " على " عريسها الذي كان يبدو فرحاً أو معهن.. وخاصة وقت تبادل الخواتم وتقديم " الشبكة " للعروس.. وبعد ذلك أخذ " على " عروسه وعدة أشخاص من المقربين لهما - ومن بينهم صديقاتها الثلاث - لإحدى المناطق الخاصة بالاحتفالات الصغيرة واحتفلوا هناك أيضاً.. وبعد وقت من المرح عادوا جميعاً مع العروس إلى منزلها، وباركت لها ملك قبل مباركة أمينة ورباب لها أيضاً، وبعدها رحلن.. ملك إلى بيتها، وأمينة كانت تنتظر مراد أن يأتي؛ ليأخذها فوقفت معها رباب تؤانسها إلى أن يأتي.. وبعيد عنهما كانت انجي في سيارتها مع صديقاتها وقد اتفقت معهن على ضرب أمينة لتأخذ حقها؛ لذا بقيت طوال يومها تراقب أمينة وتنتظر اللحظة المناسبة، دخلت رباب " السوبر ماركت " لتشتري لأمها بعض الأشياء، وفي الوقت الذي كانت فيه بالداخل نزلت انجي من السيارة ومعها صديقاتها وفي أقل من ثوانٍ حاصرنها، نظرت اليهن أمينة واستطاعت أن تفهم ما سيفعلنه بها؛ لذا قالت : _ ماذا تظنين نفسك فاعلة..؟ & & &
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.