الفصل"9"

18 3 0
                                    


---

تحت ظل المساء ومع آخر خيوط الشمس التي تتلاشى تدريجياً، حيث بدأت السماء تتشح بلون أزرق داكن، وقفت مارلي أمام باب مبنى يبدو أنه قد هجر منذ زمن.

همست بشيء من السخرية، "هاه... لم يتغير هذا المكان المتعفن ولو قليلاً..."

خطواتها كانت هادئة، دقيقة، لكنها مصممة. تعرف تماماً ما الذي جاء بها إلى هنا، وتدرك النتيجة التي تنتظرها،عندما وصلت مارلي إلى الحديقة الداخلية للقصر، رأت مجموعة من الأطفال يلعبون بمرح، تتناثر ضحكاتهم في الأرجاء. المشهد كان عادياً، لكنّ المكان خلف هذه الأجواء المرحبة لم يكن سوى ذلك الميتم؛ ذلك المكان الذي تربّت فيه وعاشت فيه أشد أيامها سواداً، حيث تحول طفولتها إلى جحيم لا يُنسى.

اقترب منها أحد المشرفين، وحين حدّقت في عينيه، تملّكها شعورٌ دفين بالكره والألم؛ فقد كانت تتذكره جيداً، هذا المشرف كان مسؤولاً عنها في طفولتها، وكان يعاملها بقسوة ويؤذيها بلا رحمة. ابتسم لها ابتسامة زائفة وقال بلهجة مغلفة بالسخرية: "أهلاً... أوه، لا أصدق! لقد كبرتِ حقاً، يا صغيرتي~. ما رأيكِ بالدخول والحديث حول ما جئتِ من أجله؟"
---

عندما دخلت مارلي إلى المكتب، أغلقت الباب خلفها بهدوء، لتجد المشرف القديم جالسًا أمامها، ينتظرها بنظرة تحمل مزيجًا من التعالي والغرور. الأثاث كان قديمًا، والجدران محاطة بأرفف من الملفات التي تروي قصصًا من الماضي. جلست بهدوء على الكرسي المقابل، محافظة على وجه جامد دون مشاعر.

هو، من جانبه، تأملها ببرود، وكأنه يقيمها بعينين كانتا تذكرانها بأيام لم تنسها. بعد لحظة صمت مطولة، اقترب إلى الأمام مبتسمًا ابتسامة ساخرة قبل أن يقول بنبرة تملؤها السخرية:

"لم أتوقع أبدًا أن تنجو تلك الفتاة المشاغبة من العقاب وتكبر لتصبح فتاة بالغة هكذا... الحياة مليئة بالمفاجآت، أليس كذلك؟ لكن الآن، أعتقد أنكِ تملكين ما يكفي من الجرأة لمساعدتي."

مارلي جمدت للحظة، لكن عينيها كانتا حذرتين، تتفحصان نواياه، قبل أن يتابع بنبرة جادة: "هناك قضية تحتاج لتدخلك... قضية اختفاء. أشخاص معيّنون لا يمكننا العثور عليهم، وأنتِ لديكِ المهارات التي قد تساعد في تتبعهم، أو... ربما إغلاق الملفات الخاصة بهم إلى الأبد."

نظرت مارلي إليه بملامح تجمع بين الاحتقار والازدراء، تعود بذاكرتها إلى الماضي حيث كانت تعاني بسببه أقسى أنواع العذاب. لم ينسَ قلبها جروح الطفولة ولا لحظات الألم التي تسببت بها يديه القاسية. لكن الآن، بات يجلس أمامها بنظرة مريبة، تظهر فيها علامات هوس غير مبرر، وكأنه يتتبعها منذ زمن، عارفًا أكثر مما ينبغي.

ضحكت بمرارة وسخرت منه قائلة: "أوه، لا أصدق؟ كم بحثت عني بحق الجحيم؟... ويبدو أنك تعرف عن "سري الصغير"، أليس كذلك؟"

ما وراء القناع و الشبكة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن