الجزء الثالث عشر

116 13 8
                                    

عدت إلى المنزل وقد حزمت أمري، طالما أنني وحيدة ومعظم حياتي عشتها وحيدة، إذا فلا داعي لطلب العون من أي شخص، سأساعد نفسي بنفسي وسأنهض وأحيي قواي مجددا حتى لو لم أستطع، يكفي شرف المحاولة، ولهذا سأحاول وأستمر في المحاولة.

نمت فور عودتي حتى الصباح، لا بد وأنني أنهكت نفسي بسبب تلك الأعمال التي لم أعتد على عملها إلا في منزلي.

اليوم سأخبره بما سأفعل سواء رضي بذلك أم لا، كما أن لا سبيل له للرفض من الأساس.

وصلت إلى هناك وطرقت الباب فلم يفتح أحد، انتظرت قليلا لكن بلا فائدة وقبل أن أتخذ قرارا بالعودة تذكرت المفتاحين، تبين أن أحدهما لمنزلي، إذا فالآخر كان لـ.. لمنزله.

أخرجته وفتحت باب منزله به ففتح. دخلت ولم يكن فيه أحد. هذا غريب فالساعة تشير إلى السابعة ولا يبدأ العمل إلا في الثامنة، لكن هذا لا يهم طالما أنني سأكون في المنزل لوحدي.

بدأت بالتنظيف، والغسيل، ونشر الغسيل، وطي الثياب، والترتيب ثم تحضير الوجبة. انتهيت وكانت الساعة تشير إلى الواحدة وعشرة دقائق، يا له من وقت طويل! دوام الشركة ينتهي الساعة الواحدة والنصف وليس الثالثة رغم أنه أكثر أهمية من هذا العمل الوضيع.

وأثناء تنظيفي لخزانة الأحذية وترتيبها عاد كارل لكن هذه المرة لم يحضر لوحده بل مع امرأة فاتنة.

تخطاني وتابع سيره إلى الداخل، أما هي فقد توقفت وأشارت بإصبعها إلي وكأنني شيء مقزز، سألته: من هذه؟

أجاب دون أن يلتفت: إنها الخادمة التي تعمل هنا بدوام جزئي. انسي أمرها وتعالي لنأكل.

تقبلت الإهانة على مضض وتابعت عملي متكدرة. كيف سأخبره بما خططت له وهذه الغريبة هنا؟ لا بأس، سأجمع ما بقي من ماء وجهي وأخبره.

انتهيت من الخزانة لأقف أمامهما وهما جالسين قبالة طاولة الطعام يأكلون ما أعددته.

تجاهلني كارل ونظرت إليه المرأة تستفهم أمر وقوفي فاضطر لأن يسأل: ماذا تريدين؟

أجبته بجفاء: سأعمل عملا آخر وآتي إليك بثلاثة أرباع الراتب كل شهر، وهكذا أسدّ ما مننته علي فحسب الراتـ..

قاطعني: انسي الأمر؛ فلا يوجد أي عمل سيرضى بفتاة صغيرة وبدون شهادة، كما وإن اتفقت معي بالمال بدلا من المجهود كما أفعل هنا، فسيكون عليك الكثير من السنين لتسدي كل ما فعلته لك، وإن افترضنا أنكِ وجدتِ عملا، فسيكون الراتب قليل ولن يفيدني ثلاثة أرباعه إلى جانب المدة الطويلة التي ستحتاجينها لسداد الدين فأنت بذلك ستجعلين من المدة الضعف بناء على راتبك القليل.

استمر في تناول الطعام وأنا لا أزل أقف بجمود. كانت المرأة أيضا لا تزال تنظر إلي وكأنني لغز غامض لا بد من حله.

قل وداعاً للذكرياتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن