سرت مبتعدة بسرعة. كنت أشعر بالخجل من نفسي؛ فأنا وببساطة الضحية الوحيدة للجميع. في البداية كارل، ثم لويس وهليلين والآن سيان والمدير، بل وماذا؟ يقول بأنه نادم لأنه أعجب بقناعي واكتشف الحقيقة في وقت متأخر.
تبعني كارل بخطواته الواسعة وما إن وصل إلى جانبي حتى مشى على سرعتي وقال مستهزأ: يا إلهي! هناك من أحب غبائك وسذاجتك، أتصدقين ذلك؟
كنت سأدفعه إلى الشارع، كنت سأركض مبتعدة عنه، لكنني لن أفعل ما أريد فبعد كل شيء لدي هدف يحتاج للصبر علي السير نحوه.
بقيت صامتة حتى قال: لقد لبيّت الشرط الأول واليوم سيكون لك حق العودة لمنزلك بعد العمل لكنني لم أنته من شروطي فقد بقي شرط سأتساهل معك فيه لكونه الأخير ألا وهو تحويل ملكية المنزل لي.
... لا أصدق! ألهذه الدرجة وصل به الطمع؟ بأي حق يطلب هذا!
قطع أفكاري بقوله: أنسيتي حين توسلت لي بكل تلك الدموع والشهقات بأنك ستفعلين أي شيء فقط إن تركتك تعيشين في ذلك المنزل؟ لقد وعدتك بذلك وأنا لا أخلف وعودي أبدا، ومع ذلك ملكية المنزل ليس لها أي صلة بما أردتِ، فأن تكون ملكيته لي لن يؤثر على إقامتك فيه. لنذهب الآن ونستكمل جميع الأوراق اللازمة لذلك قبل أن تبدئي بالعمل لدي.
قلت باندفاع: لكن أوراق الملكية ليست معي ولا أعلم مكانها.
- إنها معي لذا لا تقلقي وقد أحضرتها في الصباح قبل ذهابي للعمل.
- مهلا.. إن البيت مسجل باسم أمي ليس باسمي لذا لا نستطيع.
- من أخبرك بهذا؟ إنها باسمك الكامل أم أنك تتهربين فقط؟
- كيف؟!
- وما أدراني بهذا؟ ربما هي من قامت بنقل الملكية لك في حال حدوث شيء. يبدو أنها كانت تتوقع حدوث أمر سيئ لها يوما ما.
سرنا نحو مكتب البريد، قدّم كارل أوراق الملكية والترخيص وهويته وأنا أخرجت هويتي من حقيبتي وعرضتها لهم. تم التأكد من المنزل بكونه ليس تحت حجز أو رهان أو بيع ومن ثم تم نقله ليصبح تحت مِلك.. كارل.
لماذا فعل هذا؟ لماذا يستمر بأذيتي ونفيي من الكون؟ لماذا يريد تشريدي وإجباري على فعل أمور لا أريد فعلها؟ أكرهه.. أكرهه بعد إعجاب وامتنان طويل. لقد خُدعت به، وها أنا الآن.. مجرد نكرة.
{
بدأت أدرك بأن حالة أمي ستستمر لفترة طويلة، ربما لسنوات وربما إلى الأبد. فقدت الأمل وأكملت نصف سنتي الدراسية الأخيرة بصعوبة. فقدت تركيزي واستيعابي للأمور، لكنها انتهت أخيرا وهذا كل ما كان يهمني. حرص كارل على توفير البيئة الدراسية المناسبة وما إن انتهت الدراسة حتى قرر ببداية فترة نقاهتي أن بإمكاني الخروج والذهاب إلى أي مكان أريد بشرط العودة قبل اشتداد الظلام أي قبل الساعة السابعة مساءً وبدل من فعل ذلك، حبست نفسي في الغرفة، لم أبك ولم أصرخ أو أي شيء، فقط التزمت الصمت؛ لأني كنت في وضع أشد بكثير من أن يخفف عنه كل ذلك.
أنت تقرأ
قل وداعاً للذكريات
Teen Fictionنهضتْ بفضلها وارتكزت عليها، ساندتها، ساعدتها، ووفرت لها كل ما فقدته في الماضي من حب وأمان واستقرار، كبرت على الاتكالية فأصبحت بالنسبة لها كل شيء، ولكن.. ماذا سيحدث إن فقدتها لتجد نفسها لا شيء؟