حضر بعد قليل نائب المدير وقام بروتينه الجديد الصباحي: صباح الخير، كيف حالك؟ كيف تشعرين الآن؟
"سنخرج اليوم معا إلى مطعم في وقت الاستراحة كما اتفقنا أمس أليس كذلك؟"
"إن كنت تشعرين بأي نوع من التعب فأخبريني."
وبقي الوضع هكذا إلى أن جاء وقت الغداء. خرجنا سويا وكنت أتعمد أن أمشي جواره حتى إن رآنا كارل فتصله الرسالة: أنا لا أحتاجك فلدي غيرك الكثير.
ركبنا سيارته وسأأسف على ركوبي جانبه، كان الطريق بعيدا عن مكان العمل ما جعلني في الواقع أقلق. نزلنا لندخل إلى مطعم راقي وفخم، إن كان لديه كل هذا المال فلمَ لا يتبرع بنصفه للشركة المخبولة تلك لتنهض وتتحسن كثيرا.
جلسنا في مائدة لامعة دائرية ثمينة، أحسست عندها أنه إما خطيبي أو زوجي فكنا نتصرف على هذا الأساس بدون أن نشعر.
سألني وهو يمد بقائمة الطعام لي: اختاري ما تريدين ولا تهتمي للتكلفة.
وكأنني سأهتم أصلا!
تناولت القائمة من يده ونظرت إليها نظرة خاطفة حتى اخترت ما أريد، لم يأخذ ذلك من وقتي إلا نظرة واحدة لأنني اخترت الطبق الأغلى ثمنا. لم يعلق على ذلك وطلب مني اختيار عصير وطبق حلوى أيضا فاخترت أغلاها كذلك. حضر النادل فأخبره بطلباتي واختار لنفسه مثلما طلبت بالضبط.
بعد ذهاب النادل، لم أعلم عن ماذا أتحدث فهو يبقى أعلى مني رتبة في العمل، بل هو كرئيسي هناك، لذا أخشى إن تحدثت بشيء فأعرض حياتي للخطر.
ابتدأ هو الكلام: ما رأيك بالمطعم؟ هل كان اختيار مناسب لخروجنا الأول معا؟
ماذا؟ ماذا؟؟ وكأنه يتحدث عن خروج.. أول.. معا.. ماذا يحسب نفسه وكأنني أردت ذلك، إنه يظنني غبية وساذجة لكنني ذئب بزي حمل، إنه يجني على نفسه بنفسه.
ابتسمت بلطف وقلت بسعادة: يا إلهي أنا بالفعل لا أصدق أنني أجلس الآن هنا ومعك.. أوه كم هذا رومانسي.
بل مضحك.
ابتسم بريبة وقال بظرافة: فعلا فالمكان هادئ وجميل يعطي المرء شعورا بالراحة والأمان.
- محق، أنت دائما محق.
ضحك بخفة: أولست تبالغين؟
- كلا، كلا. أنا لست من النوع المبالغ أو المجامل. أنا أظهر كما أنا.
كدت أكشف نفسي فلو أنه أذكى بقليل لعرف حقيقتي الآن.
- هذا جيد؛ فأنا أفضل هذا النوع من الفتيات.
ضحكت بلطف وقلت: كم أنا محظوظة!
وصل الطعام وأكلنا. لن أصف طريقة أكله فهو لم يأكل إلا قليلا وببطء وحذر بالغين، كما لو كان يحاول إخفاء أسلوبه الحقيقي في تناوله للطعام، وفيما تبقى من الوقت، راقبني.
![](https://img.wattpad.com/cover/44933776-288-k264696.jpg)
أنت تقرأ
قل وداعاً للذكريات
أدب المراهقيننهضتْ بفضلها وارتكزت عليها، ساندتها، ساعدتها، ووفرت لها كل ما فقدته في الماضي من حب وأمان واستقرار، كبرت على الاتكالية فأصبحت بالنسبة لها كل شيء، ولكن.. ماذا سيحدث إن فقدتها لتجد نفسها لا شيء؟