الجزء الثالث

123 12 0
                                    

افترقنا في الطابق الثاني. أحسده لأنه عضو أساسي مثبت في الشركة ولديه سكرتيرة بينما أنا.. أحتل أقل منزلة هنا، مجرد آلة ناسخة بلقب سكرتيرة وسكرتيرة من؟ الذئب الذي يتنكر بثعلب حتى أنه لم يحسن اختيار تنكره.

ففي الحالتين، شخصيته حقيرة شريرة ماكرة لذا لا فرق.

دخلت إلى الغرفة بعد أن فتحت بابها الذي نادرا ما يغلق، لأجده جالسا خلف مكتبه وعلى الأريكة يجلس عمه العزيز.

كانا يضحكان حتى دخولي الذي قاطع سعادتهما.

جلست خلف مكتبي ودفنت رأسي بين الأوراق، تجنباً لأن يتفق كلاهما علي.

طال الصمت بينهما لدرجة أن الفضول جعلني أرفع رأسي قليلا فأجد الاثنان ينظران إلي بالوقت ذاته.

سألت ببراءة: ماذا؟ هل هناك أي خطأ يمكنني إصلاحه؟

رفع المدير حاجبه لينظر إلى ابن أخيه فينفجر الآخر ضاحكا، ربما رأى نفسه على المرآة يا للسخف. بدأت أشك بحاجته لطبيب نفسي وعلاج سريع.

أغاظني ما حدث لكني تجاهلت الأمر فحسب ولأثبت ذلك قلت: يا للعلاقة الوطيدة التي تربط بينكما، يبدو أنكما ستحققان نجاحا بالغا إن وضعتما يدا بيد.

التفتا إلي بحدة فقلت موضحة: أليس العم وابن أخيه تربطهما علاقة وطيدة أم أنكما خال وابن أخته؟ أنا لست متأكدة من ذلك فآسفة إن أخطأت.

بدت علامات الراحة تظهر على وجه المدير فيبدو أنه تيقن بأني غبية تماما، هذا جيد لأني خفت لوهلة بأن يشك في إخفائي لذكاء حاد ومكر كبير وشر خطير خلف هذا القناع. سيطمئن الآن إلى أن أي أمر يود قوله سيقوله أمامي بدون تردد لظنه بأني غبية لا أفقه شيئا.

خرج المدير بعد تبادل المجاملات مع نائبه وبعد خروجه نظر إلي النائب بطرف عينه لحظة ثم ابتسم بمكر وأكمل عمله.

ماذا يعني ذلك؟ ما مغزى تلك الابتسامة؟ أنا متيقنة تماما بأنه لا يعلم حقيقتي، إذا فما السبب؟

مر الدوام على خير لكن قبل أن يخرج التفت إلي وقال بابتسامة: أحسنت عملا اليوم.

فابتسمت ابتسامة واسعة وقلت: شكرا لك، أحسنت عملا أنت أيضا.

ابتسم وخرج. كان ذلك مريباً فهذه المرة الأولى التي يقول لي فيها مثل هذا الكلام، فعادة يخرج دون قول أي شيء، ولكن اليوم مدحني وابتسم لي مرتان، أليس هذا غريبا؟

خرجت أنا أيضا وسرت إلى المشفى، هناك حيث تقبع أمي التي لم تعد تعرفني حتى.

دخلت إلى غرفتها وجلست على السرير الفارغ لكونها جالسة على الكرسي وإبرة المغذي في يدها.

قل وداعاً للذكرياتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن