كان الجو في الخيمة الكبيرة في قلب قبيلة شرف الدين مشحونًا بالتوتر. منذ سنوات، نشبت العداوة بين قبيلة شرف الدين وقبيلة العدية، وكان هذا النزاع يشعل نيران الحرب بين القبيلتين. لكن اليوم، كان هناك شيء مختلف في الهواء، شيء يجمع بين الأعداء رغم كراهيتهم المتأصلة.ألماس، ابنة زعيم قبيلة شرف الدين، كانت تقف أمام الحضور بثبات، على وجهها ملامح القوة التي لا تخطئها العين. بشعرها الأسود الطويل الذي كان ينسدل على ظهرها كالليل، وعينيها اللتين تتألقان بالحزم والغضب في نفس الوقت. رغم جمالها الباهر، كان هناك شيء في عيونها يخبرك أن حياتها لم تكن سهلة أبدًا. قلبها كان مليئًا بالأسئلة عن مصيرها القادم، لكنها لم تدع هذه الأفكار تظهر على وجهها. فبينما كانت قبيلتها تتحضر للمصالحة مع أعدائها، كان زواجها القادم هو ما سيحدد مصيرها.
على الطرف الآخر، رعد، ابن زعيم قبيلة العدية، كان يقف بثقة لا تقل عن ثقة ألماس. شاب ذو قامة ممشوقة، يملك وجهًا قويًا يكاد يعبّر عن صرامته، لكن في عينيه كان هناك نوع من الارتباك غير المتوقع. شعره الأسود الكثيف كان ينسدل برقة على جبهته، وعيناه الرماديتان كانت تلمعان بتحدٍ واضح. كان يشعر بحمل كبير على كاهله، فهذا الزواج لم يكن مجرد مسألة شخصية، بل كان مسؤولية لا يمكنه الهروب منها.
"لا مكان للكراهية بعد اليوم"، قال زعيم قبيلة شرف الدين، صوته جديٌ وصلب، وهو ينظر إلى قبيلة العدية التي كانت تحضر للمصالحة. "لقد كان لدينا ما يكفي من الدماء. اليوم، نضع حدًا لهذا الصراع بتضحية منّا جميعًا."
ثم التفت ناظره إلى ابنه، رعد، الذي كان ينظر إليه بحذر، وأشار إليه بلطف: "ابنك سيتزوج ابنة شرف الدين، وسيكون هذا بداية التحالف بيننا."
رعد لم ينبس ببنت شفة، لكنه شعر بثقل اللحظة. هل كان بإمكانه فعل ما كان يعتقد أنه مستحيل؟ هل يستطيع بناء علاقة مع من كانت قبيلته تكرههم أكثر من أي شيء آخر؟
أما ألماس، فقد كانت على استعداد للتحدي. هي لم ترغب في هذا الزواج الذي فرض عليها من أجل إنهاء نزاع قديم، لكن كان عليها أن تضع مصالح القبيلة أولاً. لم تكن تُحب فكرة أن تكون مجرد ورقة يتم تقديمها في صفقة سياسية، لكن لا خيار أمامها.
وقعت نظراتها على رعد، الذي كان يبدو باردًا. لا حديث بينهما، فقط الصمت الذي كان يتسرب بينهما كمياه راكدة.
"إذا كان هذا هو ما تريده القبائل، فسنفعل ما علينا، ولكن لن يكون هناك مكان للضعف في هذه العلاقة، ولا مجال للعاطفة" قالت ألماس بصوت حاد، وهي لا تستطيع أن تخفي مشاعرها.
رعد نظر إليها قليلاً، ثم أجاب: "لن يكون هناك ضعف في أي منا، ولكن الحذر سيكون سيد الموقف."
وتعالت أصوات القبائل بالتصفيق، معتبرةً الاتفاق بداية لمرحلة جديدة. بينما كان قلب ألماس ينبض بعنف، وكانت أفكارها تدور حول مستقبلها الذي أصبح مشتركًا مع رجل لم تلتقِ به إلا في هذه اللحظة.
الحرب قد تكون انتهت، لكن هذا التحالف لم يكن إلا بداية لصراع آخر، صراع بين القلوب.
---
YOU ARE READING
عشق على حدود الدم
Romanceتقديم في عالم حيث تكون الحدود بين القبائل هي الفاصل بين الحياة والموت، يلتقي الكره والحب في نقطةٍ واحدةٍ من التوتر والخطر. ألماس، ابنة زعيم قبيلة شرف الدين، تحمل في قلبها جرحًا عميقًا من الخيانة والحرب، بينما رعد، ابن زعيم قبيلة العدية، يظل محاصرًا...