بينما كانت القبائل تستعد للانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق، كان كل من ألماس و رعد يدركان أن هذه اللحظة، لحظة التحالف، ستكون أكثر تعقيدًا مما قد يتصوران. كانت نظرات كل منهما مليئة بالتحدي والغموض، لكن الأقدار قد قررت أن تضعهما تحت سقف واحد، لا مفر من ذلك.
بعد توقيع الاتفاق، تم تحديد موعد الزفاف ليكون في الأسبوع التالي. ألماس، رغم كراهيتها للظروف، كانت تعلم أنها لا تستطيع الهروب من هذا الواقع. قبيلتها بحاجة لهذا التحالف، وهذا الزواج هو الطريق الوحيد للخروج من دائرة الدماء التي لم تنتهِ بعد.
في اليوم الذي سبق الزفاف، اجتمع زعيم قبيلة شرف الدين مع زعيم قبيلة العدية لتمهيد الأرضية لتلك اللحظة التاريخية. "لا مجال للرجوع الآن، يجب أن نكون متحدين، على الأقل في الظاهر، إذا أردنا أن نستمر في حياة بعيدًا عن الصراع"، قال زعيم شرف الدين وهو يضع يده على قلبه، وكأنما يواسي نفسه على القرار المصيري الذي سيتخذه.
ألماس كانت قد انفصلت عن الجميع بعد تلك اللقاءات، وذهبت إلى خيمتها الصغيرة في الطرف البعيد عن مكان تجمع القبائل. كانت تقف أمام مرآتها، تتأمل ملامحها في انعكاس الضوء الخافت. كانت عيونها متعبة، وكأنما كانت تحاول إيجاد شخصيتها وسط كل هذا الزيف. "سأكون قوية... سأظل قوية"، همست لنفسها، لكن صوتًا في قلبها كان يخبرها أن الأمور لن تكون كما تتمنى.
وفي المقابل، كان رعد يراجع حساباته الخاصة. على الرغم من موقفه الثابت، لم يكن يستطيع أن يتجاهل ما بداخله من شكوك. كيف يمكن لشخصين من قبيلتين متحاربتين أن يكونا معًا في نفس المكان؟ خاصة في وقت كانت فيه خيوط المؤامرة تقطع بين الأرض والشرف. ومع ذلك، كان يعلم أن هذا الزواج ليس خيارًا، بل هو فرض مفروض عليه وعلى قبيلته.
الزفاف كان يشبه مهرجانًا، لكن في جوٍ من الخوف والحذر. كانت القبائل تحتفل كما لو كانت قد حققت انتصارًا كبيرًا، لكن تحت السطح، كان الجميع يعرف أن المصالحة لا تعني النهاية، بل البداية لمرحلة جديدة قد تحمل معها مزيدًا من التحديات. كان رعد و ألماس يقفان في صمت تام تحت مظلة واحدة، ينظر كل منهما إلى الآخر كما لو كان غريبًا عنه. لم يُقال الكثير بينهما، لكن كانت العيون تقول أكثر من الكلمات.
بعد مراسم الزفاف، كانت الخطوة التالية هي أن يقيم ألماس و رعد في نفس الخيمة، كرمز للاتحاد بين القبيلتين. لكنها لم تكن خيمة احتفالية، بل كانت مليئة بالصمت المتوتر. في البداية، لم يتبادلا الكلمات، كان كل منهما مشغولًا في التفكير بمصيرهما، كيف سيقضيان أيامهما القادمة معًا تحت سقف واحد.
ألماس قررت أن تكون قوية في وجه الظروف، ولكن لم تستطع إخفاء مشاعرها. كانت تراقب كل حركة من رعد، وكيف كان يبتعد عنها في كل فرصة. هو أيضًا كان يبتعد، يركز على المهمات الموكلة إليه، وكأنه لا يريد أن يُظهر أي ضعف أمامها.
وفي ليلة الزفاف، بينما كان الليل يخيّم بظلامه على الخيمة، حاول رعد أن يخفف من حدة التوتر بينهما. "سنكون تحت سقف واحد لوقت طويل، ألماس... لا أعتقد أن هذا سيكون سهلاً. علينا أن نضع خلافاتنا جانبًا."
أجابته ألماس بصوت منخفض، يكاد لا يسمعه: "لا أبحث عن الراحة، بل عن السلام... إذا كنت تسعى لذلك، فلن أكون عقبة أمامك."
وكانت تلك الكلمات بداية لفهم جديد بينهما، رغم أن كلاهما كان يخبئ مشاعر أكبر من مجرد كلمات. هل سينجحان في بناء شيء حقيقي من هذا التحالف المفروض؟ أم سيكون كل شيء مجرد لعبة للوقت؟
---
. في بداية الأمر، كانت العلاقة بينهما تتمحور حول الالتزام بالاتفاق فقط، لكن شيئا ما بدأ يتغير في الطريقة التي يتعامل بها كل منهما مع الآخر. رعد بدأ يرى في ألماس أكثر من مجرد زواج سياسي، بينما ألماس بدأت تدرك أن رعد ليس فقط عدواً مفروضًا عليها، بل شخص يحمل أعباءً ثقيلة قد تجعل منه حليفًا لا غنى عنه.لكن هل سينجح الحب في التسلل إلى قلوبهما؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.
---
YOU ARE READING
عشق على حدود الدم
Romanceتقديم في عالم حيث تكون الحدود بين القبائل هي الفاصل بين الحياة والموت، يلتقي الكره والحب في نقطةٍ واحدةٍ من التوتر والخطر. ألماس، ابنة زعيم قبيلة شرف الدين، تحمل في قلبها جرحًا عميقًا من الخيانة والحرب، بينما رعد، ابن زعيم قبيلة العدية، يظل محاصرًا...