الفصل الثالث

14 1 0
                                    


مرت الأيام ببطء، وبينما كانت الحياة تحت سقف واحد تزداد تعقيدًا، كان ألماس و رعد في موقفين لا يحسنان التعامل معهما جيدًا. فكل واحد منهما كان يحاول فرض مسافة بينه وبين الآخر، لكن قدرًا من الحرج بدأ يدخل بينهما مع كل موقف يواجهانه.

استفاقت ألماس في صباح أحد الأيام على صوت الرياح التي تهز الخيمة. لم تكن قد نامت جيدًا، كان ذهنها مشغولًا بتفكير متواصل عن تلك الليلة السابقة، وكيف أن كل شيء كان يبدو كأنه مجرد واجب. لكن هذا اليوم كان يختلف.

في المطبخ البدائي داخل الخيمة، كانت ألماس قد بدأت في تحضير الفطور. كانت حركات يديها سريعة وكأنها تحاول الهروب من التفكير في المواقف التي قد تحدث في هذا اليوم. لم يكن لديها أي نية لاحتساء الفطور بمفردها.

دفع الباب قليلاً، وإذا بـ رعد يقف في المدخل. كان شعره مبللاً بسبب العرق الذي تركه التدريب الصباحي، وكان يبدو متوترًا ولكنه يحاول إخفاء ذلك.

"هل... هل تريد أن تتناول الفطور؟" سألته ألماس بصوت خافت، وكان واضحًا في عينيها أنها تكره أن تبدأ اليوم بهذا الشكل، ولكن كانت في نفس الوقت ترغب في إظهار تعاطفها ولو للحظات.

رعد نظر إليها، وتفاجأ قليلاً. لم يكن يتوقع أن يتلقى مثل هذه الدعوة. بعد لحظة من الصمت، قال:
"لا أظن أنني بحاجة إلى أن أتناول شيئًا الآن، ولكن... إذا كنتِ قد أعددتِ شيئًا، لا مانع."

ألماس لم ترد عليه مباشرة، بل سكبت كوبًا من الشاي وأخذته بنفسها، ثم وضعت له كوبًا آخر على الطاولة.
"لن يؤذيك إذا جربت. ليس هناك ضرر من تناول شيء، صحيح؟" قالت بنبرة هادئة لكنها مشوبة بالبرود.

جلس رعد ببطء، وهو يتأمل تصرفاتها. كان يلاحظ أنها بدأت تظهر شيئًا من اللطف، ولكن في الوقت نفسه كان من الصعب عليه أن يقبل ما يشعر به نحوها. لم يكن هناك وقت للمشاعر الآن.

"هل تعتقدين أننا سنبقى هنا طوال حياتنا في هذا المكان، مع هذا التوتر بيننا؟" سأل رعد فجأة وهو يرفع نظره نحوها.

"أعتقد أننا لا نملك الكثير من الخيارات، أليس كذلك؟" ردت ألماس بابتسامة خفيفة، ثم أخذت رشفة من الشاي.

كانت تلك اللحظة واحدة من العديد من اللحظات التي بدأت فيها ألماس و رعد يفهمان أن هذا التحالف ليس مجرد اتفاق بين عائلتين، بل هو بداية لتغيير حقيقي في العلاقة بينهما.

بعد عدة أيام، قررت ألماس أن تشارك في تدريب القبيلة، رغم أن رعد كان يعلم أنها لا تحب فكرة القتال. كانت قد تعهدت بأنها ستكون قوة عسكرية تضاف إلى التحالف، لذا فإن الموقف الذي جمعهما في ساحة التدريب لم يكن أقل من مفاجأة.

عندما دخلت ألماس ساحة التدريب، ارتبك رعد لأول مرة. لم يكن يتوقع أن تشارك في هذه التدريبات القاسية. وكان يعلم أن مهاراتها القتالية قد تكون قوية، لكنه لم يكن مستعدًا أن يراها في مثل هذا الموقف.

"أنتِ هنا لتدريب الرجال؟" سأل رعد، وهو يرفع حاجبًا في استغراب.

ألماس، التي كانت ترتدي زي التدريب، نظرت إليه بثقة وقالت:
"نعم. إذا كان عليّ أن أعيش في هذا التحالف، يجب أن أكون قوية بما فيه الكفاية. لا أريد أن أكون عبئًا على أحد."

قالت ذلك وهي ترفع يديها استعدادًا للمشاركة في التمرين. حاول رعد أن يظهر اللامبالاة، لكنه لم يستطع تجاهل عزمها.

ثم بدأ التدريب. ألماس كانت تتمتع بمهارة لافتة، وبينما كانت تتدرب، قامت بحركة خاطئة وسقطت أرضًا فجأة. الجميع في الساحة توقفوا للحظة، بما في ذلك رعد.

"هل أنتِ بخير؟" سألها بقلق وهو يقترب منها.

ألماس نظرت إليه، ثم نهضت بسرعة.
"أنا بخير، لا داعي للقلق. فقط تعثرت." كان وجهها غارقًا في الخجل، ولكنها لم تكن لتسمح لنفسها أن تُظهر أي ضعف أمامه.

رعد نظر إليها بدهشة، لكنه قال في النهاية:
"أنتِ قوية، لكن الحذر أمر مهم. لا تفعلي ذلك مجددًا."

ردت عليه ألماس بتحدٍ:
"أنا لا أتراجع. فقط أريد أن أكون على نفس المستوى مع الجميع."

بينما كان التحالف بين شرف الدين و العدية في مرحلة تطور، كانت القبيلتان على وشك بناء تحالف طويل الأمد. زعيم قبيلة شرف الدين أصبح يشيد بتعاونهم، وزعيم قبيلة العدّية كان يولي اهتمامًا خاصًا لهذا الزواج، إذ اعتبره بداية لتوحيد القوتين.

ولكن، ومع كل خطوة نحو الاستقرار بين القبيلتين، كان ألماس و رعد يواجهان تحديات جديدة. زعماء القبيلتين كانوا قد بدأوا بالفعل في تنسيق السياسات المشتركة وتبادل البضائع، لكن تبقى هناك التوترات الداخلية التي كان يجب عليهما التغلب عليها.

بينما بدأ الأفراد في كل من القبيلتين يرون الفوائد التي ستأتي من تحالفهما، أصبح من الواضح أن العلاقة بين ألماس و رعد ستظل قيد التغيير، تطورًا وصراعًا، حتى تصبح أقوى مما يتصوران.

عشق على حدود الدمWhere stories live. Discover now