الفصل الثامن

14 0 0
                                        

في صباح اليوم الذي كان من المفترض أن تبدأ فيه المعركة، كانت الأجواء مشحونة بالتوتر والخوف. كانت قبيلة شرف الدين قد أكملت استعداداتها بالكامل، ووقف رعد مع بقية رجال القبيلة في ساحة المعسكر، يودعهم الجميع بأعين مليئة بالقلق. كانت ألماس تقف بعيدًا، تراقب الموقف عن كثب. قلبها كان يعتصر خوفًا على رعد، رغم أنها كانت تحاول إخفاء ذلك.

"لا تقلقي، نحن هنا لحمايتكِ." قال رعد، وهو يلاحظ التعب على وجهها، مدركًا تمامًا ما تشعر به.
لكن ألماس لم تستطع أن تخفي القلق في عينيها، فأجابته بصوت خافت:
"أنا لا أخاف على نفسي، بل أخاف عليك. لا تتركني."

كان هذا هو الوداع الصامت بينهما. كان التوتر في قلب ألماس يزداد مع كل خطوة يخطوها رعد بعيدًا عنها. وعندما اختفى في الأفق مع باقي الرجال، شعرت بأنها فقدت شيئًا عزيزًا، كأنها كانت تودعه للأبد.

مرت ساعات ثقيلة على ألماس، التي كانت لا تستطيع إخفاء قلقها. كلما سمعت صوتًا في المعسكر، قلبها كان يقفز في صدرها، حتى أقبلت الأخبار أخيرًا: رجال القبيلة في طريقهم إلى العودة. كان الخبر مريحًا، لكن ألماس لا زالت في مكانها، تنتظر على أحر من الجمر.

مع كل خطوة يقترب فيها رعد من المعسكر، كانت ألماس تشعر بارتياح عميق. لكن عندما دخلوا، لم يكن المشهد كما توقعته. كان هناك بعض الإصابات، لكنها كانت إصابات خفيفة فقط. رعد كان بين هؤلاء الذين عادوا سالمين، لكن جرحًا صغيرًا على ذراعه كان يثير قلقها.

"هل أنت بخير؟" كانت ألماس تراقب رعد عن كثب، وهي تقترب منه بخطوات سريعة.
"أنا بخير، لا تقلقي." رد رعد مبتسمًا، لكنه شعر بالراحة وهو يرى ألماس تهتم به بهذه الطريقة.

على الرغم من أنه كان يحاول إخفاء الألم عن نفسه، إلا أن إصابته كانت واضحة عليه. بدأت ألماس بمساعدته على الجلوس، وعينيها لم تفارقا جرحه، فيما كان يبتسم لها بشكل خافت. كانت لحظة تجمع بين القلق والمشاعر الصادقة، وكأن ألماس كانت تشعر أن حياتها تعتمد على سلامته.

في لحظة هادئة بعد أن تم علاج الجرح، كان رعد جالسًا على الأرض، محاطًا ببقية القبيلة، بينما كانت ألماس تراقب عن كثب. وكان الجميع في المخيم يتحدث عن المعركة وانتصارهم على قبيلة الرواد، لكن ذهن ألماس كان مشغولًا فقط بشيء واحد: رعد.

عندما اقتربت منه أخيرًا، وضعته يدها على ذراعه. كانت ألماس لا تعرف كيف تعبر عن قلقها، إلا أنها شعرت أن هناك شيئًا لا يمكنها إخفاؤه بعد الآن.

"أنت بخير؟ حقًا؟" سألته بنبرة حانية، وهي تحاول التأكد من أنه بخير تمامًا.
"أنا بخير، فقط لا تنزعجي." قال رعد، لكن لم يستطع إخفاء التوتر الذي كان في عينيه.

ولكن في تلك اللحظة، وفي حركة مفاجئة، كانت ألماس قد اقتربت منه أكثر، وألقت نفسها بين ذراعيه في عناق غير متوقع. كانت لحظة مليئة بالعاطفة، كما لو أن الزمن توقف من حولهما. كان رعد مترددًا في البداية، لكنه أغمض عينيه ببطء وأحاطها بذراعيه، متمسكًا بها كأنها الأمان الوحيد في هذا العالم المضطرب.
كان العناق بينهما يحمل الكثير من المعاني: الأمان، والطمأنينة، والحماية. لقد أدركا أنهما، رغم كل الظروف التي مرّا بها، أصبحا لا يستطيعان العيش دون بعضهما البعض.

عشق على حدود الدمWhere stories live. Discover now