لم تكن الأيام تمر بسهولة بين ألماس و رعد، رغم محاولات كل منهما لإبقاء المسافة بينهما. ومع مرور الوقت، بدأ تقاربهما يصبح أكثر وضوحًا، وكان هذا التقارب يأتي بأشكال مختلفة. بعضها كان محرجًا للغاية، وآخر كان مربكًا بما فيه الكفاية ليجعل كليهما يعيدان التفكير في العلاقة بينهما.في صباح يوم مشرق، قرر رعد أن يصطحب ألماس في جولة على الخيل. كانت هذه المرة الثانية التي يركبان فيها معًا، ولكن هذا الوقت كان مختلفًا. لم يكن الهدف فقط التمرين أو التدريب، بل كان هناك شعور غير مفسر يربطهما.
بينما كان رعد يقود ألماس عبر الساحة، بدأ يشعر بشيء غريب في داخله. كانت ألماس تجلس خلفه على ظهر الخيل، وبدت أكثر هدوءًا مما كانت عليه في المرة الأولى. كانت أصابع يديها تلامس ظهره بشكل غير مقصود كلما تحركت الخيل، مما جعل قلبه ينبض بسرعة.
وفي لحظة من التوتر، فقدت ألماس توازنها بسبب حركة مفاجئة للخيل، ودفعتها يد رعد بشكل غير إرادي لتستند إلى جسده. شعرت ألماس بتلامس أصابعه على كتفها، وشعر رعد بذلك أيضًا. في تلك اللحظة، توقف الزمن بالنسبة لهما. كانت الأيدي متشابكة، وكانت مسافة صغيرة تفصل بينهما، لكن تلك اللحظة كان فيها الكثير من المعنى.
"هل أنتِ بخير؟" سأل رعد بسرعة، وهو ينظر إليها بحذر."نعم، فقط تذبذبت قليلاً." أجابت ألماس بصوت هادئ، بينما حاولت أن تستعيد توازنها.
لكن قبل أن يستطيع أي منهما الرد أو فهم ما يحدث بينهما، كانت المسافة بينهما قد تقلصت، وبمجرد أن تراجعت ألماس عن تلامس يد رعد، شعر كلاهما بالحرج. لم يعرف أي منهما كيف يخرج من هذه اللحظة. لم يكن ذلك تلامسًا عميقًا أو ذا معنى واضح، لكنه كان مربكًا بما يكفي ليربك مشاعرهما.
"آسف... لم أقصد ذلك." قال رعد، محاولًا استعادة هدوئه، لكنه شعر بأن قلبه يخفق بسرعة أكبر مما هو طبيعي.
"لا بأس... كنتُ فقط غير متوازنة." ردت ألماس بسرعة، محاولة تغيير الموضوع لتخفيف الموقف المحرج.
مع مرور الأيام، أصبح تقاربهما أكثر وضوحًا. كانت ألماس و رعد لا يتحدثان عن مشاعرهم، لكن أفعالهم كانت تقول شيئًا آخر. وفي أحد المساءات، كانا يجلسان على الأرض في الخيمة، يشاركان طعام العشاء في صمت، وكان الضوء الخافت يأتي من المشاعل حولهما.
بينما كانت ألماس تأخذ لقمة من الطعام، وقع شيء على الأرض بالقرب منها. وبحركة تلقائية، انحنى رعد لالتقاطه في نفس الوقت الذي كانت فيه ألماس تنحني أيضًا.
كانت اللحظة مربكة، إذ تلامست أيديهما بشكل غير متوقع. شعر رعد بحرارة يدها، بينما كانت يد ألماس ترتجف قليلاً. كان هذا التلامس غير متوقع، فبدا وكأن الزمن توقف للحظة، وعادت الأنفاس للتسارع فجأة. كلاهما رفع يده بسرعة، كأنهما لم يستطع تحمل هذا اللمس البسيط.
"آسف، لم أقصد..." قال رعد بسرعة، وهو يبتعد قليلًا، محاولة لإخفاء أي مشاعر قد تكون ظهرت عليه.
"لا داعي للاعتذار." قالت ألماس بصوت خافت، لكن عينيها كانت تجنبان النظر إليه. كانت مشاعرها مختلطة، فهي لم تكن تعرف إذا كان هذا التلامس يعني شيئًا أكثر من مجرد حادث، أم أن هناك شيئًا أعمق بدأ يظهر بينهما.
كان الجو ثقيلًا بينهما، وكأن الهواء نفسه أصبح أكثر كثافة بسبب الموقف المحرج. لكن رغم ذلك، كان كلاهما يعلم أن هناك شيئًا غير مرئي بينهما ينمو، شيئًا يمكن أن يغير مجرى حياتهما، رغم أنهما لم يكونا مستعدين للاعتراف بذلك بعد.
في مساء آخر، بعد أن انتهيا من العمل اليومي، قررت ألماس أن تذهب إلى نبع الماء القريب لجلب الماء للقبيلة. لم يكن هناك أحد آخر في الظلام سوى رعد الذي قرر أن يرافقها. كانت الأضواء خافتة والليل عميقًا، فقط أصوات الخيول والهواء البارد يملأ المكان.
بينما كانا يمشيان معًا، تبادلوا حديثًا خفيفًا حول أمور القبيلة. لكن ما لم يتوقعه رعد هو ما حدث حين بدأ الظلام يعم المكان. فجأة، وهو يقف بالقرب منها، اختل توازن ألماس بسبب تعثر قدمها في حجر. وفورًا، كان رعد بجانبها ليمسك بها.
"هل أنتِ بخير؟" قالها بصوت قلق، لكنه شعر بيده وهي تلامس جسدها لحظة أن التقطها. كانت يداه قويتين حول خصرها، ولكن كما لو أن الوقت توقف، لم يعرف ماذا يفعل. كانت ألماس تبتعد عنه بلطف، ولكن رغم محاولتها، كانت المسافة بينهما ضئيلة جدًا.
في تلك اللحظة، كانت عيون رعد تبحث في عيونها، ولم يشعر بأي شيء سوى الحرارة التي كانت تنبعث منهما معًا.
"أنا بخير." قالت ألماس بصوت خافت، ملامح وجهها تبدو غير واضحة في الظلام، لكنها كانت تتجنب النظر إليه.
لحظات من التوتر والصمت كانت تملأ الجو بينهما، قبل أن يبتعد رعد بخفة، قائلاً:
"لن تتعثرين مجددًا، أليس كذلك؟""أظن أنني قد تعلمت درسًا." قالت ألماس مع ابتسامة هادئة، لكنها كانت تشعر بشيء جديد يبدأ في التسلل إلى قلبها، شعور كان يتناقض تمامًا مع كبريائها.
YOU ARE READING
عشق على حدود الدم
Romanceتقديم في عالم حيث تكون الحدود بين القبائل هي الفاصل بين الحياة والموت، يلتقي الكره والحب في نقطةٍ واحدةٍ من التوتر والخطر. ألماس، ابنة زعيم قبيلة شرف الدين، تحمل في قلبها جرحًا عميقًا من الخيانة والحرب، بينما رعد، ابن زعيم قبيلة العدية، يظل محاصرًا...