في اللحظة التي عبرت فيها ياسمين البوابة الصغيرة داخل المسجد، شعرت بشيء غريب يتسرب إلى داخلها، وكأنها دخلت إلى عالم آخر. لم تكن هي وحدها من دخل هذا المكان، كان هنالك شيء غير مرئي يراقب كل حركة تقوم بها. المكان كان غريبًا تمامًا عن أي مكان زارته في غرناطة، كان الجو مشبعًا برائحة العطور القديمة والأخشاب المعطرة، ومضاءً بخيوط ضوء خافتة، وكأن الوقت قد توقف هناك.
داخل المكان كان هناك صمت غريب، لا يُسمع سوى صوت تنفسها. كانت جدران الغرفة مصنوعة من الحجر البارد الذي يغطيه الزخرف بألوان باهتة، وعليها نقوش عتيقة تروي قصصًا لا تفهمها ياسمين. وبينما كانت تقترب من الزاوية البعيدة حيث تجد ما كانت تبحث عنه، شعرت بنظرات، وكأن هناك من يراقبها عن كثب.
مباشرةً أمامها، كانت هناك طاولة صغيرة، مغطاة بخرقة قديمة. على الطاولة، كانت هناك قطعة حجرية ضخمة، تشع منها طاقة غير مرئية. عندما اقتربت منها، شعرت بشيء يتغير في الجو من حولها، وكأنها كانت تفتح بابًا إلى شيء آخر.
ومع أول لمسة لها للحجر، اهتز المكان بشكل مفاجئ، كأن الأرض تحت قدميها بدأت تبتعد. ثم، فجأة، تم فتح باب مخفي في الجدار، يخرج منه ضوء أزرق ساطع، وعندما تراجعت ياسمين إلى الوراء، شعرت بشيء قوي يمسك قلبها وكأنها دخلت إلى بعدٍ آخر، حيث الزمن والمكان لا معنى لهما.
وفي اللحظة التي كانت تحاول فيها الابتعاد، شعرت بشخص آخر في المكان. التفتت بسرعة، لكن ما رأت كان مفاجئًا، شخص مجهول يرتدي عباءة سوداء، وجهه مغطى بغطاء، لكن عينيه كانتا تلمعان بشدة. لم يكن هنالك أي أثر للحياة في هذا الكائن، كما لو كان روحًا لا تنتمي إلى هذا العالم.
"أنتِ هنا إذًا..." قال بصوت منخفض، حيث كان الصوت يرن في أذنها بشكل غير طبيعي. "أنتِ ابنة عبد الله، أليس كذلك؟"
كان السؤال يتنقل في قلب ياسمين بسرعة، كان يعلم من هي، وكان لديه سر قديم يخفيه عن الجميع. من هذا الشخص؟ وكيف يعرف من تكون؟
"ماذا تريد مني؟" قالت ياسمين، محاولًة السيطرة على نفسها.
أجابها بصوت عميق: "أنتِ لستِ هنا صدفة. هناك شيء ينتظركِ في هذا المكان، شيء لا يجب أن يكون في يد أي شخص. ولكنكِ أنتِ فقط من يمكنه كشفه."
ثم أضاف: "هل تعلمين أن ما تبحثين عنه قد يكون أكبر بكثير مما تتصورين؟"
قبل أن تتمكن ياسمين من الرد، شعروا جميعًا بهزة قوية، واهتزت الجدران من حولهم، وكأن الزمان قد اختلط بالمكان. بدا أن كل شيء في المكان قد بدأ يتغير، والجدران كانت تنفتح شيئًا فشيئًا، وكأنها تكشف عن سر قديم كان مخفيًا لآلاف السنين.
"يجب أن تذهب الآن." قال الرجل بصوت جاد.
لكن قبل أن تتمكن ياسمين من مغادرة الغرفة، بدأت الظلال تتحرك، كانت تتحرك بشكل غير طبيعي، كما لو كانت الكائنات نفسها هي من تتحكم في المكان. كانت هناك طاقات غريبة تحيط بها من كل جانب، وكأنها دخلت إلى مكان خارج الزمان والمكان. كانت الأبواب تتحرك، والأرض تتغير تحت قدميها، وكل شيء أصبح غير واضح.
لكن فجأة، اختفى الرجل الغريب كما لو لم يكن موجودًا من الأساس، تاركًا ياسمين في المكان الغريب.
كل شيء من حولها أصبح ضبابيًا، وكأنها الآن في مكان مختلف تمامًا، حيث الزمن لا يسير بالطريقة المعتادة.
ماذا كان يعني بكلامه؟ وما الذي كانت تخفيه جدران هذا المكان؟
أنت تقرأ
ظل الاندلس
Короткий рассказفي عام 1491م، قبل عام من سقوط غرناطة، تجد ياسمين، الفتاة النبيلة من عائلة مرموقة في غرناطة، نفسها في قلب المؤامرات السياسية والخيانات المشتعلة داخل المدينة. عثر والدها على خريطة سرية تقود إلى كنز يحتوي على أسرار علمية وفنية قد تغير مصير الأندلس. ولك...