بينما كانت الصخور تتحرك ببطء، انفتحت الفتحة أمامهم لتكشف عن ممر ضيق ومعتم. كان ضوء الشمس الذي تسلل عبر الفتحة يكاد يضيء الطريق أمامهم، ولكنه لم يكن كافيًا لتحديد ما ينتظرهم داخل ذلك الممر المظلم. كانت ياسمين تشعر بارتجافة طفيفة، لكن عزمها كان أقوى من أي خوف يمكن أن يعتريها.
"هذا هو الطريق"، قالت بصوت منخفض، كأنها تخاطب نفسها أكثر من أي شخص آخر، "لقد وصلنا إلى ما كان يبدو مستحيلًا."
تقدم الفريق واحدًا تلو الآخر، وهم ينظرون بحذر إلى الممر الذي يمتد أمامهم. كانت الصخور حولهم تعكس صمتًا غريبًا، كأنها تخفي وراءها أسرارًا لا يمكن للزمن محوها. الممر كان ضيقًا للغاية، مما جعل الجميع يضطرون للانحناء قليلاً بينما كانوا يسيرون في حذر. ولكن كلما تقدموا، شعروا بشيء غريب في الجو؛ وكأن المكان كان ينبض بالحياة، وكأن هناك شيء أو شخص يراقبهم.
وبينما كانوا يتقدمون، بدأ الممر يتسع تدريجيًا حتى وصلوا إلى غرفة كبيرة. كانت الغرفة مظلمة للغاية، ولكن هناك نوعًا من اللمعان كان يخرج من قلبها، كما لو أن الجدران نفسها كانت تعكس الضوء بطرق غير مألوفة. كان هناك هدوء قاتل في المكان، وكأن الزمن قد توقف هناك.
في وسط الغرفة، كان هناك تمثال ضخم، تمثال لفرسان يرتدون دروعًا قديمة ويحملون سيوفًا معقوفة. كانت تفاصيل التمثال مذهلة، حتى أن ياسمين شعرت كما لو أن الفارس في التمثال كان على قيد الحياة. كان وجه الفارس محاطًا بالتفاصيل التي تكاد تروي قصة تاريخية، وتحت قدميه كانت هناك لوحات حجرية مكتوب عليها نصوص قديمة.
"هذه هي الحقيقة، هذا ما كنا نبحث عنه." قالت ياسمين بصوت منخفض، بينما اقتربت من التمثال وبدأت تتأمل النقوش الموجودة على اللوحات الحجرية.
أخذت ياسمين نفسًا عميقًا، وبدأت تدرس النصوص بعناية. كانت اللغة قديمة جدًا، ولكنها تعرفت على بعض الكلمات التي سبق لها قراءتها في النصوص التي اكتشفتها سابقًا. كانت النقوش تشير إلى تاريخ طويل من الصراع، حيث كان هذا التمثال يمثل آخر دفاع للأندلسيين ضد الغزاة، والذين حاولوا تدمير كل ما كان يمثل حضارتهم. كانت هناك إشارة إلى أن هذا المكان كان يحتوي على "مفتاح العودة"، والذي كان يعني بداية جديدة للمدينة، استعادة لمجد قديم.
"لقد كانوا هنا، هؤلاء الذين حاولوا حفظ سر الأندلس. هذا التمثال هو الشاهد على كل شيء." قالت ياسمين وهي تشير إلى التمثال. "لكن هذا المكان، وهذا السر، يبدو أنه لا يتعلق فقط بالعودة إلى الماضي، بل هو أيضًا بداية لفصل جديد في تاريخنا."
فجأة، بدأ التمثال يتحرك بشكل غير متوقع. كانت ياسمين والآخرون يراقبون بذهول. كانت هناك أصوات غريبة، وكأن الصخور نفسها كانت تتحرك. ومع الحركة، بدأ التمثال يفتح فمه، كأنما يتنفس من جديد، ليظهر داخل فمه صندوق صغير، كان مضاءً بضوء خافت.
اقتربت ياسمين ببطء، وكانت يدها ترتجف عندما لمست الصندوق. كانت تدرك أن هذا الصندوق يحتوي على شيء حاسم، شيء قد يغير كل شيء. فتحت الصندوق بعناية، وداخلها كانت هناك ورقة قديمة جدًا، ورقة مكتوبة بخط اليد. كان النص مكتوبًا بلغة كانت غريبة، لكن ياسمين استطاعت الترجمة من خلال معرفتها القديمة.
"الذين سيجدون هذه الورقة، عليهم أن يتحدوا في مواجهة العدو الأكبر. ما خُفي عنهم سيُكشف قريبًا، ولكن الطريق سيظل محفوفًا بالمخاطر. على من يعثر على هذا السر أن يختار بين البقاء في الظل أو الخروج إلى النور، لأن الحقيقة ستكون أكبر من قدرتهم على تحملها."
قرأت ياسمين النص بصوت مرتفع، وكانت كلماتها تتردد في أرجاء الغرفة. كانت تلك الكلمات تحمل تحذيرًا، وكان هناك شيء في قلب ياسمين يخبرها أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. كان هذا الاكتشاف مجرد بداية.
بينما كانت تفكر في معنى الكلمات، لاحظت شيئًا آخر داخل الصندوق. كان هناك مفتاح قديم جدًا، وكان يبدو كأنه لا ينتمي لهذا الزمان. كان المفتاح مصنوعًا من المعدن، وقد أُحيط به العديد من الرموز الغريبة التي لم تستطع تفسيرها على الفور.
"هذا المفتاح... يجب أن يفتح شيئًا آخر، شيئًا أكبر مما نعتقد." قالت ياسمين بلهجة حاسمة.
"إذن، ما الذي يجب علينا فعله الآن؟" سأل أحدهم، بينما كان الجميع يراقبون ياسمين.
"نعود إلى المدينة. المفتاح هذا ليس مجرد أداة مادية، بل هو جزء من شيء أعمق. نحتاج إلى فهمه بشكل كامل." قالت ياسمين، وهي تقبض على المفتاح بكلتا يديها. "ما بدأناه اليوم، هو فقط بداية الطريق. يجب أن نكون مستعدين لما هو قادم."
بخطوات متثاقلة ولكن حاسمة، بدأت ياسمين والمجموعة في العودة عبر الممر الضيق، والأفكار تتدفق في أذهانهم حول ما سيحدث عندما يعودون إلى غرناطة. كان المفتاح في يد ياسمين، وكان السر الذي اكتشفوه سيغير كل شيء.
أنت تقرأ
ظل الاندلس
Truyện Ngắnفي عام 1491م، قبل عام من سقوط غرناطة، تجد ياسمين، الفتاة النبيلة من عائلة مرموقة في غرناطة، نفسها في قلب المؤامرات السياسية والخيانات المشتعلة داخل المدينة. عثر والدها على خريطة سرية تقود إلى كنز يحتوي على أسرار علمية وفنية قد تغير مصير الأندلس. ولك...