الفصل الخامس عشر : لآخر نفس ♥️

107 5 14
                                    

إنه لن يتوقف عن الحرب التي أعلنها بداخله لأجلها ، كنت سأكون سعيدة لو كانت لأجل أي أحد آخر غيرها ، تلك الفتاة التي غيرت مصيري الذي افترضته معه ، بعدما ترك خطيبته وأخيراً وحسبت أن جهودي أفلحت ظهرت تلك الفتاة من العدم ؛ لتأخذه لها ببساطة ..
هل سمعتم عن الهوس ؟! ، حبي له تخطاه .. ذلك الكابتن الذي أخذ قلبي قبل ثلاثة أعوام حتي تركت حياتي في القاهرة وأتيت وراءه ، لم أفلح في العمل في شركته ولكنني لم أتنازل عن وظيفة في شركة والده.. حتي حالفني الحظ وتوالت زياراته لوالده في الشركة ، حاولت وقتها أن أعبر له عن مشاعري ولكنني اصطدمت بخبر خطبته من جميلة.. تلك التافهة !، شعرت وقتها بالجنون.. هل بعد كل ما خسرته لأجل اقترابي منه سأفقده ؟! ، ماذا ستفعلين لو كنتِ مكاني ؟!.. حقيقة لا أعرف ماذا كنت ستفعلين.. ولكنني.. صادقتها حتي ظن الجميع أنها أختي بالدم !.. ومن هنا لعبت لعبتي.. ومع قليل من الهمس في أذنيها جعلتها تطلب منه الانفصال بعد شهر واحد ! .. أنا رائعة أليس كذلك ؟!.. كل شيء أصبح بخير وذلك العجوز أخيراً ترك الإدارة له.. وكأن كل شيء يسير في الطريق الذي أريده.. لأستطيع إيقاعه في غرامي.. والآن جاء ببلهاء أخرى لتكون مكانها ؟! ، ذلك الأحمق الذي أحببته أيحسب أنني سأتركه لغيري ؟! ، لن يحدث هذا.. حتي لو اضطررت لقتلها !، كل شيء مباح في الحرب والحب.. ألست محقة ؟!
ابتسمت بهدوء وأعين لامعة وهي تتأمل صوره المعلقة على جدران شقتها التي تعيش فيها وحيدة ، وكأنها كانت ملازمة له طوال الرحلة ، وبعدها أخرجت خط غير مسجل ووضعته في هاتفها ، ثم أرسلت له رسالة بالإنجليزية محتواها..
" سلطان لن ينفعك بشيء يا عزيزي.. لا تبحث عني بعيداً.. أنا أقرب لك حتي من خيالك.. "
ثم أخرجت الخط وبحركة سريعة كسرته بعدما تأكدت من وصول رسالتها إليه ، قبل أن تتعالى ضحكاتها الساخرة..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
هل سمعتم عن الأمان ؟!.. بالتأكيد سمعتم عنه هذا طبيعي.. هل رأيتموه إذا ؟!.. أنا رأيته.. في كل مرة ابتعدت فيها عن طريق الله وأعادني هو - جل جلاله - إلي الصراط المستقيم ، في كل مرة لجئت إليه ولم يخذلني.. ، ورأيته حينما قابلني به.. ، رحمة ربي الواسعة جعلته رفيق روحي ، وسط طرقات الحياة الكئيبة أرسله حبيبي ليكون حبيبي .. رحمة لقلبي ونوراً لدربي..
...........
وصل حسام إلى المكان قبل أن يصلوا ، وجلس ينتظرهم بعجب.. لا يفهم ما الذي يحدث ، في اللحظة التي وصلت فيها چنان ، رأته جالساً وحده فاستدارت على عقبيها ولكن قبل أن تهرب رأت خديجة ومحمد أمامها ، قالا :
_ على فين ؟!..
نظرت إليهما باستفهام عما يحدث وانتبه إليهم حسام ، فتحرك بسرعة ؛ ليقف بجوارهم ، قالت چنان :
_ هو فيه إيه ؟!
أجابتها صاحبتنا بغيظ من غباءها ، لا تريدها أن تفقد شخص يحبها كحسام.. وجميعهم يعرفون أنه يحبها :
_ كل خير.. عايزين نتكلم..
قال حسام بتوسل :
_ آه والله.. عايزين نتكلم..
_ هنتكلم في إيه ؟!
سألت چنان مجدداً ، فأجاب محمد :
_ في موضوعكم..
وافقه حسام :
_ أيوه.. في موضوعنا.. إحنا كنا ماشيين كويس مش عارف إيه إللي حصل .. بيبي إحنا أكيد اتحسدنا ..
قال جملته الأخيرة بسخرية مشوبة بعجب ؛ فقالت بغيظ :
_ شايفين كلامه !
وكزه محمد ، قائلاً :
_ ميقصدش .. ممكن نقعد نتكلم بالعقل ؟!
قالها محمد ونظروا جميعهم إلى حسام ، فنظر حوله وقال بسخرية :
_ ده على أساس ان أنا المجنون الوحيد اللى فيكم ؟!
_ تقريباً كده..
_ اخص!.. وأنا اللى فاكرك صاحبي ؟!.. لأ بقولك إيه انت تحدد موقفك معايا بالظبط.. لازم تقف في صفي .. ده حتي الرجال للرجال يعني.. وألا أكلم ريان ؟!
قالت خديجة باستفسار :
_ انت ناوي خير..؟!
_ كل خير..!
_ خلاص أنا في صفك..
_ الله يكرم أصلك..!
_ خديجة ؟!
قالتها چنان بعجب؛ فأجابت :
_ ما هو تلاته على واحد كتير بصراحة..
زفر محمد بيأس ، وهو يدرك أنهم جميعهم مجانين وليس حسام وحده ، ثم قال بعصبية مكتومة وهو يشير إلى إحدي الطاولات :
_ طيب أنا هستناكم.. وقت ما تكونوا جاهزين كلموني..
لاحظوا موقفهم الغريب وسط المطعم ؛ فتحركوا وراءه وجلسوا خديجة أمامه وچنان أمام حسام الذي لم يستطع منع نفسه من تأملها بشوق.. آه لو تعلم تلك الفتاة كيف وإلى أي حد أحبها ، ما كانت ظنت به الظنون..!
بدأت چنان دفة الحوار :
_ أستاذ حسام..!
قاطعها بغيظ :
_ من غير أستاذ .. متقفليهاش في وشي من أول ثانية.. أنا لا عمري كنت أستاذ و لا اعرف حاجة عن التدريس..!
_ طيب.. كابتن حسام..
_ باردو من غير كابتن.. أنا مليش علاقة بالكورة أساساً.. دول حتى مشغليني في النادي شفقة.. وفي القناة كوسة..
ضحكت خديجة وكبح محمد ضحكته بصعوبة ؛ فسألت چنان بغيظ مضاعف :
_ أمال أناديك بإيه..؟!
_ حسام.. ح.. س.. ا.. م.. أربع حروف.. وفي خمس حروف تانيين هموت واسمعك تناديني بيهم..
_ دي صراحة وألا وقاحة..؟!
أجاب ببرود :
_ الاتنين صراحة ووقاحة..
_ حسام..؟!
صاح بانتصار :
_ الله أكبر !.. نقرا الفاتحه بقى.. !
ضحكا محمد وخديجة رغماً عنهما وتملك الحرج من چنان التي كبحت ضحكتها بصعوبة ، لاحظ حسام لينها فقال بجدية :
_ طيب بجد بقى.. ممكن أعرف انتي رفضاني ليه ؟!
_ عايز الصراحة ؟!
قالتها هي الأخرى بجدية ؛ فأجاب برجاء بينما لاذا محمد وخديجة بالصمت تاركين لهما فرصة للحديث :
_ ياريت.. !
_ بص يا أستاذ حسام.. انت انسان كويس ..
_ يووه!
صاح حسام متذمرا من إصرارها على كلمة أستاذ وفرض الحدود بينهما ؛ فقالت :
_ شفت ؟!.. هي دي المشكلة.. انت عايز كل حاجة على مزاجك.. لمجرد انك عايزها..
_ وايه المشكلة في كده ؟!
_ المشكلة إنك تقدر تعمل كده مع البيوت .. مع العربيات مش مع البني آدمين.. خاصة في الجواز..
نظر إليها حسام بذهول من أفكارها الغريبة.. لا يعلم من أين تأتيها هذه الأفكار ؟!، فلم يتركها إلي أفكارها وتنهد بعمق قائلاً بصراحة :
_ وانتي ليه حاسباها كده ؟!.. منكرش اني لما بحط حاجة في دماغي بعملها.. بس انتي مش مجرد حاجة عايزها.. مش زي البيوت ولا العربيات.. أنا متمسك بيكي.. ومعرفش لتمسكي بيكي ده سبب تاني غير إني بحبك..
رمشت بتفاجؤ ، كان اعترافه المباشر لها بمشاعره أشبه بإعصار اجتاجها.. ولو أن هذا الوصف لا يضاهي ما تشعر به الآن وهي تنظر إلى ذلك الإصرار في عينيه وصدره يعلو ويهبط باضطراب ، بينما كبحت خديجة ابتسامتها وكأنها تشاهد فيلماً رومانسياً، تمتم محمد بعدم تصديق :
_ ابن الزهيري وقع.. فينك يا كريم انت وريان تشوفوا اللي أنا شايفه ؟!
بينما چنان تمالكت مشاعرها وسحبت نظراتها بعيداً عنه قائلة بتلعثم :
_ الحب مش كل حاجة.. وبعدين انت شخصيتك غير شخصيتي.. ويمكن متكونش بتحبني.. يمكن تكون معجب بيا ومع الوقت الإعجاب ده هيروح..
قال ببعض الغضب :
_ وأنا مش عيل مراهق.. علشان معرفش أفرق بين الاعجاب والحب.. عارف ان شخصيتي غير شخصيتك وعارف إنك عمرك ما اختلطتي بالشباب وتعاملك بحدود.. وأنا مجرد شاب مستهتر كل يوم بيصاحب واحده.. بس يمكن ده تحديداً اللى خلاني متأكد انك غير أي واحدة عرفتها.. واللى بحسه نحيتك جديد تماماً عليا..
تمالك أعصابه ، وقال :
_ أنا من كام شهر بالظبط كنت بقول مستحيل اتجوز.. أنا كده حر.. ملك زماني.. من غير مسؤليات ولا زن.. لحد اللحظة اللي رميتي فيها نفسك قدامي وخدتي الضربة بدالي.. لحد اللحظة اللى فتحتي فيها عنيكي في المستشفى وشفتهم .. لحد اللحظة اللي خفت فيها عليكي أكتر من نفسي.. لحد ما بقى وجودك جمبي كل اللى عايزه من حياتي.. لحد ما لقيت نفسي مش قادر أبص لأي صيغة مؤنث غيرك.. حتي لو قطه معدية من جنبي في الشارع.. لحد ما لقيتك بتاخدي مكان جنب أمي وكارما في قلبي بعد ما حلفت ان ده مستحيل يحصل .. بقيت مستعد أعمل أي حاجة وتبقى مراتي.. مستعد أبقى ضهرك وحمايتك بعد ربنا.. مستعد أتغير.. أنا أصلا بدأت أتغير.. أنا يمكن لسه في البداية ويمكن ضعيف.. علشان كده أنا محتاجك تاخدي بإيدي .. انتي بالذات.. لما سمعت حديث سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام لما قال ان الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة.. حسيت أنه يقصدني.. حسيت أنه بيقولي انت محتاج ده.. أنا محتاجك تاخدي بإيدي من كل القرف اللي أنا فيه.. وأنا كلي نية إني أتغير.. ده ربنا بيسامح وبيعين العبد على التوبة.. وأنا أوعدك أكون لك نعم الزوج.. هساعدك أنا كمان على طاعة ربنا.. هساعدك في شغلك.. هشاركك شغل البيت.. حتي الأطفال هشيل مسؤليتهم معاكي.. هسهر معاكي عليهم.. وأصلا مجرد فكرة إنك تكوني ام ولادي حلم.. أنا مش مكسوف أقولك كل ده.. مش مكسوف أفضل اتحايل عليكي لحد ما ترضى .. حتي لو قضيت العمر كله بتحايل عليكي..
_ ......... !
فلينقذها أحد من طرقات قلبها العالية والتي تكاد تصبها بالاختناق بعدما فقدت أنفاسها إثر كلماته الصادقة ونظراته العميقة ، أما خديجة ابتسمت وقد أدركت أن حسام لا يحتاجها وكذلك لا يحتاج محمد ليصل إلى قلبها ، وتراهن أن صديقتها قد وقعت في غرامه هي الأخرى ولكنها لا تزال تكابر ، ونظرت إلي محمد الذي نظر إليها بابتسامة ونظرة ذات معني وكأنه قرأ ما في رأسها ويوافقها عليه ، في حين همست چنان بنبرة مختنقة من فرط مشاعرها :
_ كلامك كله حلو يا أستاذ حسام .. مش هنكر.. بس أنا مبآمنش بالكلام ..
تنهد ، وقال بإصرار :
_ وأنا هثبتلك إنه مش مجرد كلام.. انتي بس اديني فرصة..
نظروا جميعاً إليها في ترقب لردها ، وبعد لحظات أجابت :
_ هنشوف..
انفرجت أساريره ،وسألها بلهفة :
_ يعني وافقتي ؟!
أجابته بحزم :
_ لسه.. بس هفكر..
_ خدي وقتك.. أنا معاكي لآخر نفس فيا..
ابتسمت بحياء حينما قاطعهما محمد لمشاكسته :
_ آه يا عم الرومانسي.. طب ما انت حلو اهوه وحنين..
التفت الآخر إليه وكأنه أدرك للتو أنهما لا يزالا جالسين معهما على نفس الطاولة ، بعدما نسي نفسه بالفعل أمامها ، وقال بابتسامة غيظ :
_ أبو الصحاب انت لسه هنا ؟!..
_ آمن بالله أنا لو أعرف إنك هتقلب على عبد الحليم حافظ كده كنت صورتك وفضحتك على الجروب..
_ استر عليا ربنا يستر عليك.. !
قالها حسام بدرامية مضحكة ؛ فتعالت ضحكاتهما رغماً عنهما بينما اكتفت خديجة بوضع يدها على فاهها وهي تبتسم و كذلك چنان ، ثم جاءت لمحمد فجأة رسالة من رقم غريب ، فتحها قبل أن تتحول ملامح وجهه إلي الصدمة من محتواها الذي لم يكن إلا سطراً واحداً مليئاً بالالغاز ، وقبل أن يشعر به أحد نهض مبتعداً عنهم وهاتف طه الذي أجابه بنبرة لاهثة :
_ محمد..
_ إيه الأخبار يا طه ؟!
_ ملحقنهوش يا محمد.. سلطان فص ملح وداب.. وفي خبر تاني .. في عربية خبطت مصطفي قبل ما يدخل الكافي.. مش حادثة.. في حد قصد يموته.. الناس نقلوه للمستشفي بين الحياة وبين الموت.. وأنا خلعت أنا والرجالة من المكان من غير ما حد يحس..
تلقى محمد الصدمة ولكنه لم يظهر ردة فعله كي لا يقلق خديجة ، ولكنه سأل :
_ طيب ارجع انت والحرس.. وسيب واحد يوصللي أخباره من بعيد لبعيد.. اوعي يكون الكاميرات جابتكم..
_ متقلقش.. كنا واقفين بعيد عن مكان الحادثة علشان سلطان ميشكش .. قبل ما يهرب..
قال طه جملته الاخيرة بحسرة قبل أن يضيف :
_ أنا آسف يا محمد ملحقتهوش بعد ما هرب من الباب التاني.. والواضح ان في حد حذره وكشف مصطفى..
تنهد محمد بفكر مشوش :
_ متعتذرش يا طه انت عملت إللي عليك..
أغلق معه المكالمة وعاد في التفكير بوجه متجهم في صاحبة الرسالة التي أقرب إليه من خياله كما كتبت !
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
صدمة كبيرة سيطرت عليه بعد ما سمعه منها ، رغم أنه بحث عنها لأيام و قاد مسافة طويلة لسماع الحقيقة ، لم يكن يعلم أنه سيواجه أكبر تحول في حياته ، ورغم صعوبة تصديق ما سمعه على نفسه صدقه ؛ ولهذا سأل بصدمة :
_ انتي بتقولي إيه ؟!
تنهدت حبيبة بعمق لاعنة غباءها لأنها أطاعت قلبها ولم تكن تعلم بأي هاوية تقذف نفسها قبل أن تكتشف حقيقة من أحبته ، والتي كان دائماً يحذرها آدم منها :
_ فاكر لما حذرتني منه قبل كده.. كان عندك حق.. وكان لازم أصدقك.. بس أنا كنت مغيبة.. حتي مصدقتش إلا لما الدكتور معرفة الست هانم قال قدامي ان الدوا متبدل.. بدل ما يعالج الخرف بيسببه..
كان آدم لايزال صامتاً لا تتبين من ملامحه الجامدة ان كان صدقها أم لا ، إنها تحتاج إلى أي رد فعل منه وللحظة ندمت على إخباره بالأمر ولكن خوفها على سيدها جبرها أن تفعل ، قلبها لا يطمئنها بشأنه.. بعد لحظات سألته بترقب :
_ آدم بيه.. صدقني والله هي دي الحقيقة.. لو مش مصدقني أنا مستعدة أحلفلك على المصحف ان هي دي الحقيقة..
بعد لحظات طويلة قتلها فيها صمته ، قال بنبرة مختنقة :
_ انتي عارفه إيه المشكلة ؟!..
ثم نظر إليها بأعين دامعة ، وأضاف :
_ إن أنا مصدقك..
لانت ملامحها المرتعبة قليلاً ، وأردف بحزن عميق :
_ عارف ان محمود ممكن يعمل أي حاجة علشان الفلوس.. وأمي ممكن تعمل أي حاجة علشان تحميه..
زي ما كمان عارف أنه إللي حصل لبابا الفترة الأخيرة مش طبيعي.. حتي الدكتور بتاعة مستغرب.. إزاي بعد ما حالته استقرت واستجاب للعلاج حالته تتدهور تاني للأسوء.. واللي إنتي قولتيه.. هو إجابة السؤال..
تنهدت بأسى :
_ سامحني يا آدم بيه.. أنا مصدقتش حضرتك .. آسفه إني حبيت واحد حيوان.. ميعرفش حاجة عن الإنسانية.. بس أنا والله مكنتش أعرف..
نظر إليها ولم يستطع منع نفسه من أن يسألها بغيرة :
_ هو.. ملمسكيش.. صح ؟!
نظرت إليه ، قائلة بغضب وجفون متحرقة إثر دموعها التي تجمعت في عينيها :
_ لأ طبعاً.. مش معني إني بحبه أسلمله نفسي.. أنا أساسا كنت بزن عليه علشان يكلم أمي ونتجوز.. وهو كان بيقولي إنه مستني أبوه يقوم بالسلامة.. قبل ما اعرف إللي عمله .. واعرف إنه كان بيستغلني علشان أحط العلاج للبيه..
ارتاح قلبه قليلا ، وسأل مجدداً :
_ طيب ودلوقتي.. لسه بتحبيه ؟!..
انزلقت دموعها وقالت بغضب :
_ منكرش اني بحبه ومش سهل أكرهه.. بس اليوم إللي يفكر قلبي يعصى عليا ويرجعني ليه.. مش هتردد إني اطعنه بسكينتي وأموت نفسي قبل ما أميل ليه.. صح هو أول حب في حياتي.. بس أعتقد آن الأوان إني أركن قلبي على جنب واستخدم عقلي..
ساد الصمت عليهما مجدداً إلي أن نهض فجأة ؛ فسألته:
_ ناوي تعمل إيه ؟!
نظر إليها للحظات قبل أن يقول بملامح مرعبة :
_ ناوي آخد حق أبويا ..
نظرت إليه يتحرك بغضب ، قبل أن يتوقف ويعود إليها ، نظر في عمق عينيها ، قائلاً ببطء :
_ لو اختفيتي تاني.. هعرف أجيبك.. لو في آخر الدنيا يا حبيبة..
لم تكن تفهم ما يعنيه فيما قاله ، فنظرت إليه باستغراب أما هو تحرك مجدداً وانطلق بسيارته بغضب عائداً إلي بيته.. تاركاً رسالة إلى طبيب والده لمقابلته على الفور..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
لم يكن قراره بالابتعاد عن البلد وترك أمه بهذه السهولة ، خاصة عندما علم والده بهذا القرار ووقف في وجهه لفترة إلي أن اقتنع أخيرا أنه لن يردعه أحد عن قراره فتركه على راحته ، كان عليه أن يجهز حياة مريحة لوالدته.. فقضى الأيام الماضية في إختيار شقة لها في القاهرة بعيدة عن أعين شوقي سليمان ورجاله ، و أكد على مرافقتها بعدم معرفة أحد بمكانها ، حتي أنه وضع في هاتف والدته خط غير مسجل كي لا يستطيع أحد الوصول إلي مكانها من خلال تتبع رقم هاتفها..
حل عليه المساء ويمكننا القول بأنه آثر ألا يتواصل مع أحد من أصدقائه ؛ كي لا يضعف في تنفيذ قراره ومع ذلك لم يستطع تخلف موعد مسابقتها والتي ان استطاعت الفوز فيها ستشارك في أولمبياد باريس ، وقف متخفياً وسط الجماهير، حُبست أنفاسه حينما رآها.. كانت عاقسة شعرها في شكل ذيل حصان وفي زيها الرياضي الذي رسم منحنيات جسدها وعضلات أرجلها بشكل أشعل الغيرة بداخله وأصابه بالاختناق
، ورأى حسام واقفاً بجوار مدربها ، شعر بحنينه إلى صديق عمره وبصعوبة كبح نفسه من مناداته..
رآها تستعد وحسام يبث بداخلها كلماته الحماسية ، ولم يستغرق منه الكثير من الجهد.. فقط ذكرها بأن فوزها بالمسابقة كان حلم والدتها.. رآها تمسح دمعة قبل أن تخونها وتنزلق ، ومدربها يضف إليها بعض التعليمات قبل أن تتحرك لتقف بجوار باقي المنافسات على خط البداية ، انطلق النداء الأول "خذ مكانك" وقفت أمام خط البداية وأمام المكعبات ووضعت قدم الارتقاء على المكعب الأمامي القريب من خط البداية وقدمها الأخرى على المكعب الخلفي
، ثم ارتكزت على ذراعيها ، وقلبها يخفق بقوة والادرينالين يرتفع في جسدها ، وعند ثبات جميع المتسابقات على هذا الوضع ، انطلق النداء الثاني "استعد" ، رفعت وسطها السفلي إلي الأعلى ليكون أعلى من مستوي كتفها وبمجرد استماعها إلي طلقة الانطلاق اندفعت بأقصى سرعتها وهتافات حسام المتعالية تشجعها بشكل متواصل بلا انقطاع بشكل أثار دهشة من حوله ، خفق قلب صاحبنا بعنف وكل دقة منه تشجعها ، أراد أن يطلق لسانه ولكنه خشي أن يتعرف حسام على صوته ، ولو أنه أدرك أن صاحبه في عالم آخر الآن وكأنه أب وهي ابنته ، راقبها وهي تندفع وتمر بين المتسابقات في مسارها إلي أن تتساوى مع إحداهن كانت بطلة المسابقة العام الماضي وراهن الجميع على فوزها ، ولكن كارما خالفت رهانهم جميعاً حينما تقدمتها بعدة أمتار واستقبلت شارة النهاية بجسدها قبل أن تتوقف وهي تقفز بفرحة ، أما باقي المتسابقات وقفن يلهثن بحسرة وخاصة تلك البطلة التي فازت كارما عليها ، ارتفع صياح حسام وصياح صاحبنا رغماً عنه وسط الجماهير ، قبل أن يركض الأول لاستقبال بطلته الصغيرة ، ركضت كارما بدون تفكير إلي حسام الذى عانقها وحملها ولف بها بفرحة ، ثم انزلها وصيحات فرحه لا تتوقف ، عند هذا المشهد السعيد أغلق كريم ستائر حبه لها وانزلقت دمعة من عينيه تنوب عن عجزه بمشاركتها فرحها في هذه اللحظة ، وانسل من بين الحاضرين ؛ ليغادر تاركاً وراءه حبه الوحيد.. وصديق عمره الأول.. و.. ربما روحه..!
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ
مر أسبوع من المناورات والمناقشات الحادة بينها وبين أمها والتي كان واضحاً أن أمر زواجها من ريان جعلته أمراً لا نقاش فيه ، بعد اتفاق العائلة وإصرار ابنهما على الزواج منها ، رغم أنها حاولت الإتصال به والتفاهم معه؛ لأنها لم تره في تلك المرة التي جاء فيها والديه لقراءة الفاتحة - التي قرأوها رغماً عنها! -
متعللين أنه سافر إلي القاهرة للعمل ، ولكنه بدا لا يريد التعامل معها إلا عند جعل الأمر رسمياً ، وفي عالم موازي كانت خديجة منشغلة جدآ بالكرفان الذي أصبح جاهزاً من كافة الاتجاهات عدا أوراقه التي لم يكتمل تسجيلها ، والتي عرض ريان التدخل لانهائها ، فوافقت خديجة بالطبع وأخبرته أن طه سيذهب معه لإتمامها ، ولكن الأخير أقترح عليها أن يترك حور تذهب معه بدلاً منه.. لأنه يرى أنه ربما ان تمكنا من التحدث معا وحدهما قد يسهل عليها أمر تقبل زواجها منه الذي بات حتمياً ..
_ ألو..
غمغم بها ريان بين نومه دون أن يرى اسم المتصل ، لا تنكر أن صوته الناعس أسرها إلا أنها قالت بغيظ :
_ انت لسه نايم ؟!.. انت فين ؟!
أبعد هاتفه ينظر إلي اسم المتصل أمامه؛ ليرى ان كانت هي بالفعل أم لا ، ولكن اسمها الخاص بها وحدها "الروح الشريرة" أجابه ؛ فقال بسخرية :
_ أهلا.. اصطباحتك فوحلقى..!
جاءه صوتها من الطرف الآخر غاضباً ؛ فابتسم بتسلية وهي تقول :
_ متهزرش يا ريان.. أنا بقالي ساعة مستنياك.. وحضرتك نايم في العسل..
لا ينكر حقا أنه قد اشتاق إلى صوتها الغاضب كثيراً ؛ فاتسعت ابتسامته قائلاً ببرود :
_ والمفروض ؟!..
_ يووه!.. هو انت مش متفق مع طه علشان تنزلوا تخلصوا التصاريح .. الساعة بقت تسعة ونص وحضرتك لسه نايم..
_ أديكي قولتيها متفق مع طه.. مش معاكي..
شهقت بصوت أضحكه ولكنه كتم ضحكته قبل ان تسمعها ، وأردفت :
_ حوش حوش أنا اللي هموت وانزل معاك قوي.. لولا ان خديجة وطه عندهم شغل واحنا مستعجلين مكنتش وافقت..
وقبل أن تكمل قاطعها :
_ خلاص !.. إيه اللوك لوك ده كله على الصبح ؟!..
_ طبعاً ما هي مش مصلحتك.. طب على الأقل قدر طه إللي وثق فيك واعتمد عليك..
قال بغيظ :
_ بقولك إيه.. وربنا أقفل وأكمل نوم عادي !..
ابتسمت لا تعلم من أين تأتيها هذه السعادة حينما تنجح بإثارة غيظه كل مرة ! ، وقالت بلهجة حادة :
_ يعني انت هتستندل معايا ؟!..
_ حاجة زي كده!.. أو على حسب لو لميتي لسانك إللي زي المبرد وبقيتي مؤدبة هعملك إللي انتي عايزاه..
والآن لقد انقلب السحر على الساحر وأثار حنقها حقاً :
_ ولو ملميتهوش ؟!..
كبح ابتسامته :
_ ألمهولك أنا..
_ لم نفسك ياريان..
_ ودي ألمهالك من أنهي نحية..!
_ ماشى.. أنا هقول لمرات خالو ابن أخوكي مش راضى ينزل يخلصلنا التصاريح..
تذكر عمته التي بالكاد يجعلها توافق على زواجه منها ؛ فقال بغيظ :
_ يا ستار يارب على الصبح.. اديني نصايه أفوق فيها..!
مضت نصف ساعة أو أكثر إلي أن ضغط ببوق سيارته أسفل البناية التي تقطن بها قبل أن تطل عليه من شرفتها بوجه متجهم تتوعده قبل أن تتحرك لتنزل له ؛ فتمتم بيأس :
_ يا مصبر الوحش على الجحش يارب.. أتجوزها بس وهوريها.. بس اتجوزها..
بعد عدة ساعات صاحت حور متذمرة ، وهي تجر قدميها بصعوبة بعد يوم طوي.......ل في المصالح الحكومية :
_ حسبي الله ونعم الوكيل فيكم !.. منك لله يا ريان يا ابن حوا وآدم على إللي انت عامله فيا ده..!
ضحك بتسلية وهو يراها تتأوه بتعب وهي تنزل وراءه درجات سلم البناية ، قائلاً :
_ اجمدي كده.. مش عملالي فيها سوبر حور .. اشربي بقى..
_ والله لو كنت اعرف ان إحنا هنلف كل ده ما كنت سمعت كلامهم.. وحضرتك ملففني وراك من صباحية ربنا في المصالح الحكومية من مكتب لمكتب لما جبت أخرى.. الساعة بقت أربعة مش هنروح بقى.. ؟!
_ خلاص ده انتى نفسك قصير قوي.. إحنا أصلا خلصنا ..
_ طب تعالي نجيب ميه..
_ لا مية إيه !.. أنا جعان .. تعالي ناكل في أي مطعم..
قالها بسخط من معدته التي أعلنت طلبها ببعض الطعام قبل أن تصدر صوتاً ، فقالت :
_ لسه هنقعد.. زمان ماما ومرات خالوا عملوا الأكل..
_ آه.. أقعد ساعة على ما أروح وساعة كمان على مايجهزوا الأكل.. لا عن إذنك بقى أروح آكل أنا..
قالت ب " دبشها " المعتاد :
_ يعني هي الطفاسة حليت دلوقتي.. ؟!
قال بذهول وهو يكور يده ويشير بها أمام وجهها :
_ ده مش دبش ده زبالة.. متفتحيش بقك تاني قدامي .. وبعدين إحنا الرجالة طالما طلبت معانا أكل خلاص.. نلبي نداء معدتنا الأول وبعد كده إللي عايز يأتي يأتي ان شالله عن أمه ما آتي..
كانت هي الأخرى جائعة ، ولكنها تمتمت بحرج :
_ أيوه بس.. أنا فلوسى خلصت..
صاح بغيظ وهو يركل الهواء :
_ ياللا يا بت.. يلا قدامي.. حد قالك ان انتي خارجة مع شرين ؟!
فتحركت أمامه بسرعة وكأنها فأرة صغيرة إلي السيارة..!
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
كان حسام يشكي قصة حبه الأبدية إلي محمد الذي أسند رأسه بكفة يده على سطح المكتب وهو ينظر إليه بملل ، يدعو الله أن توافق چنان ويرحمه من وجع رأسه! ، حينما قال حسام بملامح باكية :
_ آه يا محمد.. والله حرام إللي بيحصل فيا ده يا محمد.. اسبوع بعد النجوم في عز الضهر.. هي بتعاقبني على إيه ؟!.. يارتني ما كلمت ولا صاحبت..
كبح صاحبنا ضحكته ، قائلاً :
_ أحسن.. تستاهل والله.. خليها تتوبك..
_ انت شمتان فيا.. اخص وأنا إللي جاي بشتكيلك..
صاح صاحبنا بغيظ :
_ يارب.. يارب توافق وترحمني..
_ ده ذلتني ذل بنت رمضان قمر الدين.. بقى أنا يحصل فيا كده.. ده البنات بترمي نفسها عليا وأنا أقول لدي آه ودي لأه..
قال محمد بتقزز :
_ متقولش بنات بس..!
واستطرد صاحبنا بندب :
_ آااه.. عايز أعيط في حضن عشرين رغيف كبده..
ضحك صاحبنا بعجب قائلاً :
_ انت مقرف يلا.. !
_ يا عم والله ما في أجمل من الأكله الحلوة إللي بتخرج الواحد من إللي هو فيه..
في هذه اللحظة دخل عليهم مساعد محمد ، قائلاً :
_ مساء الفل يا كباتن.. !
ردوا عليه التحية ، ثم استقبله محمد بلهفة :
_ ها.. خلص ؟!..
أجابه الآخر بابتسامة واسعة وهو يخرج له علبة فضية قطيفة تحتوي على خاتم من الألماس الخالص :
_ مختار الجواهرجي بعتلك تحية خاصة..
أطلق حسام صفيراً متعجباً قبل أن يشكر محمد مساعده ويخرج الأخير ، فتح صاحبنا العلبة وهو ينظر إلى الخاتم ببهجة كبيرة.. قال حسام غامزاً :
_ إيه.. نويت وألا إيه ؟!
نظر إليه محمد بابتسامة واسعة :
_ نويت..
_ خديجة.. مش كده ؟!..
_ باين عليا قوي ؟!..
_ باين عليك !.. ده انت عنيك فضحاك يا ابنى !..
_ أمال هي ليه مش حاسه ؟!..
_ في بنات مبتفهمش التلميحات عايزه إللي يقولها بصراحة انه بيحبها من غير لف ودوران.. وفي بنات بتفهم التلميحات بس ملهاش غير في الدوغرى..
_ لا تلميحات إيه.. أنا مش هستني لما تضيع مني وأقول يارتني كنت صارحتها.. جو المراهقين ده مش بتاعى..
_ وهتطلب ايديها امتى ؟!
تنهد محمد بحماس :
_ قريب.. أبويا بس يبقى كويس واطلب إذنه..
_ ربنا يتمملك على خير يا صاحبي.. ألا قوللي صحيح أبوك أخباره إيه دلوقتي ؟!..
تنهد محمد، وقال بقلق :
_ هو كان كويس.. و بعد كده تعب لدرجة انه مبقاش قادر يخرج من السرير وبيصلي بالعافية.. بس الحمدلله الدكتور طمني ان جسمه رجع يستجاب للعلاج تاني و النهارده خرج من أوضته لأول مرة وفطر معانا..
ابتسم الآخر حامدا ربه ، في نفس اللحظة التي طرق فيها باب المكتب ودخلت عليهما خديجة بعد سماحه لها بالدخول ، خطت بداخل الغرفة ووضعت بعض الأوراق على المكتب قبل أن يلفت انتباهها ذلك الخاتم بداخل علبته ، لاحظ محمد عجبها فأخذ الخاتم بسرعة ووضعه في خزنة مكتبه لاعناً غباءه وهو ينظر إليها بتلعثم ، قبل أن تسأل بعدم فهم :
_ ده خاتم.. ؟!..
أجاب على الفور بتلعثم :
_ لأ.. !
_ نعم ؟!
_ آه !
_ آه..
_ انتي شايفه إيه ؟!..
قالها بتلعثم ، وحرج.. فتبدلت الأدوار وكبح حسام ابتسامته عليه من اضطرابه أمامها..
_ شايفه خاتم !.. ده بتاعك..؟!
سألته ببعض الغيرة وقلبها يخفق تخشى أن يكون قد اشتراه لإحداهما.. ؛ فقال بسخرية مخبئاً اضطرابه :
_ لأ والله محولتش للحريمي لسه.. أكيد مش بتاعي يا خديجة..
ثم قال ، قبل أن ينظر إلي حسام لينقذه أما الآخر يخفي ضحكته بيده :
_ ده بتاع واحد صاحبي..
التقطت ما قالته ، وقالت بابتسامة واسعة :
_ ثانية واحده.. ده خاتم چنان..!
_ كان على عيني ياختي.. أنا لو عليا اشتريلها محل مجوهرات.. بس صاحبتك مش مضمونة.. وبكره ترجعني قفايا يقمر عيش !..
قالها حسام بسخرية ؛ فسألت بعجب :
_ مش لچنان !.. أمال لمين ؟!..
قال محمد متداركاً موقفه :
_ لأ الخاتم ده لا بتاعي ولا بتاع حسام.. بتاع واحد صاحبي متعرفيهوش..
_ طيب.. ممكن أشوفه.. ؟
قالتها برقة لامتناهية بالنسبة إليه ورغم أنه لا يريد أن يفسد مفاجئته ، قال :
_ ممكن..
ثم أخرجه وناوله لها وهو يراقب تعابير وجهها ؛ ليرى ان كان قد أعجبها أم لا ، أما هي ففتحت العلبة.. ثوانٍ واتسعت حدقتيها بأعين لامعة، وتزين وجهها بابتسامة مشرقة وقد خفق قلبها لسبب غير معلوم ، وتلقائياً اتسعت ابتسامته وهو يرى إعجابها بالخاتم الذي اشتراه لها ، وبعد لحظات سأل بصوت رخيم :
_ عجبك.. !
نظرت إليه ببهجة وكأنها طفلة صغيرة ، قائلة :
_ تحفه !.. صاحبك ده زوقه حلو بصراحة..
تمتم محمد :
_ انتي أحلى..!
_ باين عليه بيحبها قوى..
قالتها بعفوية وهي تتأمل ذوق الخاتم الفريد من نوعه ؛ فأجاب بهمس وبأعين حالمة :
_ قوى..
فمصمص حسام شفتيه وهو يتأمله بعجب ، متمتماً :
_ وإيه كمان ؟!
_ مبارك عليهم يارب.. ربنا يهنيهم ويسعدهم..
أمن محمد على دعائها بحفاوة ، بينما حسام دعا رافعاً ذراعيه إلي السماء :
_ وأنا واللي في بالي يارب..!
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
أنهي طعامه وهو يراقبها تأكل بنهم ، لم يكن يعلم أنها جائعة إلى هذا الحد، و أعجبه أنها تأكل بطبيعتها ولم تتصنع كباقى الفتيات اللائي يأكلن بإتيكيت مصطنع ، وبعد لحظات أنهت طعامها ، قائلة :
_ الحمدلله..!
_ ألف هنا.. لو لسه جعانة أطلبلك وجبة كمان ..
_ لأ ده أنا كلت كتير .. بس أكلهم عجبني قوي بصراحة.. مقدرتش أمسك نفسي..
قالت جملتها الأخيرة بعفوية فابتسم وهو يتأملها ، بعد لحظات من الصمت، قالت بصدق :
_ ريان.. مش ملاحظ ان إحنا طول اليوم متكلمناش في موضوعنا..
تنهد صاحبنا ، وقال بهدوء :
_ وأنا سامعك يا حور.. اتكلمي..
تململت في جلستها بتوتر :
_ انت.. ليه مُصِّر قوي كده على جوازك مني ؟!..
انحنى في جلسته إلى الأمام، متسائلاً :
_ أنا إللي عايز أفهم يا حور.. انتي ليه رفضاني ؟!..
تنهدت بوجع :
_ أنا مش رفضاك لشخصك.. أنا قصدي انه مينفعش.. أنا.. أنا مش عايزه أوجعك..
_ توجعيني ؟!.. وضحي كلامك !
_ مقدرش.. ريان.. أنا مش عايزاك تكرهني..
قال بعدم فهم :
_ و اكرهك ليه ؟! .. إيه إللي انتي مخبياه وهيخليني أكرهك.. أو ممكن يوجعني..؟!
_ قلتلك مقدرش أقوللك .. ليه بتغصب عليا وضع أنا مش عايزاه ؟!..
_ متأكده انك مش عايزاه ؟!
قالها وهو ينظر إلي أعماق عينيها ؛ فقالت وهي تتحاشى النظر إليه :
_ إللي متأكده منه انه مينفعش.. ريان.. الحقيقة انت لو عرفتها بعد جوازنا.. هتوجعك..
وكأنها تتحداه بغموضها ليشدد من عنده ، قائلاً :
_ وأنا موافق يا حور.. موافق اني اتوجع.. وجوازنا هيتم.. سواء وافقتي وألا لأ..
_ ليه ؟!.. انت ليه مهتم ؟!
سألته بعجب ؛ فأجاب ببساطة :
_ علشان من واحنا صغيرين عمرى ما اتعودت أشوفك كده.. ومش قادر استحمل واقف ساكت.. نفسي ترجعي زي ما كنتي.. كنتي منورة.. كلك طاقة وبهجة وحيوية.. كنتي قوية بجد مش عامله نفسك قوية..
رمقته بمرارة وقالت بأعين دامعة :
_ صعب.. في حاجات كتيره اتكسرت جوايا صعب ترجع زي ما كانت..
تنهد بوجع عليها :
_ بس مش مستحيل ..!
_ وأنا مش عايزه شفقه منك..
_ عارفه مشكلتك إيه يا حور ؟!.. إنك غبية بجد وأنا تعبت من التبرير..
قال جملته الأخيرة بغيظ ومرت دقائق طويلة صامته عليهما قبل أن يأتي له النادل بإيصال الدفع ، نظر صاحبنا إليها رآها جالسة بحزن ؛ فقال مشاكساً بتمثيل ؛ ليخرجها من قوقعتها :
_ يا نهار أبيض !
طالعته بدهشة، ثم تسائلت قبل أن ترفع زجاجة المياه ؛ لتشرب :
_ خير ؟!
_ نسيت المحفظة !
فبصقت الماء في وجهه بخضة ، بينما هو أغلق عينيه قائلاً بتقزز :
_ جتك القرف !
صاحت هي :
_ نعم يا أخويا ؟!.. لهو انت مجرجرني ومأكلني معاك بالعافية علشان أغسل معاك الصحون ؟! .. لا يا بابا قديمة العب غيرها..
_ قديمة إيه يا بت انتي ؟!.. مش ريان الجندي إللي يغسل صحون.. أقل من مسح المطعم مقبلش..!
مدت يدها لترى الحساب ، قائلة :
_ هو إيه الديجافو ده ؟!.. آخر مرة حصل معايا كده اتخطفت..
_ استر يارب !
_ طب وريني كده الحساب ده !
ثم شهقت بصدمة ، أضحكته :
_ كام ؟!.. وإزازة الميه بخمسين جنيه ليه ؟!.. بشرب مية زمزم !
_ بس.. فضحتينا يا شيخة !
قالها بضحك وهو ينظر حوله ؛ فقالت :
_ ما هو انت كده قدامك حل من الاتنين.. يا إما تقلع ساعتك وتديهاله.. يا إما تمسح البلاط دلوقتي.. أنا عن نفسي هسيبك وامشي .. هقول معرفوش..
كان واضحاً أنها تسخر منه ؛ فقال بضحك :
_ ده انتي شريرة بجد ؟! .. عايزه تتبري من قرة عينك المستقبلي يا حور ؟!
_ سيد!.. عيب متقولش كده إحنا أهل !
ضحك بأعلى صوته ، ثم قال وهو يخرج أمواله من محفظته :
_ لا ده كان اختبار.. وأثبتتي إنك هتكوني فيه زوجة صالحة ان شاء الله ! ..
ضحكت ، قائلة بسخرية :
_ لا من النحية دي اتطمن.. ده أنا كفاءه !
أخذها ريان وبعد لحظات خرجا من المطعم ، وانطلق بسيارته باتجاه بنايتها .. وهو يحمل من الشعور وعكسه في قلبه.. شعور بالفرح من بداية استجابتها له ولحديثه ، وشعور بالضيق من إصرارها على إخفاء الحقيقة عليه ، شعور غريب بالفرح أنه معها ، وشعور - أيضاً غريب - بالضيق من تركها والعودة إلي بيته من دونها.. الآن فهم شعور الخاطب لخطيبته..!

نهاية البارت الخامس عشر..
قولولي أنهي ثنائي حبيتوه أكتر..؟
ويا ترى آدم عمل ايه ؟
وايه اللي ناوي عليه شوقى سليمان ؟
وكريم هيسافر وألا لأ ؟
وايه هي الحقيقة اللي محدش عايز ريان يعرفها ؟
والمهم طه هيعمل إيه في مقابلته مع أبو ندى ؟
والأهم من المهم.. محمد هيتقدم لخديجة وألا القدر له ترتيب تاني..؟!
كل ده هتعرفوه البارت الجاي 🔥
عارفه اني بتأخر عليكم بس ربنا يعلم أنا بكتب وأنا بمر بإيه.. طالبه منكم فوت حلو تدعموني بيه.. ودعوه حلوة زيكم كده + بحبكم قوي ♥️

 ودعوه حلوة زيكم كده + بحبكم قوي ♥️

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
خديچة ( قلب الكابتن )Where stories live. Discover now