الفصل السادس : لست وحدك من تحارب

216 8 14
                                    

لعلك لستِ الأولي ولكنكِ الحقيقة الوحيدة بينهن..!
..
هل أتيتِ ؟!.. بعد سنوات عجاف ستطيب بكِ الحياة ويهنأ قلبي.. خبأت لكِ أحاديث طويلة و عناق دافئ والكثير من الشاي مع أغاني أم كلثوم.. ومطر ؟!..
فهل آن الأوان ؟!
........
في مكان هادئ على البحر يقع منزل عبدالرحيم غيث حيث يعيش فيه معه خمسة أفراد.. زوجته رحمة ،ابنه الأكبر محمود ، الأوسط محمد ، الأصغر آدم.. وآخر العنقود ـ كما يُقال ـ لين ، بالإضافة إلى الخدم والأمن ، ومع أنه يحب أولاده بنفس الطريقة ، إلا أن لمحمد مكانة خاصة عنده.. ليس لأنه ابن حب عمره وزوجته المرحومة نادية فقط ،بل ولأنه أكثر أولاده ذكاء واجتهاداً حتي استطاع اكتساح مجال كرة القدم وأيضاً مجال إدارة الأعمال.. حتي أنه أصبح لديه شركته الخاصة في المعمار ولا يحتاج إلى شركة والده..
لنعد إلى نادية أعلم أنكم تستغربون.. ولكن هذه الحقيقة ، لقد تزوج عبد الرحيم غيث منها بعد قصة حب وبقيا ينتظران حلمهما بالانجاب ، عام يجر عام وهما على حالهما حتي أجبره والده على الزواج من رحمة.. ثم انجب منها محمود ، ويشاء القدر أن يتحقق حلم نادية بالأمومة بعد عامين وتنجب له محمد ولأن الحمل كان خطراً على حياتها وافتها المنية أثناء الولادة ، حملته رحمة واهتمت به مع أبنائها.. ولكنه بقي في قلب عبدالرحيم بمكانة تختلف عن جميع أبناءه لأنه قطعة من حبيبته..
وفي النهاية حب عبدالرحيم واهتمام رحمة به.. جعلا قلب محمود يتأجج بنيران الغيرة والحقد عليه ، فأصبح مستعداً لفعل أي شيء يُطفئ نيرانه تجاهه !
........
رن المنبه عند موعد صلاة الفجر.. تململ محمد في نومه ثم استعان بالله ونهض للصلاة ، خرج من غرفته وطرق باب الغرفة المجاورة له ،أجاب آدم بصوت ناعس :
- هممممممم ؟!
- يلا يا آدم الصلاة..
أجابه الآخر وهو يعود إلى نومه مجدداً:
- ماشي..حاضر..
نظر محمد إلى الغرفة الواقعة آخر الطرقة ، ثم قال:
- صحي محمود معاك.. ويلا قوم..
رد عليه الآخر مجدداً والنوم يتسلل إلى عينيه:
- ماشي ماشي.. روح انت وأنا جاي وراك..
زفر صاحبنا بقلة حيلة ودعا لهما بالهداية ، ثم توجه إلي غرفة أخري وطرق بابها فخرجت له لين مرتدية ملابس الصلاة ، وترتسم علي وجهها إبتسامة صافية كعادتها فابتسم لها وقبل رأسها بود ، ثم طلب منها التأكد من استيقاظ والدتها ودخل هو الحمام ؛ ليتوضأ ، بعد لحظات دخل إلى غرفة الصلاة ووجد والده كالعادة مستعداً وكذلك رحمة ولين بينما محمود وآدم لايزالا نائمين ، وقف محمد إماماً نظراً لتعب والده ، وتلى الآيات بصوت خلاب تستكين له القلوب....
وبعد إنتهاء الصلاة قبلا محمد وشقيقته يد والدهما وانطلق الجميع إلي ما ورائهم.. الوالد يستكمل ورده القرآني ، رحمة تساعد الطاهية في إعداد الفطور ولين تتجهز لعملها كطبيبة علاج طبيعي بعدما اطمئنت على إصابة محمد ، ثم نزل الأخير للركض كالعادة..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
عند التاسعة دخلا طه وخديجة إلي العمل ولكنها على غير العادة لم تجد محمد في مكتبه ، جلست على مكتبها وقبل أن تفعل أي شيء جلست أمامها نور قائلة :
_ صباح الخير..
ابتسمت إليها صاحبتنا بتفاجؤ وبهجة ، وردت عليها التحية ، ثم سألتها الأخري :
_ هتعملي ايه في المسابقة.. ؟
_ مسابقة ايه ؟
_ مسابقة عملاها الشركة عن ريبورتاج تقديمي للبروجكت الجديد واللي هيكسب هيتصرفله مكافئة ..
ابتسمت خديجة :
_ واو !.. ودي أعلنوا عنها امتى ؟
_ لسه النهارده.. ومعاكي وقت لحد آخر الأسبوع..
_ حيث كده بقي.. نطلع مواهبنا..
قالتها على طريقة محي الشرقاوى في فيلم فول الصين العظيم ؛ فضحكت الأخري ونهضت لتستكمل عملها:
_ ربنا معاكي يا ستي.. أنا هقوم أنا أشوف باقي اللي ورايا..
غادرت مكتب خديجة ، ثم أخرجت الأخيرة سندويشاً من حقيبتها ؛ لتأكله ، تناولت قضمة منه فانتفخت وجنتيها بطريقة مضحكة في هذه اللحظة دخل عليها محمد ومعه الآنسة لمياء كعادته فإنه يمر على جميع الموظفين ، نظرت إليه بعجب ووجنتيها منتفختان ، فنظر إليها بذهول وارتسمت أمارات الدهشة علي وجهه أما لمياء فلم تستطع التماسك وضحكت، قائلة :
_ مش معقولة يا خديجة.. ايه إللي انتي عملاه في نفسك ده ؟!
بينما نظراتها معلقة بمحمد وكأنها متصنمة ، كان بالكاد يكبح ابتسامته ، ثم قال :
_ خلصي أكلك وتعاليلي..
غادرا المكتب وابتلعت ما في فمها بصعوبة ، ثم عوجت فمها عدة مرات وهي تندب حظها وتلعن غبائها..!
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
بعد عدة دقائق طرقت باب مكتبه وبعدما جائها الإذن بالدخول ، أطلت برأسها من وراء الباب ولكنها وجدت المكتب فارغاً ؛ فدخلت باستغراب ولكنها شهقت بعدما جائها الصوت من خلفها ،قائلاً :
_ بتاكلي في مواعيد العمل الرسمية يا خديجة.. انتي عارفة أنا هعمل فيكي ايه..؟!
قالها بجدية فخافت وتلعثمت :
_ أنا هشرحلك والله !
_ اتفضلي..!
قالت بنفس الطريقة:
_ أصل ماما عامله فطار مبحبوش .. وأنا قايلالها أكتر من مرة ان أنا مبحبوش.. بس هي بقي علشان خاطر عيون الست حور عملته.. حور دي بقي بنت عمتي.. هي عقربة شوية وهبلة في نفس الوقت.. هما جايين عندنا زيارة وأنا قلت معلش دول ضيوف باردو.. فطه بقي لقاني متغاظة وقالي هصالحك.. فجبلي شاورما.. وأنا بصراحة بقي بعشق الشاورما..و .....
قاطعها الآخر بذهول :
_ بس!.. ايه إللي انتي بتقوليه ده؟!..
_ منا بشرحلك ..!
_ وأنا مالي أنا ومال بنت عمتك وطه.. و الشاورما؟!.. أنا مالي أنا؟!.. هاتي الفايل ده..؟!
ناولتها له بخوف وبقيت تراقبه وهو يراجع الأوراق التي وكلها لها بدقة ، ولكنها تنفست الصعداء وهي تراه يبتسم لها، قائلاً :
_ عظيم! .. انتي خلصتيه أمتي..؟
_ اشتغلت عليه طول الليل.. وقلت هديه لحضرتك الصبح.. بس حضرتك مكنتش موجود.. صحيح دي أول مرة حضرتك تتأخر فيها كده..؟
قال بهدوء :
_ هممم منا كنت في الشغل..
نظرت إليه بعجب ، وقالت :
_ قصدك التمرين ؟!
_ لأ أنا اجازة الفترة دي .. أنا قصدي شغلي..
_ لأ مش فاهمة.. !!
_ دي شركة بابا.. لكن أنا عندي شركتي الخاصة..
نظرت إليه بذهول وقالت :
_ واو!.. ودي شركة إنتاج أدوات كهربائية باردو ؟
_ لأ شركة عقارات.. لأن أنا مهندس معماري..
قالت بعجب :
_ ماشاءالله!.. يعني حضرتك مهندس معماري عندك شركة عقارات وكابتن كرة قدم.. وبتدير شركة إنتاج أجهزة كهربائية.. واو !..
نظر إلي تعجبها بابتسامة ، وقالت :
_ هو ما شاء الله وكل حاجة.. بس ربنا يكون في عون إبن خالتك..!
ابتسم محمد ، وقال:
_ لا متقلقيش عليه.. واتفضلي كملي الفايل التاني..
_ تمام..
خرجت من مكتبه أما هو فضحك من جنانها ، وقال :
_ آه يا مجنونة!.. قرت علي كل حاجه من غير ما تاخد قلم..
في هذه اللحظة جائته رسالة من مساعده في شركته ، وبمجرد رؤيته للرسالة سقط قلبه.. ما الذي ينوي عليه ذلك الأحمق ؟!.. ، أخرج هاتفه ورّن عليه عدة مرات ولكنه لا يجبْ ؛ تواصل مع مساعده مجدداً وطلب منه تحديد مكانه بسرعة ثم أسرع خارجاً باتجاه سيارته؛ لينطلق بها ..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
في إحدي المجمعات التجارية أو بلغة العصر (مول) كان حسام يقوم بهوايته المفضلة وهي ( الاسكيت ) بكل رواق و يستمع إلى الموسيقي ، حينما توقفت سيارة محمد الذي نزل منها وهو يستشيط غضباً وازداد غضبه حينما رآه بهذا الاستمتاع ؛ اتجه إليه ووقف أمامه .. نظر إليه الآخر باستغراب ومع ذلك لم يتوقف وبقي يلهو حوله ، ولكن محمد أوقفه ونزع السماعة من فوق أذنيه، قائلاً بغيظ :
_ إيه الروقان اللي إنت فيه ده يا آخي ؟! .. انت مش عارف انت عملت ايه ؟!..
تنهد حسام ، ثم ردّ قائلاً :
_ عملت إيه يعني يا محمد..؟!
_ إحنا متفقناش على كده يا حسام!.. انت عارف إيه معني إنك تتحدى شوقي سليمان ؟!
أجابه بلا مبالاة :
_ إيه المشكلة باردو مش فاهم أنا ؟!
_ المشكلة انت عارفها كويس!.. شوقي سليمان راجل مش سهل.. إحنا اتفقنا تاخد حقك بس مش بالطريقة دي!
_ انت مكبر الموضوع قوى ..
قالها أيضاً بلامبالاة ، ثم تركه ؛ ليستكمل لهوه فقال محمد بغيظ :
_ وقف لعب واقف كلمني زي بقيت خلق الله !!..
لم يتوقف حسام ببرود فتركه محمد واتجه إلى الخارج بغضب ؛ ليرحل فخلع حسام الحذاء ذو العجلات وارتدي حذاءه بسرعه ، لحق به قبل أن يركب سيارته وأوقفه قائلاً :
_ استني يا محمد!..
نظر إليه الآخر بعتاب ؛ فأردف بهدوء :
_ أنا عارف ان انت خايف عليا.. بس شوقي سليمان معدش ينفع يكبر أكتر من كده ..لازم أقص جنحاته الأول علشان أعرف آخد حقي..
_ انت عارف انت بتعمل إيه ؟!.. انت بتدخل عش الدبابير برجليك!..
_ عارف.. وعارف هو ممكن يعمل ايه ومش هاممني.. بإذن الله نهايته على إيدي..
تنهد محمد بقلق :
_ يبقي من النهارده لازم تعين ليك حارس خاص.. ومتقومش بخطوة إلا لما تعرفني.. مفهوم !..
نظر إليه حسام قليلا ، ثم قال :
_ متخفش عليا.. وبعدين المثل بيقولك إللي ليه ضهر مبيتضربش على بطنه..
وضع كفة يده على كتف صديقه ، وقال :
_ وأنا عارف أنا مسنود علي مين.. وعارف ان ليا سند بعد ربنا سبحانه وتعالى.. يا أخي دا أبويا لما عرف مخفش عليا زيك كده !..
ابتسم محمد ، وقال :
_ ايه يلا ؟!.. إيه يلا التلزيق اللي إنت فيه ده يلا.. ؟
_ بفخم فيك.. دي غلطتي يعني!
_ لأ بجد.. اعمل اللي أنا قلتلك عليه.. العمر مش بعزئه يا حسام !..
_ سيبها علي الله !.. متيجي تلعب معايا..
_ هو أنا فاضي زيك؟!.. هروح أشوف اللي ورايا ..
_ بقولك صحيح إحنا بكره كلنا هنتجمع بليل نحتفل بالمكسب بتاعك في مكاننا.. متبقاش تتأخر..
_ ان شاء الله ماشي..
ركب محمد سيارته وغادر تحت نظرات الود من حسام ، ثم تجهمت ملامح وجهه حينما تذكر شوقي سليمان وطاره معه..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
عاد محمد إلي شركة والده كي لا يتأخر على الاجتماع ، وبعد ساعة أنهي إجتماعه ، بعدما أعطي لكل فرد مهمته..
إنه لا يقوم بالاجتماعات في المكتب.. بل وسط ساحة العمل مع جميع الموظفين ؛ حيث يسمح للجميع بإبداء وجهات نظرهم ، ثم ذهبت إليه خديجة بالملف ليراجعه مرة أخيرة قبل اعتماده.. وبعد انصراف الجميع كل إلى عمله أثار انتباههما سؤال إحداهن :
_ خديجة ؟!
التفتتا إلى صاحبة الصوت ، ثم قالت صاحبتنا بابتسامة :
_ ملك ؟!.. أخبارك إيه ؟..
_ أنا تمام.. انتي عامله ايه ؟.. واتجوزتي إبراهيم وألا لسه ؟
نظرت خديجة إلى محمد بإحراج ، لاحظ حرجها فتركهما ودخل إلى مكتبه والغيرة تأكله.. أجل ما قلته صحيح.. الغيرة!.. رغم أنه لا يفهم ما يحدث بداخله ولكنه لم يستطع أن يُخرج ما قالته ملك من رأسه ، بعد لحظات دخلت له خديجة بالأوراق ؛ ليستكمل مراجعتها ، أخذها منها.. وتصنع الهدوء أمامها.. في الحقيقة مراجعة الأوراق لا تأخذ منه أكثر من دقيقتين ولكنه يتحجج بالأوراق ليبقي معها فترة أطول.. رغم أنه يعلم أن ذلك خطأ ولكنه لا يستطيع أن يمنع نفسه ، نهض واقفاً ليأخذ أوراقاً من إحدى الملفات الموجودة في مكتبة والده.. حاول ألا يتحدث ؛ كي لا يلفت انتباهها.. ولكن تباً !! فلتظن ما تشاء! :
_ هو انتي كنتي مخطوبة قبل كده يا خديجة ؟!
قالها بهدوء وهو يطالع ملفات والده ، نظرت إليه لا تفهم ما مغزي سؤاله ؟، لاحظ صمتها فتنهد وترك ما بيده على المكتب ، ثم تقدم ليقف أمامها قائلاً :
_ أنا بس بسأل فضول مش أكتر..!
كانت تعلم أن الأمر وراءه أكثر من فضول ، ولكنها قالت :
_ إبراهيم يبقي ابن خالتي.. كان اتقدملي واتفقنا فعلياً على كل حاجه.. بس بعد كده محصلش نصيب..
حمحم بتوتر ، وقال :
_ ممكن اعرف السبب ؟!
رمقته بعجب.. لا تفهم سبب اهتمامه! ، لاحظ صمتها فقال :
_ صدقيني.. أنا مش شخص متطفل خالص.. أنا بس مستغرب..!
تنهدت بعمق ، وبعد لحظات صمت إضافية، قالت :
_ لأنه رغم انه قريبي وبيننا عشرة وعيش وملح.. مقدرش يفهمني.. مقدرش يفهم ان أنا مش زي بقيت البنات اللي قابلهم وفهموه ان الدنيا سهلة.. مقدرش يفهم ان أنا عندي حدود اتربيت عليها ومش هتنازل عنها لأي حد.. مقدرش يفهم اني مينفعش اسمحله يمسك ايدي مثلاً حتى لو علشان خاطر يلبسني الشبكة قدام الناس.. مينفعش أتجاوز و اعمل معاه سيشن تصوير زي ما بيعملوا واسمحله يقرب مني تحت مسمي "الأوبن مايند".. ببساطة لأنه لسه مبقاش جوزي.. فمقدرتش أكمل.. يمكن يكون فكرني معقدة أو بتلكك علشان أسيبه.. وأنا الحقيقة حاولت أشرحله أسبابى لكنه باردو مفهمش.. الجواز مش أيام حلوة بنقضيها في الخطوبة علشان بعد الخطوبة مفيش رومانسية!.. والحب اللي ياخد بإيدين الشخص للجنة أجمل مليون مرة من الحب اللي كله ذنوب..
نظر إليها بعجب وكأنها تقرأ ما في نفسه!.. لم يكن يتخيل يوماً أن هناك من تفكر بنفس طريقته ، فلمعت عيناه وخاصة حينما قالت :
_ وأنا عايزه ابني بيتي على المودة والرحمة.. إذا كان الشخص ده مش مستوعب بديهيات الدين.. يبقي مين اللي هيعينني على نفسي بعد كده ومين إللي هيعلمني وياخد بإيدي معاه في طريقي لربنا ؟! .. علشان كده مينفعش يكون الأساس غلط.. ومقدرش ابنيه لوحدي .. لازم يكون شريك حياتي إيده بإيديا يحارب معايا علشان ندخل الجنة سوا ونوجه ولادنا للصراط المستقيم.. الجواز حياة كاملة وعيلة وأمانة هنتحاسب عليها..
تنهدت مجدداً ،ثم أكملت :
_ صح العمر بيجرى.. وصح البنات اللي قدي بيتخطبوا وبيعيشوا حياتهم ومبيحبكوهاش.. بس مش معني ان الكل ماشي في طريق غلط إني أمشي معاهم!.. خاصة لو أنا عارفة الطريق الصح.. واللي مهما اتأخر أو طول هيوصلني في الآخر للي أنا عايزاه..
ثم ابتسمت بصفاء ، وقالت :
_ وعارفة ان ربنا سبحانه وتعالى هيرزقني بأحلى من أحلي نصيب..
كان ينظر إليها بذهول يتابع ما تقوله حرف بحرف ، شغفه بها يزداد وقيمتها في نظره ترتفع ، خفق قلبه في هذه اللحظة بعنفوان لم يشعر به من قبل وقد حسب أنه لن يجد من تفكر بهذه الطريقة في هذا المجتمع ، أما هي تذكرت ما قاله من قبل على اليخت ، ثم نظرت إليه وكأنها تخبره.. " لست وحدك من تحارب "..
_ في أي حاجة تانية حضرتك عايزها في الورق ؟
قالتها بهدوء ، وبادلها الابتسامة ثم أومأ لها رافضاً فتركته وغادرت مكتبه وبقي ينظر إلي أثرها ، قائلاً :
_ وأنا كمان ربنا هيرزقني بأحلى من أحلي نصيب يا خديجة..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
انتهي الدوام وأثناء تجهيزها للمغادرة سمعت صوت شيري على بعد خطوات منها تتحدث مع زميلة أخري :
_ هتعملي ايه في المسابقة ؟
كان هذا سؤال شيري فأجابتها الفتاة بلامبالاة :
_ فكك.. أصلا كده كده هما مبياخدوش الريبورتاج من الموظفين الجداد.. هو الاسم ان في مسابقة لكن الحقيقة بقي ان هما مبيهتموش غير بمستر سيف ومس لمياء واللي زيهم.. ففاكس بقي..
_ عندك حق.. أنا كمان عندي خروجات كتير الاسبوع ده.. بيني وبينك اللي هما بيعملوه ده أريح لينا..
_ صحيح.. هنوجع دماغنا ونتعب في الفاضي.. وفي الآخر هياخدوا الفايلات ويرموها في الأرشيف.. وربنا يعوض علينا بقي..
أصاب خديجة الإحباط مما سمعته ، لم تكن تتوقع أن الشركة تعمل بهذا النظام.. هل يمكن بعد الكثير من التعب والعمل الجاد أن يُلقي بتعبها في الأرشيف بلا فائدة..! ،
كانت شاردة في تلك اللحظة التي اصتدمت فيها بكتف عريض بالخطأ ولولا يده التي أمسكت بها لكانت سقطت أرضاً ، نظرت إلي صاحب اليد التي أنقذتها ورأت ملامح متجهمة ونظرات اقشعر منها بدنها، ابتعدت عنه بسرعة قائلة بتلعثم :
_ أنا آسفه.. مقصدتش..
كانت نظراته جريئة بشكل أثار غضبها ، وابتسم لها بمشاكسة :
_ مش تخلي بالك.. يا آنسة...؟
كان اسمها مكتوباً على شارة عملها، فقرأه :
_ اسمك خديجة ؟!
أجابت وهي تنظر إلى الأرض تتفادي نظراته الوقحة :
_ أيوه يا فندم..
_ وانتي شغالة معانا جديد..؟
أومأت له إيجاباً وهي تحاول الهرب من أمامه..مع أنها متأكدة من احتشام ملابسها الا أنها للحظة شعرت بأنها عارية أمامه من نظراته الوقحة ! ، في هذه اللحظة رأت من يحول بينها وبينه ويقف أمامه ولم يكن أحداً سوى طه ، الذي قال بغضب مكتوم :
_ محمود بيه.. الحمد لله على السلامه!
رمقه محمود بلا مبالاة :
_ الله يسلمك يا طه..
_ محمد باشا في مكتبه.. عن إذنك هاخد أختي علشان نروح.. يلا يا خديجة..
لم ينتظر سماح الآخر له بالذهاب بل قال جملته وجذب أخته بعيداً عنه قبل أن يهشم المكتب على رأسه ، بينما دخل محمود على محمد الذي نظر إليه بجمود ، ثم عاد مجدداً إلي مراجعة عمله على الحاسوب المتنقل ، رمقه الآخر بغيرة وحقد خاصة حينما لم يقم له صاحبنا من على المكتب بحكم كونه الأكبر ، ناهيك عن عدم الترحيب به وكأنه هواء ، فزفر بضيق ووقف أمامه، قائلاً :
_ مريح كرسي أبوك قوي مش كده يا أبو الكابتن..!؟
تنهد محمد ، ثم نظر إليه بلامبالاة :
_ أهلا يا محمود..
تجاهل الآخر سلامه ، وجلس واضعاً قدماً فوق الأخري :
_ أنا بس عايزك متنساش انه الوضع ده مؤقت.. والمكتب اللي إنت قاعد عليه ده.. حقي ومش هتنازل عنه..
ابتسم صاحبنا باستهزاء :
_ المكتب ده.. لا بتاعي ولا بتاعك.. مش بس المكتب لأ.. الشركة كلها ملك الحاج عبد الرحيم غيث.. يعني لا حقي ولا حقك.. وبعدين انت عارف ان أنا مش محتاج والحمدلله عندي شغلي الخاص.. ومبرميش نفسي على نصاب وابقي دلدول ليه علشان أشتري كام سهم في شركته..
فهم الآخر أنه يلمح بكلامه على عمله مع شوقي سليمان وشراكته معه ، التي يمكنه أن يفعل أي شيء للإتمامها ، وبينما يتجهز صاحبنا ليرحل من أمامه قال الآخر بتحذير :
_ على العموم.. أنا جاي أحذرك.. اللي بيعمله صاحبك مش هيبقي في صالحه.. خليه يرجع عن إللي في دماغه قبل ما يندم..
توقف محمد قبل خروجه من المكتب بعد سماع جملته الأخيرة ، فتوتر وازدرد ريقه ثم إلتفت إلي أخيه ، ساد الصمت عليهما محمد ينظر إليه بهدوء ، والآخر يبتسم ناظراً إليه بتكهن..
علم صاحبنا من نظرة الآخر أنه لا يجب أن يبدو عليه التوتر أبداً ؛ لذا قال بسخرية وقوة :
_ قول للي باعتك.. أعلى ما في خيلك.. اركبه ..
ثم غادر المكتب تاركاً وراءه قلب يحترق بحقده وأعين تعميها الغيرة..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
بعد ساعات من السير علي أقدامها عادت بخفي حُنَّين ، بعدما علقت آمالا كبيرة على شهادتها كطبيبة بيطرية؛ لتجد عملا اصطدمت بشيء أهم من الشهادات في الساحل.. إنه الجمال أو التعري بمعني أصح! ، لقد كانت تسير في البلدة طوال يومها وتشعر وكأنها جاءت وسطهن بالخطأ ، رغم أنها ليست ملتزمة بالحجاب الشرعي ترتدي بنطالا واسعاً عليه قميص واسع إلا أنها شعرت بمدي احتشام ما ترتديه!
، وبالطبع وجهها الخالي من المكياج لم يفلح في كسب وظيفة لها.. في أكثر وقت تحتاج فيه إليها..!
نعم تحتاج إلي الوظيفة كي تحصل على السكن ، أجل لقد قررت حور البقاء مع أخواتها وأمها في المدينة..!
تذكرت حوارها مع والدتها بالأمس :
_ إيه اللي انتي بتقوليه ده يا حور؟! .. انتي عايزانا نسيب القاهرة ؟
_ واحنا يا ماما لينا مين في القاهرة بس ؟
_ واخواتك ؟.. انتي ناسيه جامعة جويرية ؟
_ هحولها ورقها بنفسي في الجامعة هنا قبل ما الاجازة تخلص.. وأريج كده كده لسه هتقدم في الكلية..
زفرت والدتها بتعب :
_ أنا مش عارفة انتي من ساعة ما عرفتي ان الشقة اللي فوق عمتك فاضية وانتي على نار!.. عايزه تسيبي بيتك ليه يا حور ؟!
_ يا ماما كل حبايبنا هنا.. انتي بذمتك مش عايزه تفضلي هنا مع مرات خالو ؟..
_ طب وعيشتنا يا بنتي؟.. العيشة هنا غالية مش زي مصر..
_ هدور على شغل.. وشغلي جنب معاش بابا ومعاشك كفاية..
_ يا بنتي اللي بيأجر شقه هنا بيبقي عايز مقدم كام شهر.. ويا عالم بقي إيجارها كام !..
_ بالله عليكي متقفليهاش في وشي.. يا ماما لو انتوا عارفين تعيشوا وتكملوا عادي.. فأنا مش عارفه.. أنا حياتي صعبة قوي وكل ما بشوف الحيوان ده قدامي بحس ان هيجرالي حاجه.. هو عايش ومكمل حياته ومبسوط وأنا وصل بيا الحال إني مبقتش بعرف أنام .. ده غير نوبات الخوف اللي بقت بتجيلي بسبب إللي عمله.. بالله عليكي يا ماما أنا مبقتش قادره أشوفه قدامي تاني.. أنا تعبانه والله قوي ومش عارفه حتي اتجنبه والبيت قصاد البيت.. أنا مصدقت لقيت أمل إني مشوفهوش تاني.. علشان خاطري ساعديني يا ماما.. علشان خاطري..
كانت تتحدث ببكاء ، فبكت والدتها وجذبتها برفق إلي صدرها تربت على ظهرها بحنان ، ما مرت به ابنتها لم يكن سهلاً..
_ حاضر يا حبيبتي.. طب خلينا نحلها مع بعض.. لو لقيتي شغل.. أوعدك هننقل حياتنا كلها هنا.. ماشي ؟
_ ماشي.. والله من بكره هنزل أدور علي شغل..
عادت إلى الواقع ودمعت عيناها بوجع.. يجب أن تجد عمل ؛لتبتعد عن مكان ذلك الحقير.. ولكن كيف ؟!
أثناء سيرها توقفت سيارة بجوارها ونزل منها رجلين بخلاف السائق لم يبدُ منهم إلا أعينهم ، نظرت إليهم باستغراب فقال رئيسهم بعدما أشهر سلاحه في وجهها :
_ اثبتي عندك يا بت!
قالت بلامبالاة غريبة :
_ خير اللهم اجعله خير ؟!
_ هتركبي بالذوق وإلا...؟
زفرت بضيق..هذا بالفعل ما كان ينقصها ؟! ؛ فقالت باستسلام :
_ من غير وإلا.. هي كده كده خربانة.. فين العربية ؟
نظرا الرجلين إلى بعضهما البعض بعجب ، وقال الرجل:
_ إيه ؟!
_ آه فهمتك.. استني..
أعطته هاتفها وأخرجت محفظتها وناولته ما بحوزتها من أموال ، ثم أشارت إلى السيارة، وقالت :
_ مش دي العربية ؟.. يلا بينا بقي..
رمقاها بعجب واستطرد الرجل :
_ يلا بينا علي فين ؟!.. على فكره إحنا خاطفينك !
أجابت بلامبالاة مريبة :
_ منا عارفة !.. يلا..
ركبت السيارة وجلسوا على مقعد السيارة المواجه لمقعدها وهم ينظرون إليها بعجب ..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
في منزل الجندي ضحك ريان على إحدي نكات طه الساخرة قبل أن ينهض أمير للذهاب مع أصدقائه..
_ طب بالإذن أنا بقي..؟
_ متتأخرش يا أمير..
_ متخفش مبيشقطوش رجالة هنا..!
ضربه ريان علي رقبته بمزاح :
_ ماتلم نفسك يالا..
_ ألمهالك من أنهي نحية..؟!
ضحك طه بشدة وكتم الآخر غيظه ،وبعد ذهابه راقبه بقلق ؛ فقال طه :
_ مالك ياسطا قلقان ليه ؟!
تنهد ريان بقلق :
_ مش عارف.. بس مش مرتاح كده للعيال اللي هو مصاحبهم دول..
_ طالما حاسس بكده.. انصحه.. وخد بالك من تصرفاته كويس..
قاطع حوارهما في هذه اللحظة رنين هاتف طه وكان المتصل خديجة ؛ فأجاب :
_ أيوه يا خديجة..
_ الحقنا يا طه!
كان صوتها خائفاً ؛ فنهض بقلق قائلاً :
_ فيه إيه ؟!
_ حور خرجت من الصبح ولسه مرجعتش..
وبينما وقف ريان بجانبه ؛ ليرى ما الأمر ، نظر الآخر إلي ساعته ، قائلاً :
_ يعني إيه لسه مرجعتش؟.. الساعة عدت حداشر..!
_ زي ما بقولك كده.. وعمتو عماله ترن عليها مبتردش.. أنا خايفه يكون جرالها حاجه..
قال بخوف مماثل :
_ ربنا يستر.. أنا هنزل أدور عليها..
أغلق معها الخط ، ثم قال ريان :
_ خير يا طه ؟
أجابه وهو يرتدي حذاءه بسرعة للخروج :
_ حور بنت عمتي مش لاقيينها.. هنزل أدور عليها..
_ طب استني أنا جاي معاك..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
مضت نصف ساعة والسيارة لا تزال تسير في طريق مجهول ، أما حور فلم تكن تهتم لقد أهلكها تعب السير وتعب قلبها ؛ لذا علي عكس عادتها أخذت تبكي بحرقة ؛ فقال كبيرهم وقد أشفق عليها :
_ يابنتي هو حد فينا جه يمتك؟.. مش انتي اللي جيتي معانا بإرادتك ؟..
لم تجبه وازداد بكاؤها أكثر ؛ فأردف الرجل :
_ لا حول ولا قوه إلا بالله.. بتعيطي ليه بس يا بنت الناس ؟!
قالت وسط بكائها:
_ الحياة بقت صعبة قوي يا عمو..
_ فيكي إيه بس يا بنتي احكيلي..؟!
أجابت بنبرة متحشرجة :
_ يعني أنا خريجة طب بيطري..
_ ماشاءالله!.. يعني دَكتوره قد الدنيا..
_ ده المفروض.. ومع ذلك من الصبح وأنا بدور علي شغل ومش لاقيه .. عايزين رقاصات ومش لازم شهدات..
_ هي بلدنا كده..!
_ طب أنا محتاجة الشغل يا عمو ومليش في المياعة..أعمل إيه.. أسرق..؟!
اعترض الرجل بكل صراحة:
_ لأ!.. السرقة حرام..
نظر إليه الرجل الآخر بعجب وقال:
_ نعم ؟!
أجابه :
_ آه.. أنا حقاني!.. إنما انتي محتاجه الشغل ليه ؟!
ردت عليه ببكاء :
_ يا عمو أنا بابا ميت..
بشفقة قال الرجل بطريقة شعبية :
_ يا كبدي!.. يِتِيِمة يعني ؟
_ آه.. واخواتي معايا.. عايزه أشتغل علشان السكن.. لأن معاش بابا مش هيكفي..
_ ياعيني يا بنتي!.. أنا لو أعرف شغلانة تانية غير شغلانتي كنت وصفتهالك..
_ لأ يا عمو.. انت مش قلت حرام ؟!..
_ أيوه أنا مكدبش..
استمرت في البكاء ؛ فشعر الرجل بالذنب وقال بعد تفكير :
_ طب قوليلنا بيتك فين خلينا نوصلك..
قال الرجل الآخر بعجب :
_ إيه إللي انت بتقوله ده يا معلم ؟!
فزمجر في وجهه ، قائلاً :
_ بس اخرس ياض !.. أبو سماح ميجيش على ولية أبداً ..
ابتسمت وسط بكائها :
_ ربنا يخليك يا عمو.. والله انت الوحيد اللي جبرت بخاطري النهارده..
_ عيب يا بنتي.. إحنا رجالة باردو ودمنا حر.. وانتي حالتك أصعب من حالتنا.. لف بينا يابني خلينا نوصلها..
مضت نصف ساعة أخري حتى توقفت السيارة أمام العمارة التي تقطن بها عائلة خالها ، وبعدما نزلت منها أوقفها الرجل وناولها أموالها وهاتفها ،قائلاً :
_ ألف سلامة يا بنتي.. ربنا يعينك على شيلتك..
_ تسلم يا أبو سماح.. معلش عطلتك معايا..
_ متقوليش كده يا دَكتوده.. ده الرقم بتاعنا لو عزوتي أي حاجة إحنا في الخدمة..
تناولت منه الكارت الخاص بأرقامه ، قائلة :
_ تسلم يا أبو سماح..
_ تاخدي فلوس..؟
_ مستورة والحمدلله..
_ قولي متتكسفيش
_ متقلقش والله.. مع السلامة.. طريق السلامة يا أبو سماح..
انطلقت السيارة في طريقها والتفتت ؛ لتصعد إلي الشقة ، ولكنها شهقت بخوف من نظرات طه وريان لها بعدما استمعا إلي حوارها مع الرجل ، فقال الأول بذهول :
_ صلاة النبي أحسن!.. يطلع مين أبو سماح ده يا ست حور..؟!
_ طه ؟!
استطرد بغضب :
_ كنتي فين من الصبح ؟!.. ومين الراجل ده ؟!
قالت ببساطة :
_ ده عمو !.. حرامي وجدع قوي يا طه..
قال ريان بدهشة :
_ حرامي وجدع ؟!.. ده اللي هو إزاي يعني ؟!..
تجاهلت سؤاله ووجهت كلامها إلى طه :
_ هفهمك بس.. هو كان جاي يخطفني..
فقال بغيظ :
_ نعم ياختي ؟!.. وسبتيه يمشي ؟!
_ لأ.. ده هو اللي وصلني..
_ وصلك ؟!!
_ مش بقولك جدع !..
زفر بقوة يحاول كبح أعصابه ، ثم قال من بين أسنانه :
_ اشرحي لأمي بدل ما اتحول عليكي..
_ هو أول ما شافني بعيط صعبت عليه..
سأل بذهول :
_ بتعيطي ؟!
_ إيه يعني مش بني آدمة ؟!
_ صدقيني شاكك ..!
كان ريان يتابع ما تقوله بغيظ ، فصاح :
_ وقالبين عليها الدنيا وعمال تخبط كف على كف !.. أهي زي القردة قدامك أهيه.. لأ وبتتعرف على هجامين !..
نظرت إليه من رأسه حتي قدميه ، وسألت :
_ مين القمور..؟!
أجابها الآخر :
_ ريان ابن خالي.. بقالو ساعة بيدور معايا على جنابك لما اتهرينا.. وأمك فوق هارية نفسها عياط.. ومتتوقعيش ان أمي بتهديها لأنها هي كمان بتعيط !.. وانتي هنا طلعالي ديت مع أبو سماح !!
قالت بعجب :
_ هو بمزاجي يعني ؟!..
، ثم نظرت إلى ريان وأكملت :
_ وبعدين أنا مطلبتش من حد يدور عليا..!
عرف ريان أنها تقصده ؛ فقال بغيظ :
_ وأنا هدور عليكي ليه ؟! .. يعني بالعقل كده!.. أنا بس صعب عليا الغلبان ده واللي بتعملوه فيه..
ربت طه علي كتفه بامتنان :
_ حبيبي يا ريان والله..
فأزال الآخر ذراعه ، قائلاً :
_ مش قوي كده !
نظرت إليه للحظات، ثم قالت بتذكر :
_ استني!.. أنا افتكرتك.. مش انت بتاع الرمل والأسمنت ؟!
سألته بسخرية ؛ فقال بسخرية مماثلة :
_ وانتي بتاعة البهايم ؟!
قالت بغيظ :
_ اسمها دكتورة بيطرية يا جاهل..!
_ و بردو اسمها مهندس معماري يا جاهلة.. !
صاح طه بهما :
_ مش وقته انتوا الاتنين.. أمهاتنا فوق هيشلوحونا لو مطلعناش دلوقتي!
، ثم نظر إليها :
_ إنجرى قدامي يا بتاعة أبو سماح.. دنا هجرسك دلوقتي !..
ركضت هي إلي الأعلي ؛ فقال الآخر :
_ انت قولتلي اسمها إيه ؟!
_ حور..!
فقال بعجب :
_ واسمها ده يركب إزاي مع شخصيتها ؟!.. دي روح.. وشريرة كمان..!
ابتسم طه بعجب ، ثم قال :
_ انت مش هتطلع وألا إيه ؟!
_ لأ أنا هروح أشوف أمير رجع وألا لسه.. يالا سلام..
_ سلام..!
ودعه طه وصعد هو إلى شقته ؛ لينجدها من براثن والدته وعمته....
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
_ يعني إيه اللي انت بتقوله ده ..؟!
قالها حسام باستغراب إلى والده ؛ فقال الرجل ببرود أثناء تناوله الطعام :
_ اللي سمعته..!
سأل بهدوء كابحاً غيظه :
_ هممم!.. ليه بقي..؟!
_ هو ايه اللي ليه ؟!.. أنا أبوها وشايف ان مصلحتها في مصر..
ابتسم صاحبنا بسخرية وغضبه يتضاعف :
_ إزاي ؟!.. أصلا المسابقة بتاعتها هنا!.. ولو على جامعتها بتليفون مني أحولها ورقها.. فين بقي المشكلة..؟!
ترك والده الشوكة علي الطاولة ، وقال :
_ اسمع بقي.. مش معني إني سبتك تعمل البيزنيس اللي إنت عايزه هنا.. يبقي تتوقع مني أسيبلك كارما.. زي ما انت أخوها أنا كمان أبوها.. ومش هسمحلها تخرج عن طوعي .. كفاية انت..
_ بس إحنا اتفقنا !..
لم يجبه الآخر فتراجع إلي الوراء وقد فهم كل شىء، وأردف :
_ الكلام ده مش كلامك.. ده كلامها هي.. هي عايزه إيه؟! .. من ساعة ما دخلت حياتنا وكل همها تعكنن علينا عيشتنا..!
نهض والده ، قائلاً بغضب :
_ ولد!.. احترم نفسك.. دي عمتك ولازم تحترمها !
فنهض هو أيضاً وقد فاض به الكيل :
_ أياً كانت.. ملهاش الحق تتدخل في حياة كارما.. وتسم بدنها ليل ونهار بكلام فارغ.. فلانه أحسن منك.. فلانه اتجوزت وانتي لسه.. اغسلي امسحي.. لبسك بسيط قوي زي بتوع الفلاحين.. طبخك يقرف.. كل دي حاجات ملهاش انها تدخل فيها.. ملهاش دعوة بيها..
_ كدب.. أنا بشوفها بتعاملها كويس قوي..
_ ده قدامك بس.. ده مش كدب.. ولو أنا كداب فكارما مش كدابة..
تنفس بغضب ، ثم استكمل بسخرية لاذعة :
_ بس صحيح.. هو انت أصلا تعرف إيه عننا ؟.. انت عمرك ما عرفت عننا حاجه.. بلاش أنا.. كارما تعرف إيه عنها؟ .. انت تعرف هي بتحب ايه.. بتكره ايه.. مواعيد محاضراتها.. اهتمامتها.. مواعيد تدريباتها.. انت.. تعرف ايه عنها.. ؟! .. تعرف كام مرة نامت وهي معيطه ؟.. تعرف انها كل يوم بيعدي عليها بيبقي أصعب من إللي قبله.. كفاية بقي ! .. انت عمرك ما فكرت فينا.. وبعد موت ماما البنت اللي فوق دي تحت حمايتي.. ومش هسيبها ترجع معاكم.. صح قدام الناس انت أبوها.. بس الحقيقة انها بنتي أنا.. خليك فاكر ده..
قال والده بغضب وهو يتركه؛ ليصعد إلي غرفته :
_ خلاص.. خلصت كلامك.. كارما هترجع معانا القاهرة.. وده آخر كلام..
تنهد حسام بعمق ، ثم قال بثقة :
_ خلاص.. يبقي شوفلك ممول تاني غيري لمشروعك الجديد..
التفت إليه ناظراً إليه بدهشة ، ثم قال :
_ وايه دخل البيزنيس في حياتنا الشخصية يا حسام..؟!
_ انت اللي أجبرتني أعمل كده..
_ اوعي تفتكر إنك بتهدد......
قاطعه حسام :
_ مبهددش.. وخسارة بخسارة بقي..
تركه حسام وخرج من المنزل بغضب ، أما كارما كانت في الاعلي تبكي والدتها بحرقة.. وتتمني أن تنطفئ تلك النيران المشتعلة بين أباها و شقيقها..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
تأخر الوقت وذلك الأمير المدلل لم يصل بعد ، توعده ريان بالويل ؛ لتأخره إلي هذا الوقت.. لم يعد يتبقي على آذان الفجر إلا دقائق وحضرته لم يحضر بعد !! ،
ثوانٍ وسمع صوت ضحكات بجوار الباب ؛ ففتحه ووجد شقيقه مستنداً على الحائط ، يقف بصعوبة وصوته يعلو بالضحك ، فقال وهو يضغط على كتفه :
_ ولا يا أمير !.. إيه اللي أخرك كده يا زفت ؟!
نظر إليه الآخر بصعوبة ، ثم ضحك قائلاً :
_ عبد الرحمن ؟!.. انت وقعتلي من السما..
علم صاحبنا من طريقته أنه في حالة سُكر بينة ، فقال بغيظ :
_ الله !!.. ده انت معليها..!
ضحك شقيقه الأصغر للحظات ، ثم قال :
_ أصل أنا.. أنا بقالي ساعة واقف ومش عارف أفتح..
قال بسخرية :
_ ومش عارف تفتح ليه يا حيلة ؟!
_ أصله مش راضي..
_ هو مين ده ؟!
ضحك، ثم قال:
_ المفتاح.. كل ما أقوله ياللا ياسطا خلينا نترمي على السرير قبل ما نتفضح.. يقولي أبداً لا يمكن.. لازم أفرج عليك العمارة الأول !..
قال ريان بغضب :
_ طب خش يا خويا ده انت ليلتك فوحلقي..!
_ طب أبوك وأمك جوه ؟
_ حظك انهم بايتين عند أختك .. كان نفسي بابا يكون موجود ويعلقك..
مد له ذراعه قائلاً :
_ طب تعالى خد بيدي يا شقيق..!
أخذ ريان بيده وهو يقول بحسرة :
_ انت ضعت كده امتي ياسطا .. هو أنا غبت في لندن كتير ؟!..
نظر إليه الآخر قليلاً ، ثم سأل :
_ ولا يا عبده .. انت كويس ؟!
قال ريان بغيظ :
_ كويس آاه!.. خليك في نفسك الأول.. !
_ أصلي شايفك ريان..!
_ متهلفطش !.. ما انت اللي جاي واخدني من المطار..
_ ايه ده وربنا انت ريان ؟!!!.. الحمدلله على السلامة.. جيت امتي ؟!
أجلسه ريان على الأريكة ، ففرد الآخر جسده باستسلام ، ثم قال ضاحكاً :
_ تفتكر أبوك لو كان موجود كان هيعمل فيا ايه ؟
_ وألا تفتكر بقي أمك لو كانت موجودة كانت هتعمل فيك ايه ؟!!!
نظر له أمير فجأة ، وقال بجدية :
_ ولا يا عبده!.. هي أمك لسه عايشه ؟!
فضربه في كتفه ، قائلاً بغضب :
_ ربنا يديها الصحة ويخليها لينا.. ويريحنا من تخلفك ده..!
_ يالهوي ده أنا نسيت.. أمال الولا صلاح كان بيقولي ليه ان أنا يتيم ومحتاج حنان الأم..
_ وفساد قالك كده امتي ؟!
_ وهو بيقنعني أشقط المزة..
جحظت أعين ريان ، وقال :
_ بتشقط مُزز يا أمير ؟!
_ وفشلت باردو.. شكلها لاحظت ان أنا لسة جديد في الكار..
ضحك بشدة ، فقال الآخر بغيظ :
_ انت عارف يلا أنا هعمل فيك إيه لما تفوق.. دا أنا هعمل منك بوفتيك..
ضحك الفتي بأعلى صوته :
_ وابقي كتر السلطات..
نظر له ريان بغيظ ، ثم تحرك من أمامه قبل ان يقتله! ، بينما الآخر راح في سبات عميق...

# # نهاية الفصل السادس
يا تري مين بقي شوقي سليمان ده وايه علاقته بحسام ؟
ولو انتوا نسيتوا فده صاحب الشركة اللي كان بيشتغل فيها أبو خديجة..
وايه اللي حصل لحور زمان ؟
ومحمود هيعمل ايه مع خديجة ؟
تابعوا معايا وانتوا هتعرفوا 🤔

ماهو أنا بغيب غيبتي وبرجع بحلاوتي.. 🫣
بارت النهارده جد شوية بس باردو متنسوش الفوت😉
صلوا على النبي العدنان 🫀

 🫣بارت النهارده جد شوية بس باردو متنسوش الفوت😉صلوا على النبي العدنان 🫀

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
خديچة ( قلب الكابتن )Where stories live. Discover now