وبعد أعوام من الصبر ترى أن ذلك الإحساس الذي صدقته - دون دليل علي إمكانية تحقيقه - صائباً ..
ذلك القلب الذي عاشت تحفظه لأجله يخبرها الآن بأنها علي موعد معه.. ذلك الذي حافظ على قلبه أيضاً لأجلها 🫀
لا تستهن بتلك اللحظة التي تعيشها الآن.. فستبني عليها مصير حياة كاملة..! ... من أنتِ .. ولماذا أصبحت ضعيفاً أمامكِ.. وأنا الذي لم أبالِ يوماً بنون النسوة..إلتفت قلبي وعقلي وكياني كلياً إليك..! وكأنني الأهلي وأنتِ الدقيقة تسعين..! ...... _اصطبحنا وصبح الملك لله ! قالتها خديجة وهي تقوم بنشر الثياب في الشرفة ،وقد استغلت والدتها رفدها من العمل خير استغلال؛ فقلبت الشقه رأسا على عقب وكأنها ليلة عيد ! زفرت بملل، ثم فردت ذراعيها للسماء : _ يارب أنا معنديش مشكله أقعد في البيت واقلبوا كل يوم.. عادي النظافه من الايمان.. بس منتجات الإسكين كير بتاعتي كلها على وشك النفاذ.. يعني حقيقي انا امرأه في ورطة .. يارب شغلانة من عندك تفك ضيقتي.. دخلت عليها والدتها قائلة : _ انتي لسه مخلصتيش ؟! ..شهلي إيدك شوية ..! _ حاضر يا ست الحبايب من عيني.. بس أنا بقول كفاية غسيل لحد كده .. المناشر خلصت وصحتي خلصت معاها .. _ كفاية ده إيه ؟! ده لسه السجاجيد .. _ إيه ؟! _ اللي سمعتيه.. يلا خفي ايدك.. خرجت من الشرفة وتركتها تنظر إلى أثرها بقهر ،ثم نظرت إلى السماء ورفعت يديها مجدداً : _ يا رب أي شغلانة تخلصني من حياة الجواري اللي أنا فيها دي ..! &&& في مطار القاهرة وقف ذلك الشاب يبحث بعينيه عن شقيقه القادم في الطائرة القادمة من لندن، يعبث بخصلات شعره الطويلة وهو يرمق الوافدين واحداً تلو الآخر ولا يتبين له أن شقيقه من بينهم؛ فتقدم من إحداهن ونقر بإصبعه كتفها ، التفت له وسقط قلبه ولمعت عيناه من جمالها الأخاذ ،وهي تقول : _ أهلين ..خير شوفي؟! لقد أزادت الطين بللاً بلجتها اللبنانية والمعروفة بتأثيرها على الرجال وخاصه المصريون؛ فقال بابتسامه بلهاء : _ أهلين !.. ده أهلين وسهلين قوي يعني !.. أم الدنيا نورت !..احم .. أنا بس كنت بسأل الطيارة اللي وصلت دي من لندن ..؟ قالت صاحبتها : _ لاء.. طيارة لندن بتيجي بعد نص ساعة .. هي الطيارة جايه من بيروت ..ونحن اجينا لهون سياحة يا خيي.. إلتقطها من فمها ، وقال : _ سياحة؟!.. طب ده انتوا حظكوا من السماء.. ربنا وقعكم في أحسن واحد يقدر يدلكوا على الأماكن اللي تقدروا تزوروها .. و أكتر واحد حافظ مصر .. حته حته ..و شبر شبر ..و زنجه زنجه.. أجابت الأولى بانبهار : _ عن جد ؟!.. ليش انت مرشد سياحي.. عبث بخصلات شعره مره أخرى ،ثم أردف غامزاً بعينيه العسليتين الجذابتين : _ لا يا حلوه .. أنا لسه طالب جامعي ..بس معنديش مانع أكون مرشد سياحي عشان عيونك .. ضحكت الفتاة ؛ فقال بهيام : _ كله علشان خاطر السياحة.. لك دخيل الله يا جدعان !! بعد نصف ساعة ودع الفتاتين بعدما احتفظ بأرقامهما ، وقال أثناء توديعهما : _ مع السلامة .. لو احتجتوا أي حاجة أنا في الخدمة.. على اتصالات بقى .. ودعهم بحفاوة كبيرة ،ثم وضع يديه في وسطه إلى أن اختفت السيارة من أمامه ، فتمتم قائلاً بابتسامة بلهاء : _ والله وصيتك وصل للبنان يا واد يا أمير .. عظيمة يا مصر ..! ، ثم قال وهو يحاول التذكر : _ مش عارف حاسس ان أنا ناسي حاجه ..! جاءته صفعة من الخلف والصوت يقول: _ حاسس مش متأكد ..! التفت أمير بتفاجؤ ، ثم صاح بفرحة قائلاً : _ ريان ؟! نظر إليه للحظات كأنه يتأكد ،ثم جذبه ،تعلق برقبته والدموع تتدفق لعينيه: _ وحشتني قوي قوي.. انزلقت دموعه على خديه : _ إياك تعملها تاني يا ريان .. أنا مش هسمحلك تسافر تاني .. أبعده ريان بابتسامة جذابة تشبه إبتسامة شقيقه الأصغر ولكن باختلاف أنه يمتلك عينان خضراوان : _ انت كمان وحشتني قوي.. متقلقش أنا أصلا راجع ومش ناوي أسافر تاني .. أنا قاعد على قلبكم.. داعب خصلات شعر شقيقه وتماسك كي لا يبكي أمامه ،ثم قال مشاكساً : _ بس إيه يا ولا الحلاوة دي ..السنتين اللي قعدتهم فيها بره غيروك و خلوك راجل.. نظر له شقيقه باستياء..أوليس هو رجلاً أمامه ؟! ،ثم قال بعد ما ابتسم : _ ولو متحاولش تخرجني بره المود اللي أنا فيه دلوقتي ..ما انت مش كل يوم هترجع من السفر يعني.. جذبه ريان ،ليعانقه مجدداً ،ثم قال : _ ده أنا أتدلع براحتي بعد كده بقى.. _ طبعاً ..اطلب اللي انت عايزه بس متسافرش تاني.. أبعده ريان عنه، ثم مسح دموعه بكفيه، وقال بمزاح : _ طب يلا شيل الشنط دخلها العربية .. نظر الآخر للحقائب الكثيرة بسخط ،ثم قال : _ لا ميغركش الدموع وجو العشق المفقوع إللي أنا فيه ده.. دي حاله طارئه .. خد بعضك وارجع لندن احسن.. ضحك بعلو صوته ،بينما استطرد الآخر : _ إيه كل الشنط دي يا ريان ؟!.. انت حملت العفش معاك بالمره وانت جاي ؟!.. الطيارة إزاي قدرت تشيل كل ده ؟! .. و عدوها إزاي من الجمارك مش فاهم أنا ؟! _ هما بعتينك تنق عليا ولا يا أمير ..امسك الخشب يا أخي ..! نظر إليه باستياء ، ثم بدأ ينقل الحقائب الواحدة تلو الأخرى ، بينما قال ريان : _ أمال عبد الرحمن فين ما جاش معاك ليه ..؟! _ لهو انت متعرفش ؟! _ خير ؟! _ عبد الرحمن أخوك دابب خناقه مع مراته وتقريباً كده واقفين على الطلاق.. أجابه بلا مبالاة : _ هما لسه ؟!..ده أنا قلت هاجي ألاقيهم خلصوا ! _ ده العادي بتاعهم ..من يوم ما اتجوزوا تقريباً وهما واقفين على الطلاق.. ضحك ريان بينما شقيقه يضع آخر حقيبة ، سأله : _ وانت كنت بتعمل ايه مع البنات دول ؟ فضحك وقال ببراءه : _ ابداً .. كنت بنشط السياحه.. ، ثم ركبا السيارة وانطلقا إلى المنزل .. &&& _ أبعت مسدج ولا أكتبلها جواب ؟!.. ولا أبعتلها حمام زاجل .. ولا أعمل إيه ؟! قالها طه وهو يقرض أظافره أمام الشركة بعد انتهاء وقت دوامه .. لقد اشتاق إليها ولكنه قد عاهد خديجة أنه لن يتواصل معها مجدداً إلا من خلالها ، ما الذي يجب أن يفعله الآن ؟! في هذه اللحظة توقف محمد بسيارته أمام الشركة ونزل منها ،ثم خطى على عجل باتجاه طه قائلاً : _ طه..صح ؟! نظر إليه الآخر بملامح باكية مضحكة ، ثم جحظت عيناه وكأنه لا يصدقهما ، قائلاً : _ كابتن محمد ؟!.. _ أيوه.. أخبارك إيه ؟! _ يا لهوي !!..انت بنفسك جاي تسلم عليا .. هو انت اللي نايم و بتحلم ولا أنا إللي نايم وبحلم؟!.. وأنا لسه هسأل !؟ .. تعالى في حضن أخوك يا فواز ! تعلق في رقبته، بينما محمد يبتسم بدهشة، هذا أغرب نوع من الإعجاب قد يقابله المرء في حياته؛ فقال بعدما ابتعد عنه : _ انت بتشتغل هنا صح ؟ _ أيوه ! _ طب الحاج عبد الرحيم فوق ؟ .. _ لا للأسف روح بدري النهارده.. بس انت أؤمرني لو عايز أي خدمه قوللي وانا أخلصهالك .. _ بجد ؟! قالها محمد بعجب، فأكمل الآخر : _ أمال !!.. أنا هنا الدراع اليمين لعبد الرحيم بيه.. ما فيش شارده ولا وارده إلا لما بتعدي من تحت ايدي .. باختصار كده يعني الشركه دي قايمه على مجهودات العبد لله .. نظر إليه بابتسامة متعجبة ،و قام بمجاراته : _ لا ده انت توصي عليا بقى ! ضحك الآخر : _ حضرتك مش محتاج توصيه.. ده كفايه طلتك بس علينا.. قاطعهما رنين هاتف محمد وبالطبع كان المتصل حسام الذي أخبره أن ريان قد عاد إلى مصر، فصاح بفرحة عارمة قبل أن يغلق معه على عجل، وقال : _ عن إذنك أنا بقى .. متنساش توصي عليا!.. قال الآخر بفخر : _ دي أقل حاجه يا كابتن مصر.. وقبل أن يرحل عاد إليه وسأل : _ صحيح يا طه الآنسة خديجة عملت إيه في شغلها .. _ إيه ده؟!.. وانت عرفت منين ؟! لم يخبره محمد أنه لديه علم عن رفدها من العمل قبل أيام بعدما سأل عنها في الفندق ؛ فحمحم بإحراج : _ عرفت منين ايه؟! _ صحيح ..وانت هتعرف منين ؟.. خديجة اترفدت.. تصنع محمد الدهشه وقبل أن يستكمل طه ما يقوله رن هاتفه للمرة الثانية ؛فلعن حسام في سره ، وقال قبل ان يرحل : _ أنا فعلاً مضطر أمشي .. هقابلك تاني قريب بإذن الله.. وقبل أن يرحل استوقفه طه هذه المرة قائلاً : _ كابتن !.. سؤال بس من فضلك.. هو أنا يعني لو عايز أتواصل مع واحدة بحبها .. ومش عارف أتواصل معاها ازاي لأنه حرام.. أعمل إيه ؟! نظر إليه الآخر ،ثم ابتسم بصفاء و أشار إلى السماء، قائلاً : _ ادعي ..ربنا سبحانه وتعالى هو الوحيد اللي قادر يوصلك بيها في الحلال ..وفي اقرب وقت.. نظر إلى السماء، وقال : _ أدعي ؟! ربت محمد على ذراعه مؤكداً : _ ادعي يا طه.. تركه وركب سيارته ،ثم غادر بها متجهاً إلى منزل ريان ، لم يخبر ريان اي أحد بعودته سوي والديه وإخوته الذين أقاموا له احتفالاً حضره محمد وحسام فقط، بعد رحيلهما هاتف ريان عمته التي تفاجأت بوجوده في مصر وطلبت أن يحضر إليها في أقرب وقت .. وهناك في منزل حنان قامت حفلة أخرى من أجله ببهجة من نوع آخر ومضت عده أيام روتينية على الجميع ... خديجة تبحث عن عمل ولكنها لا تجد ؛فيزداد إحباطها، طه يشتاق إلى ندى ولكنه قد عاهد الله أن يسعى إليها في الحلال ولا شيء غير الحلال ريان يخرج في المدينة مع إخوته وأصدقائه ويزور الأماكن الجديدة بها ،محمد يتمرن مع فرقته في النادي لأجل المباراة القادمة بعد اسبوع في نهائي كاس مصر.. ويطمئن على والده باستمرار ، وحسام رغم أن ذيله لم يُقطع إلا أنه من الناحية العملية يظهر كل يوم على التلفاز يقدم برنامجه الرياضي الشهير من العاشرة إلى الثانية عشرة صباحاً .. وفي النهار يذهب إلى النادي؛ ليتابع القرارات الجديدة أما في مكان اخر .... أخرجت فرشاة رسم جديدة وخلطت لونين ببعضهما ؛ليظهر لها لون ثالث استخدمته في رسمتها، بينما الرياح القادمة من شرفتها التي تقع على البحر مباشرة تداعب وجهها وخصلات شعرها البنية التي تتطاير خلف وجهها ؛ليشرق خيالها أكثر فتبدع في رسمتها أكثر وأكثر ... &&& في صباح اليوم التالي خرج طه بأبهى حلته ؛ ذلك لأن رئيس عملهم الجديد على موعد معهم ، وعلى عكس عادته رحل إلى عمله مبكراً ..لا يريد أن يضعه رئيسه في القائمه السوداء من أول يوم..، ولكنه عندما صعد إلى مكتبه تفاجأ بأن مديرهم بالفعل قد استلم عمله منذ السابعة صباحاً وقبل حضورهم جميعاً .. يا لحماسه الرجل !! والأغرب أنهم أخبروه أنه قد طلبه بالاسم ؛ لرؤيته ، حاول أن يفهم منهم السبب ولكنهم يجهلون ، فقرر مواجهة مصيره ، طرق باب الغرفة بأصابع مرتعشة، بعد ثواني جاءه الإذن بالدخول ؛ فدخل و كان كرسي المكتب فارغاً لذا ذم حاجبيه باندهاش وهو يتقدم ليقف في منتصف الغرفة ،فجاءه الصوت من خلفه، قائلاً : _ ازيك يا طه.. شهق طه ونطق البسملة قبل أن يلتفت ؛ليرى من صاحب الصوت ،ولكنه شهق مجدداً ونطق التشاهد هذه المرة بعدما رأى محمد أمامه ، فتمتم بذهول : _ كابتن محمد ؟!.. حضرتك جاي تقابل الحاج عبد الرحيم غيث..؟ ابتسم الآخر إبتسامة مشاكسة : _ لا أقابله ده إيه .. أنا جاي آخد مكانه .. جحظت عيني طه كعادته، ثم إزدرد ريقه بتوتر.. يخشى أن يكون ما برأسه صحيحاً : _ مش فاهم !! _ عندك حق ..ما هو أنا نسيت أقولك إن أنا أبقى ابن الحاج عبد الرحيم غيث .. ارتفعت ضربات قلبه وهو يتذكر آخر حديث بينهما .. إنه مرفود من عمله الآن ! ،ولكنه تمتم : _ احلف كده ! نظر إليه محمد يحاول كتم ابتسامته: _ من غير حلفان!.. مش باين عليا ولا ايه ؟! _ لا هو باين حضرتك ..أنا اللي عندي تخلف.. بص يا فندم انت براحتك.. بس قبل أي شيء.. استكمل بملامح باكية : _ أنا عايز أوضحلك ان أنا أهبل .. وأحياناً كتير بمشي و بتكلم وأنا نايم ..يعني آخر مرة اتقابلنا فيها اكيد اكيد.. بقولك أكيد يعني ..مكنتش في وعيي .. ضحك بأعلى صوته، ثم قال : _ خلاص يا سيدي أقعد .. تبدلت ملامح الآخر الى الذهول : _ أقعد ؟! _ أيوه يا أخي عايز أتكلم معاك ! _ خير يا كابتن ؟ سكت محمد للحظات متردداً ، ولكنه قال : _ خير.. هي الآنسه خديجة رجعت شغلها ؟ تنهد طه: _ لا يا فندم .. للأسف الآنسه منار رفضت .. _ طيب الآنسه جميلة استقالت امبارح.. ولو كده كلمها تيجي تستلم مكانها.. إنها جميلة نفسها خطيبته السابقة ، لقد تركت العمل في شركه والده بعد فسخ الخطبه؛ ولهذا كان القدر يهيئ لخديجة مكان لها في الشركة بعد إستقالة الأخرى ، نظر له طه وتساءل وكأنه لا يصدق أذنيه : _ ده بجد؟!! _ أيوه طبعاً .. وأنا ههزر معاك في الشغل ؟! تململ الآخر في جلسته بتوتر ، وقال بصراحه: _ بص يا فندم.. أنا هكون صريح معاك.. البنات يا فندم نوعين ..نوع كده تحسها بسكوته وأقل حاجه تجرحها .. ونوع تاني كده تبقى عايز تقول لها في مصلحه وعايزك تخلصيها معايا.. إنما خديجة اختي لا تبع دول ولا تبع دول دي لها دماغ لوحدها .. دي تقولها في مشكله وعايزك تشعلليها معايا تخربيها معايا .. انطلقت ضحكة من محمد وهو يتذكرها ؛فقال : _ اه والله !.. حضرتك بتضحك ؟.. أنا بس بوضح لحضرتك وشاكر جداً انك عرضت شغلانة زي دي على اختي .. بس عشان متقولش طه خدعني .. اتسعت ابتسامته مجدداً ،ثم قال: _ من الناحية دي متقلقش .. أنا اللي بيشتغل معايا بظبطه بمزاجه أو غصب عنه .. ويلا قوم شوف شغلك .. وخليها تيجي بكره تمانيه بالظبط .. تمانيه وخمسه مش هدخلها.. ابتهج الآخر وقال: _ حاضر يا أستاذ محمد.. قبل أن يخرج من مكتبه، ويخرج هاتفه ؛ ليتصل بخديجة التي كانت في غرفتها تضع يدها اسفل خدها بضجر ؛ فقالت والدتها : _ انتي هتفضلي قاعده حاطه إيدك على خدك كده ؟ ! _ أعمل إيه يا ماما ؟!.. مخلاص اترفدت وقعدت جنبك في البيت زي قرد قطع .. زفرت المرأة بضيق : _ يا بنتي قومي شوفي الدنيا ..اخرجي من اوضتك بدل ما انت حبسه نفسك فيها أربعة وعشرين ساعة كده.. _ حاضر يا ماما ..هقوم أقعد في الصالون.. _ هو ده إللي فهمتيه؟! _ يعني أعمل إيه ؟!.. أقوم اتحزم وأرقص ؟! _ لا يا ظريفة !..چنان صاحبتك رنت عليكي ولما لقت تليفونك مقفول كلمتني..و هي جيالك في السكه .. أخرجي معاها .. المهم تخرجي من الجو ده.. _ يعني ده اللي هيساعدني ؟! _ آه .. ولازم تفردي وشك ده قبل ما عمتك وبناتها ييجوا .. خديجه تعشق عمتها بالمعنى الحرفي ولكن بينها وبين حور ابنة عمتها الكبرى ما يسمى بمصانع الحداد ؛ فقالت: _ أيوه .. هلو ورا بعضكم كده هلو خلوها تكمل.. قالت والدتها بتحذير : _ اسمعي !..أنا مش عايزه وجع دماغ .. وعدي الأجازه دي على خير.. مش لازم كل مره تقضيها خناق ومناقره مع حور بنت عمتك ..عمتك بتزعل .. أجابتها بغيظ: _ حاضر يا ماما .. هديها الرضعة ! _ هو أنا هغلبك في الكلام.. يا ستار عليكي ! تركتها والدتها وخرجت، بينما صاحت خديجة بضجر أكبر : _ يا جدعان .. حد يخرجني من المسلسل التركي اللي وقعت فيه ده ..! رنه هاتفها ،فقالت : _ استر يا رب .. أنا مش ناقصه ! ، ثم فتحت المكالمة : _ أيوه يا سي طه.. خير ؟! ما هو معدش فاضل غيرك..! _ ايه يا بت في إيه ؟! _ لهو انت متعرفش ؟!.. مش ولاد عمتك هيقضوا معانا الأجازه .. _ آه قصدك إن الحرب بينك انتي وحور هتشعلل ! قالها بضحك؛ فردت بغيظ: _ اضحك يا أخويا اضحك .. أنا مش عارفه هي قرشه ملحتي ليه ؟! _ والله أنا إللي هموت وأعرف.. من وانتوا صغيرين وانتوا رافعين السلاح على بعض ليه ؟!.. المهم خلينا في الموضوع اللي كلمتك علشانه ..باضتلك في القفص يا بنت المحظوظة..! _ خير ؟! _ هتشتغلي معايا في الشركة ..لا وإيه صاحب الشغل هو اللي طلبك مخصوص .. تلقت الخبر ببهجة غير عادية، وقالت غير مستوعبة : _ إيه ده؟!.. لأ ثواني كده اشرح لي.. _ مش هشرحلك هسيبك تتفاجئي.. المهم جهزي نفسك بكره هتيجي تستلمي الشغل تمانيه ..تمانيه وخمسة مش هيدخلك ..انتي حره .. _انت بتتكلم بجد يا طه ؟! _ آه والله بجد.. ومتخافيش قلت لصاحب الشغل على عيوبك وهو حالف ليظبطك.. _ طب أفرح ولا أخاف دلوقتي ؟!.. هو مين صاحب الشغل ؟! _ والله ما هقولك ..هسيبك تاخدي الصدمه إللي أنا أخدتها .. يلا سلام ورايا شغل.. في هذه اللحظة وصلت چنان التي صاحت بمرح عند رؤيتها لوالدة صديقتها الوحيدة : _ يا مساء الخير على أجمل حنونه فيكي يا جمهورية .. استقبلتها حنان بحب: _ مساء الخير يا بطة.. ذمت شفتيها كطفلة صغيرة وهي تقول بمشاكسة : _ بطة ؟!..مقبولة منك يا جميل.. بنتك فين ؟! _ أهي متلقحه جوه.. _ طب عن إذنك انا بقى.. تركتها ودخلت إلى صديقتها، قائلة : _ إيه يا عم ؟! تقلان علينا ليه ؟! ابتهجت خديجة ،وصاحت : _ چنان ..وحشتيني! _ فين ده ؟! طب ده أنا قلت هتسألي عليا عشان تشوفي عملت ايه في المعرض بتاعي !.. صحيح أنا خلصت آخر رسمة.. جذبتها خديجة وضمتها بأخوه، قبل أن تقول : _ حبيبتي متزعليش مني أنا بجد الأسبوع ده كنت مخنوقه فيه قوي .. ومعنديش طاقه لأي حاجة . _ لأ انسي بقي جو الاكتئاب ده.. أصلا مش لايق عليكي! و يلا بسرعه مفيش وقت ..جهزي نفسك عشان نلحق نخرج ونروح بدري .. تعجبت من عجلتها ،وقالت : _ هنروح فين ؟!.. _ احنا في الساحل حضرتك .. في مليون مكان ممكن نروحه ! ..ولا أقولك أنا معزومة على خطوبة واحد زميلي .. إيه رأيك نروح ؟ _ مليش مزاج يا چنان والله .. قالت الأخرى برجاء : _ لأ والنبي.. انا ما صدقت أقنعت بابا وماما بالخروجة دي ومرضيوش يوافقوا إلا لما عرفوا إن انتي خارجه معايا .. وبعدين انزلي غيري جو.. نظرت إليها الأخرى قليلاً ..لا تريد ان تخيب رجائها ؛فقالت بمزاح : _ طيب هدخل الحمام وانتي جهزيلي فستان على ذوقك.. قفزت چنان من جلستها؛ لتنتقي لها ثوب مناسب، بعدما خرجت الأخرى من الحمام وجدتها قد جهزت لها فستاناً أسود اللون مطرزاً من الذيل إلى الأعلى بنقوش فضية ساحرة ؛ فارتدته وكانت جميلة بحق ،ساعدتها چنان بوضع القليل من مساحيق التجميل؛ لتبرز أنفها الدقيق ووجهها البيضاوي وأهدابها الطويلة.. سحر عينيها البنيتين يتماشى مع سحره وكأنها أميرة هاربة من قصة خيالية !.. ينقصها التاج تعرف أنه ينقصها ولكنها تتردد في ارتدائه ولكن يوما ما سترتديه ؛ لتصبح أميرة بحق.. .......... في نفس اللحظة في منزل أنيق يطل على البحر مباشرة كان صاحبنا كأحد فرسان العصور القديمة بعد ما ارتدى قميصاً أبيض اللون عليه بنطال أسود وقد هندم شعره ولحيته وارتدى ساعته المفضلة بالإضافة إلى خاتم قد أخذه هدية من والده .. شعره البني وأهدابه الطويلة يضفيان مزيداً من السحر على وجهه البرونزي .. ضبط ياقة قميصه أمام المرآه ورش من عطره المفضل ، رن هاتفه فأجاب قائلاً : _ هو أنا مش لسه قافل معاك يا حسام؟!.. متوجعش دماغي وربنا أقعد ومجيش .. _ طب تصدق ان أنا غلطان علشان عاوز أخرجك من الكهف اللي انت عايش فيه ده ؟!.. ما تنجز يا عم محمد بقالك ساعة بتلبس دي ما كانتش خطوبة دي ؟! _ أقفل ياض أنا مصدع أصلا .. ولو اتصلت تاني مش هاجي .. أغلق محمد معه المكالمة ،ثم أخذ مفاتيح سيارته وغادر المنزل... &&& مرت دقائق طويلة ،ثم ركنت چنان سيارتها قبل أن تنزل منها، لتلحق بخديجة التي كانت تنتظرها أمام باب القاعة المفتوحة بينما الأغاني تصدح من حولها .. مكان فخم ،أغاني مبهجة، فساتين غالية، ومجوهرات بملايين، بدلات رسمية من دور أزياء عالمية ،أحذية من ماركات مشهورة ..مظاهر كاذبة ،ابتسامات كاذبة، مشاعر مزيفة ... ! وهي على عكس معظم المتواجدات في المكان تحلم بخطبة هادئة لا تريد ألماس ولا حتى ذهب.. يكفيها خاتم بسيط ترتديره بخنصرها الأيمن حتى ولو من الفضه، لا تريد عرض أزياء مشابه لما تراه الآن ..تريد أن يشاركها فرحتها أحبابها يرتدون ملابس من الحب والمباركات، يهدونها الكثير والكثير من الدعوات، يتزينون بطيبة قلوبهم ..لا تريده أن يرتدي بدلة من تلك الماركة التي يبلغ سعرها مبلغ لا باس به يكفي لإطعام عائلة لمدة شهرين على الأقل ! ،لا يهم أن يحضر لها الفنان المشهور "فلان الفلاني" أو أن يكون الحفل في قاعه مفتوحة تقع على البحر مباشرة في الساحل ! لا تريد شكليات مزيفة.. لا تريد مشاعر مزيفة ،تريد إبتسامة صادقة ورجل حنون عليها ..نظرة حنونة منه تكفيها ؛ لتمنحه عمرها وقلبها ودعواتها في كل صلاة .. يكفيها أن يكون صالحاً .. قطع أفكارها صوت چنان التي قالت: _ بقولك إيه أنا زهقت ..متيجي نمشي.. _ إيه يا بنتي ده احنا مبقلناش عشر دقايق ؟! _ مش عارفه في إيه والله يا خديجة؟!.. نورين عماله تبصلي بصات وحشه قوي.. نظرت خديجة حولها قائلة: _ نورين مين بقى ؟! _ العروسة.. تفحصتها الأخرى من رأسها حتى قدميها، ثم قالت بإحباط : _ يا خسارة !.. لو مكانتش العروسة كنت جبتهالك من شعرها . ضحكت الأخرى ،ثم قالت: _ أنا مش عارفه والله محسساني انه سابني وراح لها؟!.. أمال لو مكنتش أنا اللي رفضاه؟! أجابتها الأخرى بغيظ : _ أنا مش عارفه ده يترفض إزاي ؟!..ده أدب وأخلاق وكارير ورياضة ! زفرت بإحباط : _ قلتلك قبل كده إني محسيتش بقبول ..حتى بعد صلاة الاستخارة..مش معنى كده ان حد فينا فيه عيب ..ده نصيب.. حتى لما عزمني على خطوبته أنا فرحتله جداً.. _ طب وانتي وافقتي تيجي ليه؟! _ عشان هو محترم جداً ..وتفهم موقفي ماتعملش بحساسية ..وعشان في بيننا شغل وبابا وعمي حسين أصدقاء جداً ..حسيت اني لو مجيتش هو ممكن يفكر حاجه تانيه ... _ هممممممم.. طب بقولك إيه أنا لسه متعشتش ..تعالي نروح نتعشى .. ، ثم قالت بتفاخر: _ بمناسبة اني لقيت شغل جديد .. نظرت إليها الأخرى بتفاجؤ؛ فنفضت غباراً وهمياً عن كتفيها، قائلة : _ الحاج عبد الرحيم غيث شخصياً طلبني أشتغل معاه.. وبعد إلحاح كبير وافقت .. ضحكت جنان بسخرية ،قائلة: _ لا حول ولا قوه إلا بالله! .. أول مرة أشوف واحد يجيب الهم لنفسه !.. جحظت الأخرى عينيها وخاصه عندما قالت : _ ويا ترى بقى هتترفدي بأي طريقة المرة دي !؟ نظرت إليها خديجة بشر ،قائلة: _ انتي بتتريقي عليا ؟!..طب تعالي بقى ! كانتا بعيدتين عن أعين الموجودين ؛ركضت چنان أمامها على الشاطئ بضحك، بينما الأخرى تتوعدها بالويل.. &&& _ بس هنا ! قالها حسام قبل أن ينزل من السيارة وينتبه إلى مجموعة فتيات متوجهات إلى داخل القاعة أمامه ؛فتراقص بكتفيه مع الأغنيه وهو ينظر إليهن: _ يو يو يو يو يو .. الحفلة بتولع باربكيو ..! فجاءته صفعة من الخلف من محمد الذي قال بتحذير: _ قسماً عظماً لو ملمتش نفسك من أولها يا حسام لروح.. اتظبط..! _ إيه يا عم ..هو أنا خارج مع أبويا ؟!..عايزين نتدلع ولا انت منفسكش ؟! _ لا ندلع ولا نتدلع.. نتظبط ماشي؟ تركه حسام ودخل بعدما عبس وجهه كطفل صغير ؛فأوقفه الآخر قائلاً : _ رايح فين ..مش هتركن العربية ؟ تناول منه المفتاح ،ثم ألقاه إلى عامل الأمن قد نشات بينهما معرفة قديمة ،قائلاً : _ عزوز!.. روقلي عليها .. على الشاطئ صاحت خديجة بانبهار وهي ترى صورة آخر رسمة رسمتها چنان ،ثم قالت: _ يا جمدانك !.. ما شاء الله يا چنان فنانة ! ابتسمت الأخرى بسعادة : _ يعني تفتكري المعرض هينجح ؟! _ان شاء الله ..واسمك هيغطي كمان على دفنشي .. _ دفنشي مرة واحدة ؟! _ أمال على مرتين؟!.. ليه لأ ؟!..ولا عمرنا كنا نسمع عن الناس دي هما اللي عملوا لنفسهم اسم .. انتي بقى أقل منهم في إيه ؟ _ يارب.. أنا كل يوم بحلم بالإفتاح بتاعه.. _ ولا تقلقي ليكي عليا أنا وطه .. وولاد عمتي جايين قريب هنقفلك قدام المعرض وندخل لك الزباين بالقوة .. زي ما كانوا السواقين في مصر قدام الجامعة بيعملوا معانا.. تعالت ضحكاتهما للحظات وقالت لها: _ انتي قلتي ولاد عمتك جايين بجد؟! _ همممم _ الله !.. عايزاكي تعرفيني عليهم .. يا ترى عاملين ازاي ؟!.. أكيد كيوت .. ارتسمت على وجهها إبتسامة بلهاء ،وهي تتذكر بنات عمتها ، قائلة : _ هما من ناحية كيوت فهما في الكياته معندهمش ياما ارحميني ..يجيبولك تخلف عقلي على طول .. تعالت ضحكاتهما مجدداً وقاطعهما صوت إحدى صديقات العروس : _ ألا قولولي يا بنات.. لما تبقى في واحده حاطه عينيها على واحد خاطب مش عايزه تبعد عنه.. نعمل معاها ايه؟ أجابتها إحداهن : _ نربيها.. فنظرت الأولى إلى چنان، وقالت : _ ها يا حلوة ..هتتلمي ولا نربيكي..؟! رفعت صاحبتنا حاجبها الأيمن ..لا تصدق بجاحتهن ، بينما نظرت إليهن چنان بريبة ،قائلة : _ الكلام ده ليا أنا ؟! _ لأ لخيالك ! مضت لحظات إلى أن استوعبت؛ فقالت بغضب: _ آه ! طبعاً نورين هي اللي بعتاكم.. بصوا بقى قولولها تبطل شغل العيال ده ..وتخرج الهبل اللي هي بتفكر فيه ده من دماغها .. _ ده صحيح البجاحه ليها ناسها.. بطلي بقى دور البراءه اللي انتي عايشه فيه ده.. لم تتحمل خديجة ؛فقالت : _ البجاحة لأهل البجاحة يا حبيبتي.. واحنا الحمد لله سمعتنا سبقانا.. وألا هو الوحش مفكر كل وحش زيه .. _ هممم .. يعني مش هتتلموا ؟!.. حلو يبقي نربيكوا.. _فرجيني بقى على نفسك وانتي بتربينا.. چنان ليكي في الكونج فو ..؟ نفت چنان برأسها ؛ فابتسمت صاحبتنا بشر قائلة : _ أنا ليا.. وابتدت المعركة ،بينما الجميع في ساحة الرقص يستمتعون ،وبعد دقائق ركض رجلان باتجاههن وأنقذ كل رجل حبيبته من أيدي خديجة وچنان ،قبل أن يقول أحدهما : _ انتوا بتتشطروا عليهم .. ده انتوا هتشوفوا السواد.. خافت چنان من هيئتهما الضخمة ،بينما قالت خديجة بجراءه : _ اتكلم على قدك.. وبعدين هما اللي بدأوا .. قال الآخر: _ انتي هتبجحي فينا كمان يا بت ؟ _ بت أما تبتك انت كمان.. ده بدل ما تلموهم .. جايين تفردوا نفسكم علينا احنا ؟! _ مفيش حد هنا عايز يتلم غيركم يا ولاد ال....... أطلق مجموعة من الشتائم؛ فقالت چنان : _ حضرتك مش محترم .. اقتربت منها خديجة وهمست : _ سيبك من جو أبله فضيلة اللي انتي عايشه فيه ده ..لو معملتيش زيي.. أنا وانتي هنتدشمل أحلى دشملة..! وقبل أن يقترب الرجلين قامت خديجة بقبض حبات من الرمال بيديها وفعلت الأخري مثلها بسرعة ،وعلي حين غرة ألقت كل واحدة ما بيدها في عيني الرجلين ؛ لتصعب رؤيتهما ؛فتعالت صيحاتهما بغيظ ، وضربت خديجة بقدمها أحدهما في موضوع حساس ؛فسقط أرضاً ،ثم فعلت الأخري مثلها بخوف.. لم يأخذ الأمر منهما أكثر من ثواني ..وصاحت صاحبتنا : _ اجري يا چنان ..! انطلقت چنان وراء خديجة التي كانت تسحبها من يدها ،بينما نهض أحد الرجلين يركض وراءهما غير عابئاً بما قد يحدث ..ولكنه لن يتركهما وخاصة خديجة.. دخلتا الفتاتين ساحة الرقص، في نفس اللحظة التي كان حسام يقدم فيها أحد أصدقائه إلي محمد ولكنه توقف حينما رآها تجري باتجاههما مع فتاة أخري وصراخهما يملء المكان ؛ فقال بعجب: _ انتي تاني ؟! نظر صاحبنا إلي حيث ينظر ،ثم التفت بكامل جسده لها قائلاً باستغراب: _ خديجة ؟! تقدما الإثنين وأوقفا الفتاتين قبل أن يسأل محمد: _ فيه ايه يا خديجة ؟! اختبأت وراءه وقالت : _ في رجالة عايزين يضربونا.. سأل الآخر: _ ليه ؟! أجابت چنان بصراحة: _ علشان ضربناهم.. قال محمد : - ايه ؟ أجابت خديجة: _ دفاعاً عن النفس والله ! _ انتي هتقوليلي!..هو أنا مبشوفكيش غير في المصايب ؟! _ انتوا بتتحاموا فيهم..محدش هينجدكم من ايدي النهاردة.. قالها أحد الرجلين بغضب فتقدم حسام بخطواته ليقف أمام چنان : _ ليه يا شبح.. مش ماليين عينك ؟! _ خرجوا نفسكوا من الموضوع ده يا كباتن.. قالها الآخر ؛ فلم يجبه حسام ونظر إلي صديقه الذي أظلمت عيناه وتجهمت ملامحه..يعلم ما معني أن يعطيهم محمد نظرة كهذه..انه لا يتفاهم في مثل هذه المواقف ..لذا يجب عليهم الندم حقا لأنهم أيقظوا ذلك الوحش الذي بداخله..! أشار لهم برأسه إلي وجه صديقه، ثم قال: _ عارفين سكوته ده معناه ايه ؟!.. الله يرحمكم مقدما.. _ هنشوف مين هيترحم علي مين..! شمر محمد ساعديه بابتسامة متجهمة، بينما حسام خلع ساعته؛ لأنه لا يريدها أن تفسد كما فسدت الأخري ، وقال : _ طلبتها ونولتها يا غالي..! وبدأت معركة من نوع آخر بين الرجال ، وصديقينا أحدهما يضرب والآخر يتفادي الضربات بمهارة ،ثم جاء أحد الرجلين بعصا غليظة وقبل أن يضرب بها رأس حسام دفعته چنان بعيداً وكانت الضربة من نصيبها..فأحاط بها السواد من كل جانب ،رأتها خديجة تسقط فصرخت وهي تجري نحوها ، التقطها حسام قبل أن تصل إلي الأرض.. رأى الدم يتدفق من جبينها؛ فغلي الدم في عروقه وتناولتها منه خديجة وهي تحاول ايقاظها..وفي أقل من خمسة دقائق سقطا الرجلين أرضاً وقد نالا منهما صديقينا وأفرغا غضبهما ،ثم حمل حسام الفتاه ووضعها في السيارة وبعد لحظات كانوا في طريقهم إلى المستشفى .. محمد يقود السيارة وحسام بجانبه ،أما خديجة مع صديقتها بالخلف تبكي بخوف وتحاول إيقاف الدم بطرف فستانها.. مضت لحظات صعبة إلي أن أوقف الطبيب نزيف رأسها ولفها بالشاش والقطن وتم تعليق لها محلول ملحي ، و صاحبتنا كانت تنظر إلي أثر دم صديقتها علي فستانها وقد ذكرها ذلك بمشهد قبل عامين من الأفضل لها ألا تتذكره الآن ، ازدادت ضربات قلبها وازداد تعرقها فتموجت الأرض أسفل قدميها ،لاحظها محمد فاقترب منها قائلاً: _ انتي كويسة ؟ نظرت إليه تبدو صورته مشوشة أمام عينيها ؛ فأومئت له بالنفي وقبل أن تتحدث سقطت مغشي عليها بين يديه ،حملها وانطلق الي غرفة الاستقبال ،وضعها علي السرير وهو يراقبها بقلق بينما تقوم احدي الممرضات بفحصها.. وبعد ساعة كان محمد لايزال يراقبها الي أن تفق والقلق يأكله..ولكنها أخذت تتمتم بكلمات غير مفهومة ؛فاقترب منها ليسمع ما تتمتم به وهي تستعد وعيها.. _ وحياة أمك لأوريكي يا صفرة منك ليها.. رفع حاجبيه بذهول..انها تستكمل الشجار في عقلها ،تمتمت مجدداً: _ ايدك لأقطعهالك ياض منك ليه.. ازدادت دهشته وغرق في نوبة ضحك وقد اطمئن قلبه.. إنها بخير! بينما في الغرفة المجاورة مضت دقائق إضافية كان حسام يراقبها عن قرب ويذكر تلك اللحظة التي دفعته فيها بعيداً وتلقت الضربة بدلاً منه ، يرجو أن تكون بخير.. بدأت چنان تستعد وعيها ؛ فأخذت تتشنج وتحرك يديها وكأن أحدهم يهاجمها ،لاحظ ما تفعله ولم يعرف كيف عليه أن يتصرف ،ولكنه اقترب منها وقبل أن تنتزع الإبرة من يدها أمسك ذراعيها وثبتهما قليلاً إلي أن ارتخت أعصابها ،ثم فردهما بروية وضبط إبرة المحلول .. فجأة فتحت عيناها اللتين بلون الزرع تنظر إليه بتيه ؛ فغرق هو فيهما ولا يظن أنه باستطاعته النجاة..مضت لحظات صمت جميل بينهما..هي تحاول أن تستوعب ما يدور حولها..بينما هو يغرق أكثر وأكثر..ويأبى النجاة!! وكلما غرق أكثر.. كلما تعطش إلي المزيد ، لذا بعد لحظات سأل بعجب : _ احلفي كده ان دي عنيكي مش عدسات لاصقة !!
نهاية الفصل التالت.. ياتري ايه إللي هيحصل لما خديجة تشتغل في الشركة..؟ وچنان هتعمل ايه لما تفوق ؟ والأهم بقي.. هي حور.. ياتري هيحصل إيه..؟
دعمكم يفرق يا حلوين 💜
Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.