الفصل السادس

303 33 17
                                    

عادت أمنية بالحقيبة مجدداً بعد أن فرّغت محتوياتها مسبقاً أمامي. كنت حينها قد فرغت من حشو الجبن بداخل الرغيف وأكلها.
سلمتني الحقيبة وقالت "اعتقد انه هذا كل مالدي ويجب أن أعود الآن فلا يمكنني أن أغيب أكثر من ذلك" ابتسمت ابتسامة حانية "اعتقد انه الوداع منى"
مضغت اخر لقمة من الرغيف بسرعة ووقفت على قدماي وعانقتها، كانت تشعرني بحنان الأم والصديقة. كل ذلك في لقاءٍ دام بضع دقائق.
قلت "أتمنى لو أننا التقينا في ظروف مختلفة"
"أنا أيضاً.. أين ستتجهين الآن؟"
"لا أعلم" نظرت للصحراء لعلها تجيبني، فلست أنا من اختار وجهتي بل إنها من تفعل. ولكنها جماد لا تفقه لاعقل لها ولا حول ولا قوة. أنا بعد مشيئة الله استطيع ان احدد وجهتي، فسألت أمنية "هل يمكن أن ترشديني إلى وجهةٍ أو طريق يعود بي للمدينة؟"
فركت جبهتها في تفكير "امم، إذا لم تخني ذاكرتي فعلى بعد مئتان متر من هذا الاتجاه" اشارت إلى اليمين "سيكون هناك طريق سيارات، لن يكون معبد لكن اثار السيارات واضحة"
"وهل هذا سيوصلني للطريق السريع؟" صرخت بسؤالي وكأنها على بعد كيلومتر.
اتسعت عيناها بتفاعل من حماسي "بإذن الله"
عانقتها مجدداً وقلت "لا أعلم كيف أرد لك دينك. هل تدركين ما أنتِ فاعلة؟؟ انتِ تنقذين حياتي الآن" أردت لو أن أغلف لها جميع حروف الابجدية لتشكل سيل من كلمات الشكر التي لن استطيع ان اوفيها اياه ولكن قلت فقط  "أمنية، شكراً"
ابتسمت وقالت "لاتشكريني، اشكري الخالق" ثم عادت للمخيم.
شعرت انذاك كما لو اني علبة زجاجية احتوت بداخلها اشعة شمس وعلى وشك الانفجار بقوس مطر وأمل.
نظرت بداخل الحقيبة لما احضرته أمنية، ملابس داخلية وبنطال أسود أكبر بكثيير من مقاسي، يبدو انه يعود لأحد اخويها أو مهما كان أولئك الرجال. سرت قشعريرة في جسدي عند تذكري لتلك الليلة والسكين والتهديد.
قذرة
قذرة
لم أستطع أن ابدل ملابسي في نفس المكان الذي كنت فيه مع أمنية، لا أعلم لم؟
رغم ان ابتعادي ثلاثة امتار عنه لم يسترني عن الانظار، فلايوجد شيء لاختبئ خلفه على أي حال.
كان الجو دافئاً تقريباً فالشمس لم تغب للآن، ولكم عندما انزلت بنطالي نسيم من الهواء البارد عبرني ليجعلني ارتجف قليلاً.
منى بملابس داخلية وتي شيرت في قلب الصحراء لوحدها.. من كان ليتخيل هذا السيناريو في حياتي؟
تخلصت من ملابسي الداخلية المتسخة واستبدلتها بتلك النظيفة التي احضرتها أمنية. ارتديت البنطال الاسود ولحسن الحظ كان يوجد حزام مطاطي عند الخصر، ضيقته كثيراً حتى اصبح في مقاسي وعقدته.
كان ينقصني طربوش أحمر لأكون علاء الدين بهذا البنطال الواسع أو المارد.
المارد؟ لماذا لايكف عن الاختباء بين سطور يومي؟
فكرت أن اتخلص من بنطالي القديم ولكن قررت الاحتفاظ به فلا أعلم متى يمكن احتاجه.
حزمت حقيبتي وجددت همتي واتجهت لليمين لحيث الطريق. الطريق إلى المنزل، إلى حضن عائلتي.

مسيرة حياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن