Part 6

1.5K 82 77
                                    

حدق بها للحظات وعيناه تحملان غريب النظرات يريد أن يستشفي منها إجابة صادقة "هل تقولين الصدق يا ليندا ؟!"
ابتلعت لعابها وحاولت ضبط دقات قلبها المضطربة من سؤاله فأجابت "ن...نعم ... بالتأكيد أقول الصدق ، ما بالك ؟ ، لم تحدق بي هكذا ؟!"
عاود التحديق بها قليلا ... ثم ارتسمت ابتسامة صغيرة على محياه ... خلل بعدها أصابعه في شعره متنهدا "لاشيء ... أنا فقط كنت خائفا عليكي ... من فضلك ، لا تكرريها ... أنت لا تعلمين أنني لا أستطيع النوم وأنت بعيدة عني ؟!!"
ابتسمت له بحب قائلة "معك حق ، لن أكررها .. أعدك"

بعدها ، وكما روتين كل يوم ، تناولا الإفطار مع باقي العائلة .. رافقته إلى الباب ، ودعته بابتسامتها اللطيفة ثم عادت إلى وحدتها في ذلك القصر الكبير ... فكرت للحظات ، 'لم الوحدة ؟! ، والجد هو بالفعل هنا ! ، لم لم أجرب قبلا الإنخراط معه وقضاء يومي كاملا برفقته .. هو حقا لطيف المعشر ! '

تجولت بعينيها باحثة عنه في الأرجاء ، لتجده يتخذ له منعزلا في طرف الحديقة الكبيرة ، تارة يتأمل جمال الطبيعة حوله ..وتارة يطالع أحد الكتب أو الجرائد اليومية المنوعة ..
اخترقت عزلته وكسرت هدوء جلسته بسؤالها : هل تسمح لي بمشاركتك الجلوس هنا ياجدي ؟
تفاجأ من حضورها المباغت ، ولكنه ابتسم لها بحب وأجاب : بالتأكيد يا صغيرتي ، هذا الشيء يسعدني !
سحبت ليندا لها كرسيا واتخذت مجلسها مقابلة للجد ، نظرت في عينيه العجوزتين للحظات ثم ابتسمت و سألته بفضول : جدي ... لماذا تجلس هنا وحدك دائما ؟ ، أقصد .. لم لا تذهب للشركة مع أمي ودونغهي ؟ ! ، أو ربما .. تخرج مع أصدقائك وتجتمع بهم كل حين ؟ ... لماذا تفضل البقاء في القصر على الدوام ؟!!
بادلها الإبتسام .. تنهد بعمق ثم قال : أصدقائي !! ... ههه في الواقع لم يعد لدي الكثير من الأصدقاء هذه الأيام .. فرقتنا الظروف والإنشغالات و ..... الموت ... فكما ترين يا ابنتي أنا لست صغيرا في السن .. والموت قد خطف مني الكثير من أصدقائي ......... ههه ربما أكون على القائمة الآن !
اتسعت عيناها بتعجب وقالت : لا تقل هذا يا جدي !! .. اطال الله في عمرك !!
ابتسم واردف قائلا : أما بالنسبة للشركة ... (أنزل نظره أرضا بعيون حزينه وأكمل) ... منذ وفاة ولدي الوحيد .... والد دونغهي .... فقدت أملي في الحياة ، فقدان الولد فاجعة كبيرة يا ابنتي ! ، لم يبقى لدي جلد بعدها على مزاولة أعمال الشركة كما السابق ... لذا ، وكلت زمام الأمور لحفيدي وحيدي دونغهي و والدته زوجة ابني ، فهي كما ترين ملمة بإدارة الأعمال ... وكما أنها أمينة أيضا للأمانة ... صحيح أنها صارمة وقوية الشخصية ، إلا أنها تملك قلبا طيبا ونية صافية ............. السؤال الحقيقي هنا ... لم أنت تفضلين البقاء قي القصر غالبا على الخروج والتمتع في الحياة ؟ ... الحياة مازالت أمامك طويلة ، ليس مثلي أيامي معدودة !
ضحكت على كلامه وقالت مازحة : لاتفكر هكذا يا جدي .. أرى أن قلبك ينبض بالشباب أكثر من الجميع هنا ..
ضحك على كلامها : هههههه هذا بنظرك ..
أردفت قائلة : ثم ...... ليس لدي الكثير لأفعله في الخارج ، ولا أملك الكثير من الأصدقاء في الواقع ....(سرحت بعينيها في المكان) .... الحياة ليست سهلة ........ (قالت بهمس) والحب يضاهيها صعوبة !
هي .. سرحت بخيالها محدقة في الطبيعة الخلابة لحديقة القصر ، بينما الجد .. سرح بعينيه محدقا فيها وشعر بأنها تخفي بين خلجاتها سرا كبيرا ... أفاقت من شرودها ثم التفتت نحو الجد : جدي .. هل يمكنني أن أسألك سؤالا ؟
الجد : بالتأكيد يا ابنتي !
ليندا : لدي ..... صديقة ..... كانت .... تعيش حياة صعبة ، أكملت دراستها في الجامعة بمجموع جيد ، أرادت بعدها مصارعة الحياة بشهادتها لمساندة شقيقها الوحيد في مصروف المنزل ... شقيقها الوحيد الذي تبقى لها من بعد موت والديها و الذي كان دائم التنقل والسفر للبحث عن وظيفة مناسبة لتأمين قوت العيش له ولأخته ... بحثت كثيرا عن عمل مناسب ضمن مجال دراستها .. ولكن مامن فائدة ... اضطرت بعدها للعمل بمطعم في تنظيف الأواني و أطباق الطعام ..ولكنها كانت وظيفة متعبة بدون مدخول كبير .... ضاقت أحوالها المادية كثيرا .. وفي النهاية .................... ظهرت .... في طريقها ....فرصة .... لانتشالها من الفقر وضيق الحال ...... فهل ..... تغتنمها .... أم تضيعها ؟!
أمال الجد رأسه مفكرا وعيونه تحدق بها .. ثم أجابها : مممم لم لا ... فلتغتنمها إذا كانت جيدة ..
ليندا بارتباك : حتى لو ....كانت ..هذه الفرصة .... هي الكذب على أحد ما ........ ليس مجرد كذبة ....... بل كذبة كبيرة ! ........ مقابلها طبعا مبلغ كبير من المال ..
سكت الجد قليلا .. طأطأ رأسه ثم ابتسم وقال : الحياة صعبة يا ابنتي ، هذا صحيح ... والفقر صعب أكثر ، لا أحد ينكر هذا ... ولكن ... الكذب .... وخاصة الكذب بمواضيع كبيرة ، قد يكون لا يغتفر وقد تكون عواقبه سيئة ....
اومأت ب'نعم' وبعيون شاردة .. ثم قالت بخجل : وإن كانت عواقبه جيدة ؟!
الجد باستغراب : عواقب جيدة !! ، كيف هذا ؟
ليندا بملامح حالمة : أقصد ... الحب ............ لو أن الكذب أفضى في النهاية إلى الحب ..... ألا يعتبر هذا شيئا جيدا ... ولو أننا وقعنا في الحب فعلا ...... هل من الخاطئ الإعتراف بالحب أمام شخص قد لايكون من حقنا أن نحبه ....... وهل من الخطأ أن نتمتع بمشاعر الحب الجميلة دون ثقل تأنيب الضمير أو البوح بالحقيقة !!
رمش الجد محدقا فيها محاولا استيعاب ما تقوله وتبوح به ، ومايفيض به قلبها من أحاسيس مختلطة ... ابتسم لها مجددا ثم قال : يبدو أن صديقتك هذه قصتها معقدة .. كان الله في عونها !
وعت على نفسها بعد أن أخذتها أحاسيسها وعاطفتها للبوح بما لايجب التفوه به مطلقا .. فتلعثمت بإجابته : ها ... ص....صديقتي !! ... اوه معك حق ...هههههه حياتها معقدة فعلا ...... أرأيت .... لهذا لا أختلط بأحد كثيرا ... (قالت في سرها) "يا إلهي كاد يفضح أمري !!!"
انتفضت من كرسيها مدارية الذي تورط به لسانها من كلام أفضاه ذلك القلب المليء بمشاعر شتى !! .. و حاولت اختلاق ما يبعدها عن نظرات الجد المربكة : جدي ... ما رأيك أن أصنع لك عصيرا من الفواكه الطبيعية المشكلة ! ، هذا بالتأكيد سيفيد صحتك ويمدك بالطاقة والنشاط ..
الجد بنبرة متحمسة : لا مانع لدي ..
وقبل أن تبتعد كثيرا عنه ، صاح بها قائلا مستوقفا إياها : الحب شيء جميل بالمناسبة ، بل هو شيء ثمين لايجب علينا إضاعته .... أخبري صديقتك أن تعترف بكذبتها أمام من تحب ... فقط في سبيل المحافظة على مشاعر الحب الصادق الذي قد لا يجده معظمنا ... الحب شيء رائع ، أخبريها أن لا تضيعه من يدها بأي سبب كان ... فليس من السهل إيجاده مجددا إن ضاع !!
اتسعت عيناها متفاجأة بكلامه وأومأت له بالموافقة بابتسامة عريضة ، ثم تركته واتجهت للمطبخ لتصنع له العصير في محاولة للهروب من أمامه بعد الذي ورطت نفسها به ..

خديعة بنكهة الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن