محطة الذكريات

435 26 7
                                    

اقف هناك امام ذلك الكرسي...
انتظر موعد القطار....
انتظر دخانه الاسود...
انتظر صوت عجلاته المسرعة....
ولكن إن لم أتى في الموعد المحدد...
لن ينتظرني... سيرحل ويترك رائحة دخانه تعيق خلاياي...
تلك المحطة.. وذلك المعقد.... ينسجان لي ذكريات حاولت مسحها.. تمزيقها.. إتلافها... حرقها...
ولكنها ابت ان تنزع من بين اضلعي....
رفضت الخضوع للنسيان....
حاربت وقاتلت وفازت في النهاية....
فهي الان بين فؤادي تجلس كملكة للألم....
ليس كملكة وأنما ملكة بنفسها.....
فهي لا تنفك عني...
تلاحقني... تؤلمني.. تسقط دموعي... وتوجع قلبي...
وهي من تأتي بي كل يوم... في نفس الوقت... وكل فصل..
لا يهمها برد الشتاء ولا حر الصيف....
فقط تريد ان تعود لحيث مولدها.....
هنا ولدت وهنا كانت اول صرخة...
اتى القطار مع صوته الذي ملئ الارجاء...
ولكنه لم يدخل سمعي...
فتلك الكلمات مازالت حبيسة اذني: صغيرتي.. سأعود يوماً ما... فانا سأذهب لوقت ليس بقليل... ساعود إليكِ... فأنتظريني...
قبل جبهتي ورحل مبتسم الثغر....
ذهب وقلبي يتشبث به ويترجاه ان يعود....
فانا على يعيق انه لن يأتي....
فهو سيرحل الى ساحة من الدماء...
سقطت دمعتي مع انغلاق ذلك الباب....
عادت بي الذكريات...
صرخت بقوة مطلقت احاسيسي ومشاعري: أبي... ارجوك لا ترحل....
ولكنه فات الان... رحل منذ زمن... منذ سنين...
ترك مكان قبلته تشعل ذكرياتي....
ابتسامته تلامس دقاتي...
لحقت ذلك القطار... ودموعي تتسابق معي...
اضرب بقوة عله يسمعني ولكن ما من مجيب!!..
سقطت على الارض مستسلمة....
فذلك الغطاء الابيض... وتلك اللعبة...
اعادتني لواقعي... تلك الدماء... ووجه ابي المبتسم....
ورسالته التي خطتها بيده وهو يلفظ انفاسه الاخيرة...
تلك الاحرف والكلمات:
حلوتي... صغيرتي... عصفورتي...
لا تحزني... ولا تجعلي من عينيك موطن للدمع....
فتلك سنة الحياة.... لا تقلقي فانا ساكون بجانبك....
أحبكِ... صغيرتي....
لن اعدك يا ابي.... فانا مازالت اتردد الى تلك المحطة...
"محطة ذكرياتي"

قصص قصيرة...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن