جرس الذكريات

90 8 3
                                    

الغيوم تكاتفت وبدأت باعلانها عن سقوط تلك الدموع ؛ هل السماء تبكي حقاً!  قطرات خفيفة ولكن تستطيع ان تبعد عن الانسان حزنه ام انها تجلب الذكريات والألم ؟! يبدو ان كلماتي متناقضة! هل انا على حق ام صواب ؟ بعضكم يقول ان المطر جميل ويهدء النفس والاخر سيقول انها مجرد جرس للاطياف والذكريات المؤلمة !  رغم انني اكرهه فهو يذكرني بتلك الحادثة ؛كان الفقر مرافقي ولم يكن هناك الا والدتي فأبي قد توفي منذ صغري ولم اراه مطلقاً ؛ رغم الظروف التي مررت بها في مدرستي ونعتي ب(اليتيم المشرد) لم اكن اقل شيئا لها فهي ستحمل هما فوق الهموم المكدسة على قلبها ؛الابتسامة لم تفارق ثغرها وكأنها تتحدي الحياة والفقر  كنت ابتسم عند رؤيتها ، لا اردي !ربما تلك الابتسامة نابعة من داخلها صادقة طاهرة تقهر الدنيا ولكن في يوم ممطر كئيب ؛رماد الغيوم تجمع في السماء وانا في طريقي للمنزل شاهدت امي  كانت ترتجف وهي تنحني وتقول باستمرار:

" انا اعتذر ؛لم اقصد!"

هرعت بسرعة اليها وقلت بقلق:

" ماذا بكِ امي!"

ارادت هي النطق ولكن صوت غليظ قليلاً قال:

" هل هذا الصعلوك ابنك !؟"

إلتففت وامارات الغضب اقامت على وجهي لارى شاباً يبدو انه في العشرين من عمره ولكن قوي البنية ويبدو ان التكبر قد طبع على جبهته قلت متحدياً اياه:

" من الصعلوك ؟ راقب كلماتك يا هذا !"

هل اخطأت آنذاك بمواجهتي له! ام ان الجميع يعتقد عكس ذلك ؟

الشرارة تحتد بين مقلتاي امسكني من ياقة قميصي ورفعني عن الارض بيد واحد وكأنني مجرد ريشة طائر جبان فل هارباً وتركها تعانق الرياح ابتسم بخبث والقى بي ارضاً وقال بسخرية :

" ان اعتذرت بشكل لائق سأنسى كل شيء "

نهضت وابعدت الغبار عن ملابسي اردت لكمه ولكن نظرات امي الخائفة قلت وانا اضغط على اسناني  :

" انا اعتذر "

امسك بذقني وقال بسخط :

" وهل تسمي هذا اعتذاراً؟!"

دخل الى محل امي وقال وهو ينظر للبضائع :

" ان قبلت حذائي سأسامحك ؟"

نظرت له بصدمة تخالطها الكراهية وقلت بصراخ :

" ماذا تظن نفسك ؟ هل انت الملك هنا ؟ "

امسك شيئا واوقعه ليتناثر الى قطع  وقال بإحتقار :

" يبدو ان صبيا مثلك لن يعلم من انا فكما يبدو انك ترتدي الفقر ومن هم من امثالك لن يكون بمقدوهم التعرف علي "

كورت قبضتي ولكمته في وجهه ليسقط ارضاً ويجرح بالزجاج الذي حطمه خرجت لارى امي ولكنها احتضنتني فجاءة وسمعت صوت اطلاق نار نظرت لي وهي تبتسم بفخر التعب تعلق على وجهها وحبات العرق انزلقت من على جبينها نطقت بتلعثم :

قصص قصيرة...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن