أصبت يا بني!

231 20 10
                                    

قرية آمنة ، أعاد بعض الناجين من الحروب إحياءها.

الكل سعيد ، الطعام موجود بوفرة و المياه كذلك.

الناس تلبس ثيابا بسيطة زاهية .

الفرح يعم المكان ، يحتضن القلوب و ينعش العقول المتغبرة.

لا تسمع غير ضحكات الأطفال و لا ترى غير بسمات الشيوخ.

نغمة البهجة الضائعة ، ها هي تزور هذه القرية اليتيمة.

الكل يعيش اللحظة ، فالغبطة قلما تزور بقاع العالم.

إلا واحد ، جالس على صخرة ، بعيدا عن الأهل ، بعيدا عن الفرح.

يلبس الأسود ، و يخيم على نظره الغبار و الظلام المميت.

يلمحه أحد الشيوخ فيتوجه نحوه :

- يا بني ! عبر علك ترتاح ، عبر و دعني أزيل عن نفسك المضطربة غمامتها.

يوجه الشاب نظره للشيخ مجيبا :

- ما تفعلونه لا يروقني ، لا يلائم تعسي و وحدتي ، ما تفعلونه هو ملخص لمأساة جديدة هو بداية لكآبة أبدية المدى.

- رغم علمنا بحال زماننا الغريب عنا إلا أن الأمل مازال يزور أنفسنا الحائرة ، مطمئنا إياها بالسلام.

- السلام .. سلام مؤقت ، و السلام إن لم يكن أبديا ، إن لم يكن مطلقا ، هو ليس بسلام.

- لكن هذا عرس للحياة !

- لا بل جنازة .. إنها كذلك ، مازلت لحد هذه اللحظة ، أسمع صدى الصراخ ، أشتم رائحة الدماء الحارقة ، و أرى أطياف الراحلين.

- ليس من الحكمة أن تترك الأمل يا بني.

- و ليس من الحكمة أن تتمسك بأمل و أنت أشد العالمين بتلك الخيبة التي تنتظرم آخر الدرب ، تلك الخيبة التي إن لم تمضي نحوها بنفسك ستأتيك هي ، لمن البلاهة أن نتوقع دائما الأفضل ، يجب وضع كل الإحتمالات.

كاد الشيخ أن ينهي المحادثة إلا أنه سمع صوت صرخات مدوية.

تقدم كلاهما نحو مصدر الصوت.

أهل القرية يهربون من القامعين ، الأطفال منهم من دعسوا تحت عجلات الشاحنات و منهم من فر هاربا فٱعترضه حد السيف.

ينطق الشاب ممسكا بيد الشيخ ، بغية حمايته:

- أترى ! هذا ما كنت أتحدث عنه ، لو كنا خبأنا فرحنا داخلنا لكان أفضل ، لو أننا ٱتخذنا حذرنا لما حدث كل هذا.

يجيب الشيخ دامعا :

- أصبت يا بني .. أصبت !

و يمضيا حيث لا يعلمان ، حيث لا أحد يعلم...

*اللانهاية*

يتبع ...

XXXXحيث تعيش القصص. اكتشف الآن