مجرد تمثال

275 25 19
                                    

يضم ركبتيه إليه ، محتميا من البرد تحت كومة من القش ، ممسكا بيده حجرين .

يده الصغيرة تنزف من حدة الصخر و لكنه منغمس في صقل تمثاله.

يتأوه للمرة العاشرة على التوالي من جرح جديد.

طفل في عمر الزهور الذابلة ، لا يفقه عن الدنيا شيئا.

طفل ، هو إنسان طاهر ، ذا روح محلقة رغم قيود الواقع.

يعرف من اللغة بضع كلمات رغم وجوده في هذا العالم المدمر ، إحدا عشر خريفا.

ماتت أمه لحظة ولادته فٱهتم به بعض من أهل الخير لكن بعد مدة تم قصف مكان إقامته ، فهرب ، و ها هو الآن في قرية مخربة أخرى.

سنين طوال ، يتحدث مع مشاعره بلغة لا تشبه اللغات ، بلغة الدموع الحارقة.

شيئ من المعاناة تضفي لكيانه جبلا بأحجار ثقيلة الوطأة ، قاتمة الأثر.

معاناة ٱعتاد عليها كل سكان الأرض ، معاناة ٱعتيادية لا ميقات لمجيئها فهي مستقرة في مسام العالم الجريح .

ينهي تمثاله بتشكيل العينين ، يسكن الحزن روحه الساكنة للحظات ، فيبكي دون أدنى سبب.

تشعر غيوم السماء بحرقته فتقرر البكاء برفقته.

المطر .. هو لا يعرف ما معنى مطر.

ببساطة ، لأن غيث السماء قلما ينزل من شدة حرارة الإنفجارات.

يركز الشاب في تمثاله ليلمح قطرات من المطر تنزل على وجنتي الحجر الجامد .

يقف سريعا محتضنا صخرته صارخا بالكلمات الوحيدة التي عرفها :

- إنسانية .. إنسانية .. حجر .. حجر إنسانية .. حجر يبكي إنسانية .. إنسانية ...

لم يكن يعلم أن الحجر لم يكن يبكي ، لكنه أقنع نفسه بذلك .

على الأقل ، هذا ما كان يعتقده ، حتى وهو تائه في جهالته ، يعلم أن الإنسان نسيج للمشاعر .

يقفز مجددا و مجددا فرحا بما شاهده.

يتقدم للأمام مع حجره الدامع ، صارخا بكلمة إنسانية ، ماضيا حيث لا يعلم ، حيث لا أحد يعلم ...

*اللانهاية*

يتبع ...

XXXXحيث تعيش القصص. اكتشف الآن