الفصل التاسع
كانت فيكى تحاول جاهدة السيطرة على تعابير وجهها لكن تلك السيطرة أختفت تماماً.
شحب وجهها و فسر جيل النظرة فى عينيها و كأنها وقعت فى الفخ. كان بأمكانه أن يسمع تقريباً أجرأس الإنذار تقرع فى رأسها.
ثم أختفى حذرها بالسرعة نفسها التى ظهر بها. رآها تحاول التخلص منه و ارتفعت زواية من فمها و كأنها تسخر منه فى السر.كانت لديها طريقة تخفض بها أهدابها و ترمق الناس بنظرة تشير إلى أنها فوق اهتمام جميع البشر. غنها نظرة مصممة لهز شعور كل الرجال ماعدا الواثقين من أنفسهم لكنها لم تهز مشاعر جيل.
كانت جميلة, امرأة حساسة, امرأة فخورة بنفسها, لكن أحداً ما أخافها فى الماضى وجعلها تخفى عاطفتها تحت قناع سميك من الثلج.
و قالت بعد تأمل: "لم يؤذينى أحد. أنا لا أتمتع برمى نفسى بين ذراعيك, هذا كل ما فى الأمر. ماذا جرى؟ هل جرح ذلك شعورك, يا سيد هوليوود؟"
كانت تكذب, و كان يعلم ذلك, كانت تكذب و تخادع.
"الغش هو ما يزعجنى, يا فيكى. شعورى جيد, شكراً. كيف حال شعورك أنت؟ لِمَ أنت خائفة هكذا؟"
"ليست خائفة. لكنى أريد أن ينتهى هذا العمل. أريد أن آخذ المال و أرحل خلال الفترة و لست ملزمة بإطلاعك على قصة حياتى."
انحنى قربها قليلاً و ضاقت عيناه. "اسمعى. لدينا أربعة أيام نقضيها معاً من دون ذكر الليالى. لماذا قبلت بهذا العمل بينما أنت تكرهينه بهذه القوة؟"
فقالت غاضبة: "لقد قلت لك. كان ذلك من أجل المال."
كان جيل قد بدأ يغضب من نفسه فقد كانت تدفع بمشاعره فى اتجاهات مختلفة. فكان كلما قرر الشفقة عليها, كطفلة تحتاج حماية, تجعله مجنوناً يرغب فى ضربها.
ثم عندما تتصاعد رغبته بضربها, إذا به يدرك حقاً أنه يرغب فى معانقتها حتى يزيل كل ذلك التوتر من جسدها, و حتى يحول كل هذا الشك فى عينيها إلى سعادة.
كره هذا الاندفاع و حاول مقاومته. لم يكن عليه التورط معها إذ لم تكن إلا مسببة مشاكل.قال بصوت أجش: "أسمعى, أريد العمل معك لكننى لا أفهمك قد تبدين المرأة الأكثر إثارة فى العالم... لكنك ترتعدين كالارنب عندما يلمسك رجل, أنت...."
فقالت بغضب: "أنا لا أرتجف كالأرنب. ربما أنت مرتاح لهذه المهزلة. أنا لست كذلك, أنا لست ممثلة."
فقال و هو يضغط على قبضته: "أنت ممثلة. أنت تعملين ست ليالٍ فى نادٍ يدعى ميراجس... ليفرينغهاوس أخبرنى بذلك, لا يمكنك إنكار ذلك."
فكررت: "لست ممثلة. لا أريد أن أكون واحدة. ليست عندى موهبة. أنت تحب هذا النوع من العمل. و أنا اكرهه."
فى تلك اللحظة, كل ما أراده كان أن يضمها بين ذراعيه, لعلها تستطيع التوقف عن الادعاء. لكن هنا كانت تكمن المشكلة, لأن كل شئ بينهما كان مبنياً على الادعاء.
"اسمعى. لقد طلبت منك أن تثقى بىّ لكنك لم تفعلى, عملى سواء أعجبك ذلك أم لم يعجبك, هو الظهور و كأنى أقيم علاقة معك. و.... بصراحة.... لست امرأة تسهل إقامة علاقة معها. إذا كنت أخيفك, أو إذا كان كل الرجال يخيفونك, أعلنى ذلك. سوف نعالج الموضوع معاً. فقط كونى صريحة بالله عليك."
فتنفست بعمق: "لست باردة و لا خائفة و لا حتى غير طبيعية. أنا إنسانة طبيعية جداً. ماذا تريدنى أن أفعل.... أن أذوب بين ذراعيك؟"
قال جيل بحدة: "هذا موضوع آخر. أنا لا أهتم أن كنتِ طبيعية أم لا. عندك هذا الهوس المجنون بأنك طبيعية. و لكنك لست كذلك, حتى ولا بعد مئة عام."
عندما حاولت النهوض و الابتعاد وقف جيل و جذبها من كم قميصها و أجبرها على الجلوس و هو يقول امراً: "لن تذهبى إلى أى مكان. إذا تابعت التصرف على هذا المنوال فقد يمنعك روتش من مغادرة الغرفة, يا إلهى. لماذا أختارك أنت بالذات لتكونى شريكتى فى هذا العمل؟"
جلست فيكى بطريقة مستقمة. حاولت إخفاء الدموع لكن جيل رآها فى عينيها.
حدق بها جيل. "أنت لا تخيفيننى, يا ملكة الثلج. الآن, أريد بعض الأجوبة. كيف توصلت لأن تصبحى مشخصة و أنت تكرهين هذا العمل؟ قلت إن عائلتك كانت تعمل فى الاستعراض, أليس كذلك؟ ماذا عن والديك؟ ماذا حدث لهما؟"
رفعت فيكى ذقنها عالياً. "لقد ماتا." قالت بسرعة. "كانا مغنيين. أو ظنا أنهما كانا كذلك."
يا إلهى فكر جيل خائباً, كانت فيكى فى حالة نفسية خطرة, مع أنها حاولت إخفاء ذلك و كذلك كان هو, كان عليه أن يعلم الحقيقة من أجلها و من أجله هو.
"ماذا تعنين, أنهما ظنا ذلك, ماذا حصل لهما؟"
هزت فيكى رأسها و قد بدت فى عينيها نظرة تعيسة: "كانا عضوين فى فرقة روك شعبية. كانت تُدعى كيبرز." و رمقته بنظرة تحد. "لم تسمع بها أبداً, أليس كذلك؟ لم يسمع بها أحد"
نظر إليها و قال: "لا, لم أسمع بها."
فتنفست بعمق و تابعت: "حسناً, كيف يموت المغنون عادة؟ إما بسبب جرعة زائدة من المخدرات و إما بسبب حادث طائرة أليس كذلك؟ كانوا يقومون بجولة, فى فصل الشتاء فى طائرة صغيرة فى كنساس. و وقعت الطائرة و ماتوا جميعاً."
توقع أن تتابع. محاولاً فهم شعورها, الشعور الوحيد الذى اظهرته كان الهزيمة. "هذا كل ما فى الأمر. هل انت راضٍ الآن؟"
"كم كان عمرك؟"
"أربعة أعوام." و فجأة بدت متعبة, مثقلة بالذكريات.
و سألها: "أين كنت؟ أين ذهبت؟ ماذا حل بك؟"
"أخذتنى جدتى, والدة أمى. لفترة قصيرة فقط, كانت تظن أن وجودى معها يجعلها تبدو أكبر سناً و كانت تظن نفسها ممثلة."
فسألها: "هل كانت كذلك؟ هل كانت حقاً تعمل فى السينما؟"
فقال فيكى, و من الواضح أنها كانت تعبة و غاضبة: "أوهـ, لا أعلم, حصلت على بعض الأدوار القصيرة. كانت, غالباً تأخذ دور نادلة فى حانة. لم يكن ذلك يتلاءم مع الصورة التى رسمتها لنفسها, هذا كل ما فى الأمر. و لم يمكننا التفاهم. كانت أظن أننى.... كثيرة المشاكل."
تفرس جيل فى وجهها, و هو عابس. أراد أن يمد يده و يحل لها رابطة شعرها, و ان يراه ينسدل حراً. ضغط على قبضته بقوة لكنه لم بفعل شيئاً.
"ماذا حصل بعد ذلك, أين ذهبت؟"
نظرت إلى الطاولة و هزت كتفيها. "إلى عمتى, أخذتنى شقيقة والدى الكبرى. كانت مغنية هى ايضاً. أو حاولت أن تكون كذلك."
أنت تقرأ
روايات احلام/ عبير:التظاهر
Romance"لتحب و تحترم......" تركزت نظرة الكاهن على فيكى! و أخذت إنطباعاً باهتاً فى أنه سألها أن تتعهد بالحب و احترام الرجل الواقف إلى جانبها. أومأت برأسها و هى تشعر بعدم إستطاعتها الكلام. شد جيل على يدها. "أجل أتعهد." أستطاعت أخيراً أن تقول. و من مكان ما زع...