بينما يهرول (الخفاش) جزعا في ممر ما بين الغرف ، تمشي (سيدة الجريمة) ببرود و بطئ شديدين ممسكة بيدها قطاعة الحطب ، مطبقة قولتها : "أنت ممن سأقضي عليهم ."
- أقسم أني لن أزعجك مجددا ، أقسم !
- إن قتلتك !؟ طبعا لن تفعل ، و تضحك كأن الأمر في منتهى البساطة.
- فقط ، إن لم تكوني محبة للحياة ، أنا لست بهاو للموت !
- البيانو أمامك ، إعزف مقطوعة مرعبة ، أتركك حيا بضع لحظات ، تختم (سيدة الجريمة) .
يجري نحو البيانو القديم ، ناطقا بصعوبة بالغة :
- ليس لي رغبة في العزف ..
- إذن لما أبواك طرداك من المنزل ، أليس بسبب العزف ليلا ؟
- أجل ..
- إعزف و إلا قطعتك إربا متقايسة !
تبدأ النغمة المخيفة بالإنتشار في الجو المشحون.
خوف (الخفاش) يؤثر على الصوت المنبعث من المفاتيح.
رعشته بارزة و جبينه يقطر عرقا.
خائف ، لا بل مرتعب من صديقته و من جنونها الأخرق.
ينهي المعزوفة سريعا و يستدير نحوها بمبسم كاذب لتباشره :
- لم تعجبني .. يال حظك السيئ !
***
قطرات من الدماء تضيف رونقا على الأرضية الخشبية و صوت ضحكة مدوية ، مليئة بالفكاهة ، تنبعث من فاه تلك المجنونة بواقعها.
تنظر له بسخرية :
- خوفك هو من جنى عليك ، و ليس أنا.
و ها هي الآن تقنع نفسها أن لا دخل لها في كل ما حصل من جرم مشؤوم .
***
يتبع ...
أنت تقرأ
غراب مغترب
Misterio / Suspensoالحياة .. هي تلك المقبرة التي تجمع العائدين و المهاجرين عنا . الحياة .. هي تلك التي تجبر الحمام أن يكون غرابا ، أو على الاقل : أن يلبس قناع السواد. الحياة .. تقتلنا و تتركنا تحت رحمة الموت المتنفس بالوجع. ... الحياة .. هي مقبرة الغربان .. هي مقبر...