في سن السبعين ، ينظر ذاك الشيخ الهرم للمنزل الذي عاش فيه أكثر ليليه رعبا.
عيناه فقدت بريقها من كثرة البكاء ، لكن قلبه لم يجف بعد ، قلبه لم يفقد شعلته ، لم يفقد آثار حرائق الماضي.
ذاك المسبح الذي كاد أن يموت غرقا فيه صار حفرة متعفنة الزوايا.
ذاك السطح الذي راود أحلامه المظلمة ، صار عشا لشتى أنواع الطيور.
يدفع الباب القديم ، و يتقدم نحو البيانو بينما طيف الموت يلاحقه.
يعزف (الخفاش) سمفونية الرعب التي لطالما عشقهتها رفيقة لياليه.
يعزفها ، بأصابع ثابتة و قلب مرتجف.
يعزفها ذابل العينين.
نغمة الحزن القاتل تسيطر عليه ، يفكر ، يفكر في الخلاص من عذاب الدنيا لكنه يتذكر قول (سيدة الجريمة) :
- لا تقفز من مكان عال لأنك لن تموت .. ربما ستحلق لكنك لن تموت ، أتعلم يا (خفاش) !؟ نحن أصلا لا يسعنا القفز ، لأننا و أثناء مشوارنا الحياتي نكون في الأسفل محاولين إصلاح أجنحتنا المقتلعة . نحن دائما في الأسفل و إن لم تكن لك قوة لإصلاح أجنحتك، حلق بمخيلتك ، ستجدني رفيقة لضياعك ، حارسة لمتاهاتك.
و صدقت حين قالت أنه إن ٱعتاد عليها سيملك من صفاتها و ها هو يتعمق في التفكير ، يغوص ، يحلق ، مد و جزر ف"بوم!"، زلزال ، طوفان ، إعصار فكوارث متواصلة فتفكير مجددا ...
***
يتبع ...
أنت تقرأ
غراب مغترب
Gizem / Gerilimالحياة .. هي تلك المقبرة التي تجمع العائدين و المهاجرين عنا . الحياة .. هي تلك التي تجبر الحمام أن يكون غرابا ، أو على الاقل : أن يلبس قناع السواد. الحياة .. تقتلنا و تتركنا تحت رحمة الموت المتنفس بالوجع. ... الحياة .. هي مقبرة الغربان .. هي مقبر...