الفصل السابع عشر : قمامة متوارثة

56 4 0
                                    

في سن السبعين ، ينظر ذاك الشيخ الهرم للمنزل الذي عاش فيه أكثر ليليه رعبا.

عيناه فقدت بريقها من كثرة البكاء ، لكن قلبه لم يجف بعد ، قلبه لم يفقد شعلته ، لم يفقد آثار حرائق الماضي.

ذاك المسبح الذي كاد أن يموت غرقا فيه صار حفرة متعفنة الزوايا.

ذاك السطح الذي راود أحلامه المظلمة ، صار عشا لشتى أنواع الطيور.

يدفع الباب القديم ، و يتقدم نحو البيانو بينما طيف الموت يلاحقه.

يعزف (الخفاش) سمفونية الرعب التي لطالما عشقهتها رفيقة لياليه.

يعزفها ، بأصابع ثابتة و قلب مرتجف.

يعزفها ذابل العينين.

نغمة الحزن القاتل تسيطر عليه ، يفكر ، يفكر في الخلاص من عذاب الدنيا لكنه يتذكر قول (سيدة الجريمة) :

- لا تقفز من مكان عال لأنك لن تموت .. ربما ستحلق لكنك لن تموت ، أتعلم يا (خفاش) !؟ نحن أصلا لا يسعنا القفز ، لأننا و أثناء مشوارنا الحياتي نكون في الأسفل محاولين إصلاح أجنحتنا المقتلعة . نحن دائما في الأسفل و إن لم تكن لك قوة لإصلاح أجنحتك، حلق بمخيلتك ، ستجدني رفيقة لضياعك ، حارسة لمتاهاتك.

و صدقت حين قالت أنه إن ٱعتاد عليها سيملك من صفاتها و ها هو يتعمق في التفكير ، يغوص ، يحلق ، مد و جزر ف"بوم!"، زلزال ، طوفان ، إعصار فكوارث متواصلة فتفكير مجددا ...

***

يتبع ...


غراب مغتربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن