8

52 5 1
                                    

أتى موعد زيارة الدكتور فارس فقد مضت على زيارته الأخيرة أسبوعان . كان صباح جميلا و الشمس كانت مشرقة والأجواء لطيفة وذلك لأنهم كانوا في فصل الربيع . كان سامي متشوق لزيارة الدكتور فارس .

وصل الدكتور فارس إلى القرية لزيارتهم ولكنها لم تكن زيارة عادية هذه المرة فقد أتى ليودعهم وذلك لأنه سيسافر إلى بلاد بعيدة جدا عن موطنه لغرض دراسة الماجستير .
بدأت الجدة بتحضير وليمة الغداء وكان سامي سعيدا بقدومه لعبا الشطرنج مثلما اعتادا إن يفعلان . و أصبح سامي لا يهزم في هذه اللعبة . انتهت الجدة من أعداد الطعام و ندهت عليهما لكي يحضرا لتناول الطعام .

بعد ذلك وكالعادة ذهب سامي والدكتور فارس إلى بستان الرجل المسن الذي قد توفى قبل عامين من الآن ولكن أولاده موجودين فيه وهم في غاية اللطف حيث كانوا يسمحون لسامي والدكتور فارس بالدخول إلى البستان مثلما كان يفعل والدهم .
روتين اعتادا على القيام به منذ أول لقاء بينهما وعلى الرغم من عدم تغير أماكن ذهابهما ألا أنهما كانا يستمتعان كثيرا كأنهما يفعلان هذه الأشياء لأول مرة . وهذه دليل على أنه الوجود بقرب إنسان تكن له الحب والاحترام يشعرك بالسعادة حيثما كنتم وأن وجوده بقربك هو الاكتفاء بحد ذاته .
خرجا من البستان واتجها إلى ضفة النهر لكي يشاهدا الغروب معا .
جلسا قرب النهر مسبلين أرجلهم داخل الماء وحينها دار حديث بينهما .
الدكتور :- سامي هل تذكر المرة الأولى التي جلسنا فيها معا على هذه الضفة ؟
سامي:- نعم ....أذكرها وأتذكر أيضا كل ما جرى في ذلك اليوم من أحداث . لقد كنت يائسا مليء بالحزن خائفا من المستقبل الذي سنعيشه أنا وجدتي . ولكنك كنت موجود في الوقت المناسب والمكان المناسب . لقد جددت أملي في هذه الحياة . وأعطيتني دافع للاستمرار والمضي قدما .

الدكتور :- أنا لم أفعل شيء يذكر أنها أرادتك أنت . أنا فقط كنت موجودا بجانبك لأقول لك بعض الكلمات التي كنت بحاجتها في ذلك الوقت. فكل إنسان فينا لا بد أن يقع في مثل هذه المواقف المأساوية فيتعرض لانتكاسة نفسية فيأتي الدور على من حوله لكي يقفوا بجانبه للخروج من تلك الانتكاسة فيكونون سبب في رجوعه إلى طبيعته ولكن القدر الأكبر من التغير يكون على عاتق الشخص نفسه وأرادته .

سامي :- كلامك صحيح . ولكن لا تنكر فضلك علي . أنك إنسان نبيل جدا . تحب فعل الخير للجميع . أنها صفة إنسانية تكاد تكون معدومة في مجتمعنا وأنت من المحظوظين القلائل الذين يحملونها . أتمنى أن أكون مثلك في المستقبل .

الدكتور:- أن حب فعل الخير مغروس في قلب كل شخص على هذه الأرض ولكن للأسف الكثير من الناس تلههم مطامعهم ومشاغلهم الغير منتهية عن عمل الخير .

سامي:- لماذا يفعل البشر هذا ؟ أيفعلون كل ذلك من أجل المال فقط؟ لماذا كل هذا الجشع والطمع في النفس البشرية ؟
الدكتور :- أنها عدم القناعة بما يملكون . فمهما بلغت ثروة الإنسان تبقى في نظره غير كافية ويجب أن يضاعفها ولكن هناك قسم أخر من البشر أيضا يعملون طيلة الوقت ولكن ليس من أجل الثروة أنهم يعملون فقط من أجل الحصول على لقمة العيش مساكين أتعبتهم الحياة و أفرغت غضبها بهم فأنستهم فعل الخير .
كل شخص في هذه الأرض لديه أسباب ثانوية تعرقله عن أداء الإحسان ولكن هنالك أشخاص كثيرون من ألأغنياء والفقراء الذين مهما شغلتهم الحياة لم يهملوا الجانب الإنساني والعمل الخيري.
سامي:- هل تعني أنه هنالك الكثير من ألأشخاص مثلك ؟
الدكتور:- نعم فالعالم واسع و أنت لم ترى سوى أهالي هذه القرية سوف تتعرف أكثر على طباع البشر في المستقبل .
سامي :- أني متطلع لذلك ؟
الدكتور:- لا تنسى أبدا أنه بالإحسان إلى الناس ستصل إلى أعلى المراتب الخلقية . فتعود أن تكون ودودا مع من حولك وأن تقف بجانبهم في حال احتياجهم إليك .
وإذا فعلت ذلك لن تكون وحيدا أبدا و ستجد من يقف معك ويؤازرك في كل شئون حياتك .
سامي :- شكرا على هذه النصيحة سأنفذها بحذافيرها .
الدكتور:- أخبرني كيف تبلي في دراستك ؟
سامي:- الحمد لله دائما ما أكون متفوق على بقية الطلاب .
الدكتور:- هذا ممتاز استمر في ذلك وستصل إلى ما تريده ........ثم قال له ما هو طموحك الدراسي ؟

سامي :- أود أن أصبح طبيبا مثلك فأكون سببا في بقاء الناس على قيد الحياة وتخليصهم من ألامهم . أنه عمل رائع وفيه الكثير من ألإنسانية أيضا .
الدكتور :- نعم أنه كذلك .. ولكنه عمل مرهق جدا يجب أن تبذل كل جهدك للنجاح في مهنة الطب .
سامي :- سأعمل جاهدا وسأحقق كل ما أطمح إليه .

أنها تعادينيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن