12

45 6 0
                                    

وهكذا أصبح جدول سامي الأسبوعي عمل ومدرسة وأعمال منزلية جدول خالي من الراحة والاسترخاء وقضاء الوقت باللعب مع الأصدقاء.
طفل تحمل المسئولية بعمر صغير وسنرى لاحقا هل سيصمد على هذا الحال إلى أن يحقق مراده أم أنه سيرفع الراية البيضاء ويستسلم في منتصف الطريق . أن الوقت الوحيد الذي كان سامي يشعر فيه بالراحة وأنه صبي طبيعي هو في المدرسة حيث كان اجتماعيا إلى درجة لا توصف ودودا مع أصدقاءه يحب جميع من في المدرسة من أساتذة وتلاميذ .
وعلى الرغم من أنه كان اجتماعيا مع الجميع ولديه الكثير من الأصدقاء إلا انه اكتفى بصديق واحد مقرب أليه اسمه غسان .
غسان من عائلة مرموقة تمتلك بعض العقارات في القرية حالتهم المادية ممتازة يعيش في كنف والديه حياة اعتيادية مع أشقائه الأربعة .
لقد أحب سامي غسان واعتبره صديقه المقرب لأنه لم يكن يهتم للفارق الكبير بينهما وكان يعامله بلطف دائما ولا يردد أية ألفاظ قد تجرح مشاعره خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأهل .
كان سامي وغسان صديقين بكل ما تحمله الكلمة من معنى يحزن سامي فيأتي غسان ليواسيه وإذا فرح فأنه يفرح لفرحه يلازمه في كل أوقاته فكان سامي يشعر بالفرح وذلك لوجود غسان إلى جانبه طيلة الوقت فقد كان وجوده يشعر سامي بالقوة .

أنهى سامي هذه السنة الدراسية بصعوبة بالغة فأنه ليس بالأمر الهين أن يجمع الشخص بين الدراسة والعمل في وقت واحد وأن ينجح في كليها ولكن سامي فعل ذلك حيث أنهى سنته الدراسية بتفوق وأصبح من العمال المفضلين لذلك البائع وارتفع أجره إلى الضعف .

بدأت العطلة وعاد سامي إلى العمل طيلة أيام الأسبوع عدا يوم الجمعة حيث كان يقضي نصفه الأول مع جدته ونصفه الثاني مع غسان يقضيانه باللعب و الاسترسال في الأحاديث الشيقة في مختلف المواضيع فقد كان الاثنان ممن يملكون ثقافة عامة و الكثير من المعلومات.

على الرغم من العمل الشاق طيلة أيام الأسبوع ألا أن سامي أستعاد نشاطه وحيويته التي كان عليها قبل أن تتعرض جدته للحرق . وذلك لأنه قد تأذى نفسيا وجسديا في العام المنصرم ولكن الحمد لله فقد استطاع أن يتجاوز تلك الأزمة بإرادته القوية وكذلك بفضل كلمات غسان المشجعة له حيث كانت تشعره بالقوة وتعطيه الدافع للاستمرار.

استمر سامي بالعمل لمدة شهرين متتالين حتى حدثت فاجعة جديدة وهي موت جدته أثرت تلك الحادثة كثيرا على نفسيته فترك العمل وأعتزل الناس وأصبح انطوائيا على نفسه لا يفتح الباب للطارقين ولا يرد على أي شخص يحاول الوصول أليه . استمر على هذا الحال أسبوع كاملا .

أما غسان فكان يمتلك شيئا من الحكمة فبعد أن انتهى العزاء قام بتعزية سامي وقال له يا صديقي الحزن واجب عند فقدان الأحبة ولكنه لا يرجع الموتى . أستجمع قواك وأستمر في ما كنت تفعله دائما وتذكر بأنه لديك أحلام يجب أن تحقق فلا تضعف الآن فأنك قريب من الوصول إلى مبتغاك .
قال هذه الكلمات بعد أن رأى سامي قد أنهار تماما . أنهى حديثه وتوجه إلى منزله وكان يعلم بأن سامي سيدخل مرحلة من الانطواء والعزلة في المنزل ولكنه كان متأكد بأنه سيخرج من تلك العزلة وكان يظن أن ترك سامي بدون زيارة لفترة ستتيح له أمكانية التفكير مجددا في مستقبله والخروج من تلك الأزمة . فتركه أسبوعا كاملا ثم ذهب إلى منزله طرق الباب مرتين ثلاث أربع مرات فلم يفتح سامي الباب فقال أنه أنا صديقك غسان فلم يرد عليه ثم قال أني مشتاق لك يا صديقي أخرج لكي أراك لقد كان يعلم بأن سامي يستمع له ولكنه لا يريد أن يفتح الباب فاستمر بالحديث ليشجعه على فتح الباب سامي ما الذي كنت تفعله في المنزل لأسبوع كامل ألم تشعر بالملل ؟

هل تعلم بأنني قضيت الأسبوع بطوله أخطط للمشاريع التي سأقوم بها معك في الأسبوع القادم. ماذا تنتظر أفتح الباب لأخبرك ما الذي كنت أنوي فعله . لا تريد أن تفتح الباب هذا جيد أنا أيضا سأبقى جالسا هنا ولن أتحرك من مكاني حتى تفتح لي الباب يا صديقي العزيز .

ظل غسان يتكلم لوحده من وراء الباب ويمزح ويطرق النكات لسامي لمدة ساعة كاملة حتى فتح سامي الباب لغسان وكان في حالة يرثى لها وجهه شاحب وملابسه متسخة والمنزل يملئه الغبار كأنه لم يفعل شيئا داخل المنزل طيلة الأسبوع .
غسان:- هل وقعت في الوحل ما هذه الملابس ؟ سامي:- فلتصمت رجاءا فلست بحالة تسمح لي لكي أتقبل مزاحك .
غسان :- لست أمازحك أذهب لتغير تلك الملابس أو توقف فلنبدأ بتنظيف المنزل أولا .
أين أدوات الشطف؟.
سامي :- في المطبخ أذهب وأحضرها .
غسان :- حسنا سأذهب .
بدءا بتنظيف المنزل بعد ذلك ذهب غسان ليحضر بعض الطعام وطلب من سامي أن يستحم ويقوم بتغير ملابسه فرائحته لا تطاق .

أنها تعادينيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن