أنها تعاديني

11

قاما بعد ذلك بالرد على رسالته و ذهب سامي إلى مركز البريد لتسليم الرسالة .
أستمر سامي والجدة على نظام حياتهما القديم سامي منغمس في دراسته والجدة في حياكة الثياب ثم بيعها لأهالي القرية مع استمرار الرسائل بينهما وبين الدكتور فارس .

مضت ثلاث سنوات على سفر الدكتور فارس وانقطعت رسائله قبل سنة من ألان وكان قد كتب فيها أنه انهي دراسة الماجستير وتعرف على امرأة جميلة جدا هناك تدرس الطب أيضا وتزوجها وهو يعيش معها في إحدى ضواحي لندن .

وأخبرهم بأنه سعيد جدا بحياته الجديدة ولكنه لم يكتب عنوانه الجديد لذلك لم يستطيعوا الرد على رسالته وهو بدوره قد شغلته حياته الجديدة عن مراسلتهما ولكنهما كانا سعيدين من اجله .

انهي سامي مرحلة المتوسطة وهو الآن يبلغ من العمر خمسة عشر عام . أصبح شابا قويا ذو بنية جسدية ضخمة كوالده وكان يمتاز بالوسامة أنه شاب مثالي . في العطلة الصيفية كان سامي يعمل في سوق المدينة مع بائعا للسمك .

كان يعطيه أجرا لا بأس به وكان سامي يدخر تلك النقود ولا يصرف منها شيئا تحسب لما سيحدث في المستقبل . وكانت الجدة مستمرة بحياكة الثياب ثم بيعها لأهالي القرية إلى أن أتى اليوم الذي سيتغير فيه كل شيء .

حيث في صباح يوم الجمعة وهو يوم استراحة سامي الوحيد ذهبت الجدة إلى المطبخ لتحضير وجبة الإفطار فبدأت بتسخين إبريق الشاي ووضعت ثلاث بيضات في إناء فيه ماء ثم وضعتها على النار لسلقها .
كانت الجدة واضعة وشاحا طويل قليلا على كتفها وبينما كانت منشغلة في أعداد الطعام وقعت حافة الوشاح على النار واشتعلت بسرعة رهيبة حتى انتقلت النيران إلى ثيابها بدأت الجدة بالصراخ فنهض سامي راكضا ليرى ماذا حدث وإذا بالجدة تشتعل فيها النيران ذهب ساما مباشرة إلى غرفة النوم وأخذ بطانية من الصوف وقام برميها على الجدة ومن ثم أحاطها بها إلى أن انطفأت النار .

خرج سامي من المنزل لكي يحضر طبيب القرية فلم يتأخر سوى عشر دقائق ورجع إلى المنزل برفقة الطبيب . وضعا الجدة على سريرها بعد أن جردوها من ثيابها المحترقة وكانت تصرخ من شدة الألم غطى الطبيب الجدة بقطعة شاش وهذا ما يفعله الأطباء في حالة الحروق من الدرجة الثانية ثم أمر سامي بإحضار كمية من الماء البارد لكي يمسح به أماكن الحرق .

كانت أماكن الحرق متمركزة في ساقيها وبطنها ولكنها لم تصل إلى منطقة الصدر و ألرأس وذلك لأنه سامي كان سريعا جدا في إطفائها ولأنها كانت تلبس الكثير من الثياب فحمتها قليلا .

بدأ الطبيب بمسح أماكن الحروق برفق شديد والجدة مستمرة بالصراخ حيث أن ألألم كان لا يحتمل فهو اشد الم قد يتعرض له الإنسان ثم أعطاها حقنة لمنع الالتهاب وبعد ذلك قام بإعطاء سامي بعض النصائح عن كيفية معاملتها و طمأنه بأنها ستكون بخير خلال أسبوعين أو ثلاث وأنه سيأتي لينظف الحرق كل يومين أو ثلاث أيام .

بعد ثلاث أسابيع مثلما قال الطبيب شفيت الجدة من الحرق و استعادة جزء من عافيتها ولكن للأسف وهنت قوتها وأصبحت غير قادرة على فعل شي سوى الجلوس ومشاهدة التلفاز وبعد ذلك الاستلقاء على الفراش والنوم مثلما تفعل أغلب العجائز .

وقع على سامي عاتق كل شيء فهو من يصنع الطعام وهو أيضا من يعمل من أجل لقمة العيش. استمروا على هذا الحال إلى أن أوشكت العطلة على الانتهاء فأحتار سامي كيف سيوازن بين مدرسته والعمل وبالإضافة إلى ذلك الاعتناء بجدته .

قرر سامي بالاتفاق مع بائع السمك بأنه سيعمل فقط أيام الجمعة والسبت ولكن اليوم كله من الصباح إلى أن تغرب الشمس حيث أنه كان يعمل إلى الساعة الثاني عشرة فقط .وبذلك يصبح راتب هذين اليومين مساويا لراتب أربعة أيام من العطلة الصيفية .

صحيح أنه سينقص دخلهم ويعانون نوع من التقشف ولكن ذلك أحسن من لا شيء فبهذه الطريقة لن يضيع عمله ولن يضيع دراسته . بدأت المدارس وبدأ جدول حياته الجديد في الصباح يذهب إلى المدرسة وبعد انتهاء الدوام يعود إلى المنزل فيقوم بتحضير ما موجود في المطبخ من الطعام لوجبة الغداء وبعد ذلك ينام لمدة ساعتين ثم يستيقظ بعد ذلك ويبدأ الدراسة وهكذا طيلة خمسة أيام .

في ليلة الخميس يقوم سامي بتحضير غداء الجدة ليوم الجمعة وذلك لأنه سيغيب عن المنزل طيلة اليوم ويضعه لها في الثلاجة وكان يوصي جارته بأن تأتي أليها في وقت الظهيرة لتسخين الطعام المحضر سابقا وإعطاءه للجدة .

أما هو ففي يوم الجمعة يستيقظ في الساعة الخامسة صباحا يفطر ويحضر فطور جدته ويضعه لها على الطاولة ويذهب إلى المدينة يبدأ عمله الساعة السابعة صباحا وينتهي في الساعة السادسة مساءا . يرجع إلى المنزل فيجد جدته نائمة فيذهب إلى الحمام ليغتسل ويقوم بغسل ثياب العمل ويخرج بعد ذلك ليقوم بتحضير وجبة العشاء وكذلك غداء الجدة لليوم التالي .
وبعدما ينتهي من أعداد الطعام يقوم بأيقاظ جدته من نومها ويتناولان العشاء سويا وبعد ذلك يخلد إلى الفراش منهكا فلا يلبث سوى دقائق حتى يغط في نوم عميق . ليستيقظ في صباح اليوم التالي ويقوم بنفس أعمال صباح يوم الجمعة ويذهب إلى العمل.