68

1.9K 80 6
                                    

في مثل هذا اليوم قبل عدة اعوام، خسرت الكثير، بداية استيقظت وقد فقدت بصري تماما، تحسست ما حولي من الاشياء ، فوجدت شيئا يشبه ذراعي، تحسست الجزء الأيمن مني فأيقنت بأنه ذراعي ليس في مكانه، حملته وحاولت تركيبه مجددا لكن لم يفلح الأمر، صرخت فلم أجد أحدا يسمعني ، كان الصوت ينفجر بداخلي، ولا يخرج أبدا، حاولت النهوض عن فراشي، لعلي في طريقي أجد الباب ، فتجدني أمي وتهلع من منظري، لكن لم استطع وكأن شيئا ما يقيدني ، ويجعلني أسيرا ، سمعت صوتا خارج الغرفة، الحمد لله سيراني أحدهم وأتخلص من كل هذا، لكن أحدهم دخل للغرفة سمعته يعبث بشيء وخرج ولم يرني !
حاولت رفع يدي اليسرى ، لكنها كانت عاجزة تماما عن الحركة لعلني قد أصبت بشلل نصفي !

فقررت أن أفعل الشيء الوحيد الذي استطيع فعله الآن ، علي بأن أحلم، حلمت بطفولتي، حينما كنت ألعب خارج المنزل مع ابنة الجيران، فصرخت أمي، دعك من اللعب واذهبي لبيت جدك، إنه مريض ولا أحد بجانبه، لكن يا أمي أريد أن اكمل اللعبة، جاءت أمي ، أمسكت بأذني وشدتها، فآلمتني ، ووبختني بأن أذهب الآن، وابنة الجيران ضحكت بطريقة هستيرية حينها، وصلت الى بيت جدي بقيت طوال الوقت أدعو بأن يأخذه الله وألعب مثلما أريد !

فتحت عيني قليلا، رأيت صورة جدي حينما فارق الحياة، كيف كان يبتسم ويدعو لي بالسعادة، وأوصى أمي بي، هطلت دمعة من عيني، أعادت لي احساسي بخدي الأيمن !

عُدت لحلمي مجددا، رأيتني في المدرسة، حينما حصلت على درجة متدنية، وخفت حينها من عقاب أمي، حاولت تزوير علامتي، لكن صديقتي كشفت أمري ، فاستخدمت هذه الورقة كضدي، سأخبر أمك !
بقيت طوال الليل أحلم بكوابيس تتعلق بعلامتي وأمي فكرت بقتل صديقتي وينتهي كل هذا ، وفي الصباح استيقظت على صوت أمي تصرخ، تقوقعت في فراشي وظننت بأنه قد كشف أمري، لكن كان الصراخ على أخي الذي قد عاد متأخرا من البيت ورائحة الدخان عالقة على ملابسه ....

فتحت عيني قليلا مجددا، رأيت صديقتي التي هددتني بكشف أمري، وهي يأخذ والدها بيدها ويخرجها من المدرسة ليزوجها لرجلٍ يكبرها بعدة أعوام، وكانت تبكي ، وأنا أضحك لأنه لن يكشف أمر! هطلت دمعة على صديقتي أعادت احساسي بخدي الأيسر ....

غرقت بحلمي مجددا، رأيتني حينما كتبت قصيدة طويلة، لأهديها لمعلمتي بالمدرسة، وحينما أخذتها، رمتها جانبا ولم تعرها أي اهتمام، وكأن شيئا لم يحدث....
رمقتني إحداهن بنصف عين، يا شاعرة!
تمنيت حينها ، لو تتمزق الورقة، لإنها لا تستحق حبي، وتقديري لها ...

شعرت بهواء بارد يتسلل لروحي، حاولت فتح عيني قليلا،رأيت قرار فصل معلمتي من المدرسة وكيف كانت تبكي، والورقة التي أهديتها إياها كانت تحملها بين يديها،  هطل الدمع من عيني، فألقى به الهواء على يدي اليسرى، أعاد الحركة لها من جديد!
غرقت بسبات عميق، حلمت به بكل شيء حدث في حياتي، منذ تفوقي بالمدرسة ، إلى دخولي المرحلة الجامعية كان يسري كل شيء بسرعة إلا حينما رأيت أحدهم ، توقف الزمن حينها، أحدهم يعاهدني على أن يبقى بجانبي، أن يحبني، ويريحني من كل هذا الألم، عن أي ألم يتحدث لم استطع التذكر، لكن سرعان ما اختفى من حياتي ، ووجدتني أجلس على درج الكلية أبكي، جاءت إحداهن، ربتت عكتفي ، يبدو بأنها صديقتي، حاولت بأن تهدئني ، لكن رأيتها تضحك من خلفي؛ ةتذيع خبر بكائي بين صديقاتي، مر الوقت لأجدني وحيدة أمسك ورقة وقلم وأكتب، السطور التي كتبتها حينها، كانت تحاول الهروب مني، رأيت الحروف تتطاير حولي كزوبعة ، حاولت لملمة من كل مكان حرف وجمعتهم، ها لقد حصلت على حروف اسمي !
كل هذا الصراع ... لأكتب اسمي ، وما ينفعني هذا، وجدت أحدهم يصرخ باسمي، أحدهم يبكي، أحدهم يضحك ، الكثير الكثير من المشاعر تحيط بي، بدأت أشكل من حروف اسمي جملا كاملة المعنى وأهديها لمن حولي . ...

الجميع يبتسم، أسمع صوت تصفيق لي، انا أشعر بالسعادة، هنالك شيء جميل يحدث معي، لقد انتصرت !

لم تدم سعادتي طويلا، بدأت أفقد حب من حولي، أحدهم ينعتني بالفاشلة، فتاة ترميني بأبشع الكلمات، أحدهم يحاول جعلي مسخرة له ولاصدقائه ، قريبتي تحاول أن تهبط عزيمتي، رجلا ما يصرخ بي ، توقفي عن هذا الهراء ...

الورق من حولي يتناثر ويصفعني على خدي، شعرت بالإعياء سأقع الآن ، أحدهم يمد يده لي، يوقفني، يصرخ بي توقفي عن السقوط ، انهضي، أنظر إليه أجده أنا ،انعكاس لي، وعلى الجانب الإخر آراني امرأة هزيلة على فراش الموت والمرض، عدت مجددا، وقفت، حاولت، كافحت وناضلت من اجل قوتي. فقدت صديقتي المقربة، فقدت أحدهم يحبني، بدأت أفقد كل شيء ، وصلت لذراعي، رأيت أحدهم يحاول خطفها، قبيح المنظر، طويل القامة، حاولت جاهدة بأن احافظ عليها لكن فشلت!
استيقظت،أبكي ، أصرخ،  عاد بصري، عادت ذراعي، عاد كل شيء لي، شعرت بالقوة حينما سمعت آيات الله ،"ونحن أقرب إليه من حبل الوريد"
وقفت أنظر لنفسي، كم من الأشياء الجميلة قد خسرت ، وكم من القوة قد كسبت، عاد كل شيء كما كان ، مع قوة أكبر ....

ابتسمت ، حمدت الله، سأحيا مجددا من أجليه

اقتباساتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن