الفصل الثاني عشر

528 44 14
                                    


كانت السماء صافية لكنها سرعان ما تلبدت بالغيوم، بدأ رذاذ المطر بالهطول ناعمًا خفيفًا فوق رؤوسنا، وتزامن صوت الرعد مع أصوات صراخ اللاجئين في المكان، فاضطربت الأمور وزاد الهلع بينهم أكثر، كنت أتساءل هل من المعقول أن يخيفهم صوت الرعد وانهمار المطر الذي بدأ يزداد بشدة؟ التفت إلى ساشا التي اقتربت مني وعلامات القلق تكسو وجهها، الذعر في وجوه الناس، سائر يمشي بينهم، لحظة، هل قلت سائر؟ نعم، سائر في المقاطعة، تمعنت النظر به فصرخت بساشا متسائلة:

- ساشا، ما الذي يحدث؟

- توفي أحدهم، وتحول!

ازداد عدد السائرين، وعمت الفوضى في المقاطعة، البعض يجري هلعًا، صياح النساء، وبكاء الأطفال، وصراخ الرجال امتزج مع صوت انهمار الأمطار، هناك من احتمى بداره وهناك من لقي حتفه، كانت عيناي تراقب المكان بذهول من هول المنظر، وكأنني في فيلم سينمائي، تقدم تايريس وبصحبته جولي، أمرنا بنبرة حازمة لندخل المنزل، فتح شين النافذة متسائلاً:

- ما الذي يحدث بحق الجحيم؟

هرولنا إلى المنزل، وقبل أن يحكم تايريس إغلاق الباب والنوافذ، صرخ أحدهم مستنجدًا:

- تاي، لقد قاموا بمهاجمة منزلنا!

أومأ تايريس له فدخل ألين برفقة زوجته دونا وابنه كريس الذي كان على علاقة بجولي، أحكم تايريس اغلاق الأبواب والنوافذ، وقام بتوزيع الأسلحة للجميع، حدق شين إلى النافذة بنظرات متسللة بين الستائر، بينما ظل تايريس مستندًا على باب المنزل رافعًا مطرقته بيده، عم الهدوء بيننا للحظات، انكمشت صوفيا في إحدى زوايا غرفة المعيشة، جلس كريس بجوار جولي، مد يده اليسرى ليحاوطها بذراعه، فأبدى تايريس امتعاضه فورًا، وصرخ بابنته مستنكرًا:

- جولي!

رفعت جولي بصرها نحو والدها بنظرات غير عابئة باستنكاره لتلك العلاقة، همست ساشا بتايريس:

- تاي، إنها فتاة، وهما جرد صديقين.

أجابها بنبرة حازمة:

- لا أريدها أن تندم، ماذا لو تطورت هذه العلاقة، ورزقت بطفل ونحن في هذه الظروف؟ كيف سنتصرف مع فتاة في مثل سنها؟

- لا تقلق، مازال الوقت مبكرًا على هذه الأفكار، جولي ليست بفتاة غبية لكي تنجب بطفل في هذه الظروف، إنها تعرف تمامًا أن الخطر متربص بنا من كل جانب.

التفت نحو المطبخ لألاحظ ألين وزوجته يجلسان على مائدة الطعام وعلبة اسعافات أولية مفتوحة فوق الطاولة، اقتربت منهما محدقة بألين الذي كان منهمكًا في تنظيف جرح زوجته، ثم لف ذراعها بقطعة من الشاش، وما أن لاحظ وجودي توتر وهو يغلق علبة الإسعافات الأولية ويضعها في حقيبته، تساءلت باهتمام:

سأكافح من أجل البقاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن