-19-

8.5K 221 5
                                    

-19-
ابتسمت بسعادة قائلة في دهشة :
-عليّ ازيك !
فقال بابتسامة خجولة :
-ازيك انتِ يا نيرة وحشتيني..!
و اضاف بلهجة حزينة :
-زعلت اوي لما سافرتي غيبتي كتير كان نفسي اشوفك لما رجعت
ضحكت في براءة و قالت مشاكسة :
-و شكلي هغيب تاني
عقد حاجبيه منفزعا و قال :
-اية لية كدة ؟
فتنحنحت حرجة و هي تقول ببراءة :
-لا لا مش مسافرة اسبانيا انا هسافر شرم الشيخ مع صحابي..ان شاء الله يوم الخميس
تجهم وجهه و رفع حاجبه الايمن مستغربا في قوله :
-غريبة اخويا احمد مسافر برضه شرم يوم الخميس..انتِ هتروحي مع مين!
ابتلعت لعابها و ترددت في القول :
-مع صديق ليا اسمه عامر..
تقلصت ملامحه بشكل اصغر عما قبل و ضاقت عينيه الخضروتين, فتساءلت باضطراب :
-انت تعرفه ؟
-طبعا..عامر عمران!! هو في حد ميعرفش عامر, بس غريبة انتِ تعرفيه منين يا نيرة!
ردت ببساطة و هي ترفع كلا منكبيها :
-عادي, اعرفه من فترة كدة من بعد امتحانات الثانوي و احنا صحاب..
فيما قال بصدمة :
-صحاب! عامر عمران سمعته تسبقه..
ضحكت بغنج طفولي و هي تقول :
-لا لا الكلام دة كان زمان..دلوقتي عامر اتغير جدا و بقي شيء تاني خالص..
فزم علي شفاهه و قال :
-غريبة يا نيرة..
فتصدرت بالوقوف امام طريقه و تساءلت بسعادة مغيرة مجري الحديث :
-بس انت كنت فين السنتين دول!
-كنت بعيد عن المحافظة شوية بس خلاص رجعت و اخدنا الفيلا الي قدامكوا..ابقي تعالي بابا و ماما و هالة و احمد هيفرحوا لما يشوفوكي
فابتسمت مرحبة و قالت :
-تمام في زيارة انهاردة بليل ليكم..
اجابها سعيدا :
-الساعة 9 هاجي اخدك من البيت موافقة !
هزت رأسها موافقة في حبور, فعلي صديق الطفولة, والده السيد جلال عبدالخلوق, اسم علي مسمي بالفعل كان خلوقا و يظهر علي وجهه الجلالة و النبل, كما كانت زوجته الحسناء عطوفة عليهم, كان هؤلاء اول من استقبلها عندما نزلت اراض مصر, كانوا جيران رائعون, تصادف ان ايهاب و عليّ متقاربي السن, بينما كان احمد يكبر حسام بعامان, و هالة كانت الكبري بينهم, فكانت لا تحادث احدهم و تتخذ لنفسها جانب خاص, كان عليّ هو الصديق الاجمل, كان يواظب علي شراء "الشوكولاتة البيضاء" فتأكلها و هي تعلو حجره و تكركر بقوة كلما حاول اضحاكها, عكس هذا ايهاب العابس في وجهها منذ الخلق, كانوا قاربيبن جميعهم حتي غادر عليّ للعمل في مستشفي بعيدة كثيرا عن مكان اسرته, فوافق علي العرض, و تركهم راحلا, و مع مغادرة عليّ ابتعدت العائلتان كثيرا خاصة بعد وفاة فاروق..بعد وفاة عمود العائلة..
                               ***
ردت بعد الاتصال الخامس, فلم تلحظ الهاتف ابدا فقد انشغلت بعلي و أحمد, الذي تفاجئ بذهابها لشرم الشيخ و خاصة مع عامر, لكنه توعد بانه سيسعدها و سيكون جوارها دوما و اظهر ابتسامة عريضة بوجودهما معا في الرحلة القصيرة, و كانت المفاجأة السعيدة, لقد قرر عليّ الذهاب معهما لقضاء يومان عطلة لا اكثر للتعرف علي اصدقاء احمد و عامر !
-ايوة يا عامر..معلش كنت مشغولة انهاردة و مش عارفة ارد عليك
فسألها باقتضاب :
-كنتِ فين؟
تعجبت من لهجته القاسية, فردت في براءة خائفة :
-عند جيران لينا..
-و كل دة الساعة بقيت 9 بليل
لتضحك بقوة و هي تقول :
-و فيها اية يعني..دية 9..
شخط بها بعنف :
-بقولك اية  روحي علي البيت..
انتفض جسدها من صياحه العال, حتي ظنت ان أحمد الذي بجوارها قد سمع صياح عامر, توتر صوتها و تهدج في الحديث :
-خلاص خلاص هرجع دلوقتي..
قامت واقفة و ودعت الجميع, ركضت الي منزلها الذي كان مقابل لمنزل عليّ, لكن قبل ان تعبر بوابة  قصرها, تفاجأت بصوته الضخم يناديها, تلفتت حولها بذعر, فسارع بأمساك ذراعها و تمثيلها امامه قائلا في ضيق :
-اية هو انتِ فاكرة ان محدش هيعرف يلمك اية  الي وداكي عند احمد جلال!
تربكت من صراخه, فعقدت حاجبيها و قد أنخرست عن الحديث, فقال بغيظ :
-ما تنطقي!
هزت رأسها بالنفي و هي تقول :
-انا بكره الصوت العالي..ملوش لزوم صريخك..احمد جاري و طالع معانا الرحلة فـ...
فقاطعها حانقا :
-جارك! و دة يسمحلك تقعدي معاة! يا اهلا شكلي مش هاخدك معايا
فلتت بذراعها من قبضة يده و قالت مستغربة :
-مالك يا عامر في اية متعصب كدة لية؟
سكت قليلا, فأمسكت بيده في رقة و همست له في هدوء :
-خلاص متزعلش مني اعتبرها اخر مرة اتأخر عن البيت و مردش عليك!
فنظر لها و قال بانذار :
-نيرة حسبي انا بكرة الي بيعارضني!
فزمت شفاهها متظاهرة الدلال :
-يعني هتكرهني لو عارضتك يا مارو
فقبض علي يدها و رفعها الي فمه, ترك فوقها قبلة دافئة حركت وجدانها و قال باسما :
-مقدرش اكرهك يا حبيبتي!
فابتسمت سعيدة لكن سريعا ما تلاشت الابتسامة و هو يقول في لهجة قاسية :
-بس ساعتها انتِ الي هتكرهيني يا نيرة...
                                ***
جاء اليوم المنتظر لجميع, جهزت نيرة ثيابها و استقلت  سيارتها مع عامر, ابتسم فور ما جاءت و حياها بقبلة علي خدها الوردي قائلا "صباح النور علي أحلي حاجة في حياتي", خجلت كما سعدت بكلمته الرقيقة, لم تنتظر منه ان يمد ذراعه و يجذبها الي صدره كالعادة, بل هي سارعت بالارتماء علي ذراعه و هو يقود السيارة, تبسم و هي يري الدلال المحيط بها, فضوله يقتله يود ان يعرف كيف تغيرت نيرة مائة و ثمانون درجة من بعد عودتها من اسبانيا, حاول كتم سؤاله كثيرا, لكن تلك المرة لم يقاوم فرصته و تساءل بوضوح :
-نيرة انتِ بتحبيني؟
رفعت نظرها اليه و قالت مشاكسة :
-أحبك! احبك انت؟ لا طبعا انا بكرهك و مش عاوزة اتجوزك
ليقول مهددا :
-والله ! طب شوفي نتيجة لماضتك ديةلماضتك دية..
و حاول ضمها اليها قويا, لتصرخ معارضة و هي تتبتعد و تردد :
-لا لا ونبي يا عامر..مش لدرجادي
فأوقف السيارة الي طريق جانبي و نظر لها في مكر قائلا :
-هاا هتقولي و لا استعمل اسلوب مش كويس في التعامل..
لتقول في ضيق :
-لا مش هقول..
فجذب ذراعها في عناق خال من الرحمة, لتصيح معترضة و تحاول دفعه و الافلات منه, لكنه لم يترك لها مجال للفرار, ترك رأسه علي كتفها و لثم عنقها بقبلة عنيفة, فضربت صدره بقبضة يده و تراجعت الي الخلف بعدما تملصت منه, اخذت جرعة هواء قوية, كهفر وجهها غاضبا ثم غمغمت بضيق :
-بطل الحركات دية!!
مال بضخامة جسده علي جسدها قائلا و قال :
-هاا لسة مش هتقولي!
لتقول فزعة :
-عامر انت اتجننت احنا في الشارع بطل..
ثم قالت ببشرة مشربة بالحمرة الخائفة الخجلة :
-ايوة بحبك طبعا..ارتحت يا مجنون يا عبيط..؟
*
*
*
يتبع
الجماعة الصامتة تقول رأيها^^

مدمن قلبكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن