الشطرُ الأول: قبرٌ مفتوح.

41.4K 2K 1.1K
                                    


‹ ١ / ٧ / ١٩٨٥م ›
بوسطن.

ركض ملهوفًا بين الأروقةِ و الممراتِ بحثًا عن الغرفةِ رقم مئة و أربعة حتى وجدها.!

سبق و أن أخبرتهُ الممرضةُ عند الاستقبال أن هذهِ الغرفة شاغرة، فكيف يمكن لكلامها أن يكون صحيحًا و هو قد زارها البارحة؟

قرع الباب على عجلٍ ثم دخل ليجد شابةً بزي ممرضةٍ و هي تبدل أغطية السرير و التي فُجِعت من ذلك الدخول المفاجئ.

نظرت إليه مذعورةً و هي تتفحص ذلك الداخل من أعلى رأسهِ حتى أخمص قدميه حيث كان يرتدي بنطالًا أسود و سترةً صوفيةً زرقاء داكنة برز من تحتها قبةُ قميصٍ أبيض و كذلك أكمامه.

نطقت ببعض الخوف بعد برهةٍ من اتصال الأعين المخيف ذاك : ما الذي تفعله هنا؟

حاول جاهدًا أن يتجاهل كم الأسئلة التي انهالت عليه مثل زخ المطر كي يجمع كلماته و ينطق ببعض الاتزان الذي ادّعاه بصعوبة : أين المريضةُ التي كانت في هذه الغرفة؟

استشعرت الخوف الذي ينهش روحه فأجابت ببطءٍ كي لا تتداعى الجُمل كلها على رأسه دفعةً واحدة : لقد غادرت .. أعتقد أن الجسد في طريقهِ إلى .. كما تعلم .. المكان الذي يضعون فيه غير الأحياء.

شعر بقطراتِ العرق التي كانت تسير على عمودهِ الفقري، قشعريرةُ ألمٍ قد سرت في جسده .. بالكاد تمكن من ابتلاع ريقهِ و الحفاظ على رباطة جأشه.

صفع الباب ليغادر بحثًا عنها إلا أنه واجه طبيبًا يعرفه تمام المعرفة كان قد امتقع وجههُ لسببٍ يأبى تصدقيه.!

سار نحوه و هو يشعر بجسدهِ يتداعى، هزّ رأسه محاولًا نفيَ ما هو على وشك سماعه بينما يحاول صديقه الطبيب أن يتحاشى اتصال الأعين بينهما.

رفع الطبيبُ يدهُ ليضعها على كتفِ صديقه المصدوم مُعَزِيًا إياه، صديقه الذي كان على حافة التداعي!

لم يشعر ذلك الواقف أمامهُ بالحرب التي نشبت بين أضلعه، أعلن قلبه الثورة و انضمت له أكوامٌ من الدموع الخائنة!

لم تكن واحدةٌ من تلك الدموع شجاعةً بما فيه الكفاية لتقفز إلى الخارج، فالعقل قد توعّد الخائنين بعقوبةٍ لم يرَ أحدٌ مثيلًا لها من قبل!

يحاول العقل قمع كل هذه الفوضى لكن لا سبيل لهذا و متزعم المتمردين لا يصمت، صراخ القلب كان مزعجًا للجميع فعلًا.

و بينما الجميع يحاولون مقاومة الأوامر قفزت دمعةٌ واحدة، فقط واحدة .. حامِلةً على كاهلها كل الصرخات التي أطلقها القلب لعله يتعافى و لو قليلًا.!

وسط تهليلات الجميع، نجحت تلك الدمعة في إسكات القلب و إغاظة العقل في الآن نفسه.!

صحيحٌ أن ذلك الطبيب لم ينصت لكل تلك الفوضى إلا أنهُ سرعان ما اتخذ بعض التدابير الوقائية مبتدئًا بضمهِ بحركةِ من يدهِ إليه، كانا متقاربي الطول.

همهم لهُ محاولًا إخماد نيران الحزن التي اشتعلت داخله : لربما بهذهِ الطريقة سترتاح جيدًا، أليس هذا أفضل من ملامح الألم التي كنت تراها كل يوم؟

لم يستطع أن ينطق ببنت شفة، لسببٍ ما عقله توقف عن العمل بعد أن أدرك أخيرًا بأنه لن يراها مرةً أخرى .. لن يستمع إلى ضحكاتها عليه .. و لا حتى إلى ما كانت تكتبه.

الآن و فقط الآن أدرك الحقيقة خلف ذلك الصراخ المذعور و تلك الثورة البائسة!

______

انتهى، -تشرب شاي-

كيف هي مقدمتي الصغيرة 👤؟

و كيف هو اسم الرواية الذي كاد أن يخرج الشيب في رأسي :-: .. أتحدث جديًا :-:

هذهِ الرواية مكتملة في المسودات، نعم رواية طويلة .. و آمل أن تروق لكم 🐢✨.

بعد عدة ساعات، لنا لقاءٌ آخر 💘.

شكرًا لقراءتكم 💙.

تصويت 🌟.

شطرٌ من نور.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن