الشطرُ الثمانون.

2.1K 346 327
                                    


- هيا اتبعنا من فضلك! لا نريد اللجوء للعنف.

نطق الواقف يمينًا بشيءٍ من الغلظة و هو يشير له بأن يقترب منهما.

نظر إليهما متعجبًا من طريقتهم المهذبة هذه المرة، إلا أنه سأل بجسارةٍ رغم أن الكفة ترجح لهما : إلى أين؟

رد الآخر بخشونةٍ و هو يمسك كتفه ليشُدّه : أنت تعرف، و الآن لا مزيد من الأسئلة!

سحبه هذا الأخير معه فانقاد معهما مُكرهًا، لربما هم لم يريدوا القيام بذلك في مكانٍ عام .. إنهاء الأمر في زقاقٍ ما سيكون مناسبًا أكثر.

ساروا جميعًا فترةً طويلةً من الزمن حتى وصلوا إلى حيث ما لم يتوقع برايلين أن يفعلوا، هل هو فعلًا أمام المدخل الرئيسي لشركة جرايدُن؟

التفّ و هو يحدثهما بخشونةٍ و عناد : لا آبه بما تريدان فعله به، لن أدخل إلى هنا.

ماذا لو رأى جرايدُن لأي سببٍ كان؟ ربما عرف أنه قد استدان منه و هو من طلب معهم أن يحضروه إلى هنا دون أن يصيبوه بخدش، لربما خلف هذه الأبواب ينتظره ما هو أسوأ من مجرد شجار شوارع تافه!

دفعه صاحب الجسد الأضخم فكاد برايلين يقع بينما تابع حديثه بجلادة : هيا تحرك كي لا أكسر كل عظمةٍ في جسدك.

بدأ يشعر بالعرق يتصبب منه كنهرٍ لا يتوقف، أيًا كان ما سيحدث فإنه لن ينتهي بخير، أيحصل كل هذا عندما قرر أن يعيش؟

ولجوا إلى المكان أخيرًا بعد أن استسلم برايلين لجبروتهما، هو يريد الحفاظ على طاقته لكل ما ينتظره مما يعني أنه لن يكون في صالحه خوض شجارٍ آخر إن كان بإمكانه تجنبه.

تركه أحدهما ليتحدث مع موظف الاستقبال لبرهةٍ ثم عاد مرةً أخرى، أشار لزميله كي يتجه مع برايلين إلى المصعد ثم تبعهما.

دخلوا ثلاثتهم إلى المصعد على عجل، كاد أن يركب معهم موظفٌ آخر إلا أنهما قدمّا له نظرةً تقشعر لها الأبدان، فتراجع ذلك البائس سريعًا ثم ضغطوا زر الطابق الخامس.

انتظَروا في صمتٍ بينما برايلين مشوَشٌ للغاية من تصرفاتهم الشاذة، منذ متى و هم لبِقون هكذا؟ توقع أن يتلقى ضربةً أو اثنتين على أقل تقدير حتى يصلوا إلى المكان المخطط له.

توقف المصعد ثم انفتحت أبوابه فدفعه الواقف إلى يساره كي يتقدم، تبعاه بعد ذلك بينما كان يحاول أن يعيد توازنه فأمسكه الآخر من قميصه.

انزعج برايلين من ازدرائهم له بهذه الطريقة فأخذ يحاول إبعاد يده الضخمة عن قميصه إلا أنه كان قد أبعد يده بالفعل.

ضحك الآخر عليه ثم تحدث بهزء : هيا أيها السلحفاة، ليس لدينا الليل بطوله.

بعد مدة دقيقتين من المشي كانوا قد وصلوا إلى مكتبٍ لم يتمكن من قراءة لوحته بسبب الجثتين العملاقتين و الواقفتين بالقرب منه، أهذا مكتب لدخول الأحياء و خروج الأموات يا ترى؟

شطرٌ من نور.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن