الشطرُ الرابع.

10.3K 1.1K 608
                                    


- ما الذي تريدين الحديث بشأنه؟ نطق و هو ينظر إليها بريبةٍ و انزعاجٍ واضحَين.

لديها الكثير من الجيوب تحت عينيها و لم يكن هو أحسن حالًا منها على أيةِ حال، زرقةُ عينيها قد لُوِّثَت من قبل آثار ما تشربه و مسحةٌ من الكآبةِ قد غطت وجهها رغم الابتهاج الذي يفرضه عليها ذلك الشراب.

بدا شعرها الأسود مرتبًا بشكلٍ عادي و كذلك ملابسها المتمثلةُ في تنورةٍ سوداء و قميصٍ فضفاضٍ أسود.

بعد أن وضعت كأسها أرضًا رفعت رأسها نحوه ثم قالت : رغم أن عدم شربك لن يجعل اللعبة ممتعةً لكن ... ثم أتاها بعض السعال الخفيف لتتابع بعد توقفه : أخبرني كيف تقنع زوجًا متمردًا بالانصياع و مراهقةً لا تنصت لوالدتها أن تترك الحماقات التي تفعلها؟

لخص الوضع البائس الذي هو فيه داخل عقله ببعض الجمل "هل أنا أعمل طبيبًا نفسيًا هنا أم استشاريًا اجتماعيًا؟ ما هذا؟"

عاود النظر إليها ليجدها متلهفةً فعلًا لجوابٍ قد يفيدها، تنهد بانزعاجٍ ثم تكلم بلا مبالاة : ما الذي يدفعني لأجيبكِ حتى؟ لست أخصائيًا أو شيئًا من هذا القبيل.

اقتربت قليلًا منه كي تضربه بقبضةِ يدها غير المتزنة على كتفهِ ثم نطقت مدعيةً الانزعاج : هيا .. هذا ليس مسليًا.

استرق نظرةً نحو روبرت الذي كان ينظر إليهِ ساخرًا ثم قال متذمرًا : هل حقًا علي فعل هذا؟

رد عليهِ بتهكمٍ و هو يضع الكأس ليعبئها له أحدهم : إن كنت تريد راتب هذا الأسبوع فنعم .. أنت بحاجةٍ لفعل هذا!

ذلك الوغد يصبح أكثر حقارةً عندما يكون تحت تأثير تلك الأشياء إلا أنه انصاع لحالهِ و قرر المتابعة.

تنهد بقرفٍ من هذا الموقف البائس ثم عاود النظر إلى جليستهِ و هو يقول : إن كنتِ تتوقعين مني مساعدتكِ فعليكِ الشرح أكثر.

عبّأت كأسها و هي تقول بانزعاج : ذلك التعيس هنري لا يعود إلى المنزل منذ أيام .. أيضًا لا يجيب على أسئلتي عندما يعود من حيث جاء.

تأوّهت للحظةٍ بعد أخرجت سيجارةً من حقيبتها التي كانت موجودةً بجانبها ثم أشعلتها بقداحتها الخاصة، أخذت نفسًا منها ثم تابعت : و تلك الفتاة جيسيكا .. إنها تخرج مع ذلك النذل جيريمي .. أخبرتها مرارًا أنه شخصٌ سيءٌ تمامًا كوالده إلا أنها لم تستمع لي .. يا إلهي أنا أعيش مع مجموعةٍ من الحمقى.

نظر إلى حالها المخزي ثم همهم لنفسه : و أنتِ فعلًا تناسبين هذه المجموعة.

أنزلت كأسها ثم وضعت رأسها على يديها كي تنظر إلى الطاولة ثم قالت بعد أن تغيرت نبرة صوتها جذريًا : لكنني .. لكنني حقًا أحب أولئك الحمقى، تساقطت دموعها دون وعيٍ منها ثم ساد الصمت لبعض اللحظات.

أخذت تتحدث غير آبهةٍ بالمكان الذي تتواجد فيه بينما الدموع تستمر بالتتابع على وجنتيها : ذلك الجبان هنري سيفسد أمور أي امرأةٍ قد يحاول حبها غيري، و تلك البلهاء جيسيكا ستنكسر إن حدث ما أخشاه .. أنا لا أريدهم أن يتأذوا!

شطرٌ من نور.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن