الشطرُ الواحد و الستون.

2.7K 412 276
                                    


- إلى أين ذهبت؟

بلهجةٍ حملت الصرامة بين ثناياها سأل المدير دالفون تلك الماثلة أمامه، رفعت رأسها بعد سؤاله ذاك كي تتفرس عينيه البنيتين ثم ردت عليهِ بصوتها المتزمت مع ملامح مبهمةِ المعنى : لقد أرسلتها إلى منزل صديقه، إنه هناك.

عقد أصابعه بامتعاضٍ كي تشكل جسرًا ثم أسند ذقنهُ عليه و اعترض على ما قالته بخطابهِ الذي حوى بعض الانزعاج : لمَ فعلتِ ذلك جليندا؟ ما دخلكِ في كل هذا؟ البقاء كممرضةٍ خاصةٍ لتلك المُسنة سابقًا و الآن تتدخلين في شؤون هذا الطبيب؟

رمقته جليندا بنظراتٍ مشمئزة قبل أن تنطق و هي تتأمل حاله البائس و حقيقة كونه مجرد بيدقٍ لتلك المرأة المخبولة : أعتقد أنك لا تملك الأحقية لقول أي شيءٍ لي، طوال تلك الفترة التي عملت فيها معه جنبًا إلى جنب اكتشفت أنه أفصل بكثيرٍ مما قيل عنه .. الإشاعات في هذا المستشفى مخيفةٌ فعلًا.

حمل نظرة استياءٍ من كلماتها إلا أنها لم ترق لها فأسكتته بمتابعتها الحديث حيث حمل أطنانًا من الثقة التي ضغطت عليه : بالإضافة إلى أن تلك المسنة التي تتحدث عنها ساعدت والدتي عندما لم تكن أنت موجودًا أبي العزيز .. هل ترى أن لديك أي حقٍ في الحديث بعد هذا؟

زفرت الهواء الموجود داخل رئتيها بضيقٍ لأنها عادت للتطرق إلى هذا الموضوع الذي يثير حنقها و بشدة، أخبرتها قسمات وجه والدها أنه يكره ذكر هذا الموضوع أكثر فصمتت لتغير الموضوع بشكلٍ جذريٍ تمامًا : السيد والكر هو صديقٌ لابن تلك السيدة التي كنت أجالسها، بطريقةٍ ما ثلاثتهم متصلون في حلقةٍ واحدة .. بدت تلك الممرضة كما لو أنها مهتمةٌ بأمره لذلك قدمت إليها دفعة صغيرة .. هل من مشكلةٍ في هذا؟ لم تملك ما تفعله على أيةِ حال لذلك لا تلعب دور المدير الحازم من فضلك.

قفز الاشمئزاز إلى أمارات وجهه و هو يتذكر قسمات وجه الممرضة فولڨيا التي لم ترق له منذ النظرة الأولى، تحدث ببعض القرف بعد أن لوى شفتيه كرد فعلٍ على ذلك الخيال : تلك؟ أعني .. كيف يمكنك النظر إليها و بشرتها هكذا؟ إنها قبيحةٌ للغاية.

تنهدت بضيقٍ عجزت عن إخفائه أكثر من ذلك، قطبت حاجبيها كتعبيرٍ بسيطٍ عن حجم هذا الضيق و عاتبته على أسلوب تفكيره الرجعي بخطابها الحازم : لا أصدق أنك في مثل هذا العمر و تحكم على أحدهم من مظهره، على كلٍ لا آبهُ بما تظنه عنها .. أرى أنها شخصٌ جيدٌ و تستحق فرصة، بدت قلقةً على وايت حتى أنها ذهبت لتسأل الطبيب الذي كانت مناوبته معه البارحة.

رفع رأسه و نظر إليها باهتمامٍ ثم نطق متعجبًا عندما تذكر هوية ذلك الطبيب : و ما الذي قاله ريك؟ إنه يبغضه و بشدة.

- من الجيد أنك تذكر ذلك لأنه زجرها و أعادها أدراجها مرةً أخرى.

لفظت الكلمات و كأنها لا تطيق متابعة هذا الحوار العقيم حيث أن ذكر كل ذلك لن يغير مما حدث.

شطرٌ من نور.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن