الشطرُ الثالث بعد المئة.

3K 333 271
                                    

- حرِّك أصابعك برفق من فضلك.

حدّثه وايت بهدوءٍ و هو يمسكُ بمرفقهِ ليُحركه هو الآخر، طوَى برايلين أصابعه عدة مراتٍ منفذًا أوامر طبيبه، انقضت لحظاتٌ عديدةٌ من الصمت حتى أطلقَ هذا المريض تأوهًا غريبًا حيث تحدث باستياء : ما هذا وايت؟ هل تحمل دبوسًا أم ماذا؟

أفلت مرفقه للحظةٍ ثم أزال ذلك الدبوس الذي كان مختبئًا بين أصابعه بالفعل، ابتسَم وايت بهدوءٍ ثم نطق تاليًا : آسفٌ لهذا لكنني سأسألك سؤالًا آخر، أين أحسست بالوخز بالضبط؟

رمَقهُ برايلين بنظراتِ الانزعاج المعتادة ثم استخدم يده اليسرى ليشير على الجانب الداخلي من ذراعه كي يتابع حديثه : هنا، هل من خطبٍ ما؟

اقترَب وايت مجددًا مع ذلك الدبوس ثم جرّب وضعه على الجانب الداخلي من يدهِ فلم يتغير أي شيء، عاود برايلين النظر إليه ليسأل : ما الذي حدث؟

جلسَ صديقهُ أخيرًا بعد أنهى الاختبار الذي كان يتطلع للقيام به منذ أن أنهى تلك العملية، المنطقة التي دخلت فيها الرصاصة مملوءةً بالأعصاب المتجهة نحو الذراع لتغذيَ عظامها و مفاصلها .. حاول التأكد من صحةِ كل شيءٍ أثناء قيامهِ بالعملية إلا أنه خاف من حدوث شيءٍ غير متوقع .. و ها هو قد حدث.

طمأنَ مريضهُ بابتسامةٍ خفيفةٍ ثم لفَظَ أفكارهُ بطريقةٍ مبسطةٍ ليفهمها : لا تقلق .. ليس بالأمر الخطير تمامًا .. لن تتمكن فقط من الإحساس بهذا الجانب من يدك اليمنى .. الأمر معقدٌ لأشرحه لكن ما عدا هذا أنت بخير .. بخيرٍ بالنسبة لشخصٍ دخل إلى معركةٍ و هو يدرك أنه سيخسرها.

نظَرَ برايلين إلى المكان الذي أشار إليه طبيبهُ مسبقًا ثم أطلق ضحكة سخريةٍ كي يؤيد ما سمعه : حسنًا .. يبدو الأمر كشيءٍ جيدٍ عندما تصوغه بهذا الشكل.

حرّك برايلين أصابع يدهِ اليمنى عدة مراتٍ ليتحسسها مجددًا، إنه يشعر بالقوةِ أكثر من أي وقتٍ مضى، عاود النظر إلى صديقهِ ليسأل بشيءٍ من التعجب مُتذكِرًا ما حدث : أنت لم تخبرني حتى الآن عن ما فعلته في ذلك الحين .. كيف وصلت؟ قد أتفهم أمر أورفيوس لأنه رآني قبل أن أغادر المستشفى .. لكن أنت .. كيف هذا؟

هربت ضحكةٌ ساخرةٌ على الملامح التي استقرّت على وجه صديقهِ ثم راح يفسر لهُ : عندما وصلت السيدة إيرلين أخبرتني أنها قابلتك، حسنًا كان هذا طبيعيًا فقد كان وقت خروجك و قدومها متقاربًا، سألتُها عن سبب قدومها وحيدةً في مثل هذا الوقت من الليل فأجابتني بأن أورفيوس كان معها إلا أنه غادر فجأةً مخبرًا إياها أنه تذكر شيئًا ما.

أظهر ذلك المستمع علامات التعجب أثناء سماعهِ لتلك القصة ثم تمتم سائلًا : ذلك الوغد .. بالمناسبة ما الذي حصل معه بعد ذلك؟

تذكّر وايت حالة الهلع التي مرّت بها السيدة إيرلين حين عرفت بما جرى، كان من الصعب إقناعها أنهما بخير إلا أنه تجاوز هذا الجزء ليوضّح ببساطة : لقد عاد مع الشرطة فقد كان في حالٍ أحسن منك .. قدّمنا لهُ الرعاية اللازمة بعدما أنهينا عمليتك.

شطرٌ من نور.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن