يجلسُ في إحدى زوايا غرفتهِ الكبيرة والفخمة ، يلهث وصدره يعلو ويهبط ، جسده يرجف بأكمله ، مرت أكثر من ستة ساعات وهو على حاله ، المنظر الشنيع يمر أمام عيناه كل دقيقة وأخرى ، يحاول جاهداً ألا يتذكره إلا إنه يأبى تركه.رنَ هاتفه المرمي على الأرض بجانبه ليفزع ويلتصق بالحائط أكثر ، بتردد ورعب مد يدهِ حتى يأخذ الهاتف المضيء باسم مساعده الشخصي ، أبتلع غزيراً قبلَ ضغطهِ على الزر الأخضر.
" سيدي.. " لم يجيبه بل ظلَ ساكناً لا يقوى على التحدث " مرحباً؟ سيدي؟ "
" نعم.. هوبين " هو بصعوبة تحدث " هل بحثت عنـ.. عنها؟ "
" نعم سيدي.. إنها ترقد في مشفى العاصمة وأ.. "
قاطعه " هل هي بخير؟ أخبرني!! "
" دخلت في غيبوبة والأطباء تمكنوا من إيقاف النزيف " سيده لم يتحدث وذلك ما جعله يكمل " سيدي.. لا تقلق ستكون بخير "
كيف ستكون بخير وهو من تسببَ في ما حصلَ لها ، هو من تسببَ في وقوعها المشفى وهربَ كالجبان ، ما خفف عنه هو بقائها على قيد الحياة ، منظرها وهي ملاقاه على الأرض بدمائها لم يعتقد بأنها ستعيش.
أغلقَ الهاتف وعاود رميه على الأرض ، جذبَ ساقيه لصدره.
" لم أقصد.. لم أرها.. أنا آسف "
ظلَ يردد تلك الكلمات علها تخفف عنه شعور تأنيب الضمير إلا إنها لم تساعده ، بل زادت من إحساسه بالذنب ورغبتهِ بتعذيب نفسه.
" ليتك لم تغادر المنزل نامجون.. ليتك بقيت نائماً "
حادثَ نفسه مستلقياً على الأرضية الباردة بينما لا يزال محتضناً ساقيّه ، منكمشاً على نفسه.
.
/
/
.
الأشقاء الثلاثة يقفون خلف زجاج الغرفة التي تحتوي والدتهم ، ينظرون إليّها وأعينهم على الأسلاك التي تغطي جسدها ، رأسها الملتف حوله الشاش الأبيض ، السواد المنتشر تحت عيناها المغلقة ، يتألمون لمنظر أمهم وكيف أُظلم وجهها المشرق ، كيف حدثَ ذلك سريعاً؟