وقف كندريك في وسط الجو المشحون, داخل قاعة الأسلحة, محاطاً بالعشرات من إخوته, كل أعضاء الفضة, ينظرون بهدوء إلى دارلوك, قائد الحرس الملكي الذي قد أرسل في مهمة تعيسة. بماذا كان يفكر دارلوك؟ هل يعتقد حقاً أن بإمكانه السير إلى قاعة الأسلحة ومحاولة اعتقال كندريك, أكثر أفراد العائلة المالكة شعبية, وكل ذلك أمام إخوته في السلاح؟ هل كان يعتقد حقاً أن الآخرين سيقفون جانباً مكتوفي الأيدي ويسمحون له بذلك؟ لقد قلل كثيراً من شأن ولاء أعضاء فرقة الفضة لكندريك. حتى لو جاء دارلوك مع مرسوم شرعي لاعتقاله, والأمر طبعاً لم يكن كذلك, لقد كان كندريك يشكّ في أن يسمح إخوته باقتياده بعيداً. لقد كانوا أوفياء في الحياة, وأوفياء في الموت. كانت هذه عقيدة الفضة. كان سيتصرف بنفس الطريقة لو أنّ أيّاً من إخوته كان مهدداً. في النهاية, لقد كانوا يتدربون سوياً, ويقاتلون معاً, طيلة حياتهم.كان كندريك يشعر بالتوتر الذي كان معلقاً بصمت المكان, وأفراد الفضة قد حملوا أسلحتهم في وجه عشرات من الحرس الملكي, الذين كانوا يقفون وينظرون بعدم ارتياح. لا بد أنهم كانوا على علم أنه سيكون هناك مجزرةٌ إذا حاول أحد منهم تحريك سيفه, وبحكمة, لم يحاول أحد منهم ذلك. وقف جميعهم هناك, ينتظرون أمراً من قائدهم.
كان دارلوك ينظر بقلقٍ وتوتر, لقد أدرك أن مهمته ميؤوس منها.
"يبدو أنك لم تأتي بما يكفي من الرجال," ردّ كندريك بهدوء, مبتسماً. "عشرات من حرس الملك ضد مئة من الفضة, هذه معركةٌ خاسرة."
بدا وجه دارلوك شاحباً جداً, تنحنح قليلاً.
"سيدي, نحن جميعنا نخدم المملكة نفسها, لا أرغب في القتال ضدكم. أنت على صواب, هذه معركة لن نتمكن من الفوز بها. إذا أمرتنا, فإننا سوف نترك المكان ونعود إلى الملك."
"ولكن أنت تعرف أن غاريث سيرسل المزيد من الرجال إليك, رجالاً مختلفون. وأنت تعرف إلى أين سيؤدي هذا, ربما ستستطيع قتلهم جميعاً. ولكن هل تريد حقاً أن تتلطخ يداك بدم إخوتك؟ هل تريد حقاً إشعال حرب أهلية؟ بالنسبة لك, فإن رجالك سيعرضون حياتهم للخطر من أجلك. وسيقتلون أي شخص. ولكن هل هذا منصف لهم؟"
حدّق كندريك, وهو يفكر بكل هذا. كان دارلوك محقاً, لم يكن يريد لأحد من رجاله أن يتأذى بسببه. كان يشعر برغبةٍ عارمةٍ لحمايتهم من سفك الدماء, مهما كان ذلك يعني له. ومهما كان أخاه غاريث مروعاً, ومع أنه حاكم سيء, لم يرد كندريك إشعال حربٍ أهلية, على الأقل, ليس بسببه. هناك طرقٌ أخرى, المواجهة المباشرة, لقد تعلم أن القتال لم يكن دائماً الطريق الأكثر فعالية.
التفت كندريك وخفض ببطء سيف صديقه أتميه, ثم التفت نحو إخوته الآخرين. وقد طغى عليه الامتنان لهم لدفاعهم عنه.
"زملائي أعضاء الفضة," نادى كندريك. "أنا ممتن لدفاعكم عني, وأؤكد لكم أن هذا لن يذهب سدىً. كما تعرفونني جميعكم, لم يكن لي أيّ علاقةٍ باغتيال والدي, ملكنا الحقيقي. وحين أجد قاتله الحقيقي الذي أعتقد أنني عرفته من طبيعة هذه الأوامر, يجب أن أكون أول من ينتقم منه. لقد اتهمت زوراً. كما قال, أنا لا أرغب في أن أكون دافعاً لحرب أهلية. لذلك أرجوكم, أخفضوا أسلحتكم. سأسمح لهم بأخذي بشكل سلمي, لا ينبغي من أجل فرد من الطوق أن تقاتلوا فرداً آخر. إذا عاشت العدالة, حينها ستظهر الحقيقة, وسوف أعود لأكون بينكم على الفور."
خفض أعضاء الفضة أسلحتهم ببطء وعلى مضض, بينما التفت كندريك إلى دارلوك. تقدم كندريك إلى الأمام ومشى مع دارلوك نحو الباب, وحرس الملك يحيطون به. مشى كندريك بفخر, في الوسط, منتصب القامة. لم يحاول دارلوك تكبيله, ربما احتراماً أو خوفاً, أو ربما لأنه يؤمن ببراءته. سيذهب كندريك بنفسه إلى سجنه الجديد. لكنه لن يستسلم بسهولة. سيبرئ اسمه بطريقه أو بأخرى, سيحرر نفسه من الزنزانة ويقتل قاتل أبيه. حتى لو كان أخاه.
أنت تقرأ
( مصير التنانين )
Fantasyالكتاب الثالث من سلسلة طوق الساحر للكاتب مورغان رايس #رواية مترجمة