كانت فترة العصر مشحونة بالعمل اكثر من اي وقت مضى، كثر جاؤوا الى المقهى، العديد منهم لديه اكثر من طلب واحد، وبذل « غابرييل » كل جهده لخدمتهم وحده،
متراكضاً هنا وهناك جامعاً المشروبات التي طلبوها، اضطر للقيام بهذا بدوني، كان في العادة عند غيابي يطلب من « انطونيو » المساعدة، لكن اليوم يبدو انهُ لا يستطيع ذلك، بحكم ان « انطونيو » يعمل فقط بدوام جزئي.
لا اعلم ما الذي اقنع المدير كي يغير سياسته، ولكن استطعت ان استشعر من تصرفاته بأن الامر كبير عليه، شكرتهُ وخرجت وماذا عساي ان افعل غير ذلك ؟
وقفت حيث « غابرييل » و « سيمون » ليحتضنني كلاهما، ربما كان هذا الحضن الاخير، وتُخيفني هذه الفكرة كثيراً، فتدفع بغصة الى حنجرتي، وتسخن بها عيناي، ويعصر بها قلبي، فمن يعلم ماذا سيحدث غداً، لربما اُضطر الى السفر خارج ميلانو اذا لم اتأقلم مع وظيفتي الجديدة،
اياديهم متشابكة، اوجههم حزينة، ويحملون روائح مختلفة،
اشتم رائحة الخبز تفوح من « سيمون » وعبق عطرٍ جذاب ينفذ من « غابرييل » استمع الى نحيبه المُبالغ فيه، وبربرة ايطاليا سريعة وساخطة، كان فحوها انزعاجه من قرار المدير، واطلق ضحكة خافتة تخفف عنه حزنه، لم اكن قادراً على صنع ابتسامة جيدة لذلك كانت ضحكتي مزيفة.
« غابرييل » حساس في ما يتعلق باصدقائه، ومن اجلهم يزرف الدموع، قمت ببعثرة شعره، خصلاته المحمرة كخده، وتلك العينين التي تحفهما لون وردي رقيق بسبب بعض الدموع، فتظهر تلك المقلة المخضرة بوضوح وسط هذه التفاصيل، حاولت طمأنته، قائلاً هذه الكلمات :
- غابرييل، تعلم ان هذه ليست النهاية صحيح " ابتسم بجذل " هيا توقف عن البكاء.
- توقف انت اولاً " قالها غابرييل وهو يمسح بكم قميصه ذلك الوجه البائس " ثم من قال اني ابكي من اجلك؟
ابعد يدي عن رأسه واتصنع دهشة :
- اذاً لما يا ترى؟
- بركي ايل لفورو سي ستا انبليندو (لان العمل سيزداد الضعف ) " يجيب ثم يمشط باصابعه غرته للوراء مكملاً " وانت تعرف جيداً انطونيو، ذلك الطفل المقيت سيترك لي كل العمل" ينظر نحوي بهلع كانما تذكر شيئاً ما "
وبشرتي النضرة ستنهك، ولن اتمكن من الحديث مع فراشاتي، عندها ساغدو ك« سيمون » بديناً، وتفوح منه رائحة الجدات القديمة، تخيل الامر فقط يجعل شُعيرات يدي تحس بالهرم !!
ينفث « سيمون » كمية من الهواء، تخرج من منخاره فيرقص شاربه كستارة، بينما يوجه لهُ نظرة تنذر بالقتل
أنت تقرأ
موسم شاي المساء
Romanceُكنْتُ مَا أزالُ يافعاً مُهتاجاً للإطلاع، ليِناً اتَشكلُ كالصَلصَال، عِندما َتعرفتُ لأول مرةٍ على هوسيِ المُستقبلي، مَنزلُ الاوراقِ والكتبِ وكُلُ ماهو عَتِّيقْ. - رواية مكتملة - 182# في العاطفية 21/4/2018