الألفاظ العلمية الدخيلة

9 0 0
                                    

الالفاظ العلمية التي دخلت اللغة العربية في هذه النهضة كثيرة جدا، ومعظمها مقتبس من الفرنسية، والايطالية، والانجليزية، لان أكثر العلوم المترجمة الى لساننا منقولة عنها.. على ان المصطلحات العلمية متشابهة في لغات الافرنج، لأن مصدرها عندهم اما اللاتينية، او اليونانية. فلا غرو اذا أخذناها بلفظها كما أخذها الانجليز او الفرنسيون او غيرهم، وعددناها من قبيل الالفاظ الوضعية بلفظها ومعناها. ويدخل في ذلك أسماء العلوم الجديدة: كالجيولوجيا، والهيستولوجيا، والهدروستاتيك، والميكانيكيات، وغيرها. ويدخل في ذلك ايضا أسماء الآلات الطبيعية او الفلكية او الكهربائية او نحوها.. مما لم يكن له مثيل عند العرب، وسيأتي ذكرها.
فالالفاظ الطبية الدخيلة كثيرة، وفي جملتها أسماء كثير من الامراض او العقاقير والادوات، وأكثره لم يكن له مثيل في الطب العربي، كالدسببسيا، والبانكرياس، والنفرالجيا، والبلورا، والسمباتوي، والبلهارسيا، والدفتيريا، والهستيريا، والانيميا، والبروتوبلاسم، ونحوها.  ومن المصطلحات الكيميائية غير أسماء العقاقير الكثيرة ما يحدث من تراكيبها، كالأسيد، والكلوريد، واليودور، والكربونات، والفوسفا، والاكسسموس، والاندسموس، والكربونيك، والهدروكلوريك، والهدروستاتيك، والفوتوغراف، والزنكوغراف، وغيرها من الاسماء الصناعية المبنية على الكيمياء.  ومن المصطلحات الطبيعية، البارومتر، والكهربائية (كهرباء لفظ فارسي مركّب من "كاه" (التبن) و"ربا" (جاذب))، والبطارية،، والكلفانومتر، والثرمومتر، والهيدرومتر، والالكتروتيب، والميكروسكوب، والتلسكوب، والسبكتروسكوب، والستيروسكوب، والتلغراف، والفونوغراف، والتليفون، والفوتوفون، والميكروفون، وغيرها.  ولو أردنا الاتيان بكل المصطلحات العلمية لما وسعها غير المجلدات، فنكتفي بما تقدّم على سبيل المثال.

- التراكيب الأعجمية الدخيلة :
معلوم ان اكثر المصادر التي يرجع اليها كتّاب اللغة العربية في العلم الطبيعي وفروعه مكتوبة باللغات الافرنجية، واكثر الكتّاب عندنا يحسنون لسانا او غير لسان من اللغات الاعجمية، واكثر ما يقرأونه من الكتب او الجرائد في اللغات الافرنجية.. فضلا عن شيوع تلك اللغات بين العامة، فحيث سار الكاتب في المدن الكبرى فانه يسمع العبارات الافرنجية. فلا غرو اذا داخل عبارته تركيب افرنجي او تعبير افرنجي. ولا يخفى ان لكل لغة اسلوبا في التعبير لا ينطبق بكل تفاصيله على اساليب اللغات الاخرى. واللغات تتقارب وتتباعد في تلك الاساليب بتقارب اصول الشعوب وتباعدها، والعرب بعيدون في اصولهم عن الافرنج.. فأساليب التعبير في لغاتهم متباعدة متباينة، والغالب ان تمتاز كل لغة ببعض اساليبها على اللغات الاخرى وتقصر في البعض الآخر.. يعلم ذلك الذين يعانون الترجمة من لسان الى لسان، فاقتباس العرب بعض اساليب الافرنج في كتاباتهم قد يكون من جملة مكملاتها، واذا عدّه بعض اللغوين فسادا في اللغة، فلأن بعض كتابنا يبالغون في ذلك الاقتباس.. فيتناولون عبارات افرنجية، في اللغة العربية ما هو أجمل منها وأمتن..ومن امثلة ما حدث في اللغة العربية من التراكيب الافرنجية، وقد جرت على اقلام كثيرين قولهم:
- فلان كلاهوتي يقدر ان يؤثّر كثيرا.  
- رأيت صديقي فلان الذي أعطاني الكتاب (أي فأعطاني).   - رغما عن مساعيه الحميدة لم ينجح في عمله.
- مستمدا العناية من الله أقف بينكم خطيبا. 
- لعب فلان دورا مهما في هذه المسألة.
- المعاهدة المصادَق عليها من الدولة الفلانية.
  - ان الامر الفلاني مضرّ بقدر وشرف ومالية فلان.
  - يوجد في بلاد الحجاز عدة جبال.  ونحو ذلك من التراكيب التي ترى الصيغة الافرنجية ظاهرة فيها.. على ان اهل العناية في الانشاء العربي قلما يستخدمونها، وان كنا لا نرى بأسا من استخدام بعضها في الاحوال التي تضيق التركيب العربية فيها.

اللغة العربية كائن حي - جورج زيدانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن