المشهد التاسع: قلبي يعزف لحناً سعيداً

502 26 11
                                    

في مطبخ القصر ناولته منشفه وذهبت نحو الباب لتلقط الأخرى وتمررها على شعرها المبلل برفق، فرفع رأسه نحوها وقطع الصمت بقوله:
- أنا أسف ..
تردد قليلاً ثم أتبع:
- بالرغم من هذا أنا لا أشعر بالأسف تجاه نفسي لأنني لطالما رغبت بقربك منذُ أن التقيتك
رفعت رأسها نحوه فأبتسم قائلاً:
- منذُ أن أسقطتُ قبعتك في ذلك اليوم وقلبي ليس مستقراً
أطرقت رأسها مرةً أخرى فتفحصها قليلاً ثم أكمل:
- منذُ متى وأنت تفكرين بي ؟
نظرت إليه بإستغراب وقالت:
- أفكر بك !؟
إبتسم وهو يسند جسده على طاولة في منتصف المطبخ وأجاب:
- لو لم تكوني كذلك.. لما كنتِ بادلتني القبلة !
أطرقت رأسها وأحمرت وجنتيها فوضعت المنشفه على الطاولة وتمتمت وهي تتوجه نحو الباب:
- يجب أن أغادر الآن
تقدم مسرعاً وأمسك بكفها ليمنعها من الخروج وقال بصوت أجش:
- نانا .. أريدك أن تعرفي أن ماحدث قبل قليل ليس وليد اللحظة
أجابت:
- ألهذا فقط أحضرتني للعمل لديك؟
رفع حاجبيه وأجاب مسرعاً:
- بالطبع لا ! أعطيتك الوظيفة لأني أريد المساعدة
نظرت نحوه وأردفت:
- وإذا رفضت هذا هل ستطردني من العمل؟
أفلت يدها وقال:
- لن أفعل هذا بالتأكيد نانا، لن أستغلك لكي أُرضي شيئاً في داخلي
رفعت شعرها ثم قالت بإهتمام:
- ومالذي بداخلك جونقكوك؟
خفق قلبه لسماع إسمه بدون إلقاب إرتعشت إطرافه فحاول إخفاء توتره واخذا يعبث بمؤخرة شعره وتمتم:
- لا أعلم!
أنعكست خيبه على ملامحها وأتبعت بهدوء وهي تحمل حقيبتها وتهم بالمغادرة:
- وأنا أيضاً لست متأكده، لذا سأغادر الآن
تركها تغادر بهدوء وهو يرقبها تخرج من باب الحديقة لم يتحرك من محله لوقت طويل حيث كان يتأمل في اللاشئ وفي رأسه تدور العديد من الافكار والمشاعر..

خرجت نانا مسرعةً الخطى وفضلت المشي سيراً على الأقدام حتى المنزل هذه المرّه ربما في محاولة مستميته منها لجمع مشاعرها المبعثرة العالقة في تلك الزاوية من الحديقة، وأثناء طريقها رنّ هاتفها ، رفعت لترى الإسم على الشاشة:
" جيميناه "
انقبض قلبها لرؤية إسمه ولا تعلم لما، أهملت الإتصال لإنها لم تكن مستعده للتحدث معه في هذه اللحظة واستمرت في السير حتى وصلت المنزل متأخرة..
وهناك في حيّهم القديم كان جيمين يجلس على عتبات محل الحلوى يترقب الطريق وما أن رأها حتى قفز واقترب نحوها مسرعاً:
- لقد تأخرتِ !
أجابت بضجر:
- وماذا إن تأخرت قليلاً ؟
- كنتُ أنتظرك
تنهدت قائلة:
- لم أطلب منك إنتظاري حتى أعود!
عقد جيمين حاجبيه وأردف:
- لقد كنت قلقاً فقط
تمتمت وهي تكمل سيرها نحو المنزل:
- لست طفلة صغيرة
أمسك جيمين بيدها:
- حسناً ما خطبك؟
أفلتت يدها من يديه بفضاضه وقالت:
- فقط دعني وشأني
أمسك بكتفيها بشده ونظر إلى وجهها:
- هل حدث لك شئ في منزل ذلك المتعجرف!
أجابت بغضب:
- لم يحدث شئ فقط عدت سيراً على الأقدام .. هل إطمئنيت!
أفلتت كتفيها منه وأسرعت نحو المنزل وقلبها مُثقل..
ففي قرارة نفسها كانت تدرك تماماً أن مشاعر جيمين تجاهها ليست مجرد صداقة..
ولكنها تجاهلت ذلك لإنها كانت تستكن لإهتمامه وحرصه وربما حبه !
ولكن بعد الذي حدث اليوم ..
مشاعر جديدة أحست بها للمرّه الأولى .. مشاعر متّقده لامست قلبها وجعلتها تدرك تماماً أنها أخطئت في حق أقرب الأشخاص لها حينما أوهمته بأنها قد تشعر بذلك تجاهه في يومٍ ما !
فتلك المشاعر التي خالجتها حينما أقتربت من جونقكوك بالتأكيد مختلفة ..
مختلفة تماماً !

عيناكِ تأسُرني ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن