الحقيقة المرة

416 28 4
                                    

الجزء الثالث
بصوت ناي حزين وبرودة تسري في الجو تركت الطفلة عند بوابة الميتم بلا أنيس  في ذلك اليوم المشؤوم تخلى عنها أقرب الأشخاص إليها  من حبل الوريد ألا  وهو أمها  التي لم يغفى لها جفن وهي تفعلها فعلتها التي تعادل ذنوب  الدنيا بحالها
صحيح الآن  وإلى  وقت آخر  ستكبر هذه الفتاة في هذا المكان الذي هوا أبعد  من لحن الحياة من رحمة  الراجي من كل شئ  هنا  سيكون الأكل  كالسم واللحظات كالسنين هنا ستسأل الجدران  عن حالها وعن أهلها عن ذويها هنا ستسأل وستلعب وستخطو وستضحك وتبكي وهل يا ترى سيكون عذابها أكثر من فرحها لا أحد يدري كلم ما أستطيع أن أرى سوى نور ملائكي أمام  بوابة من الحياة القاسية  مقدمة هي ام ستكون ضائعة لا أعلم
بخطوات متثاقلة نهضت مديرة الميتم وهي تسمع دقات البوابة لبست معطفها واتجهت نحو البوابة عبرت الباب نزلت من السلم تسارعت خطاها وهي تقول من يكون ايمكن أن يكون طفل آخر سأرع لأرى  ذلك
وصلت أمسكت مقبض الباب ادارته فتحته لتنظر في الأجواء  لترى لا أحد سوى نسمات رياح باردة وعندما أدارت وجهها للداخل التقت  عيناها بالأرض لترى رضيع لم تميزه في البداية أهو فتاة ام فتى ذكر ام أنثى  انحنت وحملت الرضيع لمست الوجنتين بارديتين بسرعت دخلت وضمت االرضيع إلى صدرها  كان دافئ  رغم برودة الجو صعدت إلى غرفتها وأشعلت  المدفأة لتصبح الغرفة أكثر دفء
كان الرضيع هادئا  هدوء موحشا لم يصرخ ولم يحدث اي صوت وضعته على السرير وجلست بجانبه وهي تقول
(مرة أخرى وأخرى  وأخرى وأخرى  وإلى متى هذا الحال هم يرتكبون الأخطاء  ونحن نتحمل وهم يعيشون برخاء إلى متى سيبقى هذا الحال إلى متى وإلى أين  وماذا سنقول لهم لهؤلاء الملائكة  الصغار بماذا نجيبهم عندما يكبرون بماذا اجيب حين يسالونني أين أمي  لماذا هي ليست هنا أين ابي لماذا تركني هنا مللت من هذه الحال عبئ فوق عبئ ولكن إلى أين
كل هؤلاء الأطفال تخلى عنهم ذويهم بلا أي مقدمات ولا أي شيء فقط كمن يرمي لعبة في الزقاق بين ارصفة الشوارع )
ترقرقت عيناها وهي تنظر إلى الرضيع حملتها مجددا اشاحت عنها الوشاح فرأت  أنها طفلة قبلت رأسها  بحنان تمعنتها جيدا وقالت كيف لجمال خالص مثلك أن يرمى بلا اي شفقة
وبنظرة عين خاطفة لا حظت أنها  تحمل شي في يدها أجل أنها القلادة التي استلتها من رقبة أمها
امسكتها مديرة الميتم وتأملتها جيدا وقالت ربما تعود لأمها على الأغلب سأحتفظ بها وعندما تكبر ساعيدها إياها أما عن اسمك فسأسميك انجل وسأنديك بوايت توددا اليك
ومرت الأيام  والسنوات والطفلة تكبر وتكبر مر عام تعلمت فيه الطفلة الجلوس  والحبو
مر عام تعلمت فيه المشي جيدا مر عام آخر تعلمت فيه النطق ومع مرور تلك الأعوام  كانت تزداد جمالا يوما عن يوم كان شعرها اسود كسواد الليل عيونها عسلية بنية تميل إلى السواد بفضل شعرها كانت شفاتها رقيقة غير ثخينة ولا عريضة لونها  أحمر فاتح يميل إلى لون الورد الجوري الأحمر  كانت خدودها كحبات تفاح ناضجة أما بشرتها فكانت بيضاء صافية
يداها كانتا صغيرتان ودافئتين وكانت المديرة دائما ما تحب  أن تقبلهما كلما رأتها
وهكذا ظل الحال إلى ان كبرت  الطفلة وأصبح عمرها ست سنوات وبينما هي تلعب خارجا مع زميلاتها او بالأحرى أخواتها الغير الشقيقات لاحظت شخص يحمل طفلا بين ذراعيه وبجانبه امرأة
كانوا يبدون سعداء وكان الطفل يكاد يموت من الفرحة
كل ما جال في خاطرها في خاطر تلك الطفلة لماذا  لا أملك  ما يملك ولماذا لا أعيش مع ماما وبابا ولماذا انا هنا
المديرة ليست أمي ولا جدي الحارس يكون أبي
لماذا انا هنا وهم غير موجودين
لماذا أسمى باليتيمة  ولماذا لا هدايا في الأعياد ولا يسمح لنا بالذهاب إلى مدينة الملاهي ولا إلى حديقة الحيوانات كل مرة استمع إلى حديث ذلك الطفل وعم شاهده وعما رآه ينتابني الفضول
اريد الذهاب
اريد أن يكون لي بيت
أريد أن تقبلني أمي
وأن يحملني أبي
اريد أن اعرف لما أنا هنا
وفي المساء وعندما تناولت أنجل طعامها مع الجميع نادت عليهم المربية بصوت عالي حان وقت النوم
توجه الأطفال ومن بينهم أنجل للاغتسال وتبديل الملابس بعدها كل واحد منهم ذهب إلى سريره
بعد مرور ساعتين نام الجميع  إلا أنجل طبعا لانها أرادت أن تعرف أجوبة عن أسئلتها  ولأن المربية لن تسمح لها بمقابلة المديرة
قررت أن تتسلل إليها في غرفتها لتخبرها بما يدور في رأسها
بعد لحضات رفعت أنجل رأسها عن الوسادة وتفحصت الجميع كانوا نياما بعدها نزلت من على السرير بحذر شديد وبخطى خفيفة اتجهت إلى الباب أمسكت  مقبض الباب بكلتا يديها وفتحت الباب بهدوء وخرجت وهي تحبس أنفاسها خشية أن يتسفيق أحد ما من نومه وبقيت عقبة صغيرة او بالأحرى كبيرة بالنسبة لأنجل ألا وهي غرفة المربية  التي كانت صارمة في تعاملها حتى أنها أصبحت تتميز في هذا الميتم بتكشيرتها الشريرة وانفعالها الزائدين كأنها قطة ديس على ذلها بالخطأ ولكن أكثر من ذلك بكثير المهم 
كانت أنجل تمشي بهدوء وبخطى سلسة وقبل أن تتخطى غرفة المربية نظرت من تحت باب غرفتها لتجد الإنارة لازلت بها فحاذرت إن مرت من جانب الباب ورأت ظلها فسوف يكشف أمرها وبهذا لن تستطيع أن ترى المديرة أقطبت أنجل حاجيبها وجلست على الأرض تفكر في حل لمشكلتها وفجأة رأت القط يتثاقل بخطواته فآتتها فكرة شريرة بالأحرى 😂😂😂ولا اضمن أن يحصل الخير لهذا القط المسكين
أخذت القط إلى المطبخ وحاولت أن تضعه أمام صندوق ملئ بالأواني الزجاجية كانت قد استلمتها المربية من المحل قبل لحظات وهذا من أجل استعمالها في المناسبات الخاصة وبعدها ربطت ذيل القط بخيط رفيع  وطرف الخيط الثاني بالصندوق 
وبسرعة أحضرت فأر متحرك ومع ظلمة المطبخ واشتغال ضوء ذلك الفأر المتحرك أطلقت أنجلا الفأر من يدها  بعد أن حركت مفتاحه كثيرا فانطلق ذلك الفأر في أرجاء المطبخ وهناك ابتعدت أنجل وبدأت تراقب عيون القط التي توهجت مثل شبق الليل وحينها ومن دون إنذار  انطلق ذلك القط جارا وراءه ذلك الصندوق ليقع هوا ومافيه ليحدث ضجة مدوية ويبقى القط على حاله راكضا وراء ذلك الفأر إلى أن امسك به ووضعه بين انيابه ومخلابه بعدها استل الخيط بخفة فهو لم يكن معقود بشكل قوي وهذا من أجل أن  تنفتح العقدة ويذهب القط بحال سيبله وخلال ذلك  سمعت أنجل صوت خطوات قادمة من بعيد فاختبئت وراء الباب وعندها دخلت المربية وأشعلت ضوء المطبخ رأت الكارثة التي حلت بالمطبخ فتعالت وجهها نظرة من الغضب العارم وقالت في توعد سأقتل من فعل هذا بالتأكيد  كل هذه الأواني راحت في البهاء المتناثر او بالأحرى تلك النقود التي راحت في الهباء المتناثر هههههههه بعدها تقدمت المربية نحو الصندوق من أجل  جمع بقايا الزجاج المبعثر هنا وهناك وفي حينها استغلت أنجل الأمر  وتسللت من ورائها بخفة وتوجهت بسرعة إلى غرفة المديرة
صعدت السلالم بخفة وماهي إلا لحظات وقد وجدت نفسها أمام غرفة المديرة
طرقت الباب بخفة
فأجابت المديرة من وراء الباب :من؟
فطرقت أنجل الباب مرة أخرى ولم تجبها
فأجابت المديرة : تفضل لو سمحت الباب مفتوح !!!
وهنا أمسكت أنجل مقبض الباب وفتحته ودخلت
استدارت المديرة  وقابلت أنجل بابتسامة وطلبت منها أن تقترب منها بهدوء ،قالت لها : ماذا تفعلين هنا يا صغيرتي الوقت متأخر  يجب عليك أن تكوني الآن في الفراش !!!
أجابتها أنجل بتردد : اريد أن  أسألك شئ؟ ؟
المديرة وعلامات الحيرة بادية على وجهها:ماذا هناك يا صغيرتي وايت ؟؟
أنجل وبنبرة حزن شديدة وحيرة تملئ عينيها :أين ماما وبابا ؟ لماذا انا هنا أعيش مع هؤلاء الأطفال؟  ولماذا ليس لدي منزل كباقي الأطفال؟ ومن أكون؟
ساد الصمت عدة دقائق ........................
دهشت المديرة من أمرها كيف لطفلة ان تدرك هذه الأمور وهي لازلت صغيرة أحست بأن حلقها قد جف وأن حرارة جسمها غير عادية أحست بقطرات العرق تنزل من على جبينها قطرة قطرة تمنت لو تنشق الأرض وتبلعها فهي لا تملك أجوبة لأسئلتها لاتملك الحقيقة وإن كانت تملكها فلا حول لها بها لم تستطع أن تتمالك نفسها فترقرت عيناها بالدموع فاستدرات ناحية النافذة محاولة إخفاء الدموع في عينيها
كانت أنجل تراقب تصرفات المديرة ومن خلال ذلك عرفت أن الحقيقة مرة ولا مفر من معرفتها

تفاحة آدمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن