المرض

188 15 42
                                    

الجزء الثالث عشر :
وفي طريقهما للخروج من الحديقة . ترآى لهما ضوء مشع من بعيد . كان ضوء مصباح يدوي يمسك به شخص كبير في السن ويهرول نحوهما بسرعة .
تجمدا كل من جاستن وأنجل في مكانيهما من شدة الخوف.واغمض اعينهما بقوة
وماهي إلا لحظات وقد أحست أنجل بحضن رجل دافئ يلفها بين ذراعيه. وهو يتكلم معها بلهث وسرعة .
بينما جاستن ضل مغمض العينين خائفا متوترا مما حدث ومما سيحدث . ظلت باتي تمسكه من ذراعيه وتصرخ في وجهه خوفا من كونه قد أصابه مكروه . إلى ان فتحهما وتبين أنها أمه باتي فارتمى في حضنها كالجرو الوديع .
كان لحظات بطيئة جدا . بين خوف ولحظة موت وحياة جديدة.
بقي الأمر على حاله . وحارس الحديقة . واقف مندهش مما يراه فكيف لطفلين ان يتسللا ليلا إلى حديقة كبيرة مثل هذه .
وبعد لحظات نطق جمال : هل أنتما بخير ؟ هل انت بخير يا أنجل ؟ هل أصابك مكروه ؟ ( نظر إليها بتفحص. فوجد ملابسها متسخة ومبتلة ويداها مليئتان بالدماء. ارتعب من هوله فتحص يداه بسرعة باحثا عن مكان الجرح ولكن كان فقط دما) . نظر إليها باستغراب وقال : دم من هذا ؟
فنظرت ببكاء وقالت : إنه للذئب ولجاستن!
فارتعب سيد جمال لما قالته . وتوجه نحو جاستن واخذه من بين أحضان أمه . وفتح يداها على مصرعيهما فوجدهما تفيضان دما من شدة الجرح وتقشر الجلد . كان جاستن حينها يتحامل الألم وكل من صديقاه وقد كانا بعيدين يراقبان الوضع وباتي والجد بروس والجدة ديان في ذهول مطلق . والتساؤلات تنطح رؤوسهم . كيف جرح جاستن بهذا الشكل؟ . ومالذي حصل هنا ؟. وكيف دخلا الحديقة ؟ وماالذي دفعهما إلى ذلك ؟ .
جمال بعد ان حاول أن يستجمع شتات أفكاره : مالذي حصل يا جاستن !
جاستن وهو يقف بدون وعي : لقد هاجمنا الذئب وأنجل هي من قتلته !
جمال بدهشة وتلعثم: كيف ؟. وأين! ومتى ؟
جاستن بخوف : هناك في وسط الحديقة ظهر لنا من بين الشجيرات. فهربت انا وأنجل. وعندما سقطت حاولت الامساك بها وحملها ولكنه سبقني وقفز نحوي .حاولت الامساك بفكه. كان على وشك أن يلتهمني. كانت اسنانه قريبة جدا مني.أغمضت عينيا في تلك اللحظة. لم أرد أن أرى وهو يقترب مني إلى حافة رقبتي. ليفترسني. وإذ . بفكه يصبح ضعيفا بين يدي ويتراخا إلى ان يسقط على جسمي. بلا حركة . لقد كانت أنجل من ضربته على رأسه عدة مرات فمات سريعا . وكل هذه الدماء منه.
جمال وهو يحاول أن يضبط أفكاره : مالذي جاء بكما إلى هنا ؟!!
جاستن بخوف : لقد. لقد .....
جمال بحزم : تحدث لا تخف .لن يحدث لك شيء. انت الآن في مأمن!!هيا تكلم بسرعة بالله عليك . ... هيا ....هيا ...هيا
جاستن وهو يحاول الكلام تقاطعه أنجل. وتقول بخوف : انا من أتيت إلى هنا . لألعب وحدي هنا. حذرني جاستن من القدوم إلى هنا لكني لم أنصت إليه. ودخلت الحديقة .وتهت بين اشجارها. فلحق بي جاستن هو وصديقاه . ولكني لم أعره انتباهي. ( كان كلامها نصفه انجليزي ايطالي من شدة الخوف لم تميز بأي لهجة تتكلم ). وصعدت إلى أعلى شجرة في الحديقة وضللت هناك .جالسة وجاستن ينده عليا بالنزول ولكني لم أسمعه. فتسلق الأغصان. نحوي. فحاولت الصعود أكثر. فانزلقت قدمي . وكدت أن اهوي إلى الأرض لولا أنني أمسكت بغصن ما . ولكنه بدأ بالانكسار فجأة. وجاستن كان بعيدا عني وعن الغصن . فلم يجد جاستن سوى حبل قديم وطويل بعيد عن مرآها فنده على إحدى صديقيه. ليحضره. (ببكاء وخوف مندمجين). فرماه إلى ناحيتي لامسك به .وعندما هممت بذلك انكسر الغصن .أمسكت به بقوة لكي لا أسقط . وحاول جاستن حينها سحبي ناحيته. فجرحت يداه من السحب وانزلاق الحبل الثخين على يديه . ولكنه لم يفلت الحبل. بل قام بجذبي نحوه وانقاذي. والباقي كما رواها جاستن! !!!
بعد ان روت أنجل كل ما حدث . حل صمت رهيب. و هدأ من روعة المكان .
حمل الجد بروس جاستن بين ذراعيه وأخذه إلى المستشفى بسرعة يتبعه من وراء ذلك الجدة ديان وباتي. وصديقاه خارج الحديقة.
وبقي الحارس وأنجل وجمال. تحول هدوء ذلك العجوز صاحب 60 عاما. إلى غضب محدق وخطير. لم ينطق بكلمة . اكتفى فقط بحمل أنجل. والعودة إلى المنزل .يتبعهما من وراء ذلك.الحارس . وهو في حيرة ودهشة . من كلامهما. ومما حدث هنا !
هناك وبعد مضي 45 دقيقة من الامر.وصل الجد بروس. إلى المستشفى وعرض جاستن على طبيب مختص فقام بمعالجته. ونصحه بالراحة و عدم حمل أشياء ثقيلة.
وبعد ذلك رجع جميعهم إلى البيت .وأخذ حماما سريعا بمساعدة أمه .وغطى في نوم عميق بين أحضانها الدافئة.
قفزة نحو انجل:
كانت الساعة 22:00 مساء عندما وصل كل من أنجل وجمال . نحو المنزل. نزلت أنجل ودخلت إليه بهدوء.. بينما ادخل جمال السيارة إلى المرآب .ودخل هو كذلك أيضا. لم يتكلم بكلمة واحدة . فهو يعلم أن الغضب سيعميه. وسيفعل شيء يندم عليه. ففضل أن يصمت على أن يتكلم. فبدل ملابسه واغتسل وتهيأ للصلاة ثم صعد إلى غرفته وأخذ قسطا من الراحة. أما أنجل فقد بقيت متواجدة في الحمام إلى غاية ثلاث ساعات إضافية. بقيت جالسة في نصف الحوض والماء الساخن
يتهاطل على جسمها. ويحرق كل بقعة فيه .حتى أصبح لون جلدها أحمر داكن اللون. أرادت تلك الصغيرة ان تشعر بألم اكبر من خوفها. حتى لاتنام وتتخبط في كوابيس الليل المرعبة . كانت وهي كذلك .تتذكر ما حصل. وبسبب من كان . وهي من دفعت الثمن. .فنهضت بعد ثلاث ساعات طويلة ليصبح الوقت بعد ذلك 1:00 صباحا .وبعد أن قامت بالاغتسال من الدماء التي امتزجت بالتراب. و وتبديل ملابسها . توجهت نحو السرير .ولفت نفسها باللحاف .إلى أن غطت هي الأخرى في نوم عميق.
وبحلول الساعة 3:00 صباحا من يوم الاربعاء 25 من شهر نوفمبر 2001. استيقظ جمالا فزعا من نومه على أثر مشاهدته لكابوس أرعب كيانه ومنعه من العودة إلى النوم مجددا . فنهض من فراشه وانطلق نحو الحمام وتوضأ. وسجد على السجادة مطولا طالبا الرحمة والهدوء النفسي. وبعد ان أنهى صلاته . فتح مصحفه الكريم وانطلق في تلاوة لايعدوها تلاوة. إلى غاية سماعه لللأذان الاخير لصلاة الفجر لمسجد لندن العريق. فقام واعاد التوضأ لاستفتاح يوم جديد. مليئ برحمة الله الواسعة.وبعد اتمامه للصلاة . توجه ناحية المطبخ وقام بإعداد الفطور . فكانت الساعة آنذاك لاتتجاوز 5:30 . فهيأ المائدة والصحون ثم قام بقلي البيض وإعداد الجبنة . ومن ثمة قام بإحضار الزيتون وبعض الحليب والمربى .وبعض الخيار والفواكه الطازجة كالتفاح .والبرتقال . فالآن نحن في فصل الشتاء .وهذا هو الفصل المناسب لنضوج هذه الفواكه الباردة والمفيدة للجسم.
وبعد ان فرغ من ذلك . أصبحت الساعة 6:00 صباحا .فجلس هذا الأخير متراخيا على كرسيه . حاملا في يده كوبا من القهوة الساخنة يرتشفها بين الفينة والأخرى. ناظرا من وراء نافذة المطبخ نحو سماء بعيدة ملبدة بغيوم رعدية ماطرة .. .....وبقي على حاله هكذا مرة يرتشف ومرة ينظر إلى السماء يحدق بها ويفكر مليا بماذا وكيف سيخاطب أنجل بعد ليلة البارح . إلى أن أصبح عقرب الساعة يشير إلى 7:00 صباحا . فقام من مكانه وصعد السلالم نحو الغرفة اي غرفة تلك الصغيرة أنجل. وصل عند الباب .دق ثلاث مرات متتالية . لكنها لم تفتح . فناداها من بين الستار فلم تجب .فازداد قلقه نحوها . ففتح الباب ودخل إليها. فوجدها ملفوفة بلحام رمادي اللون ووجها داخله كأنها كرة صوفية. مستديرة .اقترب منها وجلس على حافة السرير ومسح على رأسها ونداها بهمس خفيف : أنجل صغيرتي ؟؟ هيا استيقظي! !
لكنها مع ذلك لم تجب . بقيت على حالها . فحملها وعدل من وضعية نومها وحاول ايقاظها بالضرب بخفة على وجهها لكنها كالميت بلا حركة فقط بعض قطرات العرق . تتدلى على وجهها كأنها قطرات مطر على نافذة مستديرة الشكل. فتنبه للأمر ولمس جبهة رأسها فوجد حرارتها مرتفعة . فغطاها جيدا ثم أحضر منديل أزرق اللون مع بعض الماء المثلج .وغمسه فيه ووضعه فوق راسها وحاول ان يخفض من تلك الحرارة المرتفعة. وظل بتلك الحال الى ان اصبحت الساعة 9:00 صباحا ولكن بلا جدوى فحرارتها تأبى إلا الارتفاع لا الانخفاض. فاتصل بصديقه يعلمه بأنه لن يحضر للتدريس اليوم . وقرر بعدها أخذها إلى طبيب المختص بالأطفال المعروف باسم جيرالد جيمسون
أما عند جاستن فقد كان هذا اليوم بالنسبة ىه عطلة فهو لحد الساعة مزال غارقا في سباته .الى ان فتحت امه باتي الباب ودنت نحوه لتطبع قلبتها الصغيرة على وجنتيه المتوردتين
باتي بلطف وهمس :هيا استيقظ . صغيري. حان وقت الفطور .
جاستن بتكاسل : نصف ساعة فقط وآتي !!!
باتي بلطف : حسنا كما تريد يا بطلي الصغير !

تفاحة آدمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن