الفصل الثامن

127 17 2
                                    

-بعد عام واحد-
استيقظت علي طنين هاتفي في الخامسة و النصف صباحا ، أطفأته و أغمضت عيني لثوان ثم قمت بهدوء حذر متجها إلي الحمام الآخر لكي لا أوقظ مريم -هل ذكرت أننا في هذا الوقت متزوجان من ثلاثة أشهر؟ و التي تعد حتي الآن افضل ثلاثة أشهر في حياتي بأكملها-
أمر بغرفتي القديمة الي كنت أنام فيها حتي تخرجي من الجامعة و التي سأخصصها للأطفال
بعد خروجي من الحمام أبدأ في ممارسة بعض التمارين الرياضية لكي لا يترهل جسدي ثم أعود مجددا لغرفتي و أقوم بإرتداء ملابسي في صمت تام و بعدها أتسلل إلي المطبخ لكي أعد فطورا لكلينا ، تطورت مهاراتي في الطبخ بشكل ممتاز منذ أن اشتريت ذلك الكتاب الذي اقترحته مريم بعدما عرفت بمدي سوء مستواي في الطبخ
كان أسلوب الكتاب مشابها لأسلوب أمي حينما كانت تخبرني بالطريقة التي تطبخ بها شيئا ما ، كنت حينها أبتسم لها و أنا منهمك في الأكل و أقول
-"مش مهم ، المهم ان انت عارفة"
-"ماهو انا مش هاطبخلكوا علطول"
-"ليه يا ماما يعني هتروحي فين ؟"
فتبتسم أمي من براءتي ، أحببت أمي كما لم أحب أحدا غيرها .
بالكاد أنتهي من تحضير فطوري حينما أجد مريم قد استيقظت تقول و هي بالكاد قد فتحت عيناها
-"فكرني كده ، انت شغال مصمم ، صح؟"
-"ايوه"
-"يعني مش بياع لبن يعني"
أبتسم بينما تجلس مريم للمائدة و تبدأ في تأمل الطعام
-"المصمم لازم يشتغل في وقت يكون مبدع فيه و بالنسبالي الوقت ده هو الصبح بدري"
-"قولي عمل ابداعي واحد اتعمل قبل الساعة حداشر الضهر ، فكرك دافينشي أو بيكاسو كانوا بيصحوا بدري ؟ خالص!"
تقوم مشيرة لي بأنها ستذهب للنوم مجددا و تمشي الي الغرفة في تكاسل أشبه بالمومياوات .
أنهي فطوري و أتفقد الأخبار العالمية
أنباء عن هجمات الكترونية ضخمة علي شركة "أبل"
المراقب لا بد أن يكون وراء هذا ، لم أسمع عنه منذ أن أزلته من هاتفي
حسب ما قرأت تم تسريب بيانات ملايين العملاء
و منها الصور العارية للفنانة فلانة و علانة أو أرقام حسابات البنك لعدد من رجال الأعمال
كان الأمر كارثيا للشركة و أدي إلي انخفاض أسهمها بنسبة تسعة في المئة -و هو ما يعني خسائر بالمليارات بالنسبة لشركة بهذا الحجم-
أقود السيارة الي مكان عملي
-قمت بدفع مقدم السيارة من فوائد الوديعة التي تحوي ميراثي من أبواي-
وصلت مبكرا كالعادة و أخذت أتأمل المنظر أمام مبني الشركة الذي يطل علي النيل
و فجأة ، بوم
فكرة جاءتني لكي أنهي التصميم الذي أعمل عليه
أنهيت العمل علي التصميم في التاسعة صباحا ، لم يكن هناك شيئ ألتزم به ، فعدت للبيت
كانت مريم قد ذهبت لعملها هي الأخري ، شعرت برغبة شديدة في أخذ قيلولة و لكن تذكرت أن علي إن أنتهي من الحملة الدعائية الخاصة بتلك الشركة الغبية ، أي شركة هذه تلزم المصمم بشكل معين للحملة؟
تحدثت الي مدير الشركة و أخبرته أنني سأعمل علي التصاميم من المنزل ثم أرسلها له
أنهيت العمل في الواحدة و النصف تقريبا عندما سمعت صوت مفتاح يدور في قفل الباب
دخلت مريم حاملة عدد من الحقائب الممتلئة بالخضار و ما شابه ، عرضت عليها المساعدة
-"مش عايزة مساع....."
-"ولا كلمة"
-"طيب"
وضعت الحقائب الي جانب المطبخ ثم وضعت حقيبتها الأساسية بجانب الأريكة ، و دخلت لتغير ثيابها ، أفرغت الحقائب في أماكنها ثم سمعت صوت مريم
-"بعد كده أنت هتشتري خضار"
-"أنا مقلتلكيش اشتري حاجة اصلا"
-"كنت عايزة أوفر عليك"
-"مش مشكلة ، خلاص أنا اللي هاجيب"
جلست مريم إلي جانبي نتابع معا ذلك الوثائقي الذي يعرض حياة اينشتين ، العبقري
جلسنا في صمت لثوان ثم التفت لها ، كانت لا زالت تحمل نظرة الغضب تلك فقلت في هدوء
-"مالك؟"
-"مفيش ، حاجة في الشغل كده مش عايزة اشغلك بيها"
-"لا قوليلي ، مفيش مشاكل "
-"انت هتعمل إيه لو اكتشفت إن شغلك اتسرق"
-"هاتعصب جدا طبعا ، بس ...."
-"وإن اللي سرق شغلك صديقك الصدوق"
-"ماعرفش ، كنت أكيد هاردهاله بعدين"
-"احنا زمايل من أيام الجامعة ، و في الفترة الأخيرة بدأت تغيب عن الشغل كتير ، تمشي قبل الوقت و قلت عادي لكن توصل انها تاخد شغلي من المكتب و تسلمه الي انه شغلها ، ده يبقي إيه؟"
-"دي تبقي سرقة" قلتها و أنا ألتفت لها أثناء متابعتي للبرنامج
-"أنا قلت كده للmanager و أخدت إجراء بس بعدها بدأت أوبخ فيها شوية عاللي عملته فاتفاجأت إنها بتعيط و بتجري برا المكان"
-"و طبعا حاسة إنك أنتي اللي خلتيها تعيط و إن أنت السبب و إنك اتصرفتي غلط ، مش كده؟"
-" بالظبط" نظرت لي بتعجب عن كيف قرأت مشاعرها بكل بساطة ، فقلت
-"أنتي مش غلطانة ، هيا اللي غلطانة إنها سرقت شغلك ، أنتي ملكيش ذنب"
-"بس دي صحبتي برضه يا مراد"
-"خلاص ، لما تروحي إسأليها هيا عملت كده ليه"
-"طيب ، معلش ممكن تناولني الدوا اللي جبته ؟ شنطتي جنبك"
-"حاضر ، اتفضلي أهو" نظرت له و أنا أناوله لها لأتاكد من الصلاحية فلاحظت شيئا غريبا
-"دوا إجهاد؟"
-"أيوه ، أنا بقالي فترة بأبقي هانام علي نفسي و عشان كده جبته "
-"لازم نروح علشان نكشف عليكي قومي البسي يلا"
-"طيب ، أنا قايمة أهو"
قمنا في البداية بعمل بعض تحاليل في إحدي فروح معمل "تكنوسكان" القريبة و دفعت مبلغا أكثر بستين في المئة لتخرج بشكل أسرع
-غريب أن تكون السرعة شيئا غير أساسي في أمور كالتحاليل الطبية ، تخيل أن هناك مريض أصيب بكدمة قوية في الرأس و لم يستطع الطبيب التشخيص ، هل ننتظر يوما كاملا للحصول علي التحاليل؟ لماذا معامل التحاليل بطيئة-
عدنا إلي البيت و تناولنا الغداء في انتظار التحاليل قلت بعد صمت قليل
-"أنا مش فاهم ليه مقلتليش من زمان علي حكاية الإجهاد ده؟"
-"محبتش أقلقك"
-"أديني اتقلقت أهو ، الحاجات دي مفيهاش هزار يا مريم . فاهمة؟"
أومأت و برأسها و نظرت إلي ، لا زالت عيونها تملك البريق الذي أوقعني في حبها
مكثنا ننظر بعصنا لحظات ثم قلت
-"حلو أوي الأكل ، مين علمك الطبيخ"
-"عمتي ، بس هيا طبعا بتطبخ أحسن مني"
-"حتي لو كده ده أحسن من الطبيخ اللي كنت بأطبخه لنفسي"
أنهينا غداءنا و عدت للمختبر لاستلام التحاليل
وجدت الرجل يقول لي في منتهي البرود
-"حضرتك هتستني معانا لبكرة"
قلت في نفاد صبر -"ليه ؟ مانا دافع تحاليل مستعجلة"
-"ايوه بس حضرتك الsystem وقع تماما و هنضطر نحلل العينات تاني من الأول لأن كل الdata راحت"
-" طيب ، بس لو سمحت محتاج الجزء الزيادة من فلوسي اللي دفعته مستعجل"
لم أر وجها حزينا بقدر وجهه و هو يعطيني المال
عدت للبيت لأخبر مريم أننا سننتظر يوما آخر
-"مريم ، ....... "
لم أجد أي رد
——————————————————
Author's note : thanks for reading
لو عجبتكوا vote عشان أنزل باستمرار
لو فيه أفكار أو أي حاجة عايزين تضيفوها
Comment
شابتر طويل شوية عشان تستمعوا 

ابقي معي Stay With Me  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن