سوبر وومن !

130 10 0
                                    

-      انا منستش اكلم فادى تانى يوم على طول ، لانى كنت متشوق جدا ، بعد اكتر من 8 سنين مشفناش بعض.
و سمعت صوته و ادانى عنوان البيت ، و اتطمن على احوالى و ...و.....
لكن الحقيقة..انا تقريبا مكنتش سامع اى كلمة بيقولها ، لانى كنت مشغول انى اسمع نغمة صوته اللى اخشنّت ! و نبرة الاستغراب و الدهشة و انه بيدور على الكلام بملقاط و مش عارف يقول ايه !
كأن اللى بيكلمنى دا واخد انا بقيت غريب عنه و هو غريب عنى ! كأننا منعرفش بعض و اللى اتبقى ما بينا اسم عرفناه و وش شفناه و انسان ف فترة اتعاملت معاه و خلصت على كدة !
برودة لوح ازاز تكون من بُعد و مسافات و حياة بينّا ، قلت معقول هى دى اللحظة اللى كنت خايف منها ؟! لحظة ما اكتشف ان حتى خيال اخر صاخب ليا اللى كنت معتمد ان مهما اتفرقنا لازم المية ترجع لمجاريها ! خلاص مبقاليش صحاب ؟!
حسيت بخيبة امل .. و فرحتى الشغوفة ، بدأت تَخفُت..
لحد ما سمعت صوت رجل عجوز " هو دا سعيد اللى على السماعة ؟"

كنت هطير من الفرحة و قلبى اتنطط من مكانة و دموعى كانت هتفرّ من عيونى بسعادة عارمة بالغة لم اتوقعها منى ، و دمعت عيونى فعلا و بكيت على صوت غطاس ابويا التانى.
على صوت خطفة للسماعة من ايد ابنه
- ايوا يا حبيبي ، ايوا يا ابن الغالى
-انا مش مصدق نفسي يا عم غطاس بجد ! مش عارف اتكلم
-ابوك مبيسألش عليا ليه ؟ نسي صحابة اياك ؟ هههه
- بابا ؟
-ابوك مقصر ف حقى ، قوله معدتش اروحله بيت تانى ؟؟
-ايه ؟؟؟؟

    * مفهمتش حاجة!!! هو بيقول ايه ؟؟
انا مش مجمع و مش فاهم !!!*

- سعيد ؟
-ايوا ي فادى ، هو عمو كان بيكلم حد تانى ؟
-لا يا سعيد ... اصل بابا عندة بدايات زهايمر ! معلش لو ضايقك..
-لالا .... هو مقالش حاجة تضايق يابنى...

       *ابويا دا كمان مات ؟!! الراجل اللى كان كلامه بيحسس الواحد ان فى امل ف بكرة و ان الخياة يبقالها طعم ! بقى بينسي !!*

- بقاله اد ايه  ؟
-شهرين بس...
-ياااه ! ودتوه لدكتور طبعا
- ايوا ، و ماشي على الادوية ، هى حالة بتروح و تيجي مش منتظمة لسه...
-بص ، انا هجيلك دلوقتى ، عايز اشوفكم اوى؟ سلام
-بس ...
*اغلقت الهاتف لانى لن اقبل رفض*
---------------------------------------------------------

-         اتصلت بحسام بك ، الظابط اللى ماسك قضيتي عشان اديله خبر انى هنزل اشوف واحد صاحبى .. كبريائي مش عايز يعترف انى فعلا كنت بستأذن منه ..!!!

-       لكن هو دا الواقع ، على اي حال ، كله يهون
دار ف دماغى مية سيناريو لأستقبالى الحار ف بيتهم ، ارانى اقرع الجرس و يفتح فادى الباب ليحتضنى بكلمات الترحيب الحار
-      و ارى من خلف الستار عم غطاس مطلاً برأسه ، فيرانى و يخرج مسرعاً يقبلنى و يربت على ظهرى كما اعتاد ، دموع منهمرة، و اننى فى بيتي مثلما كنت اشعر دائما فى بيتهم بالمنصورة

-        و كيف كنت اقرع جرس بيتة وقت الغروب للاستذكار ، و كيف كنت اسمع خطوات جرى و زلزلة  اقدام متجهة ناحية الباب و صياح بينه و بين اختة  التى تصغرنا ب 6 اعوام ، على من يفتح الباب اولاً.

-      و فى بعض الاحيان كان يطول الامر بينهما ، و يتكور الى جذب و شد ، و يتجاذبان العراك  و تبدأ هتافات الشكاية ، امى ، ابى ، هو بدأ ، هى شتمت !!

-        و انا غير مكترث ، و اسمع والدتهم تصيح بحزم ثم اسمع ضربة ثم صمت ! افكر ان أهمّ بالمغادرة ، يبدو ان هذا الباب لن ينفتح اليوم و لكن ، اجدها بنفسها ، طنط تفتح الباب بشوشة و هادئة ، و انا مندهش من هذا التحول ، متامسكاً لئلا اضحك على شكل فادى فى الخلف ممسكا ذراعة المتألم !

-      اختة المنكوشة ، الاوزعة بالبيچامة ، فأداعب شعيراتها الشقراء المتقافزة ، فتخجل و تذهب لغرفة والدتها و تمشط شعرها بسرعة و تخرج لاستقبالى لتلعب معى بسرعة قبل ان تأتى والدتها بأياً كان ما تقدمه لنا من واجب الضيافة حتى ما يكمل فادى ارتداء ملابسه.

-         يااااه ، ذكريات كثيرة خالجتنى فى طريقي الى هناك ، فأجد مرارا كثيرة ابتسم و احيانا اقهقه بصوت خافت ، ليظن الناس فى الترام اننى مجنون ، و لكن ليظنوا ما يريدوا ، مش مهم ، المهم هو الحدث التاريخي الذي ينتظرنى.

-     كان يتواجد الكثير من العجزة و السيدات من كثرة الزحام ، و سمعت جلبة فى اخر العربة  ! فألتفت كغيرى لأرى ما يحدث.....

-       شاب صغير يبدو فى التاسعة عشر ، يجلس متعرق مرتبك و خائف ... مِن مَن ، لا اصدق ؟؟!

-      شابة ضئيلة الحجم ، متعرقة ، يبدو انها عائدة من سوق الخضار ، ممسكة كيس طماطم و مانجا و زجاجات زيت  بيد واحدة !!
و اليد الاخرى مكلبشة ف  تيشرت الواد ، بتهزأة و تمخمضة حرفياً   !!،  عمالة رايحة جاية بأيديها و الواد بيترجرج ف ايديها زى ازازة الحاجة الساقعة !!!

- انتى مالك يا ست ؟؟ انا حر و دافع كرسي
-قوم بالذوق ، متخلينيش اعملها معاك
-وريني هتعملى ايه ؟
*صفعة على الوجه*
- يا قليل الادب يا #### ، الحقووونى متحرش
*فجاء الكمسري*
* عملك ايه الواد دا يا انسة ؟؟؟؟
-اتحرش بيا ، ارمية م التراام حالاا
- معملتلهاش حاجة دى بتتبلى عليا
* انتى شفتية يا حجة بيعمل حاجة؟
-هى هتكدب يعنى يابنى ؟!!

*فثبتت التهمة على الولد المسكين اللى انا واخد بالى كويس وسط الزحمة انه معلش حاجة ، مستغرباً هذا التصرف الهمجى القذر ، كيف تدّعى هذة ما لم يحدث لها ؟!! *

** فتوقف الترام  فعلا و القوا الولد دَفعاً بعدما نال حصته من الضرب و النغز و الشتائم من سيدات و رجال كبار السن ، انما الرجال و الشباب مثلى لم ينطقوا !! اتسائل لماذا ؟!! و لكنه كان امر واضح بشدة!**

-    تتبعت هذة الفتاة متسائلا ، لماذا افتعلت هذا المشهد ؟ هل فعلا كل هذا لكى تحصل على كرسيه؟ هذا النوع من النساء اللى ممكن يعملوا اى حاجة عشان يلفتوا النظر ليهم دا بيقززنى جدا ! مين عارف ، مش يمكن يكونوا هى و هو عصابة نشل و اللى حصل دة حركة ألهاء ؟
حتى رأيت ما لم اتوقعة...

-     كانت تسند السيدة العجوز التى كانت بجوارها ، و كانت العجوز تتحامل على ذراع الفتاة الصغيرة ، و الاخرى تحتمل فى هدوء و ابتسامة مُرَحِبة ، و اجلست الحجة مكان الولد اللى نزل ....
و ظلت بجوارها لتضمن اللا يتدافع عليها الراكب و النازل ، كأنها جعلت نفسها درع بشري ..

-    لم ارد ان ارجع لظنى بها و اؤنب ذاتى ، بل مر الامر مرور الكرام ! و لكن فكرت ، لو كنت مكان هذا الفتى الشاب ، هل كنت قمت لتجلس العجوز مكانى ؟ ولا كنت هعمل من بنها ؟
و لكن بالتأكيد موقفها هذا سيتردد صداه بأفكارى و يختلى بى كلما جاءت الفرصة ..

←← يكمل ..

قهوة بنكهة الفراولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن