على الهامش

4.3K 565 671
                                    


يعدّل الطويل نظارته ثم يقول إلى الذي أمامه بلهفة: «ما رأيك بتجربة كتاب أحببته؟ إن نكاته مميزة تستحق منك قراءتها!»

يجيب بِوَجل وهو خائف من أن يكون كتابًا سخيفًا لنكات يحفظها: «ما اسمه؟»

يردف بنفس اللهفة بعد ثوانٍ من تجعيد وجهه أثناء محاولة تذكّر اسمه: «to laugh»

قلّص الآخر المسافة بين عينيه وكأنه يحاول تطبيق ما فهمه ممّا سمعه على جفنيه: «حُبّان اثنان؟ اسمع يا صديقي، لا أكاد أفهم إلا (love) والأرقام وبضع كلمات أخرى بالانجليزية، لن أستطيع فهم مغزى تلك النكات. آسف، لن أقرأه، ولأكُن صادقًا معك، رأيت ذلك الكتاب ذا العنوان الأجنبي في يدك، ولَم أفكّر حتى في قراءة العنوان»

أغلق الأطول عينيه تمامًا من شدة الضحك، ثم توقف بعد برهة ليفسّر: «لَمْ أقُل (two love) بل (to laugh) تعني «للضحك»، كما أن الكتاب عربي و ليس أجنبيًا، ظننتُك مثقفًا!»

«لغتي الثانية هي الفرنسية، فإن أردتُ استعراض مهارتي فيها لقرأتُ كتابًا فرنسيًا بالكامل، وبعنوان يطابق اللغة أيضًا»

*****

أظنّ أنّ لديكم أفكارًا مسبقة حول وصيتنا اللغوية، هذه المرة أيضًا سنحدثكم عن «العناوين الأجنبية».

قد تتنوّع أسباب استخدامها، لكن عندما يكون الكتاب مكتوبًا بالعربية وللقرّاء العرب، لا نجد تعليلًا واضحًا منطقيًا لاستخدام لغة مختلفة...

هناك عدة نقاط في ذلك، أوّلها هو بحث القرّاء العرب -منطقيًا- عن أسماء الكتب باللغة العربية. في تلك الحالة، لن تظهر روايتك من بين نتاجات البحث، فتكون قد خسرت الفرصة الأولى للحصول على قرّاء رغم أن كتابك قد يحمل ما يريده الباحث.

لنقل أن كتابك ظهر بين الكتب المقترحة للقارئ العربي، فعدم معرفته بتلك اللغة؛ يرجع إلى أنها ليسَت لغته. وكونها مستخدمة في كتابة عنوان كتابك، فستخسر الكثير من القراء الذين قد يرون قصتك ويُعجبون بغلافها، وقد يعجبهم كذلك ما تكتبه -إن فتحوا كتابك الذي أخافهم عنوانه-، وقد يكونون من أولئك المتفاعلين المتسرّعين -وما أكثرهم-، فتكون قد خسرت فرصة حصولك على هؤلاء القراء المحتملين لكتابك.

ومن منظور آخر، عندما تكون معرفتك باللغة الأخرى قليلة، سيكون احتمال وقوعك في خطأ الترجمة أكبر (خاصة إن استخدمت مترجم غوغل أو أي آخر غير موثوق)، وستظهر كالجاهل أمام العارفين باللغة.

لنسلّم أنك كتبتَ العنوان بلغة صحيحة. ما تقييم القرّاء لكتابك؟ لجمال عنوانه؟ هل هو ركيك؟ هل ستستطيع جعلهم يشعرون بجمال العنوان؟

لدينا مثلًا عنوان عشوائي:
The dark eyes :العينان المظلمتان

لنرى ما المرادفات الممكن استخدامها في العنوان، بالإنجليزية:
The black eyes
The dark optics
The black optics
Faint eyes

فقط، لا غير فلن تجد مفردات أجنبية مميزة كهذه:

المُقْلتان المظلمتان
العينان السوداوان
المقلتان السوداوان
ظلام العينين
عَتْمة العينين
ظلام المقلتين
قَتام المقلتَين
القَدَحتان
الأغرّان السوداوان
الأغرّان المظلمان
ديْجور العينين
غيهب العينين
عينَا الدجى
مُقْلتا الغُبْسة
مُقْلتا الدجْن

أي تلك العنواين يشعرك بقوة الكتاب والكاتب؟ وعلى أي شيء يمكن أن تفتح فمك سعادة لوقوعه بين يديك؟

حتى إن وجدت عنوانًا مميزًا بالإنجليزية، فذلك لن يكون واضحًا لقارئين عرب.

حسنًا، ستقول أنك وضعتَ عنوانًا جيدًا ووصلَتْ كتابتك الكثير من القرّاء.
هذا جيد، مبارك!
ولكن ما هدفك منه؟ الكاتب الطموح يسعى إلى الشهرة خارج أسوار الواتباد، يطمح إلى أن تتبنّاه دار نشر فتنشر كتاباته.

تريّث قليلًا، هل رأيت كتابًا عربيًا معروفًا وبعنوان أجنبي؟ كيف ستحصل على فرصة نشر كتابك إذًا؟ أتضيع كل تلك الساعات المميزة والمتعبة أحيانًا وقت الكتابة هباءً لأجل عنوان؟
لا أرجو هذا لأحد، و إن كان في ذلك مبالغة لكنه صحيح.

لو كنت صاحب دار نشر وأبحث في روايات الواتباد، هل سأفتحها جميعها لأرى مضمونها؟ لن أنتهي لأن الروايات تُكتب باستمرار، لذا فسأنظر بداية إلى العناوين والنبذات المميزة! عناوين تجعل القارئين فضوليين عن محتوى الكتاب، وجعله باللغة العربية هو أول الطريق.

لا عليك من الآخرين، وجّه تفكيرك لنفسك، هل ترضى ككاتب عربي أن تستعين بلغة أضعف؟

هل تعلم أن ثروة الكلمات في العربية تتجاوز الاثني عشر مليون كلمة! بينما الإنجليزية فستمائة ألف كلمة فقط، والفرنسية ربع ذلك؛ فتكون مائة وخمسين ألف كلمة فقط؟

خذ برهة للتفكير في حال تلك الكتب المفتقرة إلى عنوان قوي يمكن تداوله، وانظر إلى اهتمام القرّاء بتناقل اسمها أو حتى فهمهم إياه ثم احكم.

نرجو أن يكون الواتباد العربي عربيًا قلبًا وقالبًا، فاللغة لم تبخل علينا بجعبتها الواسعة ويمكننا دائمًا غرف المزيد منها لنغطّي جميع كتاباتنا وأكثر!

وبغضّ النظر عن العربية، فإنه لا منطقية في استخدام لغة مختلفة عن لغة الكتاب في عنصر من أساس الكتاب: العنوان؛ لأنه أول إشارة لعملك، وهو الشيء الوحيد الذي يمكنك رؤيته على كتاب في رف كتب قد يكون غلافها أسوأ أو مضمونها.

♡●●●♡

لن ننتقل إلى الخطوة الثانية حتى نرى تغييرًا جادًا من الكتّاب في عناوين كتبهم وفصولها. إن البدء بالغلاف والواجهة هو بداية الطريق؛ ونحن بهذه البداية احتفينا.

*نحن كظلال النور! نرافقكم في أحلك كبواتكم؛ لذا إن اعترضتكم زاوية صعبة هبوا لنا طالبي النصح؛ فنحن نعمل للسير معكم: من أولى الحروف المخطوطة، إلى نهاية ذلك الطريق. لن نكتفي بتصحيح الكتب، إنما لن نغفو قبل اطمئناننا بأنكم تنحتون آياتٍ من الجمال وليست مجرد كلماتٍ عابرة.

أشيروا (منشن) لأصحابكم تطلبون منهم تغيير عناوينهم ❤

اكتب تم إن كنتَ قد غيرت عنوان قصتك 💙

وصايا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن